كلما مررت من هنا تتبعثر أشيائي الصغيرة، ويختلط الفرح بالحزن. تختلط الكلمات التي نقولها كل يوم بالكلمات التي نجهزها للمناسبات الخاصة والحميمة. فأجدني أتقمص هدب الذكرى. أرنو إليك طفلة تطلق ضحكتها الأولى في حضور وجهك الأبدي. كم بعثرني العمر العبثي يا يمة. كلما اعتقدت أنني اهتديت إلى شيء، أكتشف أنني أضعت ألف شيء.
أمي. يـمّة. آيــي.
لم أصدق يوما أن المدن باقية على حالها، لكني صدقت أنك مدينتي الوحيدة، وأنك النظام الوحيد الذي أمسك زمامي جيدا، ولم يبع قضيتي في السوق الموازية للعواطف الجاهزة (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
كلمات على كلس الجدار: أمّـي. يَـمّــة. آيـّي
1 نيسان (أبريل) 2007, ::::: ياسمينة صالح -
وكبرت كرمل
26 أيلول (سبتمبر) 2015, ::::: شيماء غفارعام يليه عام. عمر جديد في وسط عمر حالك. أمل آخر وجراح كثيرة. تلك هي حكايتي الطويلة جدا.
على مقعد يشبه مقعدي هذا في مكان ما وراء البحر على الضفة الأخرى، جلستْ امرأة أربعينية تشبهني، بشعر أسود حالك وعيون بنية واسعة، ونظرات ثاقبة وراء نظارة برؤية مشوشة، ترى ما وراء الأشياء التي تحتل مركزا آخر من دماغها، تسمع الراديو على إشارة مشوشة، بصورة رتيبة جدا.
أم كرمل كما يسميها الجيران والأقارب، لقب وهبته لابنتها الوحيدة التي أرادتْ منها أن تكبر و تصبح حلمها الشاهق.
كرملْ: أي اسم ذلك الذي اختارته (…) -
براء
26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015, ::::: زكي شيرخانأخذتُ أقلبُ المظروف وأتطلع إلى الخط الذي كتب به اسمي وعنواني. تطلعت إلى الطابع الملصق عليه. من بريطانيا؟ من تراه يعرفني ويعرف عنواني ليبعث لي برسالة؟ الدهشة غلبتني إلى حد أني لم أميّز الخط الذي طالما أُعجبت به وأحببته. خط مميز بتناسق حروفه، ووضوحه.
خفق قلبي بشدة ما أن تذكرت صاحب الخط. أيعقل؟ بعد كل هذه السنوات العجاف؟ ارتعاش يدي منعني من فضها رغم لهفتي المتزايدة لقراءة ما تحويه.
وضعت الرسالة على منضدة صغيرة تتوسط مطبخي، وجلست على كرسي، محتضنة رأسي بكفي، ومسندة كوعي على حافة المنضدة وأنا (…) -
كسكس بشحمة الإذن
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011, ::::: عبد الجليل لعميريعبد السلام ، المكنى بـ "قميحة"، يعمل حارسا لمستودع الأموات بالمستشفى المركزي بالمدينة. التحق بهذا العمل منذ سنة تقريبا بعد وساطة عمه عند بعض النافذين في المستشفى. أقام خلال هذه المدة عند صديقه، وابن دواره، عبد السلام أيضا، ولكن المكنى بـ "شحيمة"، لذلك كان معارفهما والمقربون منهما يستعملون الكنيتين تفاديا لالتباس التشابه في الاسم الموحد.
شحيمة هذا يعمل بائعا للأسماك. جمعت بينهما عشرة حميمية كبيرة جوهرها عالم النساء والخمرة.
اصطاد قميحة ذات يوم – كما يقول – فتاة كانت برفقة أمها داخل (…) -
الفستان
1 كانون الثاني (يناير) 2007, ::::: محمد العصفوريعاد صوتها يرن في أذنيه من جديد: "بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
أعرف أنها كبرت. وكان لا بد لها أن تكبر. آه يا ابنتي، آه يا بسمة. لكم يحبك أبوك ويعاني من أجلك!
