ركن الحكاية في زاوية من زوايا ذاكرته المتعبة العجوز، لكنّها أبتْ إلاّ أن تنشط وتستفيق في نفس الموعد من كلّ عام، لتتمرّد عليه وتنغّص عليه هناءة عيشه، كلما حلّ الشتاء ببرده وثلجه وزمهريره، وعواصف تنوّعت تسمياتها من زينة وهدى إلى وندي وجنى ويوهان والحبل على الجرّار، فتعود ذكرياته وتجلده من جديد.
كان عليه أن يسافر على جناح السّرعة في مناخ انخفضتْ حرارته كثيرا وبلغت عشر درجات مئويّة تحت الصفر وما دون، فالصقيع يتجاوز الثياب السميكة ومعاطف الصّوف، ويخترق اللحم حتى يصل إلى العظام. ينال من الأنف (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > خاطرة
خاطرة
المقالات
-
سمعة مستباحة
25 أيار (مايو) 2015, ::::: إبراهيم يوسف -
الحنين إلى أنا
1 كانون الأول (ديسمبر) 2022, ::::: منى كاظماحتضنت كتبها وقراطيسها وفيها آمالها وشتات فكرها، احتضنتها لتحتفظ بها في مكان يليق بها. كانت تتأمل أن تعود إليها بعد جزء من الزمن ظنّت أنه قريب. هذه قراطيسي وكتبي. لن يفتحها أحد سواي. إنها عنواني. إنها (أنا).
سأعود إليك عندما انتهي من هذا المشوار. سأذهب للبحث عن فرصة في هذه الحياة لأضمن الوقوف على أرض صلبة، لكي أنظر إلى ضوء الأمل في وسط الزحام. إنها كومة من الأعباء تلاحقني. ستنتهي يوما ثم أعود إليك يا (أنا).
أصبحت يداي مكبلتين بهذه الأعباء. ليس الأمر باختياري، فالضوء لا يزال في نهاية (…) -
انتظار لا يشبه الأحذية الضيقة
1 آذار (مارس) 2007, ::::: عبد الله مكيشجرة الوقت كأنها تلون حلبة الحياة بنزق الغياب، وتشرق أطفال الوحدة المشاكسين، ودون قصد تدغدغ جذوعها اليابسة وتقشر ضحكاتها التي تشبه الصمت لان الفرح في أيامها مختون كالأمل. ولا تشي بشيء سوي بالونات الانتظار. انتظار، انتظار واسع متورد الوجنات وسيم الطلعة مبهج لدن لين مسكون بالحنو وإشراقات الصباحات الدافئة.
أثمة انتظار لا يشبه الأحذية الضيقة، لا يتسكع في الأزقة وحيدا آخر الليل، لا يدفع عواطفه للشقلبة كشمبانزي حصيف؟ أثمة انتظار هناك يدفع عجلة الرتابة والركون نحو جاذبية الحلم ورقة الكيمياء دون (…) -
ضاع المنديل المزركش
25 كانون الثاني (يناير) 2012, ::::: أشواق مليباريكانت تحمله بين ذراعيها كما تحضن طفلتها عندما أخرجته من باب الحظيرة، وانحدرت به نحو سور الحديقة، حمل أبيض عمره أيام معدودة لا تزيد. اتخذت لجلستها في الظلّ جذعا يابسا إلى جانب السّور. تحلّق حولها أطفالها. ألفرحة تغمر وجوهم، وتقفز من عيونهم مقرونة بالدهشة والإشفاق. أجلست الحمل في حجرها وهم يقتربون منه بحذر، ابنتها الكبرى تجرأت بعد تردد، واقتربت منه تحاول تقبيله كما تفعل مع دميتها، ما شجّع إخوتها بالاقتراب أكثر وهم يلاطفون صوفه، ويلامسون بخشية ملحوظة أذنيه الصغيرتين.
الجدة قادمة إلى المكان، (…) -
قيود الانتصار
25 أيار (مايو) 2013, ::::: غانية الوناسيستقبل صباحه كلّ يوم عبر ثقب في سقف زنزانة، تراه الشمس بخجل عذب، تراود سحره وتختفي بغنج الأميرات.
تحاول استمالته فيغار البهاء من نور فجره المطرّز بضياء الشّموخ. فلسفة الوجود تكسبه لون التفرّد، ويعبق من إطلالته عطر النّدى المبجّل. إشراقة في وجهه لا تفارقه. يتدلّى المجد بعنفوان من جبين عال ويعلو بالغا منتهى السماء.
