. مقدّمة
ما أروع أن تجد أبا يحثّك بكلمات بسيطة وجمل مختصرة على حفظ ولو بعض من القرآن الكريم، وبيت أو اثنين من الشّعر الفصيح، وكذا مطالعة الكتب راقيها ودانيها! وتزداد تلك الرّوعة رونقا عندما تجد أمّا تصرّ عليك أن تدون أيامك على صفحات بيضاء تنتظر أن تدبّ فيها الحياة. تصرّ، فتكاد تجبرك أن تكتب أيّامك كلمات تعزف حروفها حسن التنسيق بين الجمل، وكأنّ الجمل صارت تصنع الكلمات.
آه لو كان ذاك الشّعور يسمعني لرجوته أن يمتدّ سرمدا ويتخطّى كلّ حاجز يقف له متصديا دون أن يصاب بمكروه. لذيذ هو ذاك الشعور (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
على ضفة الحلم
1 أيلول (سبتمبر) 2009, ::::: صفاء صيد -
وأضاعهـا النسيان
24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013, ::::: مهند فودهعزيزي: اشتقت إليك كثيراً رغم أنك معي كل يوم، ولكن بماذا يفيد جوارك لي وأنا لا أعي وجودك بجانبي يا حب العمر؟
اعذرني فليس بيدي ما حل بي ولا بيديك، واغفر لي إن لم أستطع أن أستكمل ما كنا نصبو إليه، فلقد زادت تعاستك بزواجنا ولم تجن معي ما كنا ننشده من هذا الحب. وهبت لي كل جميل، ومنحتك أشد أنواع الألم، وتحملتَ راضيا بلا شكوى أو ملل. أغدقت عليَّ بحنانك واحتويتني، فأبادر بسؤالك "من أنت؟ وأين أنا؟"
أدرك جيدا الآن كم تتعذب، كم هو موجع حينما لا يهتدي إليك حبيبك وهو بين يديك! كم كاد أن يفتك بك الهلع (…) -
لقاء دبره القدر
25 كانون الثاني (يناير) 2014, ::::: مهند فودههـو
يحاول جاهدا أن يدفن رأسه بين ملفات عمله، ولا يرفعها إلا عندما ينتهي دوامه. فعلى عكس زملاء عمله في الغربة يكتئب كثيرا حينما يحين موعد ذهابه للبيت، فالطعام هناك بارد، ومخدعه ليس دافئا، وجدران غرفته دوما صامتة، حاول محادثتها كثيرا واستنطاقها بتعليمها أبجديات اللغة وحروفها، ولكنها أبت أن تتكلم، اكتفت بسماعه، وحتى هذا صار يشك في حدوثه.
كلما عاد للوطن وارتمى في حضن أمه، وجدها قد ادخرت له نصيبه من الحنان كما منحت إخوته في غيابه، وأعدت له قائمه كبيرة من الطعام الذي يحبه، وقائمة أطول من (…) -
مهمة صحفية
1 حزيران (يونيو) 2020, ::::: نازك ضمرةطال الحديث عن عدم نظافة الشواطئ، وأثر ذلك على الأسماك التي يتغذى بها الإنسان، وعن عدم تنظيم الصيد. وكأننا نسينا ما نحن ذاهبون له. قال السائق: = "ما زلت أشعر بالحر برغم برودة مكيف السيارة، فهلا برَد جسم كل منكم وروحه؟"
تتردد أصداء الموسيقى مضخمة الصوت، انتقلت أصابع السائق تعبث بمنظم الصوت تقوية وتفخيما، ترقيقا وموازنة، تبدو الراحة النفسية على الصحفية، فتسارع بفتح علبة شرابها، وتلصق فتحتها بشفتيها في شغف، أما رفيقتنا الأخرى ما زالت أناملها تداعب العلبة، تتحسس برودتها، تقلبها ثم تلف سبابتها (…) -
فلسفة وجنون
24 شباط (فبراير) 2016, ::::: طه بونينيرحت أتأرجح بتفكيري بينما أجوس خلال الشوارع متجوّلا:
"لماذا لا يكون المفكّرون أمثالي إلّا معتوهين ومرضى؟ أليس في الدنيا مجالٌ لمن يستثمرون في الفكر، كالمجال الواسع الذي يجده من يستثمر في تجارة أو في مقهى أو حتى في بيع "الفول السوداني". لم أجد لزورقي الشراعي المُخاطر مرفأً، فاتّخذتُ عُبابَ البحر الهائج مرفئي. ربمّا لأنّ اليابسة هي خطري المحدق. تلك اليابسة التي ييبَس فيها خيالي، ويتحجّر فيها عقلي، ويتبع فيها ذهني أنماطا هي كالقوالب. إنّ هذا المرفأ لَأخطرُ من لجج البحر.
