الهديل
يذكرني هديل الحمام بقصيدة الفيلسوف ابن سينا وهو يصف النفس وحنين الروح إلى موطنها:
هبطت إليك من المحل الأرفع - - - ورقاء ذات تعزز وتمنع
محجوبة عن كل مقلة ناظر - - - وهي التي سفرت ولم تتبرقع
اعتدت على سماع هديلها، وكلما هممت بفتح نافذتي لألمسها خفقت بجناحيها وطارت مثل ذكرى أيام وادعة، تومض في البال في لحظة سكينة يختلسها المرء في زمن القلق، أو فكرة تحوم كفراشة جميلة ما إن نحاول التقاطها حتى تذهب بعيدا.
نسيت أمر تلك الحمامة البيضاء في غمرة الأعباء اليومية، ولم أعد أسمعها حتى (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
الهديل + لجوء حضاري
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013, ::::: هدى أبو غنيمة -
قـصــاصــة ورق
1 آب (أغسطس) 2007, ::::: محسن الغالبيثلاثون مدينة أو أكثر. عذرا فهذا الصداع الذي ينتابني كل يوم منذ ما يقرب ألف عام أو يزيد يفقدني التركيز على ضرورة البدء بالمرفوع. ثلاثون مدينة أو أكثر، تلك بعض المدن التي جبتها خلال الأيام المنصرمة. الأيام، الأسابيع، أو لعلها الشهور، لكنها من المؤكد ليست بالسنين. أمقت العد بالسنوات فهو يختصر العمر ويختزله في رقم صغير حقير، وأنا ما زلت طفلا في الأربعين وما بي رغبة البتة للنضوج أو للشعور بذلك قط.
كنت أجوب المدن هذه بحثا عن صديق، بل قل رفيق درب قد نحت به الأيام وتقاذفته الأمواج وتقاذفتني، فلم (…) -
رفــض
1 أيار (مايو) 2008, ::::: جعفر أمانعاد للحياة بعد أن اختار بطوعه أن ينزوي عن مجتمعه. وأن يبتر كل علاقة له بالعالم الخارجي. مختزلا عالمه بغرفة مظلمة بعيدة عن الضوء، عدا شعاع بسيط تسلل من الكوة الصغيرة، واصطدم بعمود دقيق بعثره إلى أشعة متناثرة كأصابع اليد.
كان يمارس الشرود الدائم. وكأنه يستجدي أيام طفولته وشبابه أن تعود. رافضا كل محاولة لإخراجه مما هو فيه. مفضلا العزلة على دوامة الحياة. مشيّدا سياجا عاليا يحمي به نفسه، لكيلا تطاله يد ولا تبصره عين.
وكما اختار بطوعه الانزواء، عاد بطوعه بعد سنين نافضاَ عنه الغبار المتراكم على (…) -
الفستان الأحمر ونصوص أخرى
25 نيسان (أبريل) 2012, ::::: إبراهيم يوسفعلى القمَّة
لم يعدْ يكفي الدجاجات ديكٌ واحد.. والديكُ الآخر الذي اشتراهُ صاحبُ المزرعة أثارَ حفيظةَ الديكِ الأول، وحَرَّكَ الغيرةَ في قلبِه، لأنه تَعَوَّدَ الاستئثار وحده بالدجاجات. طارَ صوابُ الديكِ الأصيل من الوافدِ الغريب، وتعاركا على النفوذِ بين الدجاجات في صراعٍ تَخَضَّبَ بالدماء. تَوَقّفَ القتال؛ وأسفرتِ المعركةُ على مرأى من الدجاجات، عن هزيمةِ الدِّيكِ الطًّفيليِّ الغريب، فانزوى ذليلاً مهاناً في زاويةٍ من زوايا الخم.. بينما راحَ الديكُ الأصيل ينفشُ ريشَه، ويمشي "مُزْبَطِراً" (…) -
نوال يوسف - الجزائر
1 نيسان (أبريل) 2007, ::::: نوال يوسفيأسرني منظر السلحفاة البحرية أو السلحفاة الخضراء، تلك التي تكون في البحر ثم تخرج للشاطئ لتضع بيضها، فيأتي وقت ويفقس، فتجد هذا الذي فقس حديثاً يتجه للشاطئ مباشرة، الخالة "سامية" لا تختلف كثيراً عن السلحفاة الخضراء التي تترك هذه الأخيرة صغارها يواجهون الشاطئ حتى قبل أن يعتدل قوامهم بسبب التقوقع في البيضة والأخرى تترك أطفالها يحفظون أسماء الباعة الجوالين قبل أن ينطقوا بـ "ماما" أو "بابا."
