صوت كسر زجاج أخرجني من كابوسي، ففتحت عيني مع قفزة. كانت الغرفة غارقة في الظلام والمطر يصفع النوافذ. اعتدلت بمشقة، وشعرت بجفاف في حلقي. كنت محمومة ومبللة عرقا. أتنفس بصعوبة لكنني لا أزال حية.
العاصفة في الخارج مجنونة، والمنزل تحت نيران البرق يشبه منارة وسط العاصفة، وأنا أسيرة الفراش، وصخب يعم الطابق السفلي. أسمع بوضوح الكراسي تُدفع والستائر الخشبية تَصفَع الحائط بعنف. يرتطم شيء بالأرض. يبدو أنها فازة الكريستال التي تتوسط طاولة السفرة. من يا ترى؟
تحاملت على نفسي وقمت من فراشي بصعوبة أتوكأ (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
رجل بين أوراقي
25 آب (أغسطس) 2015, ::::: زهرة يبرم -
كسكس بشحمة الإذن
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011, ::::: عبد الجليل لعميريعبد السلام ، المكنى بـ "قميحة"، يعمل حارسا لمستودع الأموات بالمستشفى المركزي بالمدينة. التحق بهذا العمل منذ سنة تقريبا بعد وساطة عمه عند بعض النافذين في المستشفى. أقام خلال هذه المدة عند صديقه، وابن دواره، عبد السلام أيضا، ولكن المكنى بـ "شحيمة"، لذلك كان معارفهما والمقربون منهما يستعملون الكنيتين تفاديا لالتباس التشابه في الاسم الموحد.
شحيمة هذا يعمل بائعا للأسماك. جمعت بينهما عشرة حميمية كبيرة جوهرها عالم النساء والخمرة.
اصطاد قميحة ذات يوم – كما يقول – فتاة كانت برفقة أمها داخل (…) -
واقعة من سنين الجمر
25 كانون الأول (ديسمبر) 2012, ::::: زهرة يبرمتمهل يا نور فجرها لا تسطع، ويا صبح يومها لا تطلع. اكتم أنفاسك أيها الزمان فأنت زمن من حجر، وسنواتك من نار وجمر. يا مخالب الجراح ترفقي بها؛ لا تحاصريها، لا تمزقيها ولا تقذفي بها في غياهب الأحزان. وأنت أيها القدر لا نلومك لأنك القدر.
الزمن زمن أغبر واليوم صيفي حار من أعوام الرصاص والنار. الحرب دائرة رحاها، شعب ثائر على الذل والانسحاق والتلاشي، يتساقط أبناؤه كالذباب أمام بخاخ المبيد. اكتمل المليون بعدد الشهداء، والمليون الثاني بعددهم يوشك أن يكتمل. المستدمر الفرنسي الذي أوهم الشعوب بالإعمار (…) -
حظه العاثر (حدث في الموصل)
1 أيار (مايو) 2007, ::::: نورس السليمها هو اليوم يدفع سيارته القديمة التي أكل عليها الدهر وشرب ليذهب لعله يجد من يستأجره فيسد بما يكسبه من سيارته المتواضعة ما يسد به رمقه ورمق أولاده.
في صباح يوم آخر، وبينما أتكاسل في النهوض من فراشي إذا بزوجتي تقول انهض فقد سقطت الموصل بيد الأمريكيين، الأمر الذي كان متوقعا بعد سقوط بغداد قبل ذلك بيومين.
فور نهوضي إذا بصراخ يعلو في الشارع، فذهبت مسرعا إلى النافذة، فإذا بجاري يتشاجر مع زوجته وأمه اللذين كانا يحاولان أن يمنعاه من ركوب سيارته القديمة. فذهبت إليهم على الفور وسألت:
"ما بالك يا (…) -
قصتان: اسم + القفل
26 تشرين الأول (أكتوبر) 2011, ::::: موسى أبو رياشاسـم
اقتحم عليه وحدته وتشرده وكهفه. سأله:
"من أنت؟"
"عندما أعرف سأخبرك."
"من أين أنت؟"
"من بلاد الله الواسعة."
"ما اسمك؟"
"ما جدوى الأسماء إذا كان الآخرون لا ينادوننا بها؟"
"لم أفهم!"
"أنت أول من يسألني عن اسمي منذ أكثر من خمس سنوات."
"معقول؟ وكيف ينادونك إذاً؟"
"يا رجل، يا عمي، يا هو، يا شحاد، يا حجي، يا ختيار، يا رجال، يا زفت، يا مسخمط، يا حضرة، يا معود، ..."
"لأنهم ربما لا يعرفون اسمك."
