مِنْ قاع ذاكرة البدايات، حينَ بدأتْ معالم النضوج تختبر وجودها على قارعة الخلجات، كان ذلك في زمن غارق في القدم، صار مجرد ذاكرة تترنح على حافة منحدر، حملت برودة الزمن في أعطافها، تطوف اليوم ذاكرتها أمام ناظريّ دونما سبب وجيه، فهل تراكَ تذكُرُ ما أذكر؟ أتذكر معي تلك اللمحات؟ أم تراك أنتَ الآخر ألقيتها بعيدا إلى أنْ اعتلاها الموج وسحبها إلى القيعان البعيدة فصارت نسيا منسيا؟ أحقا يمكنك أنْ تنسى حكاية صدود أثارت حفيظتك، وملأتك مع الحزن مهانة أمام نفسك دون قصد من الطرف الآخر؟
كنا يومها نخترق جدار (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
ذاكرة الصّد
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: هيام ضمرة -
جسد لفستان الأميرة
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008, ::::: بشير عمري=1=
قلق الحاجة إلى ممارسة أهم طقس من طقوس استقبالي لريتا ينهشني من الداخل، فهي كما الوضوء قبيل الصلاة. ما إن يقترب موعد لقائي بحبيبتي ريتا حتى أخرج المرآة الصغيرة التي اشتريتها من أحد المحلات الباريسية من جيبي وأتفقد نظام خلقتي بأكمله. وأذكر أنني ذكرت الأمر هذا مرة لأحد الأصدقاء المغتربين العرب فضحك كثيرا وهو يداعب لحيته الطويلة بقبضة يده قبل أن يسألني:
"كما الوضوء تقول. وإن لم تجد المرآة فهل ستتيمم؟"
والرجل على هزله كان مصيبا. أنا أيضا جاريته في هزله إذ قلت له:
"إني لا أعدم وسيلة (…) -
الـحـافـة
1 آذار (مارس) 2008, ::::: فتيحة المتشولقد تثاقل في مرآته.
سألته: "لماذا أتيت خلسة ورائي من الندى؟"
أجاب: "لست أنا من أتيت ولكنه آخري الذي أتى من جداره وغادرك."
كان مبهما في كلامه، ملتفتا إلي في غيابي، مغرورا إلى حد كبير بوجوده الحقير تحت الأشـــــيـــاء.
لم أفهم كثيرا تقاطيع الكرسي بينه وبين المائدة المقابلة للسؤال الأول.
سألته أنا التي لم ترتب بعد فتات الجسد المقلوب فوق ينابيع ضارية، ولا اهتدت بعد ليلة موجعة إلى صليب محتمل كما يفعل الحالمون حين يغتسلون بماء الله، سألته وأنا واثقة تماما من أن ســــؤالـــي سينام تماما (…) -
ق ق ج: حبذا لو ينطقون
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2012, ::::: عبير درويش.
قطرة ماء
الحنفية تُغلق بابها المسائي بعد رحلة شاقة مع التدفق. قطرة الماء الأخيرة تختنق وتختنق. تلتفُّ حولها الدائرة النحاسيّة. تُعاني قلة الهواء. تتعرّق بعد الجنون وتكبر في الداخل. إرهاق وانتظار. فجأة يأتي مغفلٌ في لحظة تطفّل. يتملّقها بجهل. يشد صنبور المياه بقوّة أكثر فأكثر. تسقط القطرة بوجع. تموت بصوتٍ محزن.
رحلة حصى
قذفتها امرأة معتوهة من الوطن. لم تكن الحصى تعلم شيئاً عن الحياة. هي خائفة ومسكينة. لم تعد تجد إخوتها هنا. غرباء. غرباء. الجو بارد وليس من أمكنة للنوم. أرهقتها (…) -
حاجة
25 أيار (مايو) 2015, ::::: زكي شيرخانفي هذا المكان الذي لم يحبه، ولم يحب أهله، ولكنه مجبر، ومنذ فترة على ارتياده، كل يوم تقريبا.
صغيران، أمامه، يغطان في نوم، لا يحس تجاههما بمودة بالرغم من رابطة دم تربطه بهما. ثالثهما يجلس مستيقظا بقربه والابتسامة على شفتيه ترتسم ببلاهة لا يعرف لها معنى.
الأغنية التي يلفظها جهاز التلفزيون على يمينه، وعفونة السجادة المفروشة على أرض هذا المكان التي تخترق أنفه، تزيدان من توتره.
المكان أقرب ما يكون إلى غرفة في دار من دور الأحياء الشعبية في هذه المدينة المترامية الأطراف. لا ينم المكان، بأي شكل (…) -
الصرخة
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: إيناس ثابتخطوط متموجة من الأزرق والأحمر تصب في لوحة واحدة، بل صرخة واحدة، صرخة دوت في الفضاء وفي روحه.