تقص لي أمي يومهما الأول الذي حضرت فيه إلى الجزائر العاصمة قادمة من عاصمة الزيبان بسكرة. كانت ليلتها (…) -
ماذا أفعل بذيلي؟
1 كانون الأول (ديسمبر) 2009, ::::: نعيم الغولاطمئن يا قارئي الكريم فأنا آدمي إلا أن لي ذيلا. ذيلي هذا جاء معي كلون عيني من بطن أمي، إنه ذيل وراثي. لم يأت أبدا من دلق المديح لأي كان انتظارا لإحسان. لم ينبت على أرض ذل. وهو لا يهتز لأنّ لا سيد لي.
إنه ذيل طويل ثخين موشى بشعر أشقر وبَرِيّ ناعم، ويحلو لي ثقب بنطالي من الخلف كلما زرت حديقة من حدائق الأطفال المنتشرة في مدينتي. أدير ظهري لأطفالها، وأسمح لهم بلمس ذيلي دون مقابل حين تكون المرة الأولى، ثم بمقابل حين تشتد الرغبة بأحدهم فيرغب بالتمسيد. مع لمسات الأطفال على ذيلي أشعر بالسلام يعم (…) -
كاليغولا
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011, ::::: أحمد العبيديكانت المدرجات تموج بالهتاف العاصف لهذا الفوز الساحق لدرجة مفرطة في الأهمية. الصراخ يصدر من جميع الاتجاهات. يدور حولها. تتفاعل معه أحيانا وتضمحل أحيانا أخرى. الأيادي ترتفع ملوحةً كموج البحر فتسد عليها حاجب الرؤيا، حتى تضطر للوقوف على أصابع قدميها لتتبين ملامحه وسط العواصف التي تقطع عليها أنفاسها تارة، كما تقطع عليها أحلامها وتأملاتها تارةً أخرى. اخترقت الجمع بكامل رونقها كشعاع شمس في ماءٍ بارد، ودارت بعيداً حيث يخيِّم السكون على المكان، وزرقة الصوت قد غدت اشدّ قتاماً، بينما النظرات كانت مسمرة (…)
-
قصتان: اسم + القفل
26 تشرين الأول (أكتوبر) 2011, ::::: موسى أبو رياشاسـم
اقتحم عليه وحدته وتشرده وكهفه. سأله:
"من أنت؟"
"عندما أعرف سأخبرك."
"من أين أنت؟"
"من بلاد الله الواسعة."
"ما اسمك؟"
"ما جدوى الأسماء إذا كان الآخرون لا ينادوننا بها؟"
"لم أفهم!"
"أنت أول من يسألني عن اسمي منذ أكثر من خمس سنوات."
"معقول؟ وكيف ينادونك إذاً؟"
"يا رجل، يا عمي، يا هو، يا شحاد، يا حجي، يا ختيار، يا رجال، يا زفت، يا مسخمط، يا حضرة، يا معود، ..."
"لأنهم ربما لا يعرفون اسمك."
"ليس بالضرورة أن تُنادى بالاسم، فالاسم اكسسوار فقط يوضع للتمايز بين الناس (…) -
صرخة غريقة
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: عصام عقرباويكانت فتاة في أواسط العشرينات من ربيع عمرها. ذكية ومثقفة وعلى قدر عال من الجمال وخفه الظل تشبه الأجنبيات كثيرا حتى أنه من الصعب أن تميزها إن كانت عربيه أم لا، شعرها أشقر طويل. جسدها أبيض البشرة ممشوق بعناية. كانت كل مواصفاتها أقرب إلى مواصفات الفتيات الأجنبيات الشقراوات منها إلى الفتيات العربيات. أدمنت كما قالت جميع أنواع المخدرات وأكدت أنها من المهاجرات الجدد القادمات من إحدى الدول العربية.
حاولت كثير معها لتحكي لي قصتها ولكنها رفضت. "هل لديك أطفال؟" كان السؤال البسيط الذي جاء صدفة وسألته (…) -
ســـــعــادة
1 آب (أغسطس) 2007, ::::: آمال سلامةإشراقة شمس هذا الصباح تشعرني بالسعادة والحيوية والجمال. اليوم سأكون سعيدة. لن أغضب. لن أتوتر. لن أحزن. اليوم يوم الفرح، يوم الحب والتفاؤل والأمل.
هذه الكلمات جعلتها تغادر سريرها مسرعة بنشاط افتقدته منذ زمن. أرأيتِ؟ لستِ مريضة، فها أنت بمجرد مخاطبة نفسك بكلمات بسيطة تنهضين دون تعب أو صعوبة.
"الدنيا حلوة ونزعل ليه ..."
كلمات الأغنية كأنها تخاطبها، وتزيد من إرادتها في خلق الفرح.
سمعت سؤال ابنها: "ماما لماذا أنت سعيدة؟"
فكّرت لحظة، وسألتها سؤالا آخر: "كيف عرفت أني سعيدة؟"
"لأنك لا (…)