كان يوماً مبتسماً ذلك الذي عزفت فيه صرخة الحياة الأولى لحفيدي، يومٌ تعطَّر برائحة المسك وشذى الانتعاش، انتقلت صرخته عبر الهاتف النقَّال منْ غرفة الولادة إلى مسامعي، فإذا معزوفته تطل على روحي بكل أوتار عزفها، لتزغرد الدنيا مِنْ حولي، كأنَّ كل شيء بات فيها ناطقاً، مغموراً برائحة الفرح، ومغموساً بشوق اللهفة، كأنما يعرف هذا الخداج أنَّ هذه الصرخة ستلئم الجراح وتبلسم الوجع، فقد عزفت اللحظة كل أشجانها وأفراحها في آن معاً.
انهمرت دموعي مدرارة، وتلمست موجوعة جراحي، فصرخته كانت نداءً، وأُولى دفقات (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > نصوص عامة
نصوص عامة
المقالات
-
البسمة التي أنعشتني
25 أيار (مايو) 2012, ::::: هيام ضمرة -
بين فكّي الكمّاشة
25 آذار (مارس) 2015, ::::: سمير كتانيعندَما تفاقمت إصابة إحدى أسناني بالتسوّسِ، عرفت مقدار ما تضمره لي من كره وحقد، فقد كانتْ شديدة اللّؤم، تلحّ عليّ بشديد الألم في الأوقات الحرجة، وقدْ بلغ بها الخبث أن لا تختار إلاّ وقت نومي فتطلق سهام الألم عميقة إلى داخل فكّي، أوْ وقت استمتاعي بوجبة سكّريّة لذيذة تطلبها نفسي. وكثيرا ما كانت هذه السنّ تقضّ مضجعي وتؤرِّق نومي، فلا أتركُ مسكّنا إلاّ استخدمتُه، ولا كمّادة إلاّ ودثّرت خدّي بها.
وما كانَ يزيدُ في حنقي من هذه السنّ أنّها كانت تسكن في النهار تتربّص بيَ الدوائر، حتّى إذا أسدل (…) -
عطر الفردوس من الشّام
30 أيار (مايو) 2014, ::::: إبراهيم يوسفعند بداية موسم التّوت في النصف الأول من تموز عام 1935، ما من أحد من الشهود القلّة الأحياء يذكر اليوم بالتحديد. في ذلك الحين مات إمام البلدة الشيخ "السّبليني"؛ الصوت الخطابيّ الصافي واللثغة النّجفيّة المميّزة، ذات الحروف الدّافقة المغرّدة، التي تتحول فيها الجيم شيْنا وتبقى القاف على أصالتها. رحل صاحب الجبّة البيضاء والكفّين الضخمتين والخطّ النّسْخيّ الأنيق، يكتب به وثائق البيع والشراء، ووصايا الناس من المتّقين المؤمنين باستخدام الريشة والدواة.
قدم من النّجف مباشرة، بتنسيق مسبق وتمويل من (…) -
من القلب إلى القلب
28 آب (أغسطس) 2024, ::::: إيناس ثابتسر قلبي حيث أكتب. فلمن أكتب؟ ولِمَ أكتب؟
أكتب إليك يا سيدي البعيد، إلى قلبك العزيز: يسمعني ويقرأني، ينصت إلى همسات قلب شارد مبتلى بالعواطف يفتش في متاهات الكون عن قمر وحيد ينير له الدرب الطويل.
أيها السيد البعيد، صاحب القلب العميق. أكتب إليك بالصوت القادم من الأعماق، بالمشاعر المعتقة في طي الزمان، ومن عالمي الساكن إلى عالمك الناضر، فلقاؤنا دقائق حروف فرت إلينا من أديم الكون السرمدي. أبعث إليك رسائل من القلب إلى القلب، وبين الأسطر بوح وحنين، حزن وشوق، لهفة وخمائل ورد.
كل حروف الأبجدية، (…) -
ثلاثة رجال وامرأة
25 آب (أغسطس) 2014, ::::: إبراهيم يوسفملاحظة: الأسماء والشخصيات الواردة في النصوص أدناه لا وجود لها.
صالح مظلوم
"آل مظلوم" عائلة منتشرة ومعروفة في كل أرجاء البلاد. وصالح، الابن الأصغر لمدير المدرسة الرسمية في الحيّ، من هذه العائلة الموزعة على عدد من الطوائف والقرى والمدن في مختلف المحافظات. صالح المظلوم يستدعي الغيظ والغضب. ذلك هو الولد المنكود الذي لم يحظ يوما برضا أبيه.
