لو تعلم عن الجيد الذي حضنني في ليالي الشتاء. أرتشف من العروق لبن الصابرات. أستمع لدقات القلب الحنون كترنيمة، كدندنة خلاخيل قادمة من قدم حمامة في السماء طارت في شهر تموز.
ملعون أنت يا سرطان. لو تعلم عن الأنامل التي نسجت رغيف الخبز في الصباح الباكر من كانون. لم تتذوق طعم الزعتر. ولم تشتم مثلي رائحة دخان العمر في دامرها.
ملعون أنت يا سرطان. أنا وحدي استرقت النوم من جفنتها، فلماذا بعد اشتعال الشيب برأسها جئت لتتقمص شخصي بلون الخبيث؟
ملعون أنت يا سرطان. لو لم تكن ما انتشرت المباكي على أطراف (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > خاطرة
خاطرة
المقالات
-
ملعون أنت يا سرطان
1 شباط (فبراير) 2007, ::::: زين العابدين الزيودي -
مـسـافــر
1 آذار (مارس) 2008, ::::: زينب عودةأعلم أنك مسافر. دعني أنظر إلى عينيك من زاوية خريف ممتد. دعني أتذوق جرعات مرارة الفراق واحدة تلو الأخرى، وأرى خريطة عمري بتذكرك. كم مرة عليّ أن أتقبل قرارك بالرحيل؟ وكم عليّ أن التزم الصمت؟ لقد سئمت. أكان قدرا على مشاعري أن تذبح عند محطات القطارات، وعند أبواب الطائرات، وأنت تغرد مزهوا تقطع المسافات هنا وهناك. لأجل من: ما عدت أدري.
واثق، غريب، راحل. حياتي أضحت معك مشوارا طويلا، وتذاكر سفر أعرف بدايتها مع كل واحدة ونهاية لا أدركها. عالم مريب يحتويه عقلك بمسافات لا حدود لها. أيـستهويك البعد (…) -
انهــــزام
25 تموز (يوليو) 2013, ::::: وفاء علييومَ عرفتك كانت حواسّي مبعثرة وأفكاري مرتبكة، كنت هائمةً في لجّة الحياة فلا أدري إلى أيّة وجهة أمضي، كنتُ أنظر دون أن أبصر، أخطّط بلا وعي، أعيش دون أحلام دون أوهام ودون مشاعرَ تقريباً.
كانت الدنيا قد أشبعتني إيلاماً فما كنت أنتبه إلى سحرك، ما توقّعت أن أنتبه. كنتُ حين أراك أبشّ لمرآك وأحتفي بك جدّاً حين ألتقيك صدفةً. لكنْ هذه عادتي دوماً مع معظم الناس حتّى في أحلك ظروفي وحالاتي النفسيّة. لم أشعر يوماً بجاذبيّتك الخاصّة، أقرّ بأنّي كنت بك منبهرة لكن دونما أدنى إعجاب.
مع الأيّام أصبحتُ (…) -
أشواق وحنين
25 حزيران (يونيو) 2013, ::::: هدى الكنانيجاءني متخما شوقا وحنينا، ودقات قلبه تسمع عن بعد ميل، وحبات العرق تتلألأ على جبينه النادي.
تأملته وتشبعت كل خلايا عيني برؤياه، وقد غاص القلب في الأعماق وعاد وارتفع إلى الحنجرة، فأفرد شوقي إليه القلوع، ورفع مرساته وأبحر في شرايين دمي والعروق.
وجيب القلب يدعوني للارتماء في أحضانه، وكبرياء الأنثى وخِدرها يمنعاني، وأنا بين قلبي وعقلي تمزقني الآهات.
تسمّرت في مكاني محاولة استرجاع مرارة لقائي الأخير معه، وعدم استجابته لتوسلاتي ودموعي، وكيف لملمت أشلاء كرامتي وسحبت حبال خيبتي، وقد أشاح بوجهِه (…) -
ق ق ج: حبذا لو ينطقون
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2012, ::::: عبير درويش.
قطرة ماء
الحنفية تُغلق بابها المسائي بعد رحلة شاقة مع التدفق. قطرة الماء الأخيرة تختنق وتختنق. تلتفُّ حولها الدائرة النحاسيّة. تُعاني قلة الهواء. تتعرّق بعد الجنون وتكبر في الداخل. إرهاق وانتظار. فجأة يأتي مغفلٌ في لحظة تطفّل. يتملّقها بجهل. يشد صنبور المياه بقوّة أكثر فأكثر. تسقط القطرة بوجع. تموت بصوتٍ محزن.
