حلم أخـي (*)
بعد أن خبأ رواية "الشيخ والبحر" لهمنغواي مساء ذلك الخميس أسفل الوسادة. كانت العائلة أكملت سهرتها على فلم "نحن لا نزرع الشوك". انطفأ الضوء وتوزعوا الغرفة الواحدة نائمين في خطوط متقاطعة مثل عيدان كبريت مشبوكة على الأرض كان وقتها عاكفا تحت مساحة ضوء المصباح الكابي الشحيح في باحة البيت والتقاطات حواسه على عالم لا يرغب أن يفيق منه ويطلع النهار. والشمس مثل كل صباح تملأ ساحة البيت. تحت ظل شجرة التوت الأحمر. العائلة تفطر بالجبن الأبيض والشاي بالنعناع والديك الهندي أعلن عن النهار (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
حـلــم أخــي
25 شباط (فبراير) 2012, ::::: علاء شاكر -
المليونير والمنحوس
25 كانون الثاني (يناير) 2012, ::::: نوزاد جعدانيعتمر الضباب سقف المدينة، وهالات الذكرى تبعث ما سكن الطفولة والشباب لتردها إلى الحياة مرة أخرى، تنشر الأشجار صفحاتها على دفتر الأرض ودوواين التراب، تردد أغانيها حفيف الأشجار، إنه الخريف الكئيب يا قلب!، أيلول الباكي يردد ترنيمته، هذه الأجواء البائسة تزرع الكآبة وسوء الطالع في نفس فرحان أكثر مما هو عليه، فجسمه النجيل وقامته الفارعة لم تعد تحتملان حظه السيئ، أمست عيناه ذابلتان وشفتاه خشنتان من تدخينه للتبغ، رسم كثيرا ولم يشتري أحد لوحاته ولم يحصل على نقود ليفتح معرضا خاصا بلوحاته، قارع الثلاثين (…)
-
خمسون
26 شباط (فبراير) 2015, ::::: محسن الغالبيكنت مستلقيا على الأرض وحيدا كعادتي، أقرأ في كتاب، حين حلقت روحي مبتعدة عني كأنها تبحث عن أمر ما، أو أمريء ما. لم أعترض طريقها ولوحت لها بأطراف أصابعي أني في الانتظار.
جرجرت جسدي نحو أوراقي المتناثرة هنا وهناك. جررت ورقة وقلما، وشرعت في التدوين، هذه الرغبة التي افتقدتها منذ شهور، عادت إليّ الآن وكأن روحي هي التي كانت تكتم روحي ورغباتي... لا أظن.
قضيت الليل بطوله أدوّن ما خطر ببالي في عفوية أقرب إلى السذاجة منها إلى الفطرة. كنت حريصا على أن أكون منظما في تدويني ومرتبا. وظللت أدوّن دون كلل (…) -
حــــــــرة، ولــكـن ...
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006, ::::: آمال سلامةمتثاقلة مشت تتأمل الوجوه. وجوه كثيرة تمرّ بها. هذا وجه طفل لم تترك الأيام بصماتها عليه بعد. وذاك وجه امرأة تحكي حكايات زمن مضى. وهناك وجه رجل ما زال يحمل بقايا من أمل.
أسرعت السير كي لا تتأخر عن لحاق الحافلة التي ستقلّها إلى مكان عملها، ونجحت في ركوبها بالوقت المناسب. أسندت رأسها إلى المقعد مستعرضة ساعات الصباح الأولى: إعداد طعام الإفطار؛ إيقاظ الأولاد؛ الاستعداد للذهاب للعمل أو المدرس؛ ارتدائها ملابسها بسرعة البرق مهملة زينتها كالعادة؛ إغلاق الباب، والعودة للطابق الرابع بعد النزول للتأكد (…) -
الثوب الأبيض
1 أيلول (سبتمبر) 2022, ::::: فنار عبد الغنيكانت تتقن فنونا كثيرة منها فن خياطة الأثواب، وخاصة أثواب السهرات المميزة. وأشهر الأثواب التي تتقنها: أثواب الزفاف البيضاء. كانت خياطة مألوفة ومشهورة بإتقانها لمهنتها وإنسانة محبوبة وكريمة جداً. بصمتها مميزة في خياطة الأثواب الأنيقة وفي ترتيب الأشياء وفي طهوها للطعام وفي كلامها مع الآخرين وأمنياتها لهم.
