تتلاطم كموج مجنون تلك الستائر الشفافة على نافذة صغيرة في المشفى الحكومي الرئيس في المدينة. بقربها كانت تجلس. تنأى بحواسِّها عن صوت البكاء المتداخل وأسئلة الوافدين من الأقارب عن حالة شقيقتها الصغرى.
لم تراودها رغبةٌ في البكاء، فقد كان كل مبتغاها أن ينقضي الوقت بسرعة -فعودتها حتمية- لتروي لها تفاصيل عن مدى تأثر ومحبة أمها والأقارب لها. وفي سلسة التفكير المتواصلة من هنا وهناك، استحضرت تلك اللعبة، التي طالما كانت الصغرى مشغولة بها.
لطالما سرقت الأرقام والتواريخ جزءا خفيا من ذاكرتها، لم تملك (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
اليـوم الـراحـل عـشـر
1 آذار (مارس) 2008, ::::: مرام أمان الله -
على ضفة الحلم
1 أيلول (سبتمبر) 2009, ::::: صفاء صيد. مقدّمة
ما أروع أن تجد أبا يحثّك بكلمات بسيطة وجمل مختصرة على حفظ ولو بعض من القرآن الكريم، وبيت أو اثنين من الشّعر الفصيح، وكذا مطالعة الكتب راقيها ودانيها! وتزداد تلك الرّوعة رونقا عندما تجد أمّا تصرّ عليك أن تدون أيامك على صفحات بيضاء تنتظر أن تدبّ فيها الحياة. تصرّ، فتكاد تجبرك أن تكتب أيّامك كلمات تعزف حروفها حسن التنسيق بين الجمل، وكأنّ الجمل صارت تصنع الكلمات.
آه لو كان ذاك الشّعور يسمعني لرجوته أن يمتدّ سرمدا ويتخطّى كلّ حاجز يقف له متصديا دون أن يصاب بمكروه. لذيذ هو ذاك الشعور (…) -
في العدل والظلم: "لست مذنبة"
1 أيلول (سبتمبر) 2009, ::::: عبد الهادي شلاأمام المنصة التي يعتليها القاضي ومستشاروه، وعلى مسمع ومرأى الحضور الذين اكتظت بهم القاعة صرخت، وسألت:
"سيدي القاضي، أيهما أقوى: الظلم أم العدل؟"
أجابها القاضي: "العدل، فهو يغلب الظلم وإن تأخر، أو ما تحقق في حينه."
"سيدي، وأيهما أقوى: العدل أم القانون؟"
"العدل أيضا، فالقانون يد العدل التي يتحقق بقوته ويسطع."
"ولكنّ القانون فيه ثغرات."
"نعم، ولكنها لا تطغى على القانون."
"وفيه استثناءات."
"نعم، لتدعم الحق الذي وجد القانون من أجله."
"وهل الاستثناء أقوى من القانون؟"
"أبدا، (…) -
أكلة منسف
1 كانون الثاني (يناير) 2011, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصصلم ينم طوال الليلة الماضية. ذهب إلى المكتبة ليمضي بعض الوقت في تصفح الكتب وتصوير بعض صفحاتها، ويتفادى بذلك النوم في النهار. وذهب إلى المكتبة أيضا للتهرب من موعد يلتقي فيه مجموعة من الأشخاص على أكلة منسف.
كان يظن أن وقت أكل المنسف ظهرا، ولذلك غادر المكتبة حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر. كان الطقس ربيعيا دافئا. نزل من الباص، وتمشى بقية الطريق إلى البيت.
استلقى على أحد المقاعد في غرفة الجلوس والنعاس يغالبه. لم يكن يريد أن ينام، لأنه إذا فعل ذلك فسوف يصحو في منتصف الليل، ويفسد نظام نومه من (…) -
المعجزة
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: سعد المصراتي مؤمن"تعرض لإصابة ستفقده النطق." هذه العبارة قيلت بالأوكرانية وترجمها الطبيب المصري إلى العربية وسمعها أقاربه. كانوا عند رأسه في حجرة العناية البشرية، لكن أحدهما أسر أنه في يد العناية الإلهية. وجهر أحدهما بقوله: "ليتهم يعطوننا النتيجة النهائية لنحمله إلى تونس أو إلى جمهورية مصر العربية."
كل ذلك حدث وهو يسمعه ولا يستطيع الرد عليه، لكنه غير ممنوع من التخيل والتصور والتفكير فيما حدث. كان كعادته في شهر رمضان وقبل المغرب وبعد تلاوة بعض آيات من القرآن الكريم ينتظر صوت الأذان لإكمال صوم يومه. عندها (…) -
عندما ينزل القمر
25 تموز (يوليو) 2015, ::::: طه بونينيسمع صوتا قادما من الشّمس يهمس له: "لا تفعل، أنا أمّك، أنا أكبر منك، اسمع كلامي".
