تفتحت ورود صباها في كنف أمها وخالتها، كونها يتيمة الأب، لذا كانتا دوما تبالغان في حمايتها ويمنعانها من ابسط حقوق من هن في مثل سنها.
لم تنس توبيخ والدتها لها حين حاولت اختزال شعرة من حاجبيها، أو تأنيب خالتها لأنها أرادت أن تلون شفتيها ذات مرة بلون الدرّاق.
ولأنها طالما قرأت الأسى في عيونهما بسبب الرجال، أسقطت الحب والزواج من حساباتها.
آخر عهدها بارتداء فستان عندما كانت طفلة. غالبا ما كانت تتسلحّ حين مغادرتها المنزل بملابس اقرب للصبية منها للصبايا: سروال الجينز وتي شيرت، وتحصّن نفسها (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
ذات العقال
25 أيلول (سبتمبر) 2013, ::::: هدى الكناني -
رحلة الشوق: الليلة الثانية بعد الألف
1 نيسان (أبريل) 2011, ::::: ظلال عدنانفي الليلة الثانية بعد الألف قررت شهرزاد أن تحزم متاعها، وخرجتْ باحثة عنه، تاركة لشهريار، ذاك السلطان، رسالة جاء فيها:
سيدي السلطان، يا مالك البلاد ورقاب العباد على عرش من ذهب وقصور من دماء وأشلاء وبقايا كرامة. وبعد ألف ليلة وليلة ثم ليلة اقتطعتها من ربيع عمري أغادرك؛ لأبحث عنه، فقد تملّك روحي ووجداني. لست خائنة، لكن الخيانة -كل الخيانة- في بقائي معك. سأبحث عن ذاك الرجل الذي طالما تمنيت وحلمت ورأيت.
سأجوب كل بلاد العرْب، وسألملمه من كل بقاعها، سأجده بين ذرّات ترابها، وفوق شجيراتها (…) -
أيام القصر الأخيرة
1 أيلول (سبتمبر) 2018, ::::: فراس ميهوبيتربّع المصيف الجميل، مقصد الأثرياء، على قمّة جبل عال، يبعد أكثر من مئة كيلومتر عن العاصمة، الهدوء حذر ملفت، أمانه استثنائيّ، ومُعدّل الجريمة فيه يقارب الصّفر.
قاد سيارته الصّغيرة، عبر الجسر الضّيّق فوق النّهر متلاطم المياه، صعد الدُّروب شديدة الالتواء، ومع تبدُّد السّحاب بخيوط الصّباح، رأى شاخصة معدنيّة صدئة، قرأ بصعوبة عليها: بلدة القصر.
انتقل النّقيب رافع إلى مخفر القصر، بعد سنوات من الخدمة المضنية في العاصمة.
سبقت سمعة ضابط التّحقيق قدومه إلى القصر، رغم صغر سنّه، وهو لم يبلغ (…) -
فتاة لها نكهة مدينة
25 أيار (مايو) 2013, ::::: مهند فودهلم تكُن مجرد غنوة اقتحمتني ذات ليلــة. كانت تعويذة سحر أصابتني. وربما كانت إحدى إمارات القدر التي أرشدتني لقدري من الحب الذي تجسد لي في الصباح التالي.
في صباح تمرح فيه الشمس قابلتها، صبية سمراء، خصلات شعرها تتدلى على جبينها كسلاسل حريرية سوداء.
تتزين بورود الياسمين كما تتزين طرقات مدينتي في الأعياد لاستقبال مُريديها.
تتبرقش بالخُضرة وشاحاً يلتف دون إحكام حول أكتفاها. وترتدي الأبيض شراعاً يتأرجح على صفحات تنورتها النيلية وخاتم إصبعها الفيروزي.
كل ما ترتديه من زينة هو عبق من تراثنا (…) -
خــيــبـــة
1 آذار (مارس) 2009, ::::: إبراهيم يوسفهبّت الرّيح، وقع القفص، انفتح الباب، طار الكنار. تعقّبه الأولاد في كلّ مكان، تعقّبوه في طول البرّية وعرضها. منذ أن انتصف النّهار، حتّى أقبل الليل. لكنّه عصفور وطار. عادوا بعدما تعبوا، أو بعدما يئسوا وخافوا وقد حلّ الظلام.
وحده الطفل صاحب العصفور عاد بالخيبة الكبرى، راوده أمل جديد، حكّ رأسه، فكّر قليلا، وأعاد القفص إلى حيث كان، ثمّ فتح الباب. من يدري؟ لعلّ وعسى أن يعود إليه الطّائر، أو أن يدخل الجنّة إبليس.