الابن الأكبر للمدير تخرج من مدريد طبيبا متخصصا بأمراض الكلى والسكري. تزوج من فتاة إسبانيّة ونال جنسيّة البلاد، فاشترى بيتا في الريف حيث يعمل ويعيش بأمان (…) -
أمـام الـنــهايـــة
1 شباط (فبراير) 2008, ::::: ياسمينة صالحهل تعلم أن أجمل العشاق لم يحبوا غير ذواتهم في شخص حبيبة كانوا يعتقدون أنها قريبة من سراب الكون إلى الحقيقة؟ لم يكن الحب ندا لندخل جبهاته واثقين من الانتصار. لهذا لم يكن غريبا أن نخسر الحب والحرب معا. وبينهما خسرنا بعضنا.
* * *
لا تعتقد أنني كنت عاشقة سيئة. لم أكن سوى ما علمتني الحياة المتجذرة في تراب الجهات. كنت أعي أنني أرتكب شيئا عظيما في حبك، وأن النهاية لن تكون أجمل من هذا الحريق الذي يشعل مدننا المتوجة بالخسائر التاريخية. لم أكن سيئة حتى وأنا أتنازل عن حقي في الدفاع عنك كما كان على (…) -
من لا يتقن لغة أخرى
25 آب (أغسطس) 2012, ::::: إبراهيم يوسفقبلَ الطوفان، لم تكنِ القططُ مَخْلوقَة بعد، فلم تكنْ في عدادِ الحيواناتِ على ظهْرِ السفينة. لكنْ حينَ انتشرتِ القوارضُ والفئران، وأخذتْ تلتهمُ مَخْزونَ الطّوْفِ من الزادَ، أوحى الرَّبُ "لجلجامش" أو "نوح" كما تقولُ "الأسطورة" أن يضربَ الأسدَ على رأسِه. وحينما فعل عطسَ السَّبعُ، فانحدَرَ من منخاريه زوجانِ من القطط: ذكراً وأنثى. ومنذ ذلك الوقت خُلقَتْ هذه الكائنات، وتولتْ مَهَمَّةَ القضاءِ على الزواحفِ والهوام. أمَّا وقد تبدَّلَ الزمن، وَتَقَلّصَتْ قدرةُ القطط على النّيلِ من الفئران، وتحولتْ (…)
-
حـلـمـت، فـغـنـمـت
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2008, ::::: ربا الناصرإلى جميع زميلاتي وزملائي في العمل أهدي لكم هذا النص، فمن معرفتكم ازداد حبي للحياة.
ثمة علاقة مبهمة بين الإنسان والأماكن التي يرتادها، علاقة عجز كثيرون عن تفسيرها، فعلى الرغم من احتواء الأماكن على جموديات لا تتحرك من مكانها إلا أن الذكريات تلفها كوشاح من الحرير المخملي، فتكسبها جمالا وفتنة، يأسران تفكير مرتاديها وتحتل جزءا كبيرا من شخصيته، فلا تمر لحظة إلا والشوق يدق جرسه بقوة، معلنا الحنين، فيعبر عنه إما بالشعر أو النثر أو حتى الكلام العادي المجرد من البلاغات والصور الفنية. هذا حال كل (…) -
رسالة إلى عود الند
25 آذار (مارس) 2013, ::::: دنيا فيضيتلقّيت رسالة من «عود الند» تطلب اقتراحات ملاحظات للأخذ بها عندما تبدأ المجلة سنتها الثامنة قريبا. وحملت الرسالة رسما بيانيا يشير إلى عدد زوار موقع المجلة خلال شهر شباط/فبرا 2013، ويظهر فيه بلوغ عدد الزيارات في أحد أيام الشهر 1483 زيارة (انطر الرسم البياني أدناه).
تحت مظلّة استطلاع الآراء والاقتراحات للمجلة مع اقتراب طيّها سبعة أغوام أقول: ألف تحية وأربعمائة سلام وثلاثةٌ وثمانون صباح خير ومساء نور. هذه الكلمات ليست من باب المجاملة أو التملّق، إنها من باب الاحترام والود لمجلة كرسّت جهودها (…) -
نـصـان
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009, ::::: غادة المعايطةعلياء وطيف جدة
مهداة إلى علياء محمود حماد
عرفتك والروح تلملم أشتاتها في مجالس الذكر، وخريف العمر يأمل بشتاء دافئ قرب كانون جدتي العتيق. وشاء حسن الطالع أن أرى، من خلالك، طيف ماض جميل استنشق فيه عبير الثرى الطيب، والشيح، والقيصوم، وسراج جدتي يتوهج بشعاع دافق من المحبة والحنان، والرضى بما كتب العليم الخبير. هذه قصة علياء.
لا تفتأ علياء تهدهد جديلة جدتها. هي كنزها الثمين وحرزها الأمين. هي نور يستضاء به عندما يغشى الروح القنوط وتشكو العين السهاد. تناجي علياء الجديلة التي لطالما اغتسلت بشمس (…)