أوّل مرّة يسمع فيها القمر حديثا مباشرا من الشّمس، ولقد بدت غاضبة، تصدر منها ألسنة النيران وعواصف اللهب. لم يسمع أحد صوت الشمس ولا القمر إلّا أنّه مؤخرا قد أسهب الحديث يخاطب نفسه وبصوت عالٍ.
ولقد أمهَلَت الشّمسُ القمرَ وتركته علّه يتوانى ويتراجع عن مراده، لكنّها ما فتئت تسمعه يردّد نفس الحديث. وأخيرا خرجت عن صمتها وخصّته بكلمات خالدة سيتردّد صداها في أرجاء الكون إلى الأبد.
وقد كان القمر مشغولا أثناء ذلك (…) -
لوحة لم تكتمل
1 حزيران (يونيو) 2007, ::::: ضياء البرغوثيوحيدا كنت وأنا أرقب تفاصيل حلمك الجميل، وأنا أنظر إليك وأنت ترسمين قصة عشق ستطول. لم أكن أعرف وقتها أنك كنت تنقشين هذه القصة على صفحات قلبي. لم أكن أعرف أني سأتورط فيك أيتها الساحرة الفاتنة. عندما التقيت بك تأرجحت عيناي ما بين إغضاء أو نظر. في تلك اللحظة كان القدر ينسج من حولنا قصة ستتشابك خيوطها فيما بعد.
تصافحت عينانا في تلك اللحظة الرهيبة، تلك اللحظة التي توقفت عندها عقارب الساعة عن ممارسة عملها في الدوران. لم يكن لحظتها الزمن وحده من توقف، فالدم في عروقي توقف عن المسير. وقفت كريات الدم (…) -
سكراب
1 كانون الأول (ديسمبر) 2006, ::::: رحاب الصائغطلب من زوجته خالدة أن تشاركه الجولة في سيارته القديمة، من أيام الحواسم بأطراف المدينة. زوجته مبتسمة بجانبه، تزوده بأحلام يقاتل بها الشوارع، وتفتح مغاليق فمها بهودج أفكاره، بينما فاروق يمزق الأجواء بهدير سيارته التي لم يكن لها أثر في جغرافية عالم السكراب.
أشار لخالدة قائلاً: "منذ سنين عديدة كانت الأشجار عالية، أحكم غرسها في قلوبنا. انظري أصبحت حطباً وقلع أكثرها."
صفعته زوجته بعبارات: "عليك دفع فاتورة الكهرباء، التي شحت هذه الأيام، وإلاّ قطع ما تبقى منها."
هبت عاصفة أدرجت كلامها في جيب (…) -
مجادلة
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2008, ::::: إيمان الشافعيالنوم هبة إلهية. لولاها لاجتاح العالم الجنون. كل ما في الكون ينام ويصحو وينام، إلا آثامنا وذكرياتنا التي لن تهدأ أبدا.
ولكنني أخشى النوم. أهاب مجرد التفكير فيه، فكلما غططت في نمو عميق استفقت مفزوعا مفتوح العينين على ذات الحلم المفجع، فقررت ألا أنام إلا غفوات قصيرات متقطعات، فلم تفلح حيلتي، وهاجمني ذات الكابوس بين يقظتي وثباتي، بشكل متقطع.
لا فرار من هذه اللعنة التي أصابتني. أكاد أفقد عقلي. كلما تحاورت معه في أحلامي، وأمليت عليه تساؤلاتي، جاءني بإجابات مخزية، وذكرني بأشياء ربما اقترفت (…) -
السيجارة الأخيرة
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006, ::::: جميل السوالمةمقهى، ليل، نساء، برد، ضجيج، بخار متصاعد من الأفواه يكاد يخطف برودة المكان، مزيج من الناس يجلسون في مقهى في ليلة باردة، ضجيجهم وأحاديثهم كقصة بوليسية متفرعة الخيوط، تلتقي حيناً تتباعد أحياناً، تشوبها مشاعر حزينة مجهولة السبب. حركة صاخبة في ذلك المكان، تكاد تعتقدها للوهلة الأولى مرسومة منظمة لرتابة الأحداث فيها ليلة بعد ليلة، أبطالها هم دائماً سكان ذلك الحي البائس. فرحة ترتسم على الوجوه، ربما لإخفاء ما في نفوسهم من حزن دفين. عيون تسافر عبر البخار والضجيج تحلم بغد أفضل، أو على الأقل غير الذي (…)