انطلقت خيول الاستعراض في تلك العشية من أيام "أوسّو" الحارقة من أمام بيت العروس والهودج المتبختر في سيره إلى منتهاه في مشهد مهيب قلّما عاشت القرية مثيلا له. يسايره علي جنبتاه شبّان القرية وشابّاتها وتتبعه من ثقلت حركته من المسنّين والصّبية. اختلط الغبار المتصاعد بالعرق المتصبّب من الوجوه المنتشية بزغاريد النّسوة وغنائهم ودقّ الطّبول المنغّم علي وقع خطي الفرسان في سباقهم وألعابهم البهلوانية المضمرة مع جيادهم.
سار الموكب الهوينى والعروس تترنّح متمايلة مع وقع خطي الناقة. عند منتصف الطريق توقّف (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > نصوص عامة
نصوص عامة
المقالات
-
العرس
1 آذار (مارس) 2009, ::::: منجي العيساوي -
صمت الذكريات
25 كانون الأول (ديسمبر) 2014, ::::: هدى الكنانيمنذ ذلك اليوم الذي تركتُ نظراتي المتعثرة، حائرة تجوس المكان شبرا شبرا بحثا عنك؛ متأبطة إحساسي، مرافقة حدسي، واثقة حتى السذاجة أنك ستأتي.
استجوب الأنفاس نفسا نفسا بحثا عن عطر أنفاسك، أُسكن نظراتي في كل مكان، علّها تظفر بظلك مركونا خلف بناية أو شجرة أو جدار وما ظفرت به، حينها أذعن القلب استسلاما وأيقن أنك لن تأتي.
خلعت ذكرياتنا وأودعتها أمكنة تنفست ضحكاتنا وغذَت أصواتنا خطوات زرعناها الأمل والأغاني. ولملمت شعث نظراتي المزروعة توها وتوقا لرؤياك. منذ ذلك اليوم، تصالحت مع خيباتي، تعايشت مع (…) -
البسمة التي أنعشتني
25 أيار (مايو) 2012, ::::: هيام ضمرةكان يوماً مبتسماً ذلك الذي عزفت فيه صرخة الحياة الأولى لحفيدي، يومٌ تعطَّر برائحة المسك وشذى الانتعاش، انتقلت صرخته عبر الهاتف النقَّال منْ غرفة الولادة إلى مسامعي، فإذا معزوفته تطل على روحي بكل أوتار عزفها، لتزغرد الدنيا مِنْ حولي، كأنَّ كل شيء بات فيها ناطقاً، مغموراً برائحة الفرح، ومغموساً بشوق اللهفة، كأنما يعرف هذا الخداج أنَّ هذه الصرخة ستلئم الجراح وتبلسم الوجع، فقد عزفت اللحظة كل أشجانها وأفراحها في آن معاً.
انهمرت دموعي مدرارة، وتلمست موجوعة جراحي، فصرخته كانت نداءً، وأُولى دفقات (…) -
قصة لوحة: لمن تهدى الأزهار؟
25 آب (أغسطس) 2012, ::::: عبد الهادي شلاحدث هذا في يوم من أيام ربيع العام 1983، وما خطر لي أنني سأعود من زيارتي لمعرض التراث الفلسطيني بكل هذا الإحساس بالانكسار، فقد تجولت وصديق شاعر في أقسام المعرض الذي غطى مساحة كبيرة من أرض المعارض، وتعددت النماذج الفلسطينية التراثية، واكتظت قاعات العرض بالزائرين من مختلف الجنسيات، إذ أنه معرض سنوي يستمر أسبوعا على الأقل، ويحرص الجميع على زيارته وشراء ما يعشقون من منتجات فلسطين التراثية وزيتونها وزيتها ومصنوعاتها الخشبية والمصدفة لنماذج من المدن الفلسطينية وخاصة قبة الصخرة، وغير ذلك. أخذنا (…)
-
أسود وأبيض
1 كانون الأول (ديسمبر) 2020, ::::: منال الكنديإن كل ما يتفق مع ميولنا ورغباتنا يبدو في نظرنا حكيما ومعقولا. أما ما يناقض رغباتنا وأهواءنا فهو دائما عين الحمق والخطأ (اندريه موروا ـ أديب فرنسي).
استيقظت مع أول إسدال لخيوط شروق الشمس لتصلي الفجر وتدعو ربها أن يكون يومها موفقا ورزقها كريما، فهي تحمل على عاتقها مسئوليات أسرة، وتحب أن تكمل مشوار النجاح مع أفرادها.
