إلى الأرض الواسعة أشد رحالي، حين يضيق بي سماء غرفتي ودويّ الشاكين من حولي. حيث السماء اللا متناهية، وتحليق الطيور الحرة، حيث أكون أنا والعالم الذي أريد.
قطع الطبشور قصتي، رسمت بها مدينتي الجميلة التي غادرتها على سطح منزلنا. رسمتها بالأصفر، لون الشمس التي تشبه مدينتي، فلكم إليها وجهت خيالي وجلّ دعواتي. هذا جسرها الكبير وهذه مبانيها الملونة بألوان قوس قزح، أحمر، أزرق، وبنفسجي.
وهذه نجوم سمائها كحلوى جوز الهند اللذيذة. أكاد أن أطير إليها طفلة، أدس الكثير منها في جيب فستاني المطرز بألوان (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
قال لي الطبشور
30 أيار (مايو) 2014, ::::: إيناس ثابت -
الآن فهمتكم
25 تموز (يوليو) 2013, ::::: محمد التميميعاد إلى بلده، وطنه، بيته. عاد محملاً ببعض المال والكثير من الآمال والأحلام والمشاريع. عاد ويحمل في قلبه الشوق والحنين لبلده الذي تركه منذ زمن ليس بالبسيط. يجلس في الطائرة التي اختارها من أسطول الخطوط الجوية لبلده ليعيش كل اللحظات مع وطنه الحبيب، ينظر من حوله ليرى العائلات العائدة لنفس الوطن، يا ترى أتقاسمني نفس الحنين وتتلظى معي بنفس لهيب الشوق؟
يسترق نظرة أخرى لعائلة ثانية؛ يا للأسف، أبناؤهم يتكلمون الإنجليزية رغم أن لهم ذات البشرة العربية، يشتكون ويتململون ويتساءلون: لماذا لم تكن إجازتنا (…) -
نداء صلاح الدّين
26 كانون الأول (ديسمبر) 2015, ::::: طه بونينيتَقَوَّيتُ بابني، سمّيتُه صلاح الدّين. أردتُ اسماً يرتبط بالوطن، حتّى أوشكتُ أن أسمّيه فلسطين.
تسلّحتُ باسمه، حَمَلتُه معي رضيعا إلى كلّ مكانٍ أقصده، شعارا للسلام والنصر معا، وكأنّه غصن زيتون.
لا أراه الآن إلّا من خلال ذاكرتي التي تبعث الحياة في هذه الغيبوبة السرمدية التي أُسِرتُ فيها. لستُ أعي، لستُ أدرك، أنا أحسّ فقط. وما دَريتُ بأنّي في غيبوبة لولا الضيفُ الذي يزورني بين الحين والحين.
ليس ضيفا في الحقيقة بل طيف، "طيفُ المقابر" هكذا عرّف بنفسه. ما فَتِــئَ يهتفُ باسمي في همس بادئ (…) -
نصوص متفرقة
1 آب (أغسطس) 2006, ::::: ياسمينة صالحكم عمرك؟
سألها عن عمرها ولم ترد. في الحقيقة لم تتوقع أن يسألها عن عمرها أولا. كانت تريد أن تكسب وقتا قبل أن تكون جاهزة لسؤال كهذا.
قالت لها صديقتها الخبيرة في المواعيد واللقاءات:
"اسمعي. لا تتكلمي معه عن شيء تقليدي، بادري بالحديث في مواضيع تتحكمين فيها. لا تفقدي زمام المبادرة، ولا تكسري الصمت بالسؤال. اجعليه يعتاد عليك. ثم دعيه يطالب بحضورك يوميا. واجعليه المبادر للاعتراف يحبه لك."
ولكن عندما جلست أمامه ارتبكت. فهذه أول مرة تلتقي فيها بشاب تعرفت عليه عبر الهاتف. أعجبه صوتها وأعجبها (…) -
أقنعة تذيبها الدموع
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: نعيم الغولخلف كأس من البيرة جلست مرام، وخلف فنجان من القهوة جلست رانية، وخلف الزجاج العريض للكافتيرية المطلة على دوار فراس في جبل الحسين كانت جلستهما معا بعد سنوات من الفراق. كان اختيار المكان اقتراحا من رانية فقد شهد زمالتهما في المدرسة الإعدادية وحيث يشكل بالنسبة لها منطقة وسطى من عمان بعيدا عن عمان الغربية ولهفتها إلى الغرب وقريبا من عمان الشرقية والتصاقها بأذيال الشرق.
