هناك نشأت، في مخيّم للّاجئين الفلسطينيّين، بين أحد عشر أخا وأختا، والشّمس والقمر، في مسكن من ثلاث غرف، وسقف من صفيح، كان وراء اختبائي خلف صوت خافت يكاد لا يسمع، ويكاد أن يختفي في أيام الشتاء، فصوت ارتطام المطر على السّقف، وضوضاء الحشد والحشر تخنق الأصوات الخافتة وتمنعها من وصول مبتغاها.
ولدت في العام التّاسع قبل اشتعال الحرب الأهلية اللبنانيّة، والتي كان فيها للفلسطينيين حصّة كبيرة، وقودا ونارا، وعشت لهيبها رهين المخيّم بين حدود بيت أم أنور إلى خلّة أبي نعمة. صور للشّهداء تعرّش على الجدران (…)
الغلاف > المفاتيح > مقالات > ذكريات وسيرة
ذكريات وسيرة
المقالات
-
كلمات في جدران لاجئة
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010, ::::: سالم ياسين -
عندما تركتً سكني في المدينة/ج1
26 شباط (فبراير) 2015, ::::: إبراهيم يوسفإذا كان المحرك في الطائرات بمكانة الروح من الجسد عند الأنسان، فإن أهمية "القائمة" والعجلات “L,atterrisseur” في الطائرات لا تقل عن أهمية القلب والروح جنبا إلى جنب.
منذ بداية الأحلام التي راودت البشر في التحليق وتقليد الطّيور، ومن عهد ليوناردو داڤينشي وعباس بن فرناس وحتى داسُّو وما بعد، بذل العلماء جهودا جبارة ففعَّلوا خيالهم وشحذوا عقولهم- ثم سخَّروا في صناعتهم العلوم وقوانين الفيزياء والكيمياء والرياضيات وأنواع المعادن من الألمينيوم والكروم والنحاس والتيتان.
هذه العلوم والمعادن كان بعضُ (…) -
ذكريات تنكأ الجراح
1 شباط (فبراير) 2010, ::::: زينب عودةالآن، وبعد أن مضى عام على الحرب التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، اتكأت على سريري لأعود بذاكرتي التي تقطر ألما لأنقل شهادة حية عايشتها بنفسي ولم اسمعها من الآخرين.
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر والنصف ظهرا من يوم السبت 27/كانون أول/ديسمبر 2008 حينما وطأت قدماي ارض الجامعة الإسلامية جنوب غزة للقاء أخير مع مشرفي قبل مناقشة رسالتي، الماجستير. وأثناء جلوسي برفقة زميلتي للحديث لحظة عما قد يحدث معي خلال المناقشة، فإذا بصوت مدو، ودون سابق إنذار، يزلزل المكان، ويعلن عن أن مدينة (…) -
أنا والعصافير
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: عبد الحميد صيامفي ربيع السنة الأخيرة لدراستي الثانوية واستعدادا لامتحانات التوجيهي انتحيت مكانا شرقيا من القرية الوادعة الحالمة على سفح الجبل. كنت أعتقد أن الدراسة بصوت عال أسهل للاستيعاب بسبب استعمال حاستي البصر والسمع. عملت مسارا صغيرا طوله نحو مئة متر أقضي معظم ساعات النهار رائحا غاديا في ذاك المسار القريب من أشجار الزيتون والتين وأحضان الطبيعة التي كانت تتزين بأجمل وأزهى الألوان، حيث الزهور البرية تتماوج بشكل بديع متكئة على بعضها البعض عندما تعبث بها نسمة رقيقة فتحنى رؤوسها ووريقاتها وتيجانها الزاهية. (…)
-
نعمة الحياة
25 كانون الثاني (يناير) 2013, ::::: سامية الأطرشاليوم: الثلاثاء، 1 يناير/كانون الثاني 2013. الساعة: دقيقة واحدة بعد الثانية عشرة منتصف ليل الاثنين: 31 ديسمبر/كانون الأول 2012. رحل عام وقدم آخر. الاحتفالات جارية على قدم وساق في بقاع العالم أجمع رغم ما مر عليه من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية ومآس وصعوبات وحروب وانتفاضات، خصوصا في عالمنا العربي الذي لم يعرف الاستقرار حتى الآن.
