أقف على حافة العمر. أسأل قليلا عن لفتات الأعين نحو الماضي. يزحمني البكاء. أطلال الطفولة ترجف من مجرد التفكير فيها. يغلبني البكاء، أشرب قليلا من الشاي، أركض نحو حِجْرٍ أبدي للأمومة المهيّأة دوما للاحتضان.
كم في العمر من خراب ومتاهات؟ كم فيه من قصيدة أقول عنها مجازا، جميلة؟ كم في العمر من جرح للقول والغموض المرسل على عواهنه؟
أرتّب ليلا زاد القراءة، أجوب بقاع الكتاب الأخير الذي أظنه كل ليلة كذلك، لتطلع شمسي وشهرزاد أيامي تحثّني على معاودة المغامرة، أطيعها متلذذا بشوقها الجنوني لقتلي. أنا (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
جمر الحواف، رمق الأبد
1 أيار (مايو) 2011, ::::: عبد الحفيظ بن جلولي -
النار لا تبعد عن الحليب
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: بدري إلياسالتمر يغلي في حدود الكاف، والنون تتربص به حتى يتربع في الكأس. الوقتُ: عصر تحاورُ العناصرُ بعضها، والنارُ قاض لا يتحيز، ولا يأبى رشوة الهواء.
ها هي كاكا تدخل بكامل عتادها. تدخل كاكا وهي تتمثّلُ عنطزة ملك شأنُه أرزاق النّحل والعصافير. تضع أشياءها جوار النار. النارُ التي يضيئها المزاجُ، وتضبطُها حدّةٌ تراوح بين آه وأحححح. نارٌ كأنما أصابع عذارى تجرّبُ اللّذة على إيقاعها.
يطير دخانٌ خفيف ستخذله قوّتُه حالا لينتهي إلى خطوط لا تعلو رأس كاكا كثيرا وهي تعدل ثوبها برميه على كتفها اليسرى، كأنما (…) -
لا تـطــل الغياب
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: أميمة أحمدلا زالت آثار النوم غافية على جفونها. جالت عينيها في الغرفة، توقفت إلى الوسادة الخالية وما زالت محضونة بين ذراعيها، تأملت الألوان المنسجمة في غرفتها، كلها مستولدة من مشتقات الأصفر، اللون المحبب لها. أعجبتها الأناقة المتواضعة، وتلك الوردة المتسلقة على نافذة غرفة نومها. كل شيء يوحي بالشاعرية المفرطة.
هكذا أصبحت بايا تبحث عما يُريحها، وكان هذا الأمر مهملا لديها، لأن راحتها كانت خارج منزلها، في الحياة العامة، حيث السياسة والنقاشات الحادة غالبا، فهي لا تعرف أنصاف الحلول، وهذا ما جعلها تحزم (…) -
لا تـقـتـلــوا نــومــي
1 أيار (مايو) 2009, ::::: بسام الطعانكالعادة في كل صباح، جلس القاضي في مكانه المعتاد ليحكم بين الناس الذين لا تنتهي مشاكلهم، وقبل أن يبدأ بالنظر في القضية أو المشكلة الأولى، اندلعت زوبعة في بهو المحكمة، صراخ، عراك، بكاء، وطعن بسيوف الكلام.
فتح الباب بحركة سريعة، ألقى نظرة، فشاهد ثلاثة أشخاص يلعبون لعبة الذئب والفريسة، لكنه لم يعرف من الذئب ومن الفريسة، رجل في العقد الرابع يرتدي بنطالا نظيفا وقميصا ممزقا بلا أزرار ويدعي أنه أب، وامرأة تصغره بعشر أو تسع سنوات، جميلة الشكل وأنيقة الثياب، وطفل لم يتجاوز العاشرة من عمره وهو محاصر (…) -
حـنـيـن
1 حزيران (يونيو) 2006, ::::: أميمة أحمدتلف بايا ريح صبا مليئة بالحنين والشوق. كيفما اتجهت تلفح وجهها، وتنبجس ينابيع، تنساب رقراقة بين ثغورها. كل شيء في منزلها يثير الحنين إلى رسم أبدعت في تصويره، بأحرف رقصت على لسان قلمها كلما خلت إلى نفسها، وما أكثر خلواتها في ربوع الاغتراب، حيث كلما ازدحمت شوارعها بالبشر، أثارت شعورا بالوحدة أكثر.