كانت إنسانة رقيقة القلب، دائمة العطاء كشجرة خضراء مثمرة طيلة العام. ضحت بشبابها من أجل عائلتها. لم تكن الابنة الكبرى لأسرتها الكبيرة العدد، لكنها كانت الابنة التي ضحت بعمرها ومالها من أجل (…) -
الحديقة المهجورة
1 آذار (مارس) 2018, ::::: فنار عبد الغنيهاربة تعدو وسط السعير المدوي، النافث لحممه على رؤوس المارة من العمال الكادحين القافلين من أشغالهم للتو، وعلى من ساءت حظوظهم وفرضت عليهم المشي في هذا القيظ، على المتواجدين هنا على الشارع كضحايا الحروب الذين أرغمهم الأعداء على المكوث تحت سياط الشمس.
أصوات الباعة المكتظين فوق الرصيف، تلح عليها دون كلل بالشراء. كل يوم يثيرون استغرابها أكثر فأكثر بإلحاحهم المتواصل عليها رغم أنهم ألفوا وجهها جيّدا. تنظر إلى أصناف وألوان الفاكهة الشهية المغرية، تمسح يدها بلطف على معدتها الخاوية، تهدهد ألمها، ثم (…) -
عروس السماء
26 شباط (فبراير) 2015, ::::: غانية الوناس"زرفه"(1) العذبةُ، الرقيقةُ، الطّفلةُ الّتي كانت تركضُ في حقولِ القمحِ، تفرك بين كفّيها الصغيرتين السنابل المملوءة حبّا، وتنثرها للعصافير، وتهربُ حين تسمعُ صوت جدّتها تصيحُ من أعلى التلّة: "يا زُرفه، أبقِ عينيكِ مفتوحتين، هذا القمحُ لجوعِ الشّتاء، وليس طعاما للطيّور"، كبرت وصغرت مسافاتُ ركضها. صار الحقلُ بعيدا عن حلمِ الطّفولة الجميل، حلّ محلّها فزاعةٌ بحجمِها، تقفُ حاجزا أمام العصافير.
لما كبرتِ سريعا يا زُرفه؟ لما لبستِ ثياب العمرِ الجديدِ بدل طيشِ الطفولة، وخدلتِ للهمّ مبكرا؟
تضحك حين (…) -
ارتعاش الفراش
26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015, ::::: ربا الناصروعدها أن حياتهما ستكون كابتسامة الشمس لا تغيب أبدا عن إحداثيات يومهما، وأن يسيرا معا على سحب هو رسمها في عالمهما الخاص، وهي وعدته أن تحف حياتهما أجنحة ملائكة؛ لتمنحهما الحب والمودة، فقامت بإهدائه يومها وردة ليشمها، لكن يده ضغطت عليها بقسوة فهشمتها إلى قطع صغيرة.
نظرت إليه باستغراب للحظة، ثم ابتسمت وقالت: "لا بأس، سنحتفظ بهذه البتلات بين صفحات كتاب حياتنا، سوف تضيف عبيرا فوق صفحاته سنحب شمه من الحين إلى الآخر". كانت يومها ترقص كفراشة حرة، فوق تلك السحب التي أوهمها بامتلاكه إياها، تفرد (…) -
وتستمر الحياة
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: زهرة يبرمأيقظتها لسعة الفاقة بعد عمر من السبات لتكون آية على أنها ما زالت تتنفس، وأنها لا بد أن تبقى على قيد الحياة. ولأنها لا تعلم الغيب فقد غرقت في لجّ القدر.
كبيرة هي الحقيقة في صدر الأيام وفي حقل عقلها الذي صار مفتوحا لكل شيء. كم هي صغيرة وغريبة في هذه الدنيا. كأنما تخلت عنها الشمس وانقطع عنها الأوكسجين. فقد عاشت نصف حياتها الأول وهي تشتهي حياة مغايرة، وهي الآن آسفة على ضياع هذا النصف منها. لكن كيف يمكنها أن تستدرك نصفها الثاني كي لا تخسر حياتها كاملة؟
كان يومُها الأول مع أول وظيفة (…) -
لم يقل شيئا
1 حزيران (يونيو) 2023, ::::: فنار عبد الغنيكان عقرب الساعة الخشبية المعلقة على الحائط المتصدع بفعل القصف يشير إلى العدد سبعة حين دُق باب بيتنا على غير عادة في ذلك الصباح. كان الهدوء المتقطع لا يزال يعمّ صباح البيت. تسمرت مكاني. من في الباب؟ قالت لي أمي: "لا بد أنّها إحدى الجارات ترغب بمشاركتنا قهوة الصباح".
فتحت الباب وإذ بي أرى أبا عرب، جارنا القديم الذي رُحَّل عن حارتنا منذ خمسة عشر عاما.
أبو عرب!
شهقت أمّي: "خير إن شاء الله". وبعد أن ألقى تحية الصباح رمى بنفسه وجسده الضامر على الأريكة الأقرب إلى الباب، وقال: "كنت سهرانا منذ (…)