أيام دراساتنا في الجامعة، كانت ليلى قائدة مجموعتنا، فهي الأقوى شخصية بيننا، والأثرى، وأكثرنا تدينا والتزاما بالواجبات الدينية. وكانت أيضا الأجمل بين شابات المجموعة. كان يأتي لها الخطاب، ولكنها كانت ترفض الزواج قبل أن تتخرج، حتى ولو وعد الخاطب بعدم منعها من إكمال دراستها. كانت ليلى محظوظة لان أهلها لم يضغطوا عليها، وتركوا لها هامش حرية كبيرا لاتخاذ قراراتها بنفسها. كانت بحق أميرة نفسها وقرارها.
وكانت ليلى أيضا محبة للأدب، وبشكل خاص الشعر. تحفظ الكثير منه، وخاصة أشعار الحب والغزل العفيف. (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
الطائر المهاجر
1 كانون الثاني (يناير) 2008, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصص -
الـبــاشــا
1 حزيران (يونيو) 2019, ::::: فنار عبد الغنيلم يعرفوه من الضباب المتكاثف مع ارتعاشات الظلام. وللوهلة الأولى، اعتقدوا أنه شبح تائه يهذي في هذه العتمة القارسة. لقد خرج عليهم كشبح متنكر بحزمة ألوان قاتمة. هيئته الغريبة ألقت عليهم نوعا من الدهشة الممزوجة بالرهبة. كان هو أيضا خائفا ومرتبكا، يقدم خطوة بطيئة إلى الأمام ويؤخر خطوتين سريعتين إلى الخلف، يريد العودة إلى باطن الجبل.
ورغم الجموع الغفيرة من العمال ورجال الأمن الذين كانوا في حالة شديدة الغرابة، إلا أن الرعب كان قد نال منهم لدرجة أفقدتهم التفكير والحركة، الأمر الذي حمل ضابط الدورية (…) -
سائل العمر
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: بشير عمريفي صباح اليوم الثاني من حلولنا بالجزائر العاصمة قادمين من مرسيليا، وقبل أن نفترق على موعد آخر، قالت لي ريتا:
"اليوم سيصدر بيان عمرك البيولوجي. سأسحبه من الإنترنت."
تلبسني شعور غريب فيه ما فيه من تشويق وانتظار كالذي يسبق عادة لحظة استلامي لمظروف صوري الشمسية الجديدة من يد الفوتوغرافي. لم أكن أعلم أن لي عمرا آخر غير الذي أعده كل يوم مع رحلة الشمس فوق رأسي.
"والكشف عن العمر البيولوجي إجراء تستلزم طبيعة العملية." هكذا تقول خطيبتي اللبنانية ريتا، فهي تملك دارا من أفخم دور جراحة التجميل (…) -
تعويض
1 أيلول (سبتمبر) 2021, ::::: زكي شيرخانجمال هذا الوجه ساحرٌ، ملفتٌ للنظر. مكوناته كأنها جُمعتْ مع بعضها بعناية إلهية خاصة. جبهة متوسطة تعلو عينين لوزيتي الشكل، عسليتي اللون. أنف زاده القصر روعة يتوسط خدين متوردين كهضبتين في الشفق، يستدقان تدريجياً نحو الأسفل كأنهما دليلان إلى شفتين مكتنزتين تتربعان على ذقن يكمّل شكله روعة الجمال. وجه طفولي، بريء الملامح، يصلح أن يكون أنموذجاً لعشرات اللوحات. ويمكنه أن يُلهم عشرات القصائد، ويُعذّب عشرات العشاق.
تطلعتْ إلى هذا الوجه وكأنها تراه لأول مرة رغم إنها لم تفارقه. بهرتْ بجماله ودقة (…) -
منازلة
1 أيلول (سبتمبر) 2017, ::::: زكي شيرخان"لَمْ تسألني لِمَ فعلتُ ذلك؟"
وبدون أن يتردد، وكمن كان يتوقع مثل هذا السؤال، كانت إجابته حاضرة: "مثلك لا يُسأل".
مط شفته السفلى أكثر مما هي متدلية، مما زاد من قبح فمه. أدرك بدون عناء ذهني، أنه لم يفهم قصده، فاستدرك: "أأدركتَ معنى إجابتي؟"
بدا وكأنه أمام مسألة رياضية عويصة الحل على تلميذ بليد. ارتسمت على وجهه إمارات الحيرة والذهول. نظر إليه بعينين شع منهما زهو الاستخفاف به، فأضاف:
"يفترض بمن كان بمثل سنك أن يكون قد أدرك الخطأ والصواب، وأن تكون له، أيضا، الإرادة في اتخاذ قراره، وله (…) -
المشاء
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: المهدي كروميعشت مشاء منذ نعومة أظفاري، في مدينتي من الجنوب الشرقي، كانت لي جولات وجولات في حارتنا القديمة، وفي الغابة التي تجاورها، وتحت عند منحدر الوادي المحاذي لقصرنا.
