أمي: مع أنهم يقولون إن الاعتراف فضيلة، ما سأهديه لك في عيدك يندس تحت جلدي كالعلق الذي يمتص الصديد، وما دام فيه راحتي وربما شفائي فاني أطمع في غفرانك مع أنني ربما لن أعرف أبدا إن كنت ستفعلين. أنت في عالمك الآخر الذي يلتفع بالأسرار نأيت منذ زمن بعيد.
أمي: الكارثة لا تكمن في أنك عندما كنت نزيلة عالمنا يلفنا جدار منزل واحد ودفتر عائلة. ولم أعرف أن لك بين الأعياد عيدا. الكارثة ليست في أنني لا أستطيع وضع باقة ورد فوق قبرك البعيد. الكارثة كانت عندما عانق اليراع راحتي وطافت الدموع بمقلتي أحسست (…)
الغلاف > المفاتيح > مقالات > ذكريات وسيرة
ذكريات وسيرة
المقالات
-
رذيلة الاعتراف
1 آذار (مارس) 2009, ::::: أمل النعيمي -
على كرسي لويس الرابع عشر/ج2
25 آب (أغسطس) 2015, ::::: إبراهيم يوسفها أنذا برفقة غازويل صاحبة الفندق، الأرملة الألمانية الشقراء ذات الأصول الآريّة الواضحة للعيان، التي تحمل الجنسية الفرنسية كما أخبرتني، وتفوح من أردانها رائحة (سوار دي باري)، العطر الأرقى في ذلك الزمن الجميل.
تركت العزيز ڤيكي في عهدة غريمتي فتاة الاستقبال إيّاها، التي قلت لها عند وصولي وقد علا صراخها في وجهي: أخفضي صوتك قليلا يا سيدتي لكيلا تخسري جمالك في نظري، ولكيلا أحْسب أنك غير فرنسية، فالفرنسيات الجميلات أكثر تهذيبا من أن يصرخن هكذا.
جنّت الفتاة ولم تحفل بثنائي المبطّن على جمالها؛ (…) -
لِمن المخترة؟
1 آذار (مارس) 2022, ::::: فنار عبد الغنيلم أكن أرغب بالكتابة عن هذا الموضوع الذي يعيدني إلى سنوات الطفولة العجاف حيث جرت أحداث هذه القصة، لكنني تشجعت عندما كنت أشرح في الصف لطلابي عن أثر الطفولة وذكرياتها في تكوين اللاوعي وأثره على شخصية الفرد.
لم أكن حقا أرغب في كتابة هذه الأحداث لكيلا أغوص في تحليل شخصيات الناس واستخراج عقدهم النفسية. لكن حدثت أمور عديدة جعلت هذه القصة تعود إلى وعيي من جديد، منها موت المعلم أبو شادي بطل قصتي، ومنها شرح درس الوعي الذي أكد لي أن الأحداث المؤلمة التي تنطبع في ذاكرتنا ونحن أطفال تكون أعلى من مستوى (…) -
من الحب ما قتل
1 شباط (فبراير) 2011, ::::: نوزاد جعدانملهم. هكذا كان اسمه. عرفته أيام الطفولة حين كنا نلعب بالصور القديمة ونتبادلها، وكنتُ دائما أربح منه بالغش والحيل. رافقني أيام المراهقة حين كنا نتسكع في شوارع حلب تحت سقف مساءاتها المتعبة والمترعة. كانتْ أقدامنا تتورم أمام ديار حبيبة كل منا. وملهم رقيق جدا، له قلب أرق من السلوفان وله مشية بساق ثابتة وابتسامة فيها ظلّ من الغموض. كان وقور السمت ومتين البنيان، وله رقبة غليظة تكاد تخترق كتفيه.
انتقلتْ عائلته من حارتنا منذ سنين فارعة ومن وقتها لم أره، وفي ذاك اليوم الأهوج والسماء في مخاض، بينما (…) -
من دفاتر المنفى: ريما
1 آب (أغسطس) 2008, ::::: أميمة أحمدهذه الـريما ليست ريما التي تقول عنها فيروز: "ريما، ريما الحندقة، شعرها أشقر ومنقى." ريماي عكسها تماما، لا شقراء ولا حندقة، ولا شيء من هذا الجمال الذي تتغنى به فيروز. أول مرة رأيتها في بيتي. يومها دعوتها إلى العشاء مع آخرين، وكان زوجها أيضا مدعوا مع أحد أعز أصحابه كما يزعم. بدت ريما لطيفة، دمثة، لكن عينيها الصغيرتين المحمرتين تدوران في محجريهما بفضول غريب لمعرفة ليس فقط تفاصيل البيت الذي تدخله لأول مرة بل لتعرف أدق التفاصيل عن أصحاب البيت.
