من بين الخطوط الشفافة، المتعرجة، الطويلة، الصاعدة والهاربة من بين شفتيه، ومن بين الخطوط المتعرجة بشكل أفقي على جبهته السمراء، ونظراته المتأرجحة بين بحيرتين: بحيرة الوله وبحيرة الحيرة. بحيرتان ضاعف صمته المفاجئ وغير العادي من اتساعهما، فبدتا كأنهما عالمان من الدوائر المتشكلة خلف بعضها البعض. دوائر من الحيرة تخفي في تيهها هوّات من الحزن والسكون. من خلال تلك الملامح، كانت وحدها تستطيع قراءة ذهنه المتوقد عادة فكرا عميقا.
الرجل الوقور، المتزن عقلا وشكلا، والذي يغزو بفكره أفكار الآخرين، كان يجلس (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
ما وراء الصمت
1 آذار (مارس) 2017, ::::: فنار عبد الغني -
الأرض الأم
1 آذار (مارس) 2009, ::::: بقادي الحاج أحمدعباءة الليل
أسرع الخطى وهو يسير في الغابة، مالت الشمس تحت أعالي الأشجار، تمددت وكبرت الظلال، لبست الشمس غلالة النضار إيذانا بالمغيب، بدأ غرسها كعين الديك تعلوه صفرة أخت الحمرة يرنو إليه من خلف الأشجار بحنان نساء القرية المودعات الدامعات، بدأت تهب نسائم المساء، الصبي تخنقه العبرات وتنهمر منه الدموع يبكي حاله.
فرد الليل عباءة شاهقة السواد على الغابة، وبقدوم الأصوات والحركة صارت الغابة أكثر وحشة، من بعيد يأتي عواء المرافعين (الضباع) المتقطع: أوو. أوو. أوو. تقترب شيئا فشيئا، أسرع الخطى (…) -
فاتحة النهايات
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: بهاء بن نوارحدّثيني الآن ماذا لديكِ؟ فارقني وجهُك منذ ساعات عشر (دهور عشرة) قابلتِ خلالها دون شكّ وجوها جديدة، وأقنعة قديمة؛ قصصا، وحكايات، وبقايا كلمات.
نمتِ خلال بعض من ساعاتها؟ لا بأس! لكنك حتما قابلت في تلك المنامات بعضا من أشباح الماضي، أو رؤى الآتي؛ بعضا من متاهات الآن.
بالحكي وحده يحيا الإنسان! حدّثيني عمّا لديكِ. وأعيدي إن كنتِ امرأة حقا، أو نثارَ آلهة بعضا من نثار ذلك اللّهب، والرّماد؛ بعضا من نثاري.
قفي حيث أنتِ أو تقدّمي. أغمضي عينيْكِ، أو أشهريهما، وأشرعي نوافذ الحلم، أو غلّقيها؛ (…) -
أحاديث منتصف الشوق
25 كانون الثاني (يناير) 2013, ::::: راضية عشيكآبتي هذه تثير إلهام الكتابة بداخلي، مرت فترة طويلة جدا لم أهجوك وها أنا كالطفلة مجددا ولأول مرة أرفع قلمي لأقتُل روتين ذاكرتي بك.
منبه قديم يوقظ أهلي، صوت التلفاز، القناة الأرضية وبحة عبدو درياسة (*) لا يزال يردد: "صباح الخير يا بلادي". صباح الخير إذن. صباحُ أكوام من الأحلام المبعثرة، وحبل غسيلٍ تنشر فيه أمنيات الطفلة البريئة، مسودات الأيام الخوالي وضوء خافت كلحظة حب مترفة، ستائر الغياب حول نافذتي.
