"لا تحمل الأمس على رأسك فتبقى مطأطئ الرأس بين هامات مرفوعة".
أذكر أنني قرأت هذه العبارة من زمن بعيد، اتّخذتها شعارا لي، دفنت الأمس في قلبي لأبقى مرفوعة الرأس، ولم أدرِ حينها أنّ هذه المقبرة سيأتيها يوم تفيض بما فيها، أين سأدفنه؟ لا أستطيع حمله على رأسي، ولم أعد أحتمل دفنه.
الأمس يحمل الكثير، لكن شيئا واحدا بقي يكبر ويكبر، قلت دفنته، فكيف يحيا من يموت؟ إنه ينمو ويكبر، تغلّب على قلبي وقوي عليه. قتل كل المشاعر الجميلة، كل الأحاسيس ليسيطر هو وحده.
أسمعهم يتحدثون عن الحب، وأكاد أجزم أنني لم (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
الخديعة الكبرى
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: آمال سلامة -
أنصال في طين الروح
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2006, ::::: رانيا مأمونلقطة واسعة
امرأة تنحني لتلتقط أحجاراً تقذفها على الكلاب التي تنبح وراءها. الوقت تجاوز الثانية عشر ليلاً. حاويات وشاحنات كبيرة تتجاوزها المرأة في سيرها على أرض غير منبسطة تعلو وتهبط، وخلفها جوقة الكلاب. تزيد قلّة الإضاءة من صعوبة السير.
"هو هو هو"
"جر جر"
"هو هو"
تواصل قذف الحجارة. تنفد من يدها. تنحني لتلتقط أحجاراً أخرى.
"جر جر جر"
تجاهد المرأة للوصول إلى الأسفلت حيث الضوء أكثر سطوعاً، علّها تجد ما يقلّها. عسكري الدورية ينهر عنها الكلاب بطلق ناري يمزق سكون الليل ويعكِّر رائقه. (…) -
غفلةُ النسيان
26 تموز (يوليو) 2012, ::::: هيام ضمرةكانتْ مُفعمةً بالاهتمام، فيما تنهمكُ بحوارٍ مُشوِّق مع زميلاتِها حول مسألة التشبث بالمبدأ، على مائدةِ الغداء في مطعم الفندق ذي الخمسة نجوم، عقبَ انتهاءِ جلسات المرحلة الصباحية مِنْ أعمالِ المؤتمر، فيما الحوارات على المناضدِ الأخرى، تشكِّلُ بأصواتِ شاغليها رجالاً ونساء، هسيساً عالياً نوعاً، يشبهُ إلى حدٍ كبير جاروشة الحبوب، هو في العادةِ هذا حالُ المكان الذي يَجْمعُ جُموعاً مِنَّ البشر المناوحين للآراء المختلفة، ويشتدُ بهم وطيس النقاش. لكنها لاحظتْ عينين تتعمدا تركيزَ نظرهما نحوها، وما عادتْ (…)
-
بقايا جثة
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2009, ::::: فريدة إبراهيم بن موسىكما لو أن الزمن يمر بطيئا هذه الليلة، تظل مزروعا على حافة الوقت المتآكل، كقطعة حديد مهملة في ركن من الحديقة. صدأ الجسد يكورك كومة حلم غير قابل للتأجيل. تراقب جحافلهم تقتحم خلوتك، ثم تجر جسدك، وتجعلك تركض ما قدر لك من العمر، خلف حلم موشوم بخدوش أظافرهم. الآن تنتعل ما تبقى من جروح حلم، لتبحث لك عن مكان يكمل نقصك.
وعبثا تحاول أن تمحو تلك الخدوش بريشة ألوانك الليلكية، وقبل انتصاف حزنك على قارعة الأرصفة التي عبدوها، بنتوءات أجساد صدئة، للحالمين الذين مروا قبلك في هذا الدرب، وأسالوا جرح ألوانهم (…) -
أمهلني قليلا
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2012, ::::: محسن الغالبيقال لي "إضاعة الفرصة غصة"، وان بعض الفرص تمنحها الحياة مرة واحدة، واحدة فقط، فإن أضعتهما فكأنما أضعت الحياة بأجمعها.
لم اصدق عيني لحظتها، اطلت الوقوف، حدقت كمن لم يجرب عينيه من قبل، أو كمن يخشى أن يفقدهما من بعد. كيف يعقل أن أكون على هذه الغفلة؟ سنتان أروح جيئة وذهابا كما الأعمى، كيف يمكن الآن أن أثأر لتينك السنتين والعمر يعبر كالحلم أو اسرع، وقد مضى منه أكثره؟ كيف يعقل أن ما بيني وبينها لم يكن سوى دورين فقط؟
طالما أتعبت السلالم بقدمي وأتعبتني، وهي كذلك مذ عرفتها من قبل أعوام، تأنف أن (…) -
من منكم فقد ظله؟
30 أيار (مايو) 2014, ::::: ظلال عدنانتسلل الفجر رويدا وتنفس الصبح متنهدا. وارتفعت الشمس متثاقلة تخلع عن الدنيا ثوب ليل ممزق شوقا وهما ودمعا وأملا.