وانطلاقا من هذا المنظور، تراني لا أقول عشت عمرا، ولكن يمكن القول مشيت عمرا، فعلا كان ذلك بالتمام والكمال، إذا ما اكتشفت أنني أربعينيا، أو يزيد.
أضف هذا إلى عمر المدرسة، التي قضيت فيها ما قضيت، على عمر الإعدادي والثانوي، ثم الجامعي والتعليم العالي، وتخرجت وبدأت أشتغل، وكان محل توظيفي هو مدينتنا، التي لا تبعد عن القرية التي كنا نسكنها (…) -
ومضات البرق + منبر الريش
1 أيلول (سبتمبر) 2021, ::::: هدى أبو غنيمةومضات البرق
تدفقت السيدة بحديث ودي، مع زميلات وزملاء العمل في الشركة الجديدة التي عملت فيها، أثناء حفل تعارف بين موظفي أقسام الشركة ومديريها الجدد.
لم تعبأ كثيرا في الاجتماعات المتتالية بومضات البرق المنبعثة من أعماقها، التي تهيب بها ألّا تسترسل في التعبير عن أ فكارها المتجددة لغزارة مطالعاتها الثقافية المعرفية، بل تصغي إلى الآخرين أكثر من الاسترسال في الحديث، فمهارات التلقي عند الآخرين ليست متجانسة، والتحلي بصفاء السريرة ليس صفة مستحبة دوما في مجتمعات الأقنعة، وميادين التنافس في (…) -
تأتيني طيوري بهجة فأحيلها شجنا
1 نيسان (أبريل) 2011, ::::: هيام ضمرةلم يكن ضوء النهار قد شقّ ستائر العتمة بالكامل حين قلّبني خمول الوسن على جانبي الآخر ويدي تسحب أغطيتي على كتفي مخزّنة الدفء المنعش في أوصالي، خرجت على الفور من غفوتي وأهدابي تنشّق متنبهة، وقد ران صوت عزف صادح جميل كان اختفى منذ زمن غير قليل، لطالما أصخت السمع على مدى الشهر الماضي باحثة عن معزوفاته. فتحت عيني على وسعهما وأنا متيقنة أنّ ما أسمعه ليس أذيالا من حلم ما زالت ظلاله عالقة في المخيّلة.
نعم هي ذاتها طيوري، ذات المعزوفة التي تعودت أن تتغناها لتنقلني إلى يقظتي. إذن لقد عادت طيوري من (…) -
أنت لا تقرأ
25 كانون الأول (ديسمبر) 2012, ::::: غانية الوناسثمّة رسائل لا نكتبها بالحبر والقلم، إنّما نكتبها بدمع العيون ونبض القلوب، تلك الرسائل هي رسائل العمر كلّه، رسائل لشخص واحد قد يصادف أن يقرأها غيره مرات ومرات، ولكنّها بالنّهاية لا تصل إلاّ إلى ذلك الشخص التي كتبت لأجله.
وثمّة رسائل أخرى تكتب لكلّ النّاس، وربّما يحدث أن يصادفها مرّة شخص لم تكن تعنيه تماما، ومع ذلك يجد فيها شيئا ما يخصّه ولو من باب التشابه في الأحداث والوضع والأقدار ربّما.
كنت على حافة الانعزال عن كلّ شيء حين قادتني الصدفة ذات شتاء إلى قراءة شيء ما أصابني للوهلة الأولى (…) -
عــاشــقــة الــورد
1 أيار (مايو) 2009, ::::: ربا الناصررأيتها تبتسم كملاك، يعلو شعرها إكليل من الفل الأبيض. ترتدي فستانا أبيض كالثلج، أدمته بضع قطرات تسيل من جيدها. لمست يدها. كانت باردة. حسبتها من بعيد دمية خشبية تتدلى من حبل لف حول عنقها.
حمت حول جثتها كطائر جريح يطلب المساعدة في تفسير سبب انتحارها. غادرت المكان ووراءها حياة غامضة، وصمت جريمة كاملة أطبقت على المكان وغيرت ملامحه لفترة. كانت ابتسامتها تزيد اللغز غموضا. مددت يدي إلى جيبها وأخرجت منها ورقة كتبت فيها:
"قد أكون مخطئة فيما أقدمت عليه، لكنكم لم تتركوا لي خيارا آخر أستعين به وأمضي (…)