وأنا أمشي أتعكز على قلم يتنفس حبرا ثائرا لا يهدأ، لا يستكين أبدا، ينتفض كل لحظة كي يعلن استقلال الكلمات، غير آبه بكل ذلك الضباب الذي يغلف الحوارات واللقاءات، تلك العلاقات التي تبدأ وتنتهي بمجرد الكلام والإفصاح، مجردا من حلكة الظلام المترامي في كلّ الأمكنة المتاحة بصمت مطبق، مفعم بالخوف الكثير، ذلك الخوف الذي لا يغادرنا مهما تملكتنا الشجاعة، ومهما اصطنعنا الجرأة، ملتو إلى الحدّ البعيد للمدى، حالك في حضوره يلفه سواد الليل المعتم، أسود لا يمنحه فرصة النظر إلى الأمام، فرصة الانبثاق من نور (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > نصوص عامة
نصوص عامة
المقالات
-
ولادة من خاصرة الحرف
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: غانية الوناس -
من لا يتقن لغة أخرى
25 آب (أغسطس) 2012, ::::: إبراهيم يوسفقبلَ الطوفان، لم تكنِ القططُ مَخْلوقَة بعد، فلم تكنْ في عدادِ الحيواناتِ على ظهْرِ السفينة. لكنْ حينَ انتشرتِ القوارضُ والفئران، وأخذتْ تلتهمُ مَخْزونَ الطّوْفِ من الزادَ، أوحى الرَّبُ "لجلجامش" أو "نوح" كما تقولُ "الأسطورة" أن يضربَ الأسدَ على رأسِه. وحينما فعل عطسَ السَّبعُ، فانحدَرَ من منخاريه زوجانِ من القطط: ذكراً وأنثى. ومنذ ذلك الوقت خُلقَتْ هذه الكائنات، وتولتْ مَهَمَّةَ القضاءِ على الزواحفِ والهوام. أمَّا وقد تبدَّلَ الزمن، وَتَقَلّصَتْ قدرةُ القطط على النّيلِ من الفئران، وتحولتْ (…)
-
مشروع خيانة
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009, ::::: وهيب وهبةضم الطفلة، تفتحت في القلب وردة، أراد أن يبتسم. خاف أن تفضح الابتسامة سر القلب العاشق. شعر بسعادة كبيرة. حين تستطيع أن تخنق أسرار القلب في القلب، تلك معجزة.
إن أصعب حالات النفس أن تفرح، وتستطيع أن تكتم الفرح. يتلون الوجه، يتغير. تقاطيع الجلد تأخذ شكل الزهو. غريبة هي الأشياء ولكن.. ما يدور في قلبي. آسف – آسف جدا – في عقلي وتفكري، أن القلب هو المضخة، تضخ الدم إلى شبكة من القنوات تسمى الأوعية الدموية، لماذا يصر هذا الشرق، أننا عبيد لهذا القلب، لماذا في هذا الشرق نحاول إلغاء العقل كليا. هل (…) -
دمـى خـشـبـيـة
25 أيلول (سبتمبر) 2012, ::::: هدى الدهان"ماردي الطيب": كلّما همست له بهذه العبارة رسم لها ابتسامة الرضا، رسماً تعجز عنه ريشة فنان. كانت تُشَبِّهه بمارد مصباح علاء الدين الذي يلبي لها كل ما تريد، وأحياناً حتى قبل أن تريد. إنه يعلم وهو مغمض العينين ما ستكون عليه رفة عينها بعد قليل لكثرة العيون التي مرت أمامه. يستطيع الآن أن يعرف بم ستتحدث وبأي نبرة لكثرة ما سمع النساء.
لا يلومه أحد على عِشقِّهنّ، وربما هو الرجل الوحيد الذي لا يؤذي امرأة في حياته عمداً. وقد صَدقَت حين أخبرته بأنه مارد، فهو يخرج من مصباحهنّ، ويرتفع عاليا في الهواء، (…) -
كلهم متحرشون
25 تموز (يوليو) 2014, ::::: مهند فودهوقفت على الرصيف وعشرات من البؤساء غيرها في انتظار قدوم الحافلة رقم 68. ولكن الحافلة لم تلتزم بالميعاد كعادتها. وأمطار ديسمبر لا ترحم أحدا. ومظلة محطة الحافلات لا تتسع إلا لعدد محدود من الركاب والمارة الذين قرروا الاحتماء من المطر تحتها.
