فتحت كيس النخالة، ثم أخذت حفنة واحدة فوضعتها في قصعة خشبية صغيرة، ثم توجهت نحو البئر فألقت دلوها فأخرجت ماء نميرا كالقمر أفرغته في سطل حديدي صغير، ثم رجعت إلى القصعة فصبت الماء فوق النخالة.
وما أن شرعت في الخلط حتى هرعت الكلبة تتمسح بالقصعة تحاول أن تلتهم النخالة. لكن المرأة كانت تخلط النخالة بيد وتدفع الكلبة باليد الأخرى. وما أن انتهت من الخلط حتى هجمت الكلبة على القصعة فأخذت تلتهم النخالة بشراهة تنم عن جوع شديد.
جلست المرأة على حصيرة دومية تستجمع أنفاسها، فكانت تارة تنظر إلى الكلبة (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
الورود الحمراء
26 أيلول (سبتمبر) 2015, ::::: إبراهيم دشيري -
طاغية صغير
1 أيلول (سبتمبر) 2019, ::::: زكي شيرخان"لم توفّق، كما أظن، في اختيار العبارة الصحيحة،" قالتها دون أن تظهر حتى النزر اليسير من الاستياء الذي اعتراها، "لم أرغب أن أضمك إلى مقتنيات عائلتي، كما قلتَ، لأنكَ لست قطعة جامدة يُزين بها جدار، أو تُركن في زاوية منزل،" أعطت لنفسها وقتا لكتم غضب بدأ باجتياحها، " إن كنتُ قد ولدتُ وفي فمي ملعقة ذهب فهذا ليس ذنبا ارتكبته، ولم يكن خيارا."
مُركّزا ناظريه على أوراق على منضدته يقلّبها، "لقد وجدتُ نفسي في موقف محرج أمام والدكِ وهو ينهال عليّ بأسئلته، وطريقته المتعالية."
"ولكنكَ رددتَ له الصاع (…) -
النار لا تبعد عن الحليب
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: بدري إلياسالتمر يغلي في حدود الكاف، والنون تتربص به حتى يتربع في الكأس. الوقتُ: عصر تحاورُ العناصرُ بعضها، والنارُ قاض لا يتحيز، ولا يأبى رشوة الهواء.
ها هي كاكا تدخل بكامل عتادها. تدخل كاكا وهي تتمثّلُ عنطزة ملك شأنُه أرزاق النّحل والعصافير. تضع أشياءها جوار النار. النارُ التي يضيئها المزاجُ، وتضبطُها حدّةٌ تراوح بين آه وأحححح. نارٌ كأنما أصابع عذارى تجرّبُ اللّذة على إيقاعها.
يطير دخانٌ خفيف ستخذله قوّتُه حالا لينتهي إلى خطوط لا تعلو رأس كاكا كثيرا وهي تعدل ثوبها برميه على كتفها اليسرى، كأنما (…) -
حــدث فـي خـيـمـة
1 أيار (مايو) 2009, ::::: أمل النعيميكنت في المطار أودع صديقة عزيزة جدا لم أرها منذ سنوات ولم تبق معي غير سويعات. لم أكن أدري هل ستمن علينا الأيام بلقاء آخر ومتى. حاولت أن أترجم مشاعر الفراق إلى دموع ففشلت.
جلست على أحد المقاعد وسط ضوضاء النداءات وحركة الذاهب والآتي وحقائب السفر. تعبير وجوه المسافرين والمودعين والمستقبلين والعائدين مبهم وبلا ملامح. جلست سيدة بجواري. كان واضحا أنها تريد أن تتحدث. إجاباتي المقتضبة لم تمنعها من الاستمرار. فكرت في مغادرة المكان، لكني تراجعت في اللحظة الأخيرة. بصراحة أثارت تلك السيدة فضولي، فقد (…) -
بائع شعر البنات
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: ربا الناصرقد يشار إلى أبطال القصص بأسماء يخاطبون بها عند سرد أحداثهم إلا أن صاحب هذه القصة اتخذ صفة الغائب فلا يهم معرفة اسمه قدر معرفة أحداث حياته، لتبقى هي الحاضرة والباقية. . أراح جسده النحيل على أكوام القش المفروشة على أرضية هذا المخزن المهجور، ملقيا إلى جانبه نايا خشبيا وعود الخيزران الذي تتدلى منه أكياس شعر البنات المتباينة في لونها بين اللون الأبيض والزهري.
نظر إلى سقف المخزن مطولا قبل أن يفكر للحظات في يوميات حياته التي يعدها بائسة، فأفكاره البائسة كانت تجول في مخيلته كأشواك يابسة تغص من (…) -
سهرة
25 أيلول (سبتمبر) 2014, ::::: ظلال عدنانسهرة
تجمعوا وشموعهم تبدد ظلمة اجتماعهم تحلقوا حول تلك الشموع وخيالات أجسادهم النحيلة تتراقص فوق تربة رطبة باردة.
