هبّت الرّيح، وقع القفص، انفتح الباب، طار الكنار. تعقّبه الأولاد في كلّ مكان، تعقّبوه في طول البرّية وعرضها. منذ أن انتصف النّهار، حتّى أقبل الليل. لكنّه عصفور وطار. عادوا بعدما تعبوا، أو بعدما يئسوا وخافوا وقد حلّ الظلام.
وحده الطفل صاحب العصفور عاد بالخيبة الكبرى، راوده أمل جديد، حكّ رأسه، فكّر قليلا، وأعاد القفص إلى حيث كان، ثمّ فتح الباب. من يدري؟ لعلّ وعسى أن يعود إليه الطّائر، أو أن يدخل الجنّة إبليس.
لطالما حدّثته جدّته لأبيه، عن زمن العجائب والأولياء الصالحين، وعن السّيدة زينب. (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
خــيــبـــة
1 آذار (مارس) 2009, ::::: إبراهيم يوسف -
سـطــوة غــادرة
1 كانون الثاني (يناير) 2008, ::::: ضياء البرغوثيراودني إحساس غريب في ذلك المساء، لم أكن أعرف سببه . كانت سيارتنا تصطف كالعادة على مسرب الحاجز الذي يقيمه جنود الاحتلال الإسرائيلي. كنا ننتظر دورنا كي يدقق الجندي في هوياتنا، في سعي حثيث لإعدام كرامتنا على مسارب عنجهيتهم.
انفتح باب السيارة كأنما يهرب من وجه هذا القبيح. طلب من ثلاثة ركاب يجلسون في المقعد الخلفي هوياتهم، فأخذها وولى فرحا بغنيمته، ولكنه سرعان ما عاد بالهويات، ناظرا إليّ بسخرية الضعيف المغرور بسطوة قوته المصطنعة. طلب مني هويتي وابتعد قليلا، ثم ما لبث أن عاد وبيده هويتي التي (…) -
الثقب الأسود
25 آذار (مارس) 2013, ::::: مهند النابلسي"أفضل وسيلة لتحقيق أحلامك هي أن تستيقظ" (الشاعر الفرنسي بول فاليري)
فكر في "فتاة الحاسوب". كان فيها شيئا من الجاذبية الساحقة كالثقب الأسود. أشعرته برغبة في أن يحيا في مجالها. أحس وكأنها تسربت خلسة إلى مشاعر ، فأنهكته وجعلته يبحث عن مكان سري في أعماقه يختلي فيه، ليبحث عن وجوده الحقيقي، فقد شعر أنه في وضع زائف. أوقعته تلك الحسناء في حالة فريدة من " فقدان الجاذبية"، فأصبح كرواد الفضاء داخل سجن مركبتهم، يتطايرون هنا وهناك، وأصابه الرعب من فكرة أن تتدلى حياته إلى لا حياة على الإطلاق تقريبا. (…) -
ســر وثـعــالــب
1 نيسان (أبريل) 2010, ::::: بشير عمري=1=
فاجأني بعدما كشفت له لأول مرة عن موطني بأغرب سؤال سمعته وأنا أودعه مع أول صيحة لديك الجيران:
"ما رأيك في بلد بلا ثعالب؟"
"بلد بلا ثعالب، بلد بلا نفط."
أصعب ما في الإنسان غموضه، وأصعب منه تعابير لحم وجه الراقصة، إذ ولم أهتد لفهم سبب ابتسامة الرجل لما أجبته، أسخرية من إجابتي التي لم تكن طبعا أقل غرابة من سؤاله؟ أم من لون بشرتي؟ فهو يراني إذ أحدثه عبر شاشة الكمبيوتر فالأكيد ليس من الطاقية البيضاء التي أضعها على رأسي، ثم قال لي:
"إنها ثروة لكن نسر المحيط الأطلسي الذهبي خطر عليها (…) -
مهمة صحفية
1 حزيران (يونيو) 2020, ::::: نازك ضمرةطال الحديث عن عدم نظافة الشواطئ، وأثر ذلك على الأسماك التي يتغذى بها الإنسان، وعن عدم تنظيم الصيد. وكأننا نسينا ما نحن ذاهبون له. قال السائق: = "ما زلت أشعر بالحر برغم برودة مكيف السيارة، فهلا برَد جسم كل منكم وروحه؟"
تتردد أصداء الموسيقى مضخمة الصوت، انتقلت أصابع السائق تعبث بمنظم الصوت تقوية وتفخيما، ترقيقا وموازنة، تبدو الراحة النفسية على الصحفية، فتسارع بفتح علبة شرابها، وتلصق فتحتها بشفتيها في شغف، أما رفيقتنا الأخرى ما زالت أناملها تداعب العلبة، تتحسس برودتها، تقلبها ثم تلف سبابتها (…) -
جلنار والقمر
21 آذار (مارس) 2016, ::::: إيناس ثابتأحدثك من جنان الخلد أيها القمر المنير في جنبات الكون حديث المحب للحبيب، مجددة عهدا قديما بيننا وودا خالصا في نفسي لم يبرح مكانه.