موج الحياة في المدينة انطلق. بشر وطير وحجر. اقتحمت الشمس قلب السماء. والتفت أحدهم يخلع الرداء. وتسمر بصراخ يتعالى: "أين ظلي؟"
تفقد الجميع ظلالهم، فما وجدوا لها أي أثر. وقفوا تحت الشمس. يمينها. يسارها. خلفها. فما وجدوا أي أثر.
لعل الشمس هرمت. وطاقتها نفدت. فما عادت للظلال خلاقة. فأحضروا مصابيح كبيرة متوهجة. سلطوها على أجسادهم. وراقبوا تكون ظل رجل. ظل امرأة أو حتى ظل حجر. ولا (…) -
الباحث
25 آب (أغسطس) 2015, ::::: زكي شيرخانالسير الطويل أعياه. طاف الشوارع والأزقة والحارات. تطلع إلى الجدران والشبابيك ووجوه البشر. في مسيره شم ما زكم أنفه من الروائح. بلا هدى كان يسير وظن أن قد يهديه سيره إلى ما يجّد بحثا عنه.
لم يعد يعرف كم مضى عليه منذ بدأت خطواته تجره إلى اللامكان. توقف مرات عديدة أمام أماكن كان يتطلع إليها ولكنه لم يلجها وبقي يسير بمحاذاتها. أغراه بعضها ولكنه نازع نفسه رغباتها بالدخول إليها.
وجد نفسه أمام جامع لفت انتباهه كبره، وعلو مئذنته، وكثرة زخارف قبته. وجد الباب مفتوحا فدخل. لم يفكر ولم يقاوم. ترك (…) -
جحود ووفاء، بشر وكلاب
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: نادية أبو زاهرعندما يدخل الإنسان ميدان الصحافة تعليما أو ممارسة يواجهه عاجلا لا آجلا سؤال: "ما هو الخبر؟" والجواب الشائع هو: لكي يكون الخبر خبرا يستحق النشر، يحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد معلومة، ولذا يقال في معرض التمييز بين الخبر واللاخبر إنه إذا عض كلب شخصا، فليس في ذلك خبر، أما إذا عض شخص كلبا ففي الأمر خبر.
سمعت خبر هجوم كلب على امرأة في إحدى القرى، تدعى الحاجة صبرية، وتبلغ من العمر سبعين عاما. وقد توفيت الحاجة صبرية بعد أسبوع من الحادث. لو طبقت تعريف ما هو الخبر كما لخصته أعلاه، فليس خبرا أن كلبا (…) -
وجه آخر للنفاق
1 آذار (مارس) 2020, ::::: فراس ميهوبفي هذا العالم الافتراضي، كل شيءٍ جميل. في شبابي كنت معزولا، ولم يكترث بي أحدٌ. أمَّا الآن فلديَّ أكثر من ألف صديق فيسبوكي.
كنْت، وما زلْتُ، أمر بقرب النَّاس، فلا أسلِّمُ عليهم، ولا يسلمون عليَّ، أمَّا على صفحتي، فنتبادل النكز، والإعجابات، وبعض المشاركات.
أغضبُ أحياناً، فأهدِّدُ الجَّميعَ بالويل، والثبور، وقطع الصداقة، فيرتعبون، ويتراجعون عن منشورٍ غبيٍّ، أو تعليق غير مناسب.
أنا ماردٌ أزرق على الفيسبوك. وبالمناسبة، هذا هو اسم حسابي الوهميِّ. ولا أخفيكم أنِّي بالحقيقة لست بهذه الشجاعة، (…) -
هاجس
1 أيار (مايو) 2009, ::::: نعيم الغولوقفته أمام المتجر تذكره بهاجسه.
الآن يستطيع أن يزعم، أمام نفسه على الأقل، بأن هذا المتجر المرابط منذ سنين أمام "دوار فراس" يقع في قلب المنطقة التجارية لجبل الحسين، الذي ما يزال قلب العاصمة عمان. ومع أنها تمطت ومدت ذراعيها وساقيها في وجه الأفق الدائري كله، وافترشت لجسدها الشرق والغرب والجبل والوادي والسهل والوعر إلا أنه يراها تقبع أيضا في قلب الأردن.
وربما جزم، لنفسه على الأقل، بأن الأردن يراوح بشكل ما كبندول الساعة في قلب العالم العربي. وبشكل ما أيضا يرى وطنه العربي مركز الصليب في (…)