حين تتجلى الذاكرة في دلالها تصبح لها أرجل طويلة تسابق الخطى إلى العمق، تمعن في رحيلها المترع بالشغف والفضول، لتنبش في فتنة الطفولة، عن الزمن المفترش رياضه بإيقاعات البياض، نخاتل لحظات مطعمة بالبراءة والشقاوة.
حينها كانت أصواتنا تغلفها قسمات التساؤل ونحن نشرئب بأعناقنا حتى لا يفوتنا انسياب الجواب، كنا نطرح الأسئلة كمزاولة فنية متقنة وعيوننا تصدر بريقها شغفاً، فقد كان للأشياء من حولنا وميض زاخر بالغموض مثير للفضول. لم يكن غريباً أن نزاول صخبنا بإيقاع متغير، فقد كنا نشق شرنقة الوعي بلهفة (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > نصوص عامة
نصوص عامة
المقالات
-
إيقاعات زمن البياض
25 كانون الأول (ديسمبر) 2012, ::::: هيام ضمرة -
سعادة أخرى
1 أيار (مايو) 2008, ::::: ربيع محمود الربيع=1=
دائما تسألني في جميع رسائلك السؤال الأبدي ذاته: "كيف الصحة والأحوال؟" ودائما أكذبك القول بالإجابة نفسها والتي عودتكَ عليها:
"الصحة جيدة والحمد لله."
لا يا صديقي، صحتي ليست جيدة وأخباري سيئة جدا، لا تسر عدوا ولا صديقا، فمرضيّ خطير جدا، وسأموت خلال أيام معدودة. هذا السر الذي أخفيته عنك في رسائلي السابقة ولا أجد مبررا لإخفائه بعد الآن. ومع ذلك لا تقلق، فمعنوياتي عالية جدا. وكما عهدتني ما زلتُ دائم الضحك، حتى أنني أصبحتُ لا أستطيع التوقف عن الضحك:
أضحكُ على هذه الدنيا، وكيف أن فراقها (…) -
البسمة التي أنعشتني
25 أيار (مايو) 2012, ::::: هيام ضمرةكان يوماً مبتسماً ذلك الذي عزفت فيه صرخة الحياة الأولى لحفيدي، يومٌ تعطَّر برائحة المسك وشذى الانتعاش، انتقلت صرخته عبر الهاتف النقَّال منْ غرفة الولادة إلى مسامعي، فإذا معزوفته تطل على روحي بكل أوتار عزفها، لتزغرد الدنيا مِنْ حولي، كأنَّ كل شيء بات فيها ناطقاً، مغموراً برائحة الفرح، ومغموساً بشوق اللهفة، كأنما يعرف هذا الخداج أنَّ هذه الصرخة ستلئم الجراح وتبلسم الوجع، فقد عزفت اللحظة كل أشجانها وأفراحها في آن معاً.
انهمرت دموعي مدرارة، وتلمست موجوعة جراحي، فصرخته كانت نداءً، وأُولى دفقات (…) -
هـــواء
25 أيلول (سبتمبر) 2012, ::::: محسن الغالبيكدت اقتله حين صوبت المسدس ما بين عينيه الرائعتين، واللتين طالما رعينني بنظراتهما اللتين لا يشك المرء مطلقا ً بصفائهما. لا أتذكر الآن تماما ً إن كان أصبعي العاق ّ قد ضغط الزناد، أم لا. أم أن المسدس لم يكن محشوا ً وأنني كنت أهذي لفرط جنوني في تلك اللحظة، أم أنها شجاعة متهور أخرق قد استولى عليه غضبه.
كان ما أثار غضبي أنه لم يصغ إلي، لم يصغ إلي ّ حينما أخرجت له مكنون قلبي الذي لم يعد يطيق كتمان عشقي المجنون هذا.
كان شوقي إليها يمزق شغاف قلبي، فلا أكاد أقوى على الكتمان. كان حبا ً طاغيا. لكنني (…) -
قتلتْ أحلامَها يا حرامْ
25 تموز (يوليو) 2013, ::::: إبراهيم يوسفأنـا هـَلـَّق شحـَّـاد، لـَكـِنْ بـِحـْلـَم. بـِحـْلـَمْ صير غـَني. بـِحـْلـَمْ صير مـُدير. بَسِّ المـَلـِكْ، ما إلـُو مِسـْـتـَـقــْـبـَـــــــلْ. واقـِف عَ البــاب الأخـِيــرْ، عَ البـاب الـِمـْسـَكـَّــرْ. ما بـْيـِقـْـدَرْ يـِحـْـلـَمْ أكتـرْ. لأنـُّو مـَلـِكْ، شـُو بَعـِدْ بـْيـِقــْدُر يـْصيـرْ؟
جزء من حوار من مسرحية "هالة والملك" للأخوين رحباني. (شاهد المقطع في نهاية النص).
