صــراع
انتقلت في الصيف الماضي مجبرة إلى بيت عمتي بالمدينة لأكون قريبة من الجامعة. البيت تسكنه أشباح من هدوء، تمتلك مهنة صنع الملل بجداره، ليس فيه أحد من عمري لأتقرب إليه، وأؤنس وحدتي به.
عمتي أرمله لديها ولد يصغرني بثلاث سنوات، لاحظت منذ بداية إقامتي تعلقه الشديد بها، وانه نسخه مطابقة من كل تصرفاتها وحركتها. لا يشبه من هم في سنه من الصبيان الممتلكين لطاقه اللعب والحراك الدائم، حتى أنني ظننت أن الأشباح التي منحت لي الملل هي أيضا من وضعت الهدوء والسكينة بداخله. بمرور الأيام وجدته قد تأثر (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
نصان: صراع + أوهام
26 حزيران (يونيو) 2014, ::::: وسام هلال -
طاغية صغير
1 أيلول (سبتمبر) 2019, ::::: زكي شيرخان"لم توفّق، كما أظن، في اختيار العبارة الصحيحة،" قالتها دون أن تظهر حتى النزر اليسير من الاستياء الذي اعتراها، "لم أرغب أن أضمك إلى مقتنيات عائلتي، كما قلتَ، لأنكَ لست قطعة جامدة يُزين بها جدار، أو تُركن في زاوية منزل،" أعطت لنفسها وقتا لكتم غضب بدأ باجتياحها، " إن كنتُ قد ولدتُ وفي فمي ملعقة ذهب فهذا ليس ذنبا ارتكبته، ولم يكن خيارا."
مُركّزا ناظريه على أوراق على منضدته يقلّبها، "لقد وجدتُ نفسي في موقف محرج أمام والدكِ وهو ينهال عليّ بأسئلته، وطريقته المتعالية."
"ولكنكَ رددتَ له الصاع (…) -
لا أنـام
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008, ::::: فنار عبد الغنيوجدت نفسي مندفعا في الجري، أجوب الشوارع المتأججة من الشمس، بعد أن نجوت بأعجوبة من تلك المركبات الفضائية العملاقة التي اجتاحت سماء الأزقة، ونفثت غضبها على ساكنيها واقتادتهم عراة، ثم حلّقت فوق الأبراج، وألقت بكائنات حديدية عليها التي أخذت تتسلقها بخفة، مثيرة الرعب في قلوب الجميع، بعد أن صهرت نيرانها الحرس وحولتهم إلى أشياء مشتعلة، ثم استولوا على قصر المدينة العريق، ولم يدمروه، ولم يلوثوا حدائقه الغنّاء بعد أن فُتحت لهم أبوابه العظيمة. كل هذا حدث ساعة الظهيرة.
لم أدرِ كيف تمكنت من الهرب، (…) -
مقامة ليثية
1 أيار (مايو) 2007, ::::: أحمد الليثيأتى رجل إلى قطعة أرض فأحاطها بسور ونادى في الناس: "أيها الناس! أيها الناس!" فاجتمع إليه عدد منهم غير قليل. فقال:
"من يساعدني في إصلاح هذه الأرض وشق قنواتها وزرعها وتشجيرها وغرس بذورها، وله أن يستظل بظلها، ويشرب من مائها، ويأوي إليها متى شاء؟"
فانصرف عن ندائه بعضهم، واجتمع حوله آخرون. ووقف غيرهم يتفرجون، وعلى شيء لا يلوون.
أما من اجتمعوا حوله فصرف منهم -في غلظة- من صرف، ثم ذهب منهم بعد ذلك من ذهب. وبقي معه عصبة شمروا عن سواعد الجد، وعقدوا العزم ألا يهِنوا أو يتوانوا عن العمل، وتعاهدوا (…) -
أحلام
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011, ::::: أشواق مليباريكانت ما تزالُ على مقاعدِ الدراسة، طريةَ الشباب، قويةَ الذكاءِ، لماحة تتميزُ بالحضور، متحفِّزة الحركة، ومفتونةً بأحلامِ اليقظةِ.
عادت إلى البيتِ بعد انقضاءِ نهارٍ منَ الجدِ، لا يخلو من المشاكساتِ والضحكِ والتّسكّعِ في بهو الصفوف. ألقتِ الحقيبةَ عند الباب واندَفَعتْ كعادتها إلى المطبخِ.
"أمّي لقد عدت."
"أهلا وسهلا. هكذا بلا سلام؟"
اقْتَربتْ مِن أمّها وهي تَغسِل الأطباقَ، وطَبعتْ على وجْنَتِها قُبلَةً سريعةً، واستدركت فقالت:
"السلامُ عليكم."
