خطوة، ونظرة لا مبالاة تلف بها المكان. آه رائع! منضدتها المعتادة كما هي لم يشغلها أحد. كانت ستحزن لو شغلها أحد اليوم بالذات، فلا يمكن لأحد آخر أن يحتل ما تحب على الأقل في يوم تحتفل فيه بذكرى ميلادها، أو لنقل عام مضى وربما عام سيأتي: أحلى، أكثر حزناً، أقل حميمية. لا يهم. مضى عام. هل هي وحدها التي تفرح كلما مضى عام من عمرها؟ ولكنها تحس أنها تودع حزنا وتفك ضمادا عن جرح، وأن العام القادم سيكون أحلى.
هذه أول مرة تحتفل في هذا المكان الذي أحبته واعتادته في الأشهر القليلة الماضية، وأحست إنها كلما (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
عــود الـبـخــور
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: هدى الدهان -
ويبقى الفرح وحيدا
25 كانون الأول (ديسمبر) 2014, ::::: هدى أبو غنيمةلم يسمع أحد من المدعوين إلى حفل الزفاف الآخر، فقد عطلت الموسيقى الصاخبة التواصل، فتواصل كل منهم ببصره مع ما استهواه في القاعة من الناس والثريات الفخمة، وفنون التزيين، وصورته في عيون الآخرين كما يراهم، بينما كان الفندق غارقا في عتمة مثل عتمة المجهول، عتمة لا يبددها سوى مصابيح خافتة مبثوثة هنا وهناك بين الأشجار المحيطة بالحديقة وعلى بعض الجدران، تتأرجح مع كل هبة ريح تأرجح قلوب حائرة بين السعادة والرضا.
وما إن دخل العروسان القاعة حتى تعالى صوت الموسيقى ممتزجا بالزغاريد، وكأنه صوت وجدان جمعي (…) -
العلم البرتقالي
1 أيلول (سبتمبر) 2021, ::::: قمر النجاريحدثُ أن يصبّحكمُ المغتربُ بمنشورِ شوقٍ، ويُمسّيكمْ بمنشورٍ مغايرٍ تماماً. الحكاية بدأت ما قبلِ الرّحيل، حيث لم يكنْ راضياً عن كلّ شيءٍ على أرضِ الوطن، فقد كان يشتمُ واقعهُ في اليوم ألفَ مرّة، ويُمنّي نفسه بأنّه سيهاجرُ كاسراً من خلفهِ ألفَ جرّة.
يمقتُ وبِشدّة، مُردّدي عبارة: "الوطنُ ليس فندقاً نغادرهُ عندما تسوءُ الخدمةُ فيه". ويردّ عليهم بعبارةٍ أشدّ مقتاً: "والوطن ليس بقبرٍ، يُلزمنا بالخلود فيه. حتّى في فلسفةِ الفنادقِ يمكن للقبورِ أن تُزاح، تُبعثر، أو تُردم".
قُبيلَ قرارِ (…) -
انتظار
1 كانون الأول (ديسمبر) 2008, ::::: ربا الناصرارتشفت بعض القهوة من فنجاني وقد سيطر عليّ الملل الشديد وأنا جالسة على المقعد المقابل لآلة البيانو الذي تعزف عليه ابنتي، فقد كنت أحضر درسها اليومي في معهد الموسيقى الواقع في إحدى ضواحي عمان المترفة. أجلس في كل مساء متأملة أناقة ثياب السيدات في المعهد مقارنة أسعارها بأسعار ثيابي التي تعكس الطبقة المتوسطة التي أنحدر منها.
ففي الواقع بعد حصول ابنتي على منحة دراسية في هذا المعهد، اضطرتني الظروف أن أرافقها في دروسها، فأجلس على مقعدي كمسامير دكت في الأرض، أتابع معها دروسها مستمعة لملاحظات معلميها (…) -
حاجة
25 أيار (مايو) 2015, ::::: زكي شيرخانفي هذا المكان الذي لم يحبه، ولم يحب أهله، ولكنه مجبر، ومنذ فترة على ارتياده، كل يوم تقريبا.
صغيران، أمامه، يغطان في نوم، لا يحس تجاههما بمودة بالرغم من رابطة دم تربطه بهما. ثالثهما يجلس مستيقظا بقربه والابتسامة على شفتيه ترتسم ببلاهة لا يعرف لها معنى.
الأغنية التي يلفظها جهاز التلفزيون على يمينه، وعفونة السجادة المفروشة على أرض هذا المكان التي تخترق أنفه، تزيدان من توتره.
