"أهلا"، انطلقت من شفتيها المتشققة الجافة من شدّة العطش، بصوت واهن ضعيف، تصحبها ابتسامة شقّت طريقها وارتسمت على وجهها متحدّية الألم والجفاف، لكنها لم تستطع إخفاء نظرة الخوف والرّعب الّتي ملأت عينيها. آه يا تلك النّظرة، طاردتني أيّاما، أغالب الدّمع وأحاول الصّمود، أمام فتاة ممدّة عاجزة قد تكون رأت فيّ أملا ما.
عدتُ إلى غرفتي وانفجرت صرخة مكتومة داخلي: "لماذا يا الله؟ لمَ خُلقت هذه الفتاة؟ لتتألم فقط؟"
سارعت إلى الاستغفار، وجدّدت إيماني وقلت في نفسي: "لك حكمة في هذا يا الله لا أعرفها". (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
ديمة
1 أيلول (سبتمبر) 2017, ::::: آمال سلامة -
سر مؤجل + عوده متأخرة
25 آذار (مارس) 2014, ::::: نورة صلاحعوده متأخرة
أقتل الملل بقراءة رسائل قديمة خطتها أناملي في لحظة فرح بك، أسرق أحاديثي معك قبل أن يأكلها النسيان، أو يصل العطب إلى ملفها في حاسوبي فلا أعود قادرة على قراءتها، أحتفظ بنسخ احتياطية منها أهمها نسخة في خزائن الروح.
عاد الشتاء بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر، ليلتها عدت لتطمئن على زهرة ذبلت، سألتني عن صحتي، عملي، مأكلي ومشربي وإلى ما آل إليه وزني، وما بين كل سؤال وإجابة يسود الصمت، عدت تسأل عن جرحي هل ما زال ينزف، وهل ما زلت أحبك، ونلوذ في صمت من جديد.
في ليلة ماطرة جاءني هاتفك بعد (…) -
طفلة من المستقبل
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2015, ::::: زهرة يبرمالقصة متخيلة.
زمانها: على مسافة سنين من الفوضى الناجمة عن الحروب في البلاد العربية.
مكانها: بلاد اللجوء على الضفة الأخرى من البحر.
بطلتها: طفلة من جيل ولد في منعطف الضياع.
هبط ليلٌ آخر على الدنيا، الهواء بارد حد التجمد وجاكلين لا تزال تتسكع في شوارع إحدى المدن الكبرى لا تعلم أين ستبيت ليلتها. جسدها خدر من البرد، وعضلاتها النحيلة ومفاصلها تؤلمها. لم تأكل شيئا منذ الصباح حتى صارت أمعاؤها تصدر أصواتا كنقيق الضفادع. كل نفس من أنفاسها يتكثف أمام عينيها ويتحول إلى ضباب.
مضت أيام عديدة (…) -
إمرأة بلا دموع
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: فنار عبد الغنيالفضاء البعيد، المضيء بنجوم مبعثرة، الرائع بسكونه الصيفي، لم يزد صدرها إلا خفقانا. ودقات ساعة ضخمة، قديمة الطراز تتوسط الصالة الكبيرة في البيت جذبت أعصابها المشدوهة بقوة: "إنها الثانية صباحا. لا بد أنه قد وصل الآن."
تنهدت ببطء شديد وهي تتكئ على الجدار قبل أن يجرها العطش إلى الثلاجة. شربت وشربت وشربت ولم تشعر بأي برودة في جوفها. تابعت صب الماء فوق رأسها ووجهها وعنقها ويديها، لكن دون جدوى. لا زالت تشعر بالظمأ وبدبيب حمى مشتعلة في كل عروقها.
عادت إلى الرواق الطويل تدور فيه شرقا وغربا، تسرع (…) -
الأفريقي الأبيض
1 حزيران (يونيو) 2007, ::::: بقادي الحاج أحمدالصيف في مدينة جدة، مدينة البحر والأسواق، شديد الحرارة والرطوبة. البحر يعطيها الرطوبة العالية فيزيد وقع الحرارة التي تجود بها شمس الصيف. والأسواق تعطيها الزحام. والمصانع تنفث في هذا الجو أبخرتها ودخانها، فيصبح الصيف فيها طاردا للميسورين، ولا يمكث فيها ألا المجبورون راكبو الصعاب.