لطالما حدّثته جدّته لأبيه، عن زمن العجائب والأولياء الصالحين، وعن السّيدة زينب. (…) -
نصان: صراع + أوهام
26 حزيران (يونيو) 2014, ::::: وسام هلالصــراع
انتقلت في الصيف الماضي مجبرة إلى بيت عمتي بالمدينة لأكون قريبة من الجامعة. البيت تسكنه أشباح من هدوء، تمتلك مهنة صنع الملل بجداره، ليس فيه أحد من عمري لأتقرب إليه، وأؤنس وحدتي به.
عمتي أرمله لديها ولد يصغرني بثلاث سنوات، لاحظت منذ بداية إقامتي تعلقه الشديد بها، وانه نسخه مطابقة من كل تصرفاتها وحركتها. لا يشبه من هم في سنه من الصبيان الممتلكين لطاقه اللعب والحراك الدائم، حتى أنني ظننت أن الأشباح التي منحت لي الملل هي أيضا من وضعت الهدوء والسكينة بداخله. بمرور الأيام وجدته قد تأثر (…) -
سـطــوة غــادرة
1 كانون الثاني (يناير) 2008, ::::: ضياء البرغوثيراودني إحساس غريب في ذلك المساء، لم أكن أعرف سببه . كانت سيارتنا تصطف كالعادة على مسرب الحاجز الذي يقيمه جنود الاحتلال الإسرائيلي. كنا ننتظر دورنا كي يدقق الجندي في هوياتنا، في سعي حثيث لإعدام كرامتنا على مسارب عنجهيتهم.
انفتح باب السيارة كأنما يهرب من وجه هذا القبيح. طلب من ثلاثة ركاب يجلسون في المقعد الخلفي هوياتهم، فأخذها وولى فرحا بغنيمته، ولكنه سرعان ما عاد بالهويات، ناظرا إليّ بسخرية الضعيف المغرور بسطوة قوته المصطنعة. طلب مني هويتي وابتعد قليلا، ثم ما لبث أن عاد وبيده هويتي التي (…) -
كاليغولا
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011, ::::: أحمد العبيديكانت المدرجات تموج بالهتاف العاصف لهذا الفوز الساحق لدرجة مفرطة في الأهمية. الصراخ يصدر من جميع الاتجاهات. يدور حولها. تتفاعل معه أحيانا وتضمحل أحيانا أخرى. الأيادي ترتفع ملوحةً كموج البحر فتسد عليها حاجب الرؤيا، حتى تضطر للوقوف على أصابع قدميها لتتبين ملامحه وسط العواصف التي تقطع عليها أنفاسها تارة، كما تقطع عليها أحلامها وتأملاتها تارةً أخرى. اخترقت الجمع بكامل رونقها كشعاع شمس في ماءٍ بارد، ودارت بعيداً حيث يخيِّم السكون على المكان، وزرقة الصوت قد غدت اشدّ قتاماً، بينما النظرات كانت مسمرة (…)
-
نصان: تواصل وكم أغبط الشمس!
25 أيلول (سبتمبر) 2013, ::::: هدى أبو غنيمةبدا عيد ميلاد الصغير احتفالا إنسانيا اجتمع فيه أطفال من جنسيات مختلفة، جمعت بينهم مقاعد الدراسة.
أقبل الأطفال حاملين هداياهم متألقين بثيابهم الزاهية، وانشغلت الأم والجدة بالترحيب بالصغار ومتابعتهم وهم يتراكضون في الحديقة. وحينما حان وقت الاحتفال أقبل الصغير لاهثا، وعيناه معلقتان بالباب قال: "لم تأت باولينا بعد. لا أريد إطفاء الشمعات الآن". بعد دقائق أقبلت باولينا ترافقها جدتها. وبعد إطفاء الشمعات وتوزيع الحلوى انصرف الصغار إلى اللعب، وجلست الجدتان في ركن من الحديقة للتحدث والمجاملة. لم (…) -
نحن والحزن
25 كانون الثاني (يناير) 2014, ::::: محمد التميمينحن كتلة واحدة ولدنا سويا ونعيش ملتصقين كتوأم سيامي، لا نحن نستطيع الانفصال عن الحزن ولا هو يقبل أن يبعد عنا. نبرع بسرد الحزن، ونتقن سرد حكاياته ورواياته. نبرع في تعظيم الفرح الواهم لنختمه بطامّة كبرى.
وحكاياتنا على عكس كل الحكايات الأخرى تبدأ بالفرح وتنتهي بالترح، لتبقي طعم المرارة ملتصقا بالفم والحسرة ساكنة في القلب حتى حكاية أخرى، تذيقنا حلاوة في البداية ننسى معها مرارة الحكايا السابقة، وتنفرج بها أسارير القلب لتعود مرة أخرى وتقصم ظهورنا بحزن أشدّ ومرارة أقوى، تجتمع فيها مرارةَ ما سبق (…)