أن يكتب الإنسان سيرته الذاتية أمر مألوف، وهو يتأمل تيارها المتدفق. ولكن الكتابة عن الحياة، وهو يخوض غمارها ويصارع لججها مسجلا اللحظات المصيرية: مواجهة المرض ومواجهة الخيبات والطغيان والفساد، آنفا أن يموت جبانا، نص له وهج الجذوة المتوقدة في الروح المبدعة؛ نقرأ في ضوئه تجليات النفس الإنسانية في طبقاتها المتعددة وتتراءى لنا أطيافها، فإذا نحن نفس واحدة.
"قد تفلت السنوات من حدودها، لأن أعمارنا كما هو معروف تفيض عن أعمارنا، وتقفز بلا استئذان إلى ما قبلها أو ما حولها، وتمتد متشعبة في التاريخ (…)
الغلاف > المفاتيح > مقالات > ذكريات وسيرة
ذكريات وسيرة
المقالات
-
أثقل من رضوى
30 أيار (مايو) 2014, ::::: هدى أبو غنيمة -
الحادثة الأليمة
1 نيسان (أبريل) 2011, ::::: إبراهيم يوسفنبني فتهدمها الرّياح
فلا نضجّ ولا نثور
(أبو القاسم الشّابي)
من المحزن حقا أن ندوس بلا رحمة أو غضب على قناعاتنا وعواطفنا، حتى دون السماح لنا بالاعتراض أو إبداء الرأي، عندما يتقوّض منطق الأمور وتتحول قلوبنا إلى مقبرة، وقضايانا إلى هزائم. كنت أقول لنفسي، ما دام منطق الأمور هكذا، سأستبيح كلّ الأمور المحظورة لأتحدّث عن خيبتي بلا خشية أو حرج: عن الدين والجنس، وعن التسكع وخيانة الأوطان، فلم ينفع؛ انقضى الأمر ومنع النصّ من النشر، هذه المرّة بدواعي الأمانات الأدبية، واستراح عدلي الهواري ("مولاي (…) -
جدلية حضور الـبِـرْوِة وغيابها في الخطاب الشعري
1 أيلول (سبتمبر) 2023, ::::: محمود كيالملخص
يتناول هذا المقال تجليات الحيز المكاني لقرية الـبِـرْوِة في الخطاب الشعري من خلال قصيدتين: الأولى لأسعد عطا الله صدرت عام 1930 وهي قصيدة زجلية في المفاخرة ببلدته وأهلها، والثانية لمحمود درويش صدرت عام 2009 وهي قصيدة فصيحة على شعر التفعيلة بعنوان "طَـلَـلِـيّـة الـبِـرْوِة". ورغم الاختلاف الواضح بين القصيدتين من حيث زمان كتابتهما وأساليبهما ولغتهما، إلا أن المقال يطرح إمكانية قراءتهما بشكل متزامن، خاصة وأنهما تعبّران عن انتماء الشاعرين وتعلّقهما بنفس الحيز المكاني الذي ولدا وترعرعا (…) -
غزة: كلنا أصدقاء في الحرب
25 آب (أغسطس) 2014, ::::: أحمد بعلوشةنجوت من معارك كثيرة ولم أعد طفلا لأعرف كيف يرى الأطفال هذه الطائرات. ابنة أخي دائما ما ترسل التحية إلى الطائرة وتتمتم بلغتها التي لا أفهمها، لكنها هي اللغة ذاتها التي تستخدمها حين تقابلني لترحب بي أو لألعب معها في فناء البيت. ترحب بالطائرة، إلا أنها تخاف من القذيفة، والواضح أنّها لا تعرف العلاقة التي تربط بينهما.
لم أحاول أبدا أنْ أعدّ أيام العدوان، لأني كنت مشغولا ربما برواية القصص التي تسقط في الشوارع وأمام البنايات، الناس الذين يختفون فجأة ودون سابق إنذار، أبادر الاتصال بمن وجدوا في (…) -
بقرة حسين
1 أيلول (سبتمبر) 2023, ::::: عبد الحميد صيامتجمعت النساء في وسط الحارة مع ساعات الغروب. عشرون امرأة أو أكثر ومعهن أطفالهن. الليلة سيتوجهن إلى مقام سيدي «الدوير» يتضرعن إلى الله لعله ينزل غيثه على الأرض العطشى. القناعة لدى أهل القرية أن أهازيج الاستسقاء والدعاء في مقام سيدنا «الدوير» جنوبي القرية مستجاب بوجود الأطفال الذين لا ذنب لهم في هذا الجفاف والقحل والمحل الذي يهدد الزرع والشجر والموسم الزراعي بكامله.