"وعليكم السلام، كيفَ كان يومُك يا نور (…) -
أحلام دافئة
25 تموز (يوليو) 2015, ::::: زهرة يبرمبدأ الإعجاب مبكرا، وظل محبوسا في الصدور شهورا عديدة. هي تخشى أن تبادر. تخشى أن يكون فظا. وتخشى أن يرفض مبادرتها. وهو أيضا يخشى المبادرة. وطال حبس الإعجاب المتبادل، لأنهما إن تكلما استخدم كل واحد لهجة رسمية وكلمات مقتضبة، ويعود كل منهما إلى صمته.
في الحياة مواقف كثيرة، بسيطة كانت أو معقدة، تحتاج منا إلى اتخاذ القرار. وكما أن السرعة في اتخاذ قرار ما لها سلبياتها، فإن التردد في ذلك يقتل الفكرة ويقضي على كثير من الفرص.
ذات مرة، وبعد أن شجع نفسه كثيرا على المحاولة، قرر أن يبعث لها رسالة (…) -
دقيقة صمت
1 أيلول (سبتمبر) 2020, ::::: زكي شيرخان"أرح أباك. عد لتراه ثم ارحل ثانية. إنه يتألم. يرفض أن يموت قبل أن يراك. ارحمه".
لولا قولة أخيه لم يكن ليعود بعد كل هذه السنوات. في مجلس العزاء، جل من رأى من المعزّين طمرتهم الذاكرة أو كادت. كبر من كبر، وشاخ من شاخ. بدت النعمة على بعضهم، ولبس البؤس أغلبهم.
"هؤلاء، أولاد عمومتك"، "أولئك أصدقاء المرحوم الذين ظلوا على علاقتهم به" هذا ما كان يُهمس به لتنبيهه. "هذا شيخ العشيرة"، "أية عشيرة؟"، "عشيرتنا".
قضى أياما وهو يرى العجب ويسمع الأعجب.
= = =
في طريقهم إلى القرية التي ولد فيها الأب، (…) -
العلبة الحمراء
25 كانون الثاني (يناير) 2012, ::::: عبد الجليل لعميريتسلم الوالد –الموقر– "الكولية" التي وصلت باسمه من مصلحة الطرود، بعد أن أدلى بحججه الدامغة في أحقيته بذلك. كانت عبارة عن علبة كرطون مستطيلة جميلة المظهر، يطغى عليها اللون الأبيض، الموشوم بالأزرق والأصفر. كانت متوسطة الحجم، وخفيفة. كتب عليها بحروف طباعية بارزة: "طرد متوسط"، مع اسم ثلاثي للمرسل من الكويت، وكذا المستقبل بالمغرب. خفة الطرد أثارت استغراب الأب، وجعلته يتساءل:
"لماذا كل هذا التعب والسفر الطويل من اجل هذا الشيء الصغير؟"
واستحضر صوت زوجته (الأم) تتوعده: "ما تفتح الكولية. فيها شيء (…) -
ســـؤال
1 أيار (مايو) 2007, ::::: مرام أمان اللهلم أتردد في الإجابة. كانت المرة الأولى التي أجيبه دون تفكير على أحد أسئلته التي لا تنتهي. "طبعاً لأ،" إجابةٌ سبقت نهاية السؤال. خرجت بسرعة الهارب من سجنٍ مؤبّد. لم أقم لحظتها وزناً لسؤاله، مع أني كنت أطيل التفكير في كل ما يسأل، ثم أتبعه بالنقاش التفصيلي والتحليل الذي يحمل في جزئياته شيئاً من الإعجاب المستتر بحكمته المغلّفة بقشور الشيب الذائب في أنحاء السواد. لا أدري، أشعرته بديهيّ الإجابة؟ أم كنت في واقع الأمر أنتظره بلهفةٍ منذ سنين. ابتسم متفاجئاً وغاب دون تعقيب. وغابت معه تلك اللحظات، (…)
-
شيء من العذاب
1 آذار (مارس) 2017, ::::: محسن الغالبي"وحدهم الفقراء يستيقظون مبكرين قبل الجميع، حتى لا يسبقهم إلى العذاب أحد"
ربما كان الأمر كذلك كما قال محمد الماغوط، لكنني لست فقيرة، مع ذلك أشاركهم هذا العذاب في كل يوم.
الأمر ببساطة ، أنني طالبة جامعة. أهجر سريري في الخامسة فجرا وقد ألتقيه في الثانية صباحا .نوع من العذاب.
وأحمل معي فطوري لألتهمه في مطعم الجامعة أو على أحد المصاطب فيها ملفوفا بكيس من الورق أو النايلون، لا يهم، باردا على الأغلب، مع قدح من الشاي من أحد الأكشاك المهملة. هناك أتجرعه مجبرة. نوع آخر من العذاب.
أتصدقون أني (…)