في طلعتك البهية أيها القمر المضيء في صفحة السماء المظلمة ما يشبه سنا طلعته البهية في مرآة حياتي ومتاهة الروح، يشع نورك على القمم الراسيات؛ فوق جداول الماء وسطح الأرض؛ في السهول والوديان؛ ونور وجه الحبيب يشع فوق ورد الخدين وفي حنايا الضلوع؛ وأنت خير شاهد على ما أقول، فلا أدري أيها القمر أنورك أم نوره أضاء العتمة في قلبي؟
وأنت أيها القمر أنيس المحبين كل زمان (…) -
عــود الـبـخــور
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: هدى الدهانخطوة، ونظرة لا مبالاة تلف بها المكان. آه رائع! منضدتها المعتادة كما هي لم يشغلها أحد. كانت ستحزن لو شغلها أحد اليوم بالذات، فلا يمكن لأحد آخر أن يحتل ما تحب على الأقل في يوم تحتفل فيه بذكرى ميلادها، أو لنقل عام مضى وربما عام سيأتي: أحلى، أكثر حزناً، أقل حميمية. لا يهم. مضى عام. هل هي وحدها التي تفرح كلما مضى عام من عمرها؟ ولكنها تحس أنها تودع حزنا وتفك ضمادا عن جرح، وأن العام القادم سيكون أحلى.
هذه أول مرة تحتفل في هذا المكان الذي أحبته واعتادته في الأشهر القليلة الماضية، وأحست إنها كلما (…) -
السطح والقرار
1 أيلول (سبتمبر) 2020, ::::: أحمد الوارثاعتاد كل مساء، بعد صلاة المغرب، أن ينضم إلى الجالسين عند باب الجامع، بينما الفقيه وطلبته يتلون الحزب الراتب، وأحيانا يلتحق بباب الدكان الوحيد في قلب الحومة، حيث يقتعد صندوقا خشبيا، ويجلس متفرجا على لاعبي الورق، لتزجية الوقت، انتظارا لأذان العشاء.
بعد الصلاة، يملأ، بّا بوشتى؛ هكذا كانوا ينادونه، سطْلين من ماء العين، ثم يلتحق بالبيت، وقد يعرج على صديق له اسمه أحمد، فيدخنان قليلا من القنب الهندي قبل أن يغادر. رجل تجاوز عمره العقد السادس بقليل، لكنه ما زال منتصب القامة في مشيه، لا ولد له ولا (…) -
حاجة
25 أيار (مايو) 2015, ::::: زكي شيرخانفي هذا المكان الذي لم يحبه، ولم يحب أهله، ولكنه مجبر، ومنذ فترة على ارتياده، كل يوم تقريبا.
صغيران، أمامه، يغطان في نوم، لا يحس تجاههما بمودة بالرغم من رابطة دم تربطه بهما. ثالثهما يجلس مستيقظا بقربه والابتسامة على شفتيه ترتسم ببلاهة لا يعرف لها معنى.
الأغنية التي يلفظها جهاز التلفزيون على يمينه، وعفونة السجادة المفروشة على أرض هذا المكان التي تخترق أنفه، تزيدان من توتره.
المكان أقرب ما يكون إلى غرفة في دار من دور الأحياء الشعبية في هذه المدينة المترامية الأطراف. لا ينم المكان، بأي شكل (…) -
ثـرثـرة
25 نيسان (أبريل) 2012, ::::: غانية الوناسوجَدتُني مَساءً أَجْلس في غُرْفتي المعتمة تلك، مقابل تلكَ المِرآة التي لا تكُفُ ترقُبني كلّ لَيْـلَة، لعلّها تَفهمُ مَا يجُولُ برأْسِي، أنَا الّتي لمْ أعَوّدِهَا على وجهِي كَثيرًا حتّى لاَ تحفظَ تقلُبَاتي، فالمرَايَا تفضحُ كلّ شيْء، حين تنظرُ إليهَا بصدقْ، ولا يمكنُ بأي حالٍ من الأحوالْ إقنَاعهَا بعكسِ ما ترى.
قرأتُ مرّة، أو رُبما خُيِّل إليّ أني قرأتُ، أن المرايَا لاَ تكذبُ مطلقًا، لذلك يصعبُ عليكَ خدَاعُها، أو الكذب عليهَا، ولذلكَ كنْتُ أتجَنبَّها قدْرَ المُستَطاع، فقد كنت بيني وبين نفسي (…)