قفزت بايا عن كل هذا الواقع، وتسلقت أكمة الحلم بكل بهائه، واتكأت على شرفاته. تحدث ضياء الذي هوى نيزكا في أعماقها على غير توقع أو ميعاد، فامتلأت الأكوان موسيقى تعزف على أوتار أعماقها الزاهية فرحا، (…) -
أمام كل امرأة عظيمة رجل
1 آذار (مارس) 2011, ::::: ظلال عدناندخلت غرفة الجلوس تحمل بيدها اليمنى صينية خشبية بُنية وقف بها فنجانان متغايران في اللون، أحدهما أصفر رُسم عليه وجه باسم تتناثر حوله قلوب صغيرة، والآخر لونه فسفوري عليه وجه ذو كشرة لم تفارقه منذ أن اشترياه قبل عشرة أعوام، كانت تحاول جاهدة ألا تنسكب القهوة السوداء من بين شفاه الفنجانين، فتلوث الصينية وتُعكّر مزاجها؛ فهي تكره شرب القهوة بعد انسكابها رغم كل الاعتقادات السائدة المبشرة بخير عند انسكاب القهوة.
يدها اليسرى تُحيط طفلتها الباكية جوعا، تمتد قدمها اليمنى تسحب الطاولة إلى منتصف الغرفة، (…) -
أبحث عنك
25 شباط (فبراير) 2013, ::::: محمد التميميمكان كبير وأناسٌ كُـثر، وأنا وحدي أبحث عنها. عينايَ شحيحتا النظر لا تساعداني على ذلك، ونظاراتي السمكية لا تخترق الجدران ولا تُبصر لمسافاتٍ شاسعة كما في أفلام هوليود.
تعبت عينايَ من التأمل في وجوه الناس، أغمضتهما! فقد بصرتُ بما يكفي لهذا اليوم واتّبعت قلبي فهو الأدرى بمكانها والأعلم بحالها.
أما هي فقد استمتعت بمشاكستي و"أنا أبحث عنها بكل جنوني"، وأرهقت قلبي بلعبة "حامي، بارد"، ولا أجد منها سوى صوت ضحكاتها الطفولية كلما تعثرتُ في الوصولِ إليها.
أجلس غارقاً في جسدي، والعقل يناشد القلب (…) -
عندما اشتعل الحريق
1 حزيران (يونيو) 2022, ::::: فراس ميهوبعندما اشتعل الحريق في غرفة أرشيف الإذاعة الوطنية، وصل فريق الإطفاء بسرعة، نصف ساعة كانت كافية للسيطرة الكاملة، الخسائر مع ذلك كانت فادحة، آلاف من الأفلام النادرة والتحقيقات المهمة صارت رمادا، نسخة أصلية وحيدة من مسلسل قديم اختفت إلى الأبد.
لا أحد يعلم كيف اندلعت النار، أغلب الظن أن سيجارة منسية أضرمت الشرارة الأولى، التدخين ممنوع بتاتا، لكن المخالفة طبع إنساني أصيل، قيل إن مخرجا مشهورا دخل للبحث عن شريط لبرنامجه ونسيها على أحد الرفوف.
نظرية المؤامرة تقول إن مخربا هو من تعمد وضع النار، (…) -
الخديعة الكبرى
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: آمال سلامة"لا تحمل الأمس على رأسك فتبقى مطأطئ الرأس بين هامات مرفوعة".
أذكر أنني قرأت هذه العبارة من زمن بعيد، اتّخذتها شعارا لي، دفنت الأمس في قلبي لأبقى مرفوعة الرأس، ولم أدرِ حينها أنّ هذه المقبرة سيأتيها يوم تفيض بما فيها، أين سأدفنه؟ لا أستطيع حمله على رأسي، ولم أعد أحتمل دفنه.
الأمس يحمل الكثير، لكن شيئا واحدا بقي يكبر ويكبر، قلت دفنته، فكيف يحيا من يموت؟ إنه ينمو ويكبر، تغلّب على قلبي وقوي عليه. قتل كل المشاعر الجميلة، كل الأحاسيس ليسيطر هو وحده.
أسمعهم يتحدثون عن الحب، وأكاد أجزم أنني لم (…) -
ورد وعـنـبــر
1 آذار (مارس) 2011, ::::: بهاء بن نوار"لن أنساكِ آلهتي المتوّجة."
"تكذب."
"حتى إن مرّت خمسون عاما. سأنتظركِ."
"تكذب."
"ستجدين كلَّ صباح وردةً حمراءَ على أعتاب بيتك، و..."
"كاذب."
"وبضعَ قطرات من دمعي ودمي، أعتصرها كلَّ ليلة لأجلك."
"كــذاب."
* * *
شروق الشمس، ودقات السّاعة تعلن أيّ عجوز متهدّم صرت. لا أزال رغم كلّ تلك السنوات أستيقظ عند الفجر كلّ يوم، أشذب بعضا ممّا أفسده الزمن من هيئتي، وأرشو المرآة ببسمة مستجدية أو بسمتيْن. أنفض الغبار عن سترتي، وأقطف وردةً حمراء متوهّجةً أو نصف ذابلة من حديقتي.
أستقبل هذا (…)