كل شيء ساذج وكل صباح مشابه لما قبله وبعده، لذلك قررت أن أكتب. سأكتبُ دون أن انتظركَ (…) -
لحظة حب
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصصأوشك حفل الزفاف على الانتهاء. أُدخل المصور إلى القاعة ليلتقط الصور التذكارية للعروسين مع افرد العائلتين والأصدقاء. إنها الفترة الوحيدة القصيرة التي يسمح فيها للرجال بالدخول إلى قاعة النساء، ويبدأ الأهل والأقارب والأصدقاء بالصعود إلى المنصة جماعات صغيرة وأخرى كبيرة. أطفال. عجائز. شابات. شيوخ. شباب. فتيات. فتيان. بشر من مختلف الأعمار. أزياء من مختلف الألوان. أجسام من مختلف الأحجام. وجوه تجعدت، وأخرى ملساء كتفاحة التقطت للتو من الشجرة. وجوه ضاحكة. وأخرى لا تبتسم. يصعد كل واحد وفي نفسه خاطر أو (…)
-
السيجارة الأخيرة
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006, ::::: جميل السوالمةمقهى، ليل، نساء، برد، ضجيج، بخار متصاعد من الأفواه يكاد يخطف برودة المكان، مزيج من الناس يجلسون في مقهى في ليلة باردة، ضجيجهم وأحاديثهم كقصة بوليسية متفرعة الخيوط، تلتقي حيناً تتباعد أحياناً، تشوبها مشاعر حزينة مجهولة السبب. حركة صاخبة في ذلك المكان، تكاد تعتقدها للوهلة الأولى مرسومة منظمة لرتابة الأحداث فيها ليلة بعد ليلة، أبطالها هم دائماً سكان ذلك الحي البائس. فرحة ترتسم على الوجوه، ربما لإخفاء ما في نفوسهم من حزن دفين. عيون تسافر عبر البخار والضجيج تحلم بغد أفضل، أو على الأقل غير الذي (…)
-
وحش جميل الجائع
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: نوشين الكيلانيلا شيء في الدنيا يستحق الألم أو حتى الانكسار أكثر من الفقد. فقدنا الكثير الكثير وما زلنا نفقد، وكلما تقدم بنا العمر تلاشت تدريجيا الأشياء ذات القيمة في نفوسنا، في حاضرنا وماضينا، في ذاكرتنا وفي طيات النسيان. نتألم كأطفال فقدوا متعة اللعب ونبكي بحرقة لدرجة الابتسام.
نبدأ مئات البدايات بعد آلاف الآلاف من النهايات وكل مرة نحاول أن نجمع شتات أنفسنا. لكن في الحقيقة لا نجمع سوى ما فقد غيرنا فينا.
وكعادتنا الفطرية البريئة نعتقد أننا نتحكم بما يجري حولنا، وأن لنا حق اتخاذ القرار، ونغفل حقيقة تلك (…) -
في زقاق المخيم
1 آب (أغسطس) 2010, ::::: رامي حسينأسير تائها بين دروب الزمان. أنظر حولي هنا وهناك. لا أرى سوى السراب الذي لف المخيم من كل جانب. دخلت عيادة الطبيب. صعدت الدرج بصعوبة بالغة. دخلت الباب وجلست على أقرب كرسي. رمقتني السكرتيرة بنظرة غريبة كما لو أنني مذنب في شيء. نظرت في المرآة المقابلة لي لأتفحص وجهي وملابسي لأرى إن كان هناك ما يدعو السكرتيرة لأن تنظر إليّ بتلك النظرة. لم أر أي شيء يدعو للريبة، إلا شيئا واحدا، وهو تجاعيد وجهي الكثيرة التي حفرها الزمان في وجهي بكل دقة، حتى أمسى وجهي لوحة فنية تعبر عن الحزن بكل ما تعنيه الكلمة. (…)
-
ق ق ج: حبذا لو ينطقون
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2012, ::::: عبير درويش.
قطرة ماء
الحنفية تُغلق بابها المسائي بعد رحلة شاقة مع التدفق. قطرة الماء الأخيرة تختنق وتختنق. تلتفُّ حولها الدائرة النحاسيّة. تُعاني قلة الهواء. تتعرّق بعد الجنون وتكبر في الداخل. إرهاق وانتظار. فجأة يأتي مغفلٌ في لحظة تطفّل. يتملّقها بجهل. يشد صنبور المياه بقوّة أكثر فأكثر. تسقط القطرة بوجع. تموت بصوتٍ محزن.
رحلة حصى
قذفتها امرأة معتوهة من الوطن. لم تكن الحصى تعلم شيئاً عن الحياة. هي خائفة ومسكينة. لم تعد تجد إخوتها هنا. غرباء. غرباء. الجو بارد وليس من أمكنة للنوم. أرهقتها (…) -
شيء من العذاب
1 آذار (مارس) 2017, ::::: محسن الغالبي"وحدهم الفقراء يستيقظون مبكرين قبل الجميع، حتى لا يسبقهم إلى العذاب أحد"
ربما كان الأمر كذلك كما قال محمد الماغوط، لكنني لست فقيرة، مع ذلك أشاركهم هذا العذاب في كل يوم.
الأمر ببساطة ، أنني طالبة جامعة. أهجر سريري في الخامسة فجرا وقد ألتقيه في الثانية صباحا .نوع من العذاب.
وأحمل معي فطوري لألتهمه في مطعم الجامعة أو على أحد المصاطب فيها ملفوفا بكيس من الورق أو النايلون، لا يهم، باردا على الأغلب، مع قدح من الشاي من أحد الأكشاك المهملة. هناك أتجرعه مجبرة. نوع آخر من العذاب.
أتصدقون أني (…)