ركزت بإمعان على ما يقدمه التلفزيون البريطاني. متعت أنظارها بما تشاهده من الألعاب النارية والألوان البراقة والأشكال الهندسية التي لا توصف وهي تزين سماء لندن لتضيف (…) -
بانت الفضيحة وانقضى الأمر
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: إبراهيم يوسفتلك البلدة في شمال لبنان، ولا تبعد كثيرا عن الفيحاء، صعودا إلى الشرق في اتجاه باب الشمس، وغابة الأرز في بشرّي، موطن الأرواح المتمردة وجبران النّبي، والتي لا تحتاج إلى تفكير طويل، لكي يكتشف المرء أين تكون، وما اسمها بالإشارة إلى الحرف الأول من الاسم. يكفي التذكير بالكرم والضيافة والشئمة وقسوة الطباع وكلام موثوق لا رجوع فيه إلا بانقضاء الأجل.
وجرن الكبّة الحاجة البسيطة. وله في الأعراس شأن وتاريخ شعبيّ طويل، يلقي على البلدة مزيدا من الضوء. كما الرصاص يلعلع في ساحة الكنيسة أو في فضاء المآتم (…) -
"اتفرج يا سلام"
1 نيسان (أبريل) 2010, ::::: إبراهيم يوسفكان يأتي إلينا على بغلته بين الحين والآخر، لمداواة المرضى ومعالجة العقم، يقال إنّه قلّما فشل في تشخيص داء أو خاب له دواء. غالبا ما كان العلاج بالنار، ينسى معه المريض الوجع. فتيل من نسيج يحترق بطيئا على اللحم الحيّ؛ يذكّر بالثأر لله يوم الحساب، ومن أساليبه "الحجامة وكاسات الهوا"، بالإضافة إلى ختان الصبيان وتجبير الكسور.
كنت أحد ضحاياه عندما قرّر مداواتي بالكي فوق الخصيتين، بعدما لاحظتْ أمي فارقا في حجميهما، وهي تساعدني في الاستحمام على النهر. يومها لم أبك لأنني غبت عن الوعي، وعندما أفقت من (…) -
أنا والبابوشكا (*)
1 كانون الأول (ديسمبر) 2010, ::::: سحر خليل(*) البابوشكا: كلمة روسية تعني الجدة أو المرأة العجوز. الدبلونكة: كلمة روسية تعني معطفا مزدوجا مخملي المظهر يقي برد الشتاء. . انت ليلة باردة يكسوها الثلج الدافئ، وكانت حباته تتساقط كاللؤلؤ الدرّي، يضئ سماء ليلة عيد الميلاد بفرحة الانتظار، وكرات الثلج البيضاء تتراقص متناثرة وهي تهبط من سماء ليلة الرحمة، تعزف ألحانا لم تسمعها الأرض من قبل، فتشدو أصواتا ملائكية بسمفونية رحمانية تعلن بداية عام جديد بانطلاق عيد المسيح في تلك البلاد البعيدة، بلاد من ثلج وصقيع.
وما أن تسمع الأرض ذاك النشيد (…) -
البيت القديم: بيت التراب
1 كانون الأول (ديسمبر) 2006, ::::: زين العابدين الزيوديثمة علاقة حميمة بين البشر والتراب، تمثل الحياة والموت، وتربط بين قدوم الإنسان وذهابه بعد أن كفل له سبل العيش في مشواره في الحياة. هناك على تلة مرتفعة في الجهة الشمالية الغربية من لواء الهاشمية في الأردن تربعت بيوت "غريسا." بيوت التراب القديمة مطلة على الحياة، تغازل القادمين، متكئة على جدران الزمن. احتضنت الأجداد ورافقتهم في المشوار، وارتبطوا بها، وزادت في مسيرتهم العطرة شيئا من التاريخ، واختزنت في جدرانها كثيراً من حكاياتهم، حكاية الحصادين و"الرعيان " وذاكرة الطفولة، وعلى جدرانها رسمت الطريق (…)
-
غزة: كلنا أصدقاء في الحرب
25 آب (أغسطس) 2014, ::::: أحمد بعلوشةنجوت من معارك كثيرة ولم أعد طفلا لأعرف كيف يرى الأطفال هذه الطائرات. ابنة أخي دائما ما ترسل التحية إلى الطائرة وتتمتم بلغتها التي لا أفهمها، لكنها هي اللغة ذاتها التي تستخدمها حين تقابلني لترحب بي أو لألعب معها في فناء البيت. ترحب بالطائرة، إلا أنها تخاف من القذيفة، والواضح أنّها لا تعرف العلاقة التي تربط بينهما.
لم أحاول أبدا أنْ أعدّ أيام العدوان، لأني كنت مشغولا ربما برواية القصص التي تسقط في الشوارع وأمام البنايات، الناس الذين يختفون فجأة ودون سابق إنذار، أبادر الاتصال بمن وجدوا في (…)