ساعتان أو أكثر قضيتهما في التأمل والتفكير في لوحة الصرخة، ورحلتي الداخلية في الحزن والعدالة الإلهية، وأسئلة طرحتها على نفسي في حزن الكون والنفس.
صنع إدفارد مونك (Edvard Munch) من آلامه وأحزانه المتقدة في حياته وحياة من حوله صرخة ألوان تباركت على سطح لوحة.
تبدو السماء في لوحة الصرخة كبوابة جحيم، وفي اليمين جسر طويل يقف عليه شخصان يعتمران قبعة فوق رأسيهما غير آبهين لحمرة السماء وحزن الطبيعة أو (…) -
لماذا دعتني؟
1 حزيران (يونيو) 2021, ::::: فنار عبد الغنيالدعوة الأولى
كنت شديدة الحرص على إتمام تلك المهمة الخاصة بأسرع وقت ممكن وخفية. كنت أتمنى أن أبقى مجهولة الهوية لكي تكتسي مهمتي بلونيّ الصدق والإخلاص، فأنا بفضل الله لا أبتغي من عملي إلا مرضاته عز وجلّ. لقد علمت بحجم معاناة أسرة متعففة فقدت لتوها وليّ أمرها بعد معاناة طويلة من المرض، اضطرت ربة الاسرة الاستدانة من أجل دفع نفقات علاج زوجها وتأمين لقمة العيش لأطفالها، وبعد أن أجريت بعض التحريات السرية عن وضعهم المعيشي، قررت أن أمضي قدماً لتحقيق هدفي.
لم أكن أعلم عنوان تلك الأسرة واستعنت (…) -
براءة بعد التعب
1 حزيران (يونيو) 2017, ::::: نازك ضمرةأطاعها ولد في مثل عمري، وأمسك بي، فدفعته بعنف من شدة فزعي منها، فوقع من شدة سرعتي.
صاح الولد من شدة الألم، وصار يسب ويلعن. تحامل على نفسه حقدا عليّ، أو ترضية لها، ثم واصل الجري معها.
ظلت هي والولد يتبعانني. تعب الولد بعد دقائق قليلة، ثم استسلم وارتمى على الأرض. كنت أحسست بأنني قاربت على النجاة منها بسبب ابتعادي عنها.
تنبهت، فإذا بملوحة تدخل فمي، بسبب العرق الشديد الذي ينز من كل مكان في جسمي ووجهي، حتى أن عيني تضببتا بسبب دخول ملح العرق فيهما.
فركت عيني، وفجأة جاءتها قوة سحرية بعدها، (…) -
رقعة شطرنج
1 آب (أغسطس) 2006, ::::: ربى عنبتاوييا حياتي المبعثرة بين سلوكيات البشر الهوجاء وذاتي الطموحة، يا عالمي المتمرد على الفشل والتصنع والخطيئة، يا أيامي المنتظمة الحظوظ، خالفي القاعدة يوما واحدا واجعلي انتقامك يومين لا بل ثلاثة واتركي لي الغد، يوما سعيدا إن لم يكن مهرجان فرح، ولتعلمي أن حياتي رقعة شطرنج، فلا أنا منكرة ذلك ولا من رسم خارطة أيامي، فيا قدري أسعدني من شروق الشمس لغروبها فقط ليوم واحد، لحلم واحد.
تلك كلمات نظمتها وهي تسيل الشمع على شباك غرفتها ذي الزجاج العاكس، كانت تتأمل تراقص أغصان الزيتون الغاضبة من عدائية رياح (…) -
أندلس ونصان آخران
25 كانون الثاني (يناير) 2012, ::::: محمد التميميأندلس
الأندلس، هي كذلك: أندلس. لا تحتاج لوصفها سوى اسمها، كأي شيء جميل، كالورود واللؤلؤ والمرجان، فاسمها يكفي لاستحضار آيات الجمال. هي الأندلس.
هي الأندلس، لا نحتاج لوضع ليالٍ أو أيام أو أي شيء من هذا القبيل لسرد قصصها وحكاياها، فالأندلس حكاية لا نهاية لها، فهي رائعة بأيامها ولياليها وبكل ما فيها، هي الأندلس.
ماذا عساي أن أكتب عن الأندلس بعد زيارة قصيرة دامت أسبوعاً؟ ماذا عساي أن أكتب عن الأندلس وأنا لم أرَ سوى بعض مدنها؟ ماذا عساي أن اكتب عن الأندلس وما لمحت سوى طرف لحظها المكحل (…)