شعر مرام المقصوص كاريه لم يكن يضايقها، ولا كان يعنيها أن تلفت الأنظار إلى جمالها، ولهذا لم تكن تحركه يمينا وشمالا كلما تحدثت. (…) -
وماذا بعد؟
28 آب (أغسطس) 2024, ::::: زكي شيرخانأحد عشر عاما مرت منذ آخر مرة رأته فيه. يومها، دخلت عليه مكتبه متألمة حزينة. كان يجمع مقتنياته البسيطة واضعا إياها في علبة من الورق المقوى. سكرتيرة رئيس التحرير تجلس على كرسيه تكتب ما يمليه عليها.
= حاسوب متنقل، هاتف نقّال، عشرة أقراص مدمجة، منضدة، كرسي متحرك...
= أستاذ لا داعي لذكر الأثاث.
= دوّني كل ما موجود في المكتب، حتى الستائر، كل شيء. لا أريد أن أُتهم بسرقة ولو بلاطة أرضية. ضحكت.
= لست بالمازح معك. أطبعي القائمة بنسختين موقعتين من قبلك، نسخة لي، ونسخة لكم، واستلمي كل ما مدون. (…) -
نصان: تبرئة وبراءة
1 كانون الثاني (يناير) 2008, ::::: صالحة رحوتيتــبــــرئــــة
دموع انكمشت، وتحبس هي سيلا منها يعاند ويرغب في العتق، ومقلتين التهبت منهما الجفون المتآكلة الموسومة بالحزن، والكل في وجه أحرقت الشمس الصيفية صفحته ووخطته أخاديد انحفرت حتى قبل أوان خريف العمر.
الكرسي المعدني الصدئ يبالغ في حقن الإعياء تفاقم فيها، والغرفة اختنقت برائحة الموت الطارئ.
بقايا رائحة مطهرات غُلبت على أمرها فانسحبت لتعوضها روائح آسنة وتتبجح في هذيان، وحتى تترنح في ردهات المستشفى المتهالك في البلدة الصغيرة بين الجبال. أسئلة تنهال لا تستوعب منها شيئا، أو تقريبا، (…) -
الصوت البعيد
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2015, ::::: غانية الوناستمطرُ غزيراً في الخارج، وفي قلبي مطرٌ كوني لم يهدأ منذ سنوات، أحاول بيني وبين نفسي أن أكون قوية، أكابد كل تلك المشاعر التي تتآكل في داخلي. أنا قوية بما يكفي لأتجاوز كل شيء يؤلمني، لكني لست بقادرة على ذلك حقا.
تترنم في آذاني تلك الأغنية البعيدة جدا:
"سوسم آ علي. سوسم آ ميمي. وأنغ آعلاو إي باباك، باباك يروح يبعذاك، يوي هاروميث يجا يماك"(1).
من أين يأتيني هذا الصوت البعيد جدا؟ من أين يأتي هذا الحنين الذي يتصاعد في الروح، ليطفو أخيرا على السطح، أجاهد نفسي لأنسى، ولستُ أنسى.
يتراكم كل شيء (…) -
حالة رجل متقاعد
1 آذار (مارس) 2019, ::::: زكي شيرخانكبر الأولاد. انهوا دراستهم. انسلّوا تباعا من البيت. تزوجوا، وأنجبوا. صار كل منهم في مدينة أقربها إليه تبعد مسيرة تستغرق وقتا طويلا بالسيارة أو بالقطار. لم يعد يراهم وأحفاده إلا لماما، وربما مر عام دون أن يلتقوا. صار يعرف أخبارهم من أمهم التي تتصل بهم كثيرا. لم يكن يشكو، أو يتذمر. "هكذا هي الحياة": هذه هي قناعته التي يرددها. "كلٌ له مشاغله ومشاكله": هكذا كان يبرر للآخرين، قريبهم وبعيدهم.
هذا يومه الأول من رحلة تقاعده التي لا يعلم متى تنتهي. أربعون عاما قضاها في الوظيفة التي صار ملما بها إلى (…) -
الآلــة والـنـغـــم
1 حزيران (يونيو) 2007, ::::: آمال سلامةأكملت هند زينتها ونظرت بفخر إلى نفسها في المرآة قائلة: "حقّا إنك جميلة، لا عجب أن يتسابق الرجال للتعرف بك ومحاولة التودد إليك، ولكن ألا يرى أحمد أنني جميلة؟"
علت وجهها كآبة عابرة وهي ترى الماضي البعيد، عندما كان أحمد يراها أجمل نساء الكون. أحبته وتزوجته. وبعد الزواج أصبح يتصرف وكأنه لا يراها. لماذا؟ هي لم تهمل نفسها أو مظهرها أو جمالها. وهي لم تهمله أيضا. أهكذا الزواج يقضي على كل شيء جميل؟
لم تُطِل التفكير، فرنين الهاتف الجوال أخرجها من كآبتها. ارتسمت ابتسامة عريضة وهي تقول: "طبعا لم (…)