كانتْ مشاكِسَة؛ لا تتورعُ في الدِّفاعِ عن حقوقٍ باطلة، تساعدُها قسوةٌ ملحوظة، وخلفيةٌ مبهمة لا تخلو من (…) -
ذكرى الراحل
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: المهدي كروميعاش ازديادين حبيبين للنفس. ميلاد فرح الناس بداية، وميلاد فرح النفس وسرور المحبين فيما بعد، الطفولة حكاية الوالدين، والنضج روايات الناس الأخيار. كلتا الحكايتين عزيزتين تلتمسان الخروج إلى النور. سر باح به قبل كشف خبايا النفس التي ارتجلت الحكاية، آت من رحلة خلفية سبب الوجود في أحضان الطبيعة الجديدة.
نهج طريقه بين الحاضنين: حضن الأسرة وحضن المجتمع، بصعوبة تذكر.
نما مع إخوته في وظائف، حذق أداء المهمات، جلب حظوظا من الثناء، بعض إخوته يبلون البلاء الحسن، وهم من خيري الإخوة. الباقون دون ذلك، (…) -
كل ثورة وأنت لي
1 آذار (مارس) 2011, ::::: ياسمينة صالحوأنا أغتسل من غموض يولد في الفضاء، كلما بدا لي الطريق طويلا، استعادت خطاي ريح الشمال من ملح الجهة الوحيدة التي شدتني من ضلوعي إلى شمسها، لأمشي أكثر حرقة، وأقل رغبة في البكاء. قال لي حين داهمني الحزن المسائي: "لماذا لا تتوقفين عن التساؤل، وأنت تعلمين أن الأسئلة تقتل الإجابات السهلة، كما يقتل الصمت حوارا جميلا؟" لم أقل إن الأسئلة توقظ العشب في أرض موغلة في الخراب، توقظ الشمس في ظهيرة كئيبة حد اليأس، وتوقظ تلك الفكرة الوحيدة التي تصنع منا واحدا عندما نكون أقل اقترابا وأسوأ حالا من مرضى في (…)
-
شجرة اللوز
23 نيسان (أبريل) 2016, ::::: شيماء غفارثمة ما يخبرني أنه علي أن أكتب الحزن دوما، وأجعل من أحرفي تلك مرآة كبيرة تعكس انكسارات القلوب وصخبها.
من قال إننا نقرأ لنفرح أو نستريح؟ نحن نقرأ لنقارع الحزن؛ و خير أسلوب للمواجهة هو الاعتراف. علي أن أفهمهم أنهم بشر لا أكثر، وأن عليهم أن يدركوا أن عقارب الساعةِ سامة، تودي بساعاتِ العمر وتقرب الموت.
ثمة ما يخبرني أنه علي أن احكي للآخرين حكاياتِ زرعت في صدري، ونبتت شجرة لوز لا تهدي عطرها سوى العاشقين، ولا تظلل سوى العابرين إلى الموت.
أنتِ بداية الحكاية، حكاية الصبية الجميلة طويلة الشعر (…) -
لست وحدك
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2007, ::::: زينب عودةجاءني بعد طول غياب يطرق باب العمر. يقول: كان القرار لحظة ولكن الانتظار كان أسرع. نظرت إليه وعشت لحظات ما بين التأمل والصمت والوحدة. أحسست كم بينها من أشياء مبهمة لا يدركها أحد. وما بين الغربة والحب جذور عميقة من نبض الحياة. أكان القرار لحظة بداية أم نهاية مطاف اتسعت فيه مسافات ومسافات وبقينا نحن في محطة انتظار؟ كان القرار لحظة.
كانت شفتاه ترتعشان وبدا عصبيا على غير كعادته. أجلسته حيث الهواء. اغرورقت في عينيه الحزينتين. مددت يدي على جبينه أمسح قطرات مثل حبات الندى بدت تلمع من وهج الألم. بدا (…) -
مراسم إقالة الضوء الأحمر
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2010, ::::: أمل النعيميمن قبل أن يؤرّخ التاريخ بقبل وبعد الميلاد، وقبل وبعد الهجرة، اعتاد الحقّ والباطل أن يسيرا كخطّين متوازيين لا يمكن أن يلتقيا. وفي حلّهما وترحالهما بين الأزمنة والعصور كان لكلّ منهما مريدوه ومعادوه. الحق يزهو بالتقدّم في المسير وكثرة الأنصار الأخيار الّذين طالما عاضدوه كلّما كبا وتقهقر، والباطل يتوعّد بالويل والثبور وعظائم الأمور وتحرقه الغيرة فيتظاهر بالغرور.
في يوم لم يؤرّخه الزمن بأرض مجهولة الاسم والعنوان فكّر الباطل أن يستأجر شيطانا ليغتال الحق. دار بينهما جدال عقيم ما لبث أن أثمر، حيث (…)