المكان أقرب ما يكون إلى غرفة في دار من دور الأحياء الشعبية في هذه المدينة المترامية الأطراف. لا ينم المكان، بأي شكل (…) -
براءة بعد التعب
1 حزيران (يونيو) 2017, ::::: نازك ضمرةأطاعها ولد في مثل عمري، وأمسك بي، فدفعته بعنف من شدة فزعي منها، فوقع من شدة سرعتي.
صاح الولد من شدة الألم، وصار يسب ويلعن. تحامل على نفسه حقدا عليّ، أو ترضية لها، ثم واصل الجري معها.
ظلت هي والولد يتبعانني. تعب الولد بعد دقائق قليلة، ثم استسلم وارتمى على الأرض. كنت أحسست بأنني قاربت على النجاة منها بسبب ابتعادي عنها.
تنبهت، فإذا بملوحة تدخل فمي، بسبب العرق الشديد الذي ينز من كل مكان في جسمي ووجهي، حتى أن عيني تضببتا بسبب دخول ملح العرق فيهما.
فركت عيني، وفجأة جاءتها قوة سحرية بعدها، (…) -
طار الحمام
1 أيار (مايو) 2011, ::::: بسام الطعانسقسقت في حناياه سواقي الإعجاب والانبهار حين رآها لأول مرة، ويا له من شهر، أجمل شهر في كل الفصول، لم ير فيه غير السحر والطيب واخضرار الروح، بعد هذا الشهر الذي مضى على وجوده في الشركة، كتب بنور حبه الأول قصة بدايتها بهجة ونهايتها بهجة، ثم رسم لها صورة زاهية على وجدانه، كيف لا وقد غدت له الدر واللآلئ، وأغنية بدم القلب مكتوبة.
إنها مديرة الشركة التي يعمل فيها، تكبره بعشرة أعوام أو أكثر بقليل، أرملة، لكنها عذبة وخصبة وتشبه حمامة السلام، كلما يراها يقول في نفسه أشياء كثيرة، ونظراته تقول أكثر، (…) -
أحلام في رمضان
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2006, ::::: منى كاظمإنها إطلالة يوم جديد. تنهض أحلام متفائلة، تجدد نشاطها مع إشراق الشمس الساطعة. إنه اليوم الأول في رمضان. لا بد وأن له طعمه الخاص ونكهته المميزة وهو يأتى في يوم صيفي حار لا يقل حرارة عن باقي أيام الصيف الأخرى حتى إن كانت تفصله عن الخريف أيام معدودة.
وكعادتها تنطلق أحلام إلى عملها وهي تحاكي بما تحمل من تفاؤل أشعة الشمس التي تزداد حرارةً وسطوعاً. لم تلبث أحلام تجلس على مكتبها لتمارس عملها وتنهي بعض ما تراكم لديها من عمل عن اليوم السابق، حتى طلب منها رئيسها في العمل أن تذهب لإحضار بعض الملفات (…) -
حبّ بنيّة الفراق
25 كانون الأول (ديسمبر) 2014, ::::: مرام أمان اللهبينما بانت لهما خيوطُ الشوقِ الخافتة من بعيد، تنساب في عذوبةٍ قسريةٍ لا اعتيادية، أخذ كلٌّ منهما الغوصَ في عتمة الصمت المطبقة، هرباً من جنون الخيال نحو معقولية التفاصيل. ولكن، لأنّ الجنونَ يكسرُ حدودَ المنطقِ في لحظةِ شوق، وصولاً إلى اللا ممكن؛ تولّدتْ "الفكرة" من أمّ ٍ لم يمسسها بشر. على أنين انتظارهما كان المخاض، وبين ثنايا ارتباكهما كانت تكبر، إلى أن تقاطعت خيوط الصباح على كتفيهما، كطيرٍ حرّ، له كلّ السماء، وليس له وطن.
فالأحلام تُبعثُ خلسةً إلى حيث تشاء الأماني. كانت البدايةُ (…) -
رحلة في طلب الكُنافة النابلسيّة
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: سمير كتانيكدت أغيب في نشوة مفعمة بالسّرور، ملأت قلبي وجوانحي بكلّ حبور، فغرقت في تأمّلي الرّوحانيّ متساميا، وكأنّي أحلّق في الفضاء عاليا، وقد استبدّ بي الحنين إليها، فدمعت عيناي خشوعا، واختلجت أنفاسي خضوعا.
الكنافة النّابلسيّة في طبق يزينه الفستق المبشور الأخضر، كأنّه بساط من العشب النّاعم، وقد سُقيت بالقطر فارتوت، وازدانت بحلّة حمراء قانية، اتّسق سطحها الأملس فجاء متجانسا، ورقّ قوامها فغدا هشّا، وانكسرت إحدى زوايا قطعة الكنافة ذات الشّكل الرّباعيّ لهشاشتها.
دمعت العين، وتسارعت الأنفاس، وخفق القلب (…)