أخذ ينظر في تردد إلى الملابس ذات الألوان الخاطفة على الجانبين. يعرفون كيف يسيلون لعاب المرأة بهذه الملابس. ألا يدركون كم يعاني الآباء من جراء ذلك؟
ومن جديد عادت الكلمات قوية صارخة:
"بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
"أعرف ذلك. ولكن من أين لي بثمنه؟"
ألا تعرف زوجتي ثمن هذه الفساتين؟ تباً لها، إنها ما زالت تحيا في عصور ما قبل التاريخ. (…) -
الضحية والجلاد
26 تموز (يوليو) 2012, ::::: موسى أبو رياشدخلت سيارة الإشراف ساحة المدرسة، فاشرأبت الأعناق إليها، وشخصت العيون، ووجفت القلوب، تنتظر من سينزل! ومن تكون الضحية؟
نزل المشرف المسؤول عني، فمادت الأرض تحت قدميَّ، وقلت في سري: رحماك يا ربي! أخذتُ أمني النفس: لعله جاء لغيري؛ زيارة إدارية، زيارة تفقدية، تحقيق، زيارة لزميلة أخرى، متابعة نشاط ...
بعد دقائق، جاءني خبر يبدد بقايا أحلامي، ويضعني أمام قضاء لا مفر منه، خبر يبلغني أنَّ المشرف سيحضر حصة صفية عندي، فلأكن على أهبة الاستعداد، وفي قمة الجاهزية.
غاص قلبي بين ضلوعي، فقد جاءت لحظة (…) -
حلم مسروق
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: زهرة يبرمحي قصديري بائس يجثم على مساحة أرضية قد أصبحت موقعا لبداية مشروع عمراني جديد. عشرات الأكواخ المشيدة بفوضوية لا تزال تحتل الموقع منتظرة دورها في الهدم، وساكنوها معلقة قلوبهم بأمل الترحيل إلى مساكن جديدة تليق بآدميتهم على هذا الكوكب.
في هذا المكان الغارق في الظلام، إلا من قمر قد التهم ظل الأرض معظم قرصه، يوجد كوخ مضاء ببعض الشموع بعد أن فصل عنه خيط الكهرباء الذي كان يصله من إحدى المباني القريبة. إنه كوخ العم منوّر وابنته مايا.
الابنة مايا لا تعمل هذا المساء، فهي عاملة بإحدى المستشفيات ليلا. (…) -
النظّارة
28 آب (أغسطس) 2024, ::::: محمد السماعنةاليوم هو الخميس السابع من آذار، والفلاحون يتحلقون بحب حول النار في مضافة المختار، يرتفع صوت قهقهاتهم حينا وصوت جدالهم أحيانا، وسحابة (ضخمة) من الدخان معلقة في سقف المضافة، وبين ضحكة هنا وقحة هناك، ونحنحة هنا وصرخة هناك.
دخل (القطروز) ذو العينين الزرقاوين المضافة مسرعا تشعل أنفاسه الدهشة، وجلس متكورا إلى جانب أذن المختار، وشوشه فانتفض وقام من مجلسه، فساد الصمت، وحبست نظرات الفلاحين أنفاسها قلقة وجلة ترقب بحذر ما سيقوله المختار، ولم يخب ظنها فقد رفع المختار يده، وفتل شاربه، وهز عصاه، وضربها (…) -
طيف لينا
25 كانون الثاني (يناير) 2014, ::::: هدى أبو غنيمةبدت لي بين جمع الطالبات كائنا أثيريا تحيطه هالة نور. لم تكن تشارك في المحاضرات إلا في القضايا التي تتطلب قدرات إبداعية، كأنها تضن بإهدار طاقتها في العادي والمألوف.
وكثيرا ما عرضت عليّ نصوصها المبدعة. شيء ما في ملامحها يستدعي إلى ذهني صور أميرات الأساطير في اللوحات العالمية: ذلك الصفاء في عينيها صفاء سماء في صباح مشرق؛ وتلك السكينة التي توحي بها ملامح وجهها وتشيع في مكان حضورها.
وفجأة انقطعت عن الحضور. مر الاختبار الأول، ولم تحضر. سألت زميلاتها فقلن إنها ربما تغيبت بسبب عارض صحي ولا يعرفن (…) -
أقفال تفتح القلوب
25 أيلول (سبتمبر) 2014, ::::: مهند فودهوقد عقدت النية حال زيارتي باريس أن أزور جسر العشاق، وان اشتري قفلا وأعلقه بسور الجسر، لربما تصيبه العدوى من أقفال تجاوره، وينقل عدوى الحب إلى قلبي بالتبعية، فأزوره مرة ثانية لأضيف اسما في المكان الخالي بجوار القلب المرسوم جار اسمي.
وأتيحت لي في تموز الماضي لأول مرة زيارة باريس، وصعدت على جسر العشاق بقلب خالٍ، حاملا في يدي اليمنى قفلا، وفي يدي اليسرى أملا كبيرا. لكن سرعان ما خاب أملي حينما هالني الكم الهائل من الأقفال المتنوعة في الأحجام والأشكال والألوان والمعلقة بأسواره، والمُدون عليها (…)