"ليس بالضرورة أن تُنادى بالاسم، فالاسم اكسسوار فقط يوضع للتمايز بين الناس (…) -
الخطوة المليون + عيد ميلاد سعيد في يوم لا يأتي
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: أمل النعيميالخطوة المليون
ترى ماذا يفعل الإنسان عندما يدرك أنه اختار طريق المليون ميل ووصل الخطوة المليون وما يزال هناك الكثير الكثير؟
ماذا يفعل عندما يستدير خلفه فلا يرى البداية لأنها أصبحت أبعد من مدى الرؤيا وهو يريد العودة بعد أن أتعبه الانتظار؟
ماذا يفعل عندما ينظر أمامه فلا يرى النهاية لأنها كانت أبعد من مدى الرؤيا بعد أن خانه القرار؟
ماذا يفعل عندما يستدير هنا وهناك باحثا عن وجوه مألوفة، يسعفه الخيال في رؤية الوجوه لكن أدوار الاستحالة التي مرت بها النفوس تجعله يستغيث بعمى البصر والبصيرة؟ (…) -
إصابة
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: زكي شيرخان"أهلاً يا دكتور". قالها بوهنٍ بادٍ، ذلك الرجل ذو الوجه الشاحب والعينين الغائرتين في محجريهما، الممدد على السرير.
أومأتُ برأسي رداً على تحيته دون أن أنطق.
استدار برأسه نحو الواقف إلى يساره والذي سبقني إلى الغرفة كأنه يريد الإذن بدخولي، وقال له: "أحضر شايا أو قهوة للدكتور واتركنا وحدنا".
= لا داعي لأي شيء.
= ستحتاجها بالتأكيد.
رد، وشبح ابتسامة هازئة ارتسمت بصعوبة على شفتيه: "تفضل أجلس".
أجلستُ نفسي على طرف الكرسي القريب من ميمنة سريره. أُغلق الباب، نظر إليه وكأني به يريد أن يتأكد (…) -
بائع شعر البنات
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: ربا الناصرقد يشار إلى أبطال القصص بأسماء يخاطبون بها عند سرد أحداثهم إلا أن صاحب هذه القصة اتخذ صفة الغائب فلا يهم معرفة اسمه قدر معرفة أحداث حياته، لتبقى هي الحاضرة والباقية. . أراح جسده النحيل على أكوام القش المفروشة على أرضية هذا المخزن المهجور، ملقيا إلى جانبه نايا خشبيا وعود الخيزران الذي تتدلى منه أكياس شعر البنات المتباينة في لونها بين اللون الأبيض والزهري.
نظر إلى سقف المخزن مطولا قبل أن يفكر للحظات في يوميات حياته التي يعدها بائسة، فأفكاره البائسة كانت تجول في مخيلته كأشواك يابسة تغص من (…) -
الأحـلام المـــوؤودة
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: مازن الرفاعيالنهار يودع الشمس والشارع يتحرك تحت مظلة من سحب الشتاء الداكنة الهاربة في كل اتجاه، المطر خفيف رقيق ناعم أنفاسه السريعة المتلاحقة تغسل الأرض، الإشعاعات الأخيرة من الشمس الغاربة تودع الرصيف المبتل تزحف خارجة من النافذة بعد أن وجدت لمسة من الدفء بجانب الموقد.
نظراته من النافذة تراقب عجلات العربات وهي تلتهم أرض الشارع الزلقة بنهم متجهة إلى هدف لا يدري به يلتفت إلى نفسه مخاطبا إياها قائلا: انظري إلى إطارات تلك الآليات كيف تدور متجهة إلى هدف لا تدركه ما أشبهها بأيامي، عربتي يقودها الفقر والطريق (…) -
اصبر
25 آذار (مارس) 2015, ::::: زكي شيرخانها أنت قابع هنا، متلفع بخوفك. مسيّر إلى مجهول ليس في ذهنك منه إلاّ صورة باهتة الألوان، متشابكة المعالم. ما زلت رغم طول الساعات التي قضيتها في هذا المسار غير مستوعب تماما لما أنت فيه. كيف دُفعت إلى ما أنت به؟
أنت لم تهضم بعد ما جرى. لم تستطع أن تصدق كل ما جرى، بكل هذه السرعة. ما هذه الصور التي تستحضرها ذاكرتك؟ كيف يتسنى لك وأنت تحت هذا الكم الهائل من القلق أن تتذكر كل هذه الأحداث؟
ما الذي ذكّرك بهذه المرأة المتدلي ثديها لاتجاه فم رضيعها الذي مالت رقبته في حجرها وقد رسمت قطرات حليب مخلوطة (…)