رتبت غرفتها وشربت قهوتها كما اعتادت مع أحاديث والدتها، مصغية لقصصها وكل ما يدور في كيان الأسرة والحياة ونصائحها لها، ثم قبلت يدها مودعة لتخرج من بيتها إلى على عالم آخر يختلف عن (…) -
من وحي الرصيف
26 حزيران (يونيو) 2014, ::::: زهرة يبرمركنٌ من شرفة مطلة على الرصيف، وواجهة من زجاج معتم، تتيح الرؤية لمن في الداخل وتحجبها عمن كان في الخارج. كرسيان متقابلان حول طاولة مستديرة عليها قهوة صباحية وحاسوب، بالإضافة إلى قلم وأوراق. ذلك هو المكان المفضل الذي أجلس فيه كل صباح حين يكون الجو معتدلا، أتصفح النت وأقرأ أو أكتب.
هذا الصباح أردت أن أكتب شيئا، لكن لم يكن في ذهني موضوع محدد، والكتابة عندي حالة طوعية وليست إلهاما ولا وحيا يتنزل. تراودني أحيانا بعض المحفزات، فتأتي الأفكار وتتزاحم، بينما يصيبني القحط الفكري في أحايين أخرى. كنت (…) -
أنــت
1 آب (أغسطس) 2008, ::::: زينب عودةسألوني كثيرا، والحوا ليعرفوا: من هو؟ أو من أنت؟ ما اسمه؟ ما شكله؟ من تكون؟ كثيرة هي أسئلتهم ولكن، ما كنت أدري بأي حروف أو كلمات أرد، تلعثم لساني، واحتار دليلي، عدت للوراء كثيرا، واسترجعت شريط ذكريات لم تمحوها سنون وأيام، أتأمل سطور عمري، أقلبها حرفا حرفا، وبكل حرف كنت أجدك فيها. هم في شوق. كانوا ينتظرون بم سأجيب عنك. سادت لحظات صمت عميق. ولكني نطقت. قلت هو ساكني بروحي وبدمي، قد أكون أعرفه ولا أعرفه، وقد يكون أنت هو أنا، وقد يكون هنا أو هناك، وقد لا يتسعه مكان ولا زمان، وقد يكون وهم وخيال، (…)
-
ظلال مشردة
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: زهرة يبرمكان مساء من الأماسي الأخيرة من عمر السنة الميلادية حيث يأخذ الصقيع أبعد مما توحي به الكلمة، والجو رمادي قاتم يخيم على المدينة ينبئ بموعد مع ليلة مثلجة. الهدوء المطبق يلف المكان المغطى برداء أبيض من الثلج، وهو كتلة آدمية تتحرك فوق الرصيف على غير هدى. عيناه تجولان ببريق غريب، تتفرسان في ملامح كل من يمر عبر الشارع العريض شبه الخالي من المارة، كـأنما تبحثان بينهم عن ضالة.
لقد غادر منذ زمن بعيد عالم الأحياء ليتطور في ضباب دائم. من سنين وهو يعيش في الأسفل، يعيش في الأنفاق، في البالوعات، في (…) -
للانتظار طيف يفرّ من سجن الأحلام والكلمات
25 كانون الثاني (يناير) 2012, ::::: وهيبة قويّةقالت له بهدوء: "أراك متعبا. أنتَ تحتاج إلى كثير من الرّاحة. يمكنك أن تحصل على قسط منها يكفيك. أمّا أنا فسأنتظرك في مكاني، حيث أنا. سأظلّ أراقبك عن بعد، فيدي قاصرة عن أن تمتدّ لتساعدك. ولكنّ بعضَ اللّحظات المحتملة من عمري تمتدّ إليك، فخذها، هي كلّ ما أقدر عليه. بل هو كلّ عمري قد عرّش في حدائقك ليظلّل نومك ويقظتك، أهبُه لك فخذه ولا تردّني خائبة."
لم يُجبها فتابعت حديثها وقد سرت الحماسة في صوتها: " هل تعلم أنّني عندما أتعب لا يزول تعبي إلاّ بقهوة؟! أشربها في هدوء وأغفو بعدها وإن صحوا. أسترخي (…) -
هذيان عربي مكرر
26 حزيران (يونيو) 2014, ::::: غانية الوناسيحدث أن أعتزل العالم كلّه، حين أشعر أنّه لم يعد هناك تحديدا شيء ما يستحق التوقّف عنده، حين يصبح كلّ شيء بلون السّواد، وحين يغمرنا الضّباب من أقدامنا وحتّى رؤوسنا، نصبح كأوان قديمة صدئة لم تعد صالحة للاستعمال، ولم يعد حتّى حضورها في البيت مرغوبا فيه، ولو من باب الاحتفاظ بكلّ شيء عتيق، رائحة وعطرا.
لم يتبق شيء من ذلك الزخم الذي يملؤنا لحظة نستذكر شيئا جميلا مرّ بحياتنا، حتّى تلك الذّكريات البسيطة الّتي كانت تلوّن الذّاكرة بحضورها الآسر، مع الوقت بدأت تذبل، بدأ ذلك اللّون الفاقع الجميل يبهت، (…)