رغم تباين أعمارهم وأشكالهم ومناصبهم؛ وتراوحهم بين فقر مدقع وغنى فاحش، إلا أن انسجاما كبيرا يلفهم. حتى الأطفال الرضع بينهم صامتون. ما أزعجوا يوما ذاك الجمع بصوت جوع أو حنين للأم والحليب.
مريضهم، ذاك الذي كاد يذوي، يجلس بينهم منتصبا ويقول: "ذاك الألم مرّ بي وانتهى كحلم. بل ككابوس".
قهقهت الفتاة الشقراء رغم عنقها المذبوح: "احمد ربك يا عم، فالتماعة السكين وهي تهوي فوق عنقي (…) -
أحلام موؤودة
25 نيسان (أبريل) 2014, ::::: زهرة يبرمهيأت نفسها للذهاب إلى عملها، كما هيأت ولديها الصغيرين اللذين اعتادت أن تودعهما دار الحضانة كل صباح في طريقها إلى العمل. تذكرت أن سائق السيارة العجوز قد تقاعد، وأن سائقا بديلا سيبدأ مهامه اليوم. تمنت على الله أن يكون طيبا وخدوما كما كان سابقه.
في حي من أرقى أحياء المدينة وأمام منزل تبدو عليه علامات الفخامة، ركن السائق الجديد السيارة حسب العنوان المحدد له من طرف مستخدمه صاحب الشركة التي استلم بها وظيفته هذا الصباح.
أطلق من بين شفتيه صفيرا طويلا بنفس واحد وهو يقلب ناظريه في الحديقة الغناء (…) -
الفرح على تخوم الحرب
30 نيسان (أبريل) 2013, ::::: فتحي العكرميعرفَته المدينة شجاعا ومحبّا للضّعفاء وللمظلومين. يهاب الجميع عضلاته المفتولة. يقضّي وقته مستعدّا لنُصرة الغرباء. يتدخّل لفضّ الخلافات التي تقع في المقاهي وفي السّوق. ينتقل من حفلات الزّفاف إلى المآتم ناصحا ومساعدا.
جمّع حياته في قِيَم الكرَم فأطلقوا عليه كنية الطّاهر.
ذات توحّش، نشبت الحرب في المدينة المجاورة فقرّر الذّهاب إلى المخيّم لمساعدة اللاّجئين. ساعده جسده القويّ على تحمّل مشاقّ السّفر في صحراء شاسعة. دلّه رجل يرعى الإبل على الطّريق الذي أوصله إلى مخيّم واسع تقطنه عائلات جاءت من (…) -
تحبين أنصاف الأمور
25 أيلول (سبتمبر) 2014, ::::: مرام أمان اللهقال لي ذات يوم: "تحبين أنصاف الأمور". ربما كان محقاً، فأنا أكره النهايات. لكنّه حتماً مخطئ أيضاً؛ فأنا أعشق الحدود.
ربما انصياعي الضمني لفكرةِ حتميةِ النهايات كان مبالغاً فيه، أو ربما انتابني شعورٌ تراكميّ بالخذلان من ممارسات الزمن التي تعبثُ -بكلّ فضولٍ- في ترتيب الفصول في أعمارنا. لكنّه قالها مرتعداً وكأنّ هاجسَ الخوفِ من الرحيل قد استوطنَ لحظتها كلَّ مواضع الأمان في نفسه.
وما بين الحدود والنهايات، سكنتْ الذكرياتُ المتأرجحةُ نحو الحياة حيناً، ونحو الرحيلِ الباردِ أحياناً.
لم أسكنْ (…) -
مركب الصغير
1 أيار (مايو) 2009, ::::: فنار عبد الغنيأشعّت عينا الصغير حين فرغ من صنع مركبه الجديد. طرق عليه عدة طرقات قبل أن يعانقه بفرح ثم رفعه فوق رأسه، وأخذ يمشي مزهوا بنفسه رافعا كتفيه كقائد في طريقه لاستلام جائزة. بعد ذلك أطلق صرخات ملأت البيت. شعر أنّه قلبَ رأس العالم. وفيما هو يدور حول نفسه مردِّدا بعض العبارات التي يسمعها تتردد على ألسنة أبطال ونجوم الملاعب، قطعت فرحته خواطر غريبة: ماذا لو غرق هذا المركب أيضا كالمراكب الورقية؟
صمت كل عالمه وتوقف عن الدوران. لم يعِ ما يفعل. غير أنّه قرّب مركبه إلى صدره ثم أسرع دون خوف ملقيا به في (…)