اعتاد، صباح كل يوم، وقبل أن يباشر عمله، أن يجلس في المقهى القريب من مقر الشركة التي يعمل بها، ليرتشف فنجان كابتشينو. هذا ما يمارسه كل يوم، وعقله يرفض أن يسميها إدمانا لكراهته لهذه المفردة. الأيام التي تحرمه هذه المتعة هي أيام العطل. بات موقنا أن إيميلي (Emily) هي خير من يعدها. هو لم يتذوق أطيب منها في مكان آخر.
إيميلي التي تعد المشروبات الساخنة في هذا المقهى، شابة ثلاثينية. جميلة. وجه مشرق. جسم متناسق، وشعر كستنائي بتجاعيد خفيفة. لا تضع أيا من المساحيق على وجهها، ويظنها، في قرارة نفسه، (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
فنجان الكابتشينو
1 آذار (مارس) 2022, ::::: زكي شيرخان -
تدقيق لغوي
1 حزيران (يونيو) 2006, ::::: عود الند: مختاراتأعمل مدققا لغويا، ولي في هذه المهنة ست عشرة سنة، لم أخطئ، ولم يكتشف أحد بعدي خطأ نحويا واحدا. أولعت بالتدقيق، وصرت أدقق بكل شيء، صرت - في كل عبارة أقرأها- أبحث في الوجوه الإعرابية المحتملة إذا رأيت فيها خطأ ما. صرت أرى الشارع أسطرا، و الناس والأطفال -على وجه الخصوص- نقاطا متحركة تحتاج إلى من يضبط تواجدها على الحروف. الشوارع أسطر. البقالات نصوص تحتاج إلى ضبط.. الأصدقاء نص غير مرقوم. عرائض النواب نصوص تحتاج إلى مراجعة. سائقو التاكسي يحتاجون إلى تنصيص. مخالفات حزام الأمان الموسمية تحتاج مدققين. (…)
-
في مدينة الألعاب
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008, ::::: إيمان الشافعيفي مدينة الألعاب حيث يتجمع عدد كبير من قطع الشطرنج وآخر من الطاولة والدومينو فضلا عن العرائس الملونة بألوان الطيف السبعة والتي تتخذ أشكال حيوانات عدة، تجمع الأطفال والكبار طالبين الدخول لتحقيق المتعة والتسلية، فمنعهم الحراس بشدة، فأصيب الناس بحالة من الغضب الشديد واعتصموا خلف أسوار المدينة منددين بهذا التعنت الغاشم، وحرمانهم من حقهم في الاستمتاع الذي تحققه لهم المدينة بما فيها وبمن عليها، فاضطر الحراس لاستخدام بنادق المياه لتشتيت الجموع وتحقق ما أرادوا.
غير أن شرذمة قليلة منهم لم يتفرقوا، (…) -
أبو شلبي + نصان آخران
1 أيار (مايو) 2009, ::::: ضحى الملأبو شلبي
كــان يـجلس بصمت، وضجيج الأصوات يـرتفع في الساحة، حيث قهوة التل العليا، ينظر إلى الساعة القديمة التي تذكره بساعات أمضاها وهو يمسح الأحذية للمارة.
وأمامه المنشية، وهِي حديقة جميلة، ملونة بألوان الزهور المختلفة فيها، وشجيراتها الصغيرة المنسقة كأنها حوريات ذات جمال فتان.
نظرت إليه من بعيد. ملامحه رغــم مرور السنين لم تتغير، خــطوط صغيرة تشبه أشعة الشمس حـــول العيون الناعسة وأنامله الطويلة، التي كــنت أميزه بها وهو يلاعبني طفلة وأبي يستقبلني في محله القديم قرب بـركة الملاحة. (…) -
"خليكي عايشة"
1 كانون الأول (ديسمبر) 2009, ::::: غادة المعايطةطلب متواضع جدا من صغيري: (خليكي عايشة). كلما أخذه الحنين إلى حضن أمه (خليكي عايشة)، يتكور بين ذراعي ويرجوني (خليكي عايشة). هو جلجامش في كيان الصغير واليافع، وبالغ أرذل العمر، الحالم دوما بنبتة الخلود، الرافض التسليم بفنائه الأبدي.
يقول ول ديورانت (Will Durant) صاحب كتاب قصة الحضارة: الموت "أصل الديانات كلها." بأي لغة أو صيغة يمكنني أن أشرح أو حتى أقرب المعنى لصغيري؟ هل أقول له إن الديانات كانت استجابة لقلق الإنسان تجاه الموت؟ هل أقول له يا فيلسوفي الصغير إنك تبحث في علم الوجود وإشكالية (…) -
أبحث عنك
25 شباط (فبراير) 2013, ::::: محمد التميميمكان كبير وأناسٌ كُـثر، وأنا وحدي أبحث عنها. عينايَ شحيحتا النظر لا تساعداني على ذلك، ونظاراتي السمكية لا تخترق الجدران ولا تُبصر لمسافاتٍ شاسعة كما في أفلام هوليود.