لأن بايا صاحبة البيت وصاحبة دعوة العشاء تركت ضيفتها (…) -
أساطير وذكريات
1 أيلول (سبتمبر) 2006, ::::: عيسى ريتاكان الصبي ذو السحنة السمراء يلهو بسعادة على الضفة الغربية من الأخدود الأفريقي العظيم. يبعثر ذرات رمال شاطئ البحر الأحمر في عنان السماء. وقد أبلغه جده أنه قد قرأ في صحيفة ذات يوم أن بعض العلماء قد صرحوا بأن البحر الأحمر سيصبح محيطا عما قريب، لأنهم اكتشفوا تباعد ضفتيه بسرعة، وخلال فترة وجيزة بلغ تباعد الضفتين سبعة كيلومترات.
لم يكن هذا الصغير يعلم أن هذا اليم لم يكن في عهود خلت سوى يابسة تسعى فيها الخلائق، وتنبت فيها الغابات، وتعج بالحيوانات المتوحشة والأليفة والطيور بشتى أنواعها وأجمل (…) -
رسالة كتبت قبل عقود
1 نيسان (أبريل) 2008, ::::: أميمة أحمدكان تاريخها 8/11/1980. لم يمض على اغتراب باية سوى أقل من أربعة أشهر. ضاقت ذرعا بالغربة في بلد لا تعرف فيه أحد سوى من كانت تؤمن بهم "رفاقا". بلد غريب في عاداته ومختلف جدا عن بلدها. كانت تخاف كثيرا من الليل، فتغلق كل نافذة توصلها بالعالم الخارجي، وبيتها كان مكون من غرفة واحدة ولواحقها، ليس فيه شرفة، لا تتجاوز مساحته اثنين وعشرين مترا مربعا، مرتب ترتيبا أنيقا، كان يسكنه قبلها أستاذ جامعة اختار توفير النقود على العيش في بيت واسع طالما اغترب ليؤسس مستقبله.
باية وجدت البيت رائعا لما تحمله من (…) -
قصة مهاجر (*)
1 أيار (مايو) 2009, ::::: آمال سلامة= القصة مستقاة من أحداث حقيقيّة. وبعض شخصياتها على قيد الحياة.
= جمزو، نعلين: قريتان بالقرب من مدينة الرملة في فلسطين التي كانت تخضع لحكم بريطانيا (انتداب).
= الهاجانا: عصابة صهيونيّة سمحت بريطانيا لها بالنمو والتدريب في فلسطين.
= الويلس: جهاز اللاسلكي. . الطرقات تكتظ بالسائرين خاصة تلك التي أشيع عنها أنها آمنة، أصوات تختلط ببعضها البعض تكاد لا تميّز فيها صوت البشر الغاضب من صوت الرصاص والمدافع، أشخاص ينادون يبحثون عن أقربائهم وأصحابهم بين زحام السائرين، بكاء أطفال وعويل نساء، شمس (…) -
من دفاتر المنفى: الزلق
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: أميمة أحمداتكأت ميس على شرفة الماضي وألقت نظرة للخلف علّها تجد ما ضاع منها بين ركام الاغتراب وتحت رماد حرائق نشبت في كثير من الأحيان دون سبب وعبثت في الروح بانتشاء.
كانت ميس تمسح على رؤوس قططها السبعة، السيامية السلالة، وبعضهم من الفصيلة الملكية. ميس تجد الأنس والتسلية مع هؤلاء القطط في منفاها، فهم أصدقاؤها الأوفياء والمحبون، وهي تحبهم حبا جما، ولشدة حبها لهم قلبت قولا نسب للرئيس الفرنسي شارل ديغول: "أحببت الكلاب أكثر كلما عرفت الناس أكثر"، فميس أحبت قططها أكثر كلما عرفت الناس أكثر. كثيرا ما شكت (…) -
الرجل الذي حمل البحر
21 آذار (مارس) 2016, ::::: فنار عبد الغنيهذه القصة مهداة إلى روح أبي الذي أحب البحر وحمله معه
لم يكن أبي رجلا عاديا. عاش طيلة حياته يفاجئنا بأعماله غير العادية، لذلك لم يستطع أحد منا فهم تلك التصرفات التي كانت تجلب لنفسه السرور وتجعله يحظى بمحبة الناس. نجح في إخفاء أسرار آلامه المزمنة في خبايا نفسه. كان نظره ضعيفا جدا ولم يُشعر أحدا بذلك. ولم تساورنا الشكوك بشأن نظره، لكننا كنا نستغرب حرصه الدائم على حمل أكثر من مصباح يدوي صغير في جيبه وإحاطة غرف البيت بأشكال وأنواع عديدة من مصابيح الإنارة الكهربائية أيضا. كنا نتعجب من ذلك، لكننا (…)