رحلة حصى
قذفتها امرأة معتوهة من الوطن. لم تكن الحصى تعلم شيئاً عن الحياة. هي خائفة ومسكينة. لم تعد تجد إخوتها هنا. غرباء. غرباء. الجو بارد وليس من أمكنة للنوم. أرهقتها (…) -
افتتاحيات وشعراء
1 أيلول (سبتمبر) 2006, ::::: رعد مطشروانغلق الهواء بين يديَّ الحائرتين ممّا تكتبان، انغلق على خسائرَ أخرى وسوء ِفهمٍ آخر: خسائر الشعراء وسوء فهم الحياة لبدايتهم وخاتمتهم، فالشعراءُ لا يشبهون البدايات في جمودها ولا الكتابات في رتابتها، ولا الزمن في وحشته. لياليهم هائمة في سُهادٍ تملأهُ وحوش النوم الراكضة بصور الفراغ. قيسُهم مجنون بالحرف والنقطة والدائرة. أعوامهم محض ُسرابٍ في زمن الكابوس حيث تندمجُ الحواجزُ بالسلاسل، والأغلالُ بالعوارض ونقاط التفتيش، والأصدقاء بأدلاّء القتلى وتقرير المخابرات، وإشارات المرور بالحواجز والدبابات، (…)
-
ضمور الزمن
25 آذار (مارس) 2012, ::::: عبد الهادي شلاقيل إن الوقت حين يختصر نفسه ويتقلص، فإن هذا من علامات الساعة، كأن نشعر باليوم وكأنه ساعة من الزمن، وأن الساعة كأنها دقائق قصيرة كلمح البصر.
وهكذا تصغر المسافات وتقصر المدة بين حدث وآخر فنبدو كما لو أننا قد اجتزنا مراحل العمر فجأة وأصبحنا على أبواب الشيخوخة.
نشعر بحس غريب عندما ندرك أننا كبرنا، وأن حياتنا التي كنا نلهث فيها سعيا وراء أمنيات كثيرة قد مرت بسرعة، وأننا قد حققنا بعضا منها ومن طموحاتنا، وأننا عجزنا عن تحقيق المزيد.
وهذا العـُـمر بحلوه وبمـُـره ما كان إلا مشوارا وجــَب علينا (…) -
بعد هذا وقبل
25 آب (أغسطس) 2015, ::::: إيناس ثابتبلغني عنك أنك حاني الظهر، ضعيف العظام من حمل الهموم، وزادها حمل الحقيبة على ظهرك سائرا بلا اتزان، مودعها ناويا هجرها مُقسما ألا تعود.
خاصمتها وهجوتها في القصائد ونثر الكلام، وما لبثت عائدا تائبا على يديها، كالمجنون، ناظما في هواها أعذب قصيدة، وأجمل غزل لم يُقل حتى في أجمل النساء، مُسرا لها بمعشوقتي الأزلية، فمدتْ لك الأحلام كاسفة مزينة الوعد بغد أجمل.
و بلغني أيضا حبك لها حد الصبابة من بين جميلات متعطرات بتخايل وكبرياء، ومدللات بحسن من رب السماء، وأخر حزينات منكهات بحلاوة البساطة وقصص لا (…) -
تسأله الأمان
1 أيار (مايو) 2010, ::::: إبراهيم يوسففي خبايا النفس، في زواياها المضيئة أو المظلمة، ما تخزنه أو ما يطفو منها على السّطح، بين طيّات الكتب، في صحبة الأقلام إلى دنيا الله الواسعة، إلى الواحات الخصبة إلى الصّحارى المجهولة والجزر البعيدة النّائية، إلى سماوات بلا حدود، مع أوراق الخريف تلهو بها الريح، تبعثرها وتجمعها بعد شتات، تخبر عن موت مرتقب وولادة قادمة.
الغروب سخي بريحه وروحه وألوانه، من الأحمر الخفيف إلى البرتقالي المتوهّج، سخي بغيوم متناثرة تتحرك في السماء كما الشّراع يتهادى في مياه ساكنة. الغروب صديقها وتوأم روحها لكنّه يثير (…) -
أم الأسير
25 تموز (يوليو) 2014, ::::: نادية شيخةفي أحد الأيام، كنت عائدة إلى المنزل بعد يوم مرهق من العمل. استقللت الحافلة مثل العادة، ودفعت للسائق الأجرة وذهبت لأجلس.
جلست بالقرب من امرأة كبيرة السن، في ملامحها علامات من الصمود والصبر والقوة. نظرت لي بعينيها المرهقتين وقالت لي: اجلسي يا بنتي.
طرحت التحية وجلست. سألتها: ما بالك يا خالة؟ لماذا عينيك حزينتين لهذه الدرجة؟ ألست سعيدة بقدوم العيد؟"
قالت لي: أي عيد وابني عني بعيد؟
سألتها: أين هو؟ هل هو مسافر أم ماذا؟
قالت لي: ليته كان مسافرا أو حتى مريضا. ابني خلف القضبان أسير. أراه (…)