في ملامحه لا وجود للبؤس مطلقا. هي العزّة تخط عبر كلّ عرق طريقة في الوجود المطلق، أسلوبا في الصمود ليس يفهمه كلّ البشر، وليس يتقنه سوى من يحترف الوجود، نموذجا في صنع الحياة (…) -
مهرجان
25 شباط (فبراير) 2013, ::::: منى حسن محمدأيها المنبثقُ في سُهولِ الروحِ، نيلاً من عطرٍ وذكرى، أيها المُورقُ فِي دِمَاي، المسكوبِ فيَّ حضورًا يحجبُ مدى الرؤيا، وغياباً لا يكسرهُ قربُ المسافاتْ: ليتك تُصغي لوقع خُطى نبضاتي الخجولةِ على دروبِ أيامِكَ قليلا، وتحاول أن تعي ما تهمس لك به.
وحدَهُ قلبي من يبتكر لغةً تليق بحُضورك، وحده من يُجيد حلاوة الاحتفاء به، والرقص على أنغامِ سيمفونيتهِ العذبة، وحدهُ من يصنع له المهرجاناتِ، ويُشجرُ أزقة الروحَ بفرحهِ الأخضر، وحده من يُشعل قناديل البوحْ، ويُعلقها على شرفاتهِ، أملاً في أن تُؤنس على (…) -
رسالة إلى جهرا
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2006, ::::: عيسى ريتاعزيزتي جهرا
ها أنا اكتب بجوار الحديقة على أنقاض العشق البديع. لطالما أحببتك وطالما كتبت ما ادعيه شعرا ونثرا اقرب منه للجنون، وأرسله هنا وهناك لعله يجد من ينشره. تترائى أمامي صورتك وأنت تذوبين مثل حبات الثلج بين يدي أحيانا، وتراوغين وتنزلقين من بين يدي كالزئبق في أكثر الأحيان.
ما كنت احسب أني قد احدث طائرا بجواري في أمر الحب لولا أن سحقته العاطفة أمامي عندما تركته عصفورة بالغة البهاء وطارت حتى توارت عن الأنظار. حدثته كيف أن روحينا كانتا تعيشان في قوقعه بقاع البحر، وأن روحا منهما لا تزال (…) -
نقتات كلمات من أجل الحرية
1 كانون الثاني (يناير) 2007, ::::: منال الكنديسبب المنافسة بين الثورتين الفرنسية والأمريكية، كلتاهما تدعي الكونية وتحاول تعميم ذاتها على الكرة الأرضية بأسرها، وكلا الشعبين معتقد بأنه محمل رسالة حضارية إلى العالم. (بول ريكور: كاتب فرنسي).
كل يوم يأتي نفقد الكثير من أنفسنا، من قيمة كانت تسكن داخلنا وتعطينا الحياة والأمل لنبقى. كنا في الماضي نكتفي بأغنية للعندليب لتلهب الحب بيننا ونعيش معها الحب والأمل. عشرات بل مئات الكلمات والصور من الحب والعشق لا تعني لنا شيئا سوى أنك رجل لا حبيب.
خرجت بكل حماسك وانتفاضتك لتصرخ، لتقول كلمة حق، لتصنع (…) -
السيد نقطة
26 أيلول (سبتمبر) 2015, ::::: إيناس ثابتعزمتُ شهادة الحياة، فخرجتُ إلى أبهى مكان، لأجمل حديقة في المدينة. كان المساء فأنيرت الأضواء، وأعداد الناس بدأت بالازدياد، والسماء تزينت بالألعاب النارية فغارت النجوم، فزادت من بريقها، وانتشر الأطفال بملابسهم الملونة في أرجاءها كقطع الفواكه المنثورة فوق حلوى تصنعها جدتي، فبدا المكان كأنه يتهيأ لاستقبال عروس.
ما أكثر زوار المساء وسامريه! معظمهم من الرقم اثنين: زوجين، صديقين، عاشقين وحمامتين في السماء، وأنا وحدي في تجرد كالزهر والشجر وكالقمر في السماء.
كانت الأصوات تدوي حولي بصخب، وغناء (…) -
تلك الشعلة
25 أيار (مايو) 2015, ::::: هدى أبو غنيمةتتوهج الشعلة، ثم تكاد تخبو. أخالها ومضة برق والسماء تزمجر غاضبة، وهي تبعث طوفانا من المطر، علها تطهر الأرض من سبخات دماء الأحقاد والثارات الطائفية والعرقية.
أخشى أن تخبو تلك الشعلة المتوهجة في وجداننا، منذ تعلمنا أن نتهجى وحدة الوطن.
تدثرت بعلم بلادي، ورحت أتجول في رحاب الوجدان بحثا عن ملاذ آمن، وينابيع محبة تغذي إنسانيتي وتحمي تربة روحي من الجفاف والتردي في مهاوي اليأس.
أتلمس طريقي في أنفاق معتمة، مهتدية ببصيص ضوء يومئ لي من مكان بعيد، وكلما اجتزت نفقا واجهني آخر، فأغذ السير متمتمة: (…)