حكاية صدور الحقيقة
عندما حدث ما وصف بالانتفاضة والانشقاق في صفوف حركة فتح في أيار/مايو 1983، كان العلم بما يجري داخل فتح مقتصرا على من لديهم تواصل مباشر مع أصدقاء في الشام أو بيروت، والمعلومات الرسمية من فتح ووكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) كانت تتحدث عن "إشكال".
ذات يوم أعطاني طالب عراقي يدرس في نفس الكلية (سيتي كولج) في نيويورك عددا من مجلة كان يحملها، اسمها "صدى الجبهة"، وتحته وصفت بأنها "مجلة دورية يصدرها أنصار الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية العراقية في أمريكا وكندا". وكان العدد الذي أعطي لي العدد الأول منها ويحمل تاريخ "أواسط تموز 1983".
عندما تصفحت العدد وجدت فيه ثلاثة بيانات صادرة عما صار يسمى "الانتفاضة" داخل حركة فتح. ولأن هذه المعلومات متوفرة في نشرة كهذه، شعرت بأن علي واجب نشر ما لدي من معلومات عما كان يجري في فتح، فالمعلومات هي الأساس الصحيح لتمكين الناس من معرفة ما يدور حولهم وما يهمهم، ومن اتخاذ القرار الذي يرونه مناسبا.
فكرت في نشر البيانات الثلاثة التي وجدتها في المجلة العراقية مع اثنين كانا لدي، ووجدت أن أفضل وسيلة هي نشرها في مجلة أرسلها إلى العناوين التي لدي.
فكرت في اسم للمجلة. استعرضت العديد من الأسماء في ذهني، وتوقفت عن محاولة الاختيار، وانصرفت إلى عمل ما. وفي غمرة انهماكي به، كأن وحيا هبط عليّ وقال "الحقيقة". كان اسما مناسبا جدا، وينطبق تماما على الغاية من إصدار المجلة. وكان للاسم ميزة وهي إمكانية كتابته بخطوط مستقيمة، فلست خطاطا. وفي النهاية كانت طريقة كتابة الاسم مميزة ومناسبة للاسم.
كأي مجلة، كان على "الحقيقة" رقم عدد (العدد الأول)، وتاريخ (أيلول 1983)، وأضفت إلى ذلك صفة "عدد وثائقي"، وقد كان كذلك فعلا. واعتمد الغلاف على طرح سؤال: "ماذا يجري في فتح؟" وتحته كانت الإجابة: "ما يجري في فتح بعيدا عن التشويه وكما ورد في الوثائق".
البيانات الخمسة وبعض المعلومات الأخرى المطبوعة كانت كافية لإصدار مجلة عدد صفحاتها اثنتي عشرة صفحة من حجم تابلويد، ويعادل ذلك 24 صفحة من حجم ايه 4.
- مجلة الحقيقة العدد الأول 1983