مر شهر كانون الأول وكانون الثاني وشباط «الخبّاط الذي يحل البقر من الرباط» دون نقطة مطر واحدة. بدأت سيقان الزرع في أوائل آذار (…) -
حلوى الذّاكرة
1 آذار (مارس) 2021, ::::: وهيبة قويّةأنا ورمضان والعيد حكايةٌ حَلوَى، طعمها غارق في العسل والألوان وسكّرها عالق بلسان خيالي، وشراهةُ الذّكرى لم تُذِبْ حلاوة عسلها منذ ولّت الطّفولة وتركتُ عادة انتظار موعد الإفطار مع بنات الحيّ وبين أيدينا كنوزنا الحُلوة في” علبة رمضان” أو” قنديل رمضان" نغنّي لها ونتباهى بها وقد نتقاسمها أو نتبادل بعضها لمزيد من الألوان والحلاوة.
لم يعد العمر يسمح بإقامة مراسم علبة رمضان، فهي من عادات الصّغار في مدينتي الصّغيرة، وقد كبرت، ولم أجد من يعرفها في المدينة الّتي انتقلت إليها، لذلك لم أفكّر في نقل (…) -
لم يكتمل حواري مع نافذتي
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: نازك ضمرةكعادتي أعود إليك يا نافذتي، حين أفيض شوقا لحريتي التي اعتدت عليها مدى عمري الذي طال. أكاد أشبهك أيتها النافذة في سكونك وثباتك، على الأقل في الأيام والسنين القليلة الماضية.
لا أدري أينا افضل حظا، أنت مطمئنة راسخة مثبتة في مقرك، وليس بمشيئتك، لكنك ربما اعتدت على هذا المقام، أما أنا فما زال لدي هامش حرية بسيط، أتسمر أمام شاشة التلفاز لساعات، ممددا على أريكة طويلة، ملتني من ثقلي وقلة حركتي، مثلك أيضا ليس بمشيئتي.
لا أجرؤ على مخاطبتها وعلى مسمعها أنني مللتها أنا الآخر، كتمتها حتى لا أغضبها أو (…) -
رحلة في الماضي البسيط (*)
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: إبراهيم يوسفكان لي بالأمس قلب فقضى
وأراح النّاس منه واسْتراحْ
ذاك عهد منْ حياتي قد مضى
بين تشبيب وشكوى ونواحْ
(جبران خليل جبران) . منذ عقود طويلة من الزمن، مع نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، طويت الحكاية في نفسي وألقيتها جانبا، وقلت ذاك عهد من حياتي قد مضى. لكنّ الحكاية تمرّدتْ عليّ، وأبتْ إلا أن تستفيق لتؤرّقني من وقت إلى آخر؛ وتكدّر هناء عيشي. لعلّها "الانطباعات يتلقاها المرء في طفولته، تحفر مدى العمر آثارا عميقة في القلب"، على ما يقول أونوريه دي بلزاك (*).
تلك الأيام كانتْ وسائل التدفئة (…) -
على كرسي لويس الرابع عشر: ج1
25 تموز (يوليو) 2015, ::::: إبراهيم يوسفملاحظة من الكاتب: هذه الحكاية لم أروها في موضوع: "عندما تركت سكني في المدينة"، النص المنشور مؤخرا في ثلاثة أجزاء، اعتقادا مني أن الحكاية تستحق أن أخصّص لها موضوعا مستقلا، لا سيما أنني تذكرت الواقعة وأنا أقرأ في العدد 107 من "عود الند" موضوع الكاتبة لبنى ياسين: "ألوان لا تليق بالفقراء".
حينما وصلت إلى باريس؛ كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، والصقيع يخترق الثياب الصوفيّة الدافئة ويتغلغل في لبّ العظام. وصلتها بالقطار القادم من تولوز؛ في أقصى جنوب الجمهوريّة الخامسة، التي ناوأ (…) -
البيت القديم: بيت التراب
1 كانون الأول (ديسمبر) 2006, ::::: زين العابدين الزيوديثمة علاقة حميمة بين البشر والتراب، تمثل الحياة والموت، وتربط بين قدوم الإنسان وذهابه بعد أن كفل له سبل العيش في مشواره في الحياة. هناك على تلة مرتفعة في الجهة الشمالية الغربية من لواء الهاشمية في الأردن تربعت بيوت "غريسا." بيوت التراب القديمة مطلة على الحياة، تغازل القادمين، متكئة على جدران الزمن. احتضنت الأجداد ورافقتهم في المشوار، وارتبطوا بها، وزادت في مسيرتهم العطرة شيئا من التاريخ، واختزنت في جدرانها كثيراً من حكاياتهم، حكاية الحصادين و"الرعيان " وذاكرة الطفولة، وعلى جدرانها رسمت الطريق (…)