تجلس أمامي، تتعلق العينان بها، تتبادل العيون لغة آسرة، تنادي عيناها، تستغيث، تمد يديها، نصارع معا شيئا ما، نجاهد حتى لا نغرق في بحر العيون، تلتمع العيون، نتمسك بالتواصل ولا نستطيع أن نفر من ندائهم الآسر.
تحكي عن الذي تساعده، تقف بجانبه، تذاكر له دروسه، يحصل على الشهادة العالية، بعدما فقد الأمل، وأنها كانت تسهر الليل بجانبه، تقرأ له، تبيّض المحاضرات، ثم يدخل الجيش فتساعده وتسانده، وتدعمه لانصراف إخوته عنه لخلافات قديمة على الميراث. فهل يتنكر لها بعد كل هذا ويسافر للخليج، ولا يبعث لها جنيها (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
رغبة ميتة
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: خليل الجيزاوي -
قطرة ندى
1 كانون الأول (ديسمبر) 2007, ::::: هدى الدهاناستلقي على غصني وغطاء من خيوط الفجر يزحف بعيدا عني. أتململ. اغتسل بقطرات الندى، وأنفضُ ما قد علق بي من تراب ربما ألقته عليّ ريح ما وظنت أنها ستشوه نضارتي ورونقي، فإذا بي ازداد تألقاً بحبات الندى أنظمها عقدا حولي. ولن يمضي وقت قصير حتى تشرق شمس دافئة حنون فتُبعد ثقل الانتظار ليبدأ يوم جديد استمتع فيه بحلاوة الحياة أكثر.
ها قد جفت القطرات على جسدي، وبدأ يتألق بلونه الربيعي الأخضر ويشع نضارة. التفت يمنة ويسرة، أُصبّح على وريقات مثلي.
"صويحباتي، هيا نرقص ونمرح."
وتأتي ريح فتراقصنا وتضحك (…) -
براء
26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015, ::::: زكي شيرخانأخذتُ أقلبُ المظروف وأتطلع إلى الخط الذي كتب به اسمي وعنواني. تطلعت إلى الطابع الملصق عليه. من بريطانيا؟ من تراه يعرفني ويعرف عنواني ليبعث لي برسالة؟ الدهشة غلبتني إلى حد أني لم أميّز الخط الذي طالما أُعجبت به وأحببته. خط مميز بتناسق حروفه، ووضوحه.
خفق قلبي بشدة ما أن تذكرت صاحب الخط. أيعقل؟ بعد كل هذه السنوات العجاف؟ ارتعاش يدي منعني من فضها رغم لهفتي المتزايدة لقراءة ما تحويه.
وضعت الرسالة على منضدة صغيرة تتوسط مطبخي، وجلست على كرسي، محتضنة رأسي بكفي، ومسندة كوعي على حافة المنضدة وأنا (…) -
اعتزال
1 آذار (مارس) 2017, ::::: زكي شيرخانبدا وكأنه لم يُفاجأ عندما أخبرته أن الأستاذ نعمان جابر قرر الاعتزال، أو التقاعد، أو التوقف. لا أدري ما الذي أستطيع وصف قرار حرماننا من عطاءئه.
كل ما فعله هو أنه أدار وجهه قليلا، ووجه ناظريه نحو الكتب المرصوصة على الرفوف التي تقابله. هذه عادة أعرفها عنه منذ أن كنت أحد طلابه في الجامعة. خيّل لي أنه ركّز نظره على التمثال العاجي القابع بين الكتب.
بعد أن طال تمعنه، ولكسر الصمت، أكملتُ: "مساء أمس زرته لإكمال ما نُعده في ذكرى ميلاده السبعين".
وكأنه لم يكن يستمع، نهض متجها نحو الكتب. سحب (…) -
رفال
25 آذار (مارس) 2014, ::::: غانية الوناسلم أكن أعرف وقتها ما معنى أن تفقد أحدا أو أن تشعر بغياب أحد حدّ الفراغ القاتل.
كان النبض ينخفض قليلا فيعود طبيعيا، ذلك الخيط الرفيع الذي يسري متعرجا ومتموجا، كنت أصلي لله ألاّ يستقيم أبدا. إلهي، ماذا لو استقام الآن؟
أسميتها "رفال"؛ أول اسم خطر ببالي حين سألتني الممرضة ماذا ستطلقين كاسم على الطفلة؟ بدا لي اسما بلا معنى في حدود معرفتي، فلا أذكر أني سمعت به يوما. اخترته لها حتى لا يكون لها من اسمها نصيب ما فيما بعد.