لم يستغرق الأمر سوى لحظات حتى تحولت جوانب الطريق لمجموعة من برك المياه الممزوجة بالوحل. تتفادى كل السيارات المرور في الحارة المجاورة للرصيف عدا تلك السيارة الفارهة الرمادية التي يقودها شاب صغير السن استغل خلوها من السيارات وقرر السير فيها بسرعته هربا من (…) -
نـصـان
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009, ::::: غادة المعايطةعلياء وطيف جدة
مهداة إلى علياء محمود حماد
عرفتك والروح تلملم أشتاتها في مجالس الذكر، وخريف العمر يأمل بشتاء دافئ قرب كانون جدتي العتيق. وشاء حسن الطالع أن أرى، من خلالك، طيف ماض جميل استنشق فيه عبير الثرى الطيب، والشيح، والقيصوم، وسراج جدتي يتوهج بشعاع دافق من المحبة والحنان، والرضى بما كتب العليم الخبير. هذه قصة علياء.
لا تفتأ علياء تهدهد جديلة جدتها. هي كنزها الثمين وحرزها الأمين. هي نور يستضاء به عندما يغشى الروح القنوط وتشكو العين السهاد. تناجي علياء الجديلة التي لطالما اغتسلت بشمس (…) -
حين تلفظني المدن
1 شباط (فبراير) 2008, ::::: محسن الغالبيما سر هذه العداوة ما بيني وبين المدن، أو بالأحرى ما بين المدن وبيني، فلطالما كنت لها ذلك العاشق الأحمق، أبدد الساعات والأيام، أبدد العمر في النظر فيها والتمعن. ناظرا فيها وناضرا منها. ثم ماذا؟ ما الذي جنت يداي أو عيناي منهن؟ كأنما دخلن حلفا وشددن أزرهن عليّ، حتى شرعن تلفظني الواحدة منهن تلو الأخرى.
أم لعلها الخطيئة الأولى؟ ما كان لي أن أهجرك طائعا أو مرغما. وكأنما ذاك هو جزاء الهجر الأول، هجر يتلوه هجر يتلوه هجر...يتلوه هجران. ما ضرني لو كنت التصقت إلى أحجار بعض زقاقك هناك لأغفو على إيقاع (…) -
أحلام قيد الانتظار
25 آذار (مارس) 2013, ::::: غانية الوناسأكذبُ على نفسِي وأكذبُ عليك، أخنقُ شوقِي إليكَ باستهتارِي واستهزائِي ولا مبالاتِي، أمضِي في خيبتِي السريّةِ غيرَ آبهةٍ بالوجعِ الّذي صار يتدفقُ في روحِي، دون أن أعِي أنّي إنّما أنتحرُ ببطءٍ شديدٍ، كمدمنٍ يحاولُ إقناعَ نفسهِ في كلّ مرّة بأنّها الجرعةُ الأخيرة وبعدها سيتوقّفْ.
يخيّلُ إليّ وكأنّي مهرّجٌ طاعنٌ في الحزنِ، يعلّقُ أوجاعهُ قبلَ كلّ عرضٍ على مشجبِ الانتظارِ في الكواليسِ، يرسمُ بالألوانِ ابتسامةً صاخبةً على وجههِ الحزينِ ذاك، ويرتدِي سعادةً باذخةً ليخرجَ إلى النّاسِ بكاملِ أناقتهِ (…) -
لن نودعك
25 شباط (فبراير) 2012, ::::: غانية الوناسإنــه الصبــاح بثقــله. وهـا هي الشمس تحــاول عبثــاً أن تـرسل بعضـاً من أشعتهـا عبر فراغـاتِ السحـابِ المتـراكم.
الغيـومُ تملأُ السمـاء في هذا الصبـاح. وأنـا أجلسُ على غيـر العـادةِ، أكتبُ في وقتٍ مبكــرٍ جــداً، أتـأمـلُ ما تبـقى من ســاعـاتِ العــامِ المغـادر، وأفكـر، لعـلِّي أتذكــر لحظـةَ فـرحٍ صـادفتـني فيـه.
الفرح بات شحيــحاً جـداً في أيـامنـا هذه. والحـزن أصبح عنــوانـاً لكـل شيء حولنــا.
حينـما نحــاولُ استعــادة بعـض من ذاكـرتنـا القريبــة، تبـاغتـنا ذكــرياتٌ بعيــدةُ كانـت (…) -
بداية تقتل الأمل
25 آذار (مارس) 2012, ::::: وهيبة قويّةخرجت من البيت مثل طفلة صغيرة تستقبل المدرسة أوّل مرة، كعهدها بنفسها منذ سنوات خَلَتْ. كانت ترى عملها أجمل ما أنجزته في حياتها إيمانا منها بنبل رسالة التّعليم وحبّا لعملها في ذاته، ولأنّ العمل وحده يوفّر لها مساحة من الوقت تشعر فيها بأنّها هي، هي ذاتها وليست أخرى، وبأنّها امتلكت شيئا لنفسها تنفع به غيرها بكلّ الحبّ الّذي في قلبها لطلاّب العلم.
في الطّريق كانت تبتسم لنفسها وتُحدّثها بأنّها ما زالت تستطيع أن تستشعر حبّ التّلاميذ لها وحبّ أصدقائها وزملائها وأن تبذل مزيد الجهد لا للعمل فحسب بل (…)