المدينة الصناعية، كشأن المدن المخططة تخطيطا جيدا، يتوه المرء ليس في الوصول إليها وحسب، ولكن داخلها أيضا. عند دخول المدينة ومراحلها الخمس، تجد اللافتات تعلن عن الأسماء، وكذلك تقف هناك عند الشوارع الرئيسية تحمل (…) -
هـمـوم الـورد
23 نيسان (أبريل) 2016, ::::: هدى أبو غنيمةما إن وصل مدعوو الهيئات الديبلوماسية وممثلو المنظمات الدولية إلى حفل الاستقبال المقام تحت عنوان (شركاء في الإنسانية) حتى اتصل الحوار بين الحضور، الذين تجمعوا في حلقات لا يفصل بينها سوى أحواض زهور البتونيا في حديقة المكان البديعة التنسيق.
كنت أرافق زوجي إبان مهمته الدبلوماسية في سفارتنا في الخارج، وكان الحوار الدائر في الحلقة التي انضممنا إليها حول مشكلات عصر العولمة والأمن الاقتصادي والثقافي بعد أن أصبح العالم قرية واحدة، لكنها قرية قلقة مروعة تعصف بأمانها رياح الجشع الرأسمالي والعنف (…) -
إيناس
1 حزيران (يونيو) 2018, ::::: فنار عبد الغنيكل شيء بدا في ظاهره غريبا. دأبها المفاجئ على زيارتي بشكل غير متوقع، حضورها الغامض في أوقات أكثر غموضا، هيئتها المثيرة للريبة. كل ذلك حدث أثناء فترة بالكاد كنت أذكرها فيها. ظلت تأتيني على غير عهدي بها: الوجه الملائكي البديع الذي لا تفارقه الابتسامة الواسعة التلقائية؛ ابتسامة تعاند النكبة بكل أبعادها؛ ابتسامة تصر على البقاء؛ العينان واسعتا المدى حيث تستلقي بداخلهما حدائق النعنع الجليلي؛ الخدان النضران؛ الضحكة التي تفوق أناشيد النصر الذي نحلم به ليل نهار؛ نظراتها التي تغدق على عالم اللاجئين حبا (…)
-
قطرة ندى
1 كانون الأول (ديسمبر) 2007, ::::: هدى الدهاناستلقي على غصني وغطاء من خيوط الفجر يزحف بعيدا عني. أتململ. اغتسل بقطرات الندى، وأنفضُ ما قد علق بي من تراب ربما ألقته عليّ ريح ما وظنت أنها ستشوه نضارتي ورونقي، فإذا بي ازداد تألقاً بحبات الندى أنظمها عقدا حولي. ولن يمضي وقت قصير حتى تشرق شمس دافئة حنون فتُبعد ثقل الانتظار ليبدأ يوم جديد استمتع فيه بحلاوة الحياة أكثر.
ها قد جفت القطرات على جسدي، وبدأ يتألق بلونه الربيعي الأخضر ويشع نضارة. التفت يمنة ويسرة، أُصبّح على وريقات مثلي.
"صويحباتي، هيا نرقص ونمرح."
وتأتي ريح فتراقصنا وتضحك (…) -
رغبة ميتة
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: خليل الجيزاويتجلس أمامي، تتعلق العينان بها، تتبادل العيون لغة آسرة، تنادي عيناها، تستغيث، تمد يديها، نصارع معا شيئا ما، نجاهد حتى لا نغرق في بحر العيون، تلتمع العيون، نتمسك بالتواصل ولا نستطيع أن نفر من ندائهم الآسر.
تحكي عن الذي تساعده، تقف بجانبه، تذاكر له دروسه، يحصل على الشهادة العالية، بعدما فقد الأمل، وأنها كانت تسهر الليل بجانبه، تقرأ له، تبيّض المحاضرات، ثم يدخل الجيش فتساعده وتسانده، وتدعمه لانصراف إخوته عنه لخلافات قديمة على الميراث. فهل يتنكر لها بعد كل هذا ويسافر للخليج، ولا يبعث لها جنيها (…) -
كلمات على كلس الجدار: أمّـي. يَـمّــة. آيـّي
1 نيسان (أبريل) 2007, ::::: ياسمينة صالحكلما مررت من هنا تتبعثر أشيائي الصغيرة، ويختلط الفرح بالحزن. تختلط الكلمات التي نقولها كل يوم بالكلمات التي نجهزها للمناسبات الخاصة والحميمة. فأجدني أتقمص هدب الذكرى. أرنو إليك طفلة تطلق ضحكتها الأولى في حضور وجهك الأبدي. كم بعثرني العمر العبثي يا يمة. كلما اعتقدت أنني اهتديت إلى شيء، أكتشف أنني أضعت ألف شيء.
أمي. يـمّة. آيــي.
لم أصدق يوما أن المدن باقية على حالها، لكني صدقت أنك مدينتي الوحيدة، وأنك النظام الوحيد الذي أمسك زمامي جيدا، ولم يبع قضيتي في السوق الموازية للعواطف الجاهزة (…)