ستلومني بعد سنوات حين تكبر لأنّي لن أملك لها شرحا محددا لمعنى اسمها (…) -
الفستان
1 كانون الثاني (يناير) 2007, ::::: محمد العصفوريعاد صوتها يرن في أذنيه من جديد: "بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
أعرف أنها كبرت. وكان لا بد لها أن تكبر. آه يا ابنتي، آه يا بسمة. لكم يحبك أبوك ويعاني من أجلك!
أخذ ينظر في تردد إلى الملابس ذات الألوان الخاطفة على الجانبين. يعرفون كيف يسيلون لعاب المرأة بهذه الملابس. ألا يدركون كم يعاني الآباء من جراء ذلك؟
ومن جديد عادت الكلمات قوية صارخة:
"بسمة كبرت وتحتاج لفستان."
"أعرف ذلك. ولكن من أين لي بثمنه؟"
ألا تعرف زوجتي ثمن هذه الفساتين؟ تباً لها، إنها ما زالت تحيا في عصور ما قبل التاريخ. (…) -
حلم مسروق
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: زهرة يبرمحي قصديري بائس يجثم على مساحة أرضية قد أصبحت موقعا لبداية مشروع عمراني جديد. عشرات الأكواخ المشيدة بفوضوية لا تزال تحتل الموقع منتظرة دورها في الهدم، وساكنوها معلقة قلوبهم بأمل الترحيل إلى مساكن جديدة تليق بآدميتهم على هذا الكوكب.
في هذا المكان الغارق في الظلام، إلا من قمر قد التهم ظل الأرض معظم قرصه، يوجد كوخ مضاء ببعض الشموع بعد أن فصل عنه خيط الكهرباء الذي كان يصله من إحدى المباني القريبة. إنه كوخ العم منوّر وابنته مايا.
الابنة مايا لا تعمل هذا المساء، فهي عاملة بإحدى المستشفيات ليلا. (…) -
الضحية والجلاد
26 تموز (يوليو) 2012, ::::: موسى أبو رياشدخلت سيارة الإشراف ساحة المدرسة، فاشرأبت الأعناق إليها، وشخصت العيون، ووجفت القلوب، تنتظر من سينزل! ومن تكون الضحية؟
نزل المشرف المسؤول عني، فمادت الأرض تحت قدميَّ، وقلت في سري: رحماك يا ربي! أخذتُ أمني النفس: لعله جاء لغيري؛ زيارة إدارية، زيارة تفقدية، تحقيق، زيارة لزميلة أخرى، متابعة نشاط ...
بعد دقائق، جاءني خبر يبدد بقايا أحلامي، ويضعني أمام قضاء لا مفر منه، خبر يبلغني أنَّ المشرف سيحضر حصة صفية عندي، فلأكن على أهبة الاستعداد، وفي قمة الجاهزية.
غاص قلبي بين ضلوعي، فقد جاءت لحظة (…) -
نصان: قميصه + الفكرة الطائشة
1 شباط (فبراير) 2010, ::::: ظلال عدنانقـمـيـصـه
أعياها التّعب، ونسماتُ وحدتها الباردة تلسعُ جسدَها العاري، هنا عزة وحيدة في زوايا ذاكرتها وشوقها، تتراقص أشعة قمرها على انحناءات جذعها الفارع، تشاكسها نسمة ثلجية فترتجف ويتراقص قلبها.
تنهض متثاقلة، تبحث عنه ليدفئها ليلامس جسدها، وتغفو بين ذراعيه. شهر مضى على آخر لقاء بينهما. باحتْ له بآهاتها. وبللت قبته بدمع أشواقها. عانقها بقوة النسيان. وزرعها وردة لنيسان. احتسيا معا فنجان قهوتها المرة. سألتْه إن كان لا يزال يذكرها، لم يُجبْ، بقي صامتا كما عهدتْه.
في أزرار قميصه تراءت لها: (…) -
ليس بيدي
25 أيار (مايو) 2015, ::::: أحمد عبد اللهفي ذلك الوقت من كل يوم، اعتادت أن تراه في قمة تألقه. بنظارته الشمسية وسواد حذائه وساعته في يسـراه. بطلبه المعتاد على الصباح في هذا المكان الأنيق. دخان القهوة المتصاعد يضفي عالما مميزا من الرقيّ مع لمسة خشبية في التصميم تعطيك إيحاء بالسكون والفخامة.
كل ذلك يزول تأثيره بمجرد وصوله. عطره يجبر الورود المتفتحة على امتصاص روائحها لهيمنة وجوده. تنتظر أن ترى عينيه لتضيء المكان من غمامته على الرغم من إضاءته. أيا كانت ألوان ملابسه، تتغير الألوان المحيطة به لتتلاءم معها. أحيانا توقن بأنه ليس بشـرا، (…)