لماذا أنشد كل هذا (…) -
عــود الـبـخــور
1 أيلول (سبتمبر) 2007, ::::: هدى الدهانخطوة، ونظرة لا مبالاة تلف بها المكان. آه رائع! منضدتها المعتادة كما هي لم يشغلها أحد. كانت ستحزن لو شغلها أحد اليوم بالذات، فلا يمكن لأحد آخر أن يحتل ما تحب على الأقل في يوم تحتفل فيه بذكرى ميلادها، أو لنقل عام مضى وربما عام سيأتي: أحلى، أكثر حزناً، أقل حميمية. لا يهم. مضى عام. هل هي وحدها التي تفرح كلما مضى عام من عمرها؟ ولكنها تحس أنها تودع حزنا وتفك ضمادا عن جرح، وأن العام القادم سيكون أحلى.
هذه أول مرة تحتفل في هذا المكان الذي أحبته واعتادته في الأشهر القليلة الماضية، وأحست إنها كلما (…) -
أقراص الفيسبوك
25 شباط (فبراير) 2012, ::::: زوليخا الأخضريهل أنا مدمنة؟ سؤال محيّر. فيسبوك وأرق. لم أكن أبدا أتجاوز العاشرة ليلا، أجلس بترف جميل في فراشي وأستمتع برواية أو شعر أو أضمومة قصصية. ثم بعد أن أشبع جوعي من متعتها، أغلق الكتاب، أطفئ النور وبمجرد ما أغمض عيني أذهب في سبات لذيذ.
لاحظوا أن كل حركاتي طبيعية، هادئة بل انسيابية. أتحرك بخفة، ذهني متوقد لكن في نفس الوقت في سلام مع نفسه ومع الكون وأنا في سلام مع سريري، اسلمه جسدي بكل اطمئنان، أنتشي في دفئه الحنون وأشم عطر الخزامى في الملاءات والمخدة. أجرّب حظّي مع طقس موت يومي مؤقت. إن عانقني (…) -
نصان: صراع + أوهام
26 حزيران (يونيو) 2014, ::::: وسام هلالصــراع
انتقلت في الصيف الماضي مجبرة إلى بيت عمتي بالمدينة لأكون قريبة من الجامعة. البيت تسكنه أشباح من هدوء، تمتلك مهنة صنع الملل بجداره، ليس فيه أحد من عمري لأتقرب إليه، وأؤنس وحدتي به.
عمتي أرمله لديها ولد يصغرني بثلاث سنوات، لاحظت منذ بداية إقامتي تعلقه الشديد بها، وانه نسخه مطابقة من كل تصرفاتها وحركتها. لا يشبه من هم في سنه من الصبيان الممتلكين لطاقه اللعب والحراك الدائم، حتى أنني ظننت أن الأشباح التي منحت لي الملل هي أيضا من وضعت الهدوء والسكينة بداخله. بمرور الأيام وجدته قد تأثر (…) -
ثـرثـرة
25 نيسان (أبريل) 2012, ::::: غانية الوناسوجَدتُني مَساءً أَجْلس في غُرْفتي المعتمة تلك، مقابل تلكَ المِرآة التي لا تكُفُ ترقُبني كلّ لَيْـلَة، لعلّها تَفهمُ مَا يجُولُ برأْسِي، أنَا الّتي لمْ أعَوّدِهَا على وجهِي كَثيرًا حتّى لاَ تحفظَ تقلُبَاتي، فالمرَايَا تفضحُ كلّ شيْء، حين تنظرُ إليهَا بصدقْ، ولا يمكنُ بأي حالٍ من الأحوالْ إقنَاعهَا بعكسِ ما ترى.
قرأتُ مرّة، أو رُبما خُيِّل إليّ أني قرأتُ، أن المرايَا لاَ تكذبُ مطلقًا، لذلك يصعبُ عليكَ خدَاعُها، أو الكذب عليهَا، ولذلكَ كنْتُ أتجَنبَّها قدْرَ المُستَطاع، فقد كنت بيني وبين نفسي (…) -
هوى سادس وفتان
1 آذار (مارس) 2008, ::::: بسام الطعانالعالم كله من حولي مبتهج بالربيع الذي يأتي بنسائمه ووروده، ويمنح راحة النفس والبال لكل خلق الله، وأنا وحدي شارد وحزين، ونفسي حقيبة مكتظة بالكآبة والحسرات.
في يوم من أيامي الحيارى، هربت من مارد الشقاء، ومن قسوة أهلي عليَّ، درت في الجهات من غير بوصلة أو دليل إلى أن جاء الأصيل، وكان التعب وقتئذ قد هزمني وأحالني إلى كومة من لحم.
جلست على ضفة نهر حزين مثلي، يتدفق بعسر ومحتقن بنفايات الصرف الصحي، ضمدت جراحات عمري، ومع لفافة أشعلت فتائل أحلامي، نفثت الدخان فانتشرت من حولي دوائر زرقاء، وفجأة (…)