تعبت عينايَ من التأمل في وجوه الناس، أغمضتهما! فقد بصرتُ بما يكفي لهذا اليوم واتّبعت قلبي فهو الأدرى بمكانها والأعلم بحالها.
أما هي فقد استمتعت بمشاكستي و"أنا أبحث عنها بكل جنوني"، وأرهقت قلبي بلعبة "حامي، بارد"، ولا أجد منها سوى صوت ضحكاتها الطفولية كلما تعثرتُ في الوصولِ إليها.
أجلس غارقاً في جسدي، والعقل يناشد القلب (…) -
ليس بيدي
25 أيار (مايو) 2015, ::::: أحمد عبد اللهفي ذلك الوقت من كل يوم، اعتادت أن تراه في قمة تألقه. بنظارته الشمسية وسواد حذائه وساعته في يسـراه. بطلبه المعتاد على الصباح في هذا المكان الأنيق. دخان القهوة المتصاعد يضفي عالما مميزا من الرقيّ مع لمسة خشبية في التصميم تعطيك إيحاء بالسكون والفخامة.
كل ذلك يزول تأثيره بمجرد وصوله. عطره يجبر الورود المتفتحة على امتصاص روائحها لهيمنة وجوده. تنتظر أن ترى عينيه لتضيء المكان من غمامته على الرغم من إضاءته. أيا كانت ألوان ملابسه، تتغير الألوان المحيطة به لتتلاءم معها. أحيانا توقن بأنه ليس بشـرا، (…) -
سوبر ستار
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: بشير عمري=1=
أصرّ النزلاء على أن ُتقرأ كل الرسائل الواردة إليهم علنا، وأن يطلع الجميع على مضامينها، فكما قال أحدهم: "كلنا في الهوى سوا، وفيم أفادت الواحد منا أسراره الخاصة خارج هذه الأسوار؟ هل منعته من السقوط فيما بينها؟" وقال آخر: "محرومون من أخبار الخارج فلنستأنس بأخبار رسائلنا." حينما أتى دوري كنت مستعدا لأن أقرأ عليهم الرسالة التي بعثت بها إليّ من باريس، خطيبتي اللبنانية ريتا التي طاوعتها في موضوع التبني، بل وعلى استعداد لأن أحكي لهم ما لم تقله الرسالة أيضا.
وما إن وصلت إلى الفقرة التي تخبرني (…) -
حالة رجل متقاعد
1 آذار (مارس) 2019, ::::: زكي شيرخانكبر الأولاد. انهوا دراستهم. انسلّوا تباعا من البيت. تزوجوا، وأنجبوا. صار كل منهم في مدينة أقربها إليه تبعد مسيرة تستغرق وقتا طويلا بالسيارة أو بالقطار. لم يعد يراهم وأحفاده إلا لماما، وربما مر عام دون أن يلتقوا. صار يعرف أخبارهم من أمهم التي تتصل بهم كثيرا. لم يكن يشكو، أو يتذمر. "هكذا هي الحياة": هذه هي قناعته التي يرددها. "كلٌ له مشاغله ومشاكله": هكذا كان يبرر للآخرين، قريبهم وبعيدهم.
هذا يومه الأول من رحلة تقاعده التي لا يعلم متى تنتهي. أربعون عاما قضاها في الوظيفة التي صار ملما بها إلى (…) -
جعله الحب مجرما
25 شباط (فبراير) 2014, ::::: مهند فودهوقعت عيناه عليها في حفل استقبال أقامته شركة سياحية كبرى بمناسبة افتتاح الموسم السياحي الشتوي ودعت إليه كل العاملين بمجال السياحة. إنها فتاة جميلة، أنيقة، تتألق بين الحضور كما النجمات، ورغم أن المكان كله يعج بالحضور، إلا أنه منذ أن وقعت عيناه عليها حتى تعلقتا بها أينما حلقت بين طاولات الحفل وأينما حطت بجناحيها. وكأن الحفل كله خلا من سواها وقد غادره الكل، فبقيت أمام نظره وحدها تضحك وتتسامر وتتحرك كفراشة ضلت طريق الحقول مساء لقاعة حفل.
وعندما لاحظ احد أصدقائه متابعته لها، همس في أذنه ساخرا (…)