عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

مـحـمـد عـــواد - الأردن

عرض كتاب كيف أصبحوا عظماء؟

لسعد الكريباني


كنت أتصفح كتابا رائعا املكه منذ سنوات للمؤلف سعد الكريباني. هذا الكتاب يحمل عنوانا جميلاُ ومميزاٌ وهو "كيف أصبحوا عظماء؟"، فقررت أن أكون ناقل خلاصة هذا الكتاب بطريقتي لنعرف كيف أصبحوا عظماء، وأنصح كل من لم يقرأ هذا الكتاب باقتنائه وقراءته لعل وعسى خرج منا عظماء مثل من ذكروا في الكتاب.

أكثر ما أعجبني في الكتاب غير قصصه إهداء هذا الكتاب، فالدكتور أهداه لثلاثة؛ أمه ومعلمه وصديقه. أكاد أن الجزم أن المؤلف أراد تعليمنا خلاصة الكتاب من مقدمته فالعظيم يحتاج ثلاثة عناصر: أم تربي، وأستاذ يعلم، وصديق يقف بجانبك ويكون خير داعم لك. لذلك إن كنا نفكر أن فينا خامة العظماء فعلينا إيجاد هذه العناصر أولا قبل تعلم الأسس الأخرى على طريق العظمة.

شخصية الكتاب المميزة الأولى كانت تاكيو اوساهيرا، وهو أول من صنع محرك ياباني بعدما نقله من ألمانيا. شخصية تاكيو الذي جعل اليابان من أقوى اقتصادات العالم فيها عناصر لا بد من التحلي بها من أجل العظمة، أول هذه الصفات حسب رواية تاكيو لقصته انه كان يملك حلما وهدفا في حياته، فتاكيو لم يعش من أجل راتب وزواج ثم يتوقف عند ذلك. ثاني ميزات هذا الرجل العظيم أنه دفع كل ما يملك من أجل العلم فالمال لديه وسيلة وليست غاية فقد اشترى بطلنا في قصته محركا ليتعلم به براتبه كله، هذا المحرك كان بداية قصة تغيير مستقبل اليابان.

وآخر صفات تاكيو المميزة التي سأذكرها من صفات كثيرة تحلى بها تاكيو الرائع، شعوره بمسؤوليته تجاه وطنه اليابان حيث كان يحلم دوما بصنع شيء يساهم بتغيير واقع وطنه ليكون أفضل وأقوى دون حسابات شخصية وحساب مصالح.

شخصية عظيمة أخرى وردت في الكتاب هي بقي بن مخلد الأندلسي، هذا الرجل الكبير جاء من الأندلس إلى مكة وبغداد مشيا على الأقدام (علما أن الرحلة الجوية تستغرق ست ساعات فلنا تخيل طول رحلته) من أجل لقاء أحمد بن حنبل للتعلم على يديه، هذا الرجل جاء أحمد بن حنبل وهو مسجون في بيته بسبب فتنة خلق القرآن وكان الخليفة قد منع أحمد من لقاء الناس بسبب رفضه الاعتراف بخلق القرآن، فما كان منه إلا أن تخفى بلباس المتسولين وكان يأتي كل يوم لبيت أحمد ينادي بما ينادي به المتسولون، ليلعمه ابن حنبل عددا قليلا من الأحاديث كل يوم. هكذا هم العظماء يعترفون بالواقع لكنهم يقهرونه ولا يتذمرون.

في قصة بقي الأندلسي مع ابن حنبل صفة راقية لا توجد بكمالها إلا في العظماء، فابن حنبل طلب منه ألا يذهب لأي مكان اخر في بغداد يتعلم فيه كي لا يكتشف أمره أحد ويمنعوه من التعلم على يده. بقي بن مخلد وفا بوعده رغم المشقة في هذا الأمر، لكن العظيم دوما صاحب مبدأ ووفي بعهده.

العظيم الثالث التي اصطدت قصته من قصص عظماء كثر ذكرهم الرائع الكاتب الدكتور الكريباني، هو كونراد هيلتون (Conrad Hilton) صاحب سلسلة هيلتون العالمية الذي وصل به حال الفقر إلى أن يستدين ثمن الخبز من حمّال الأمتعة خلال فترة الكساد العظيم التي بدأت عام 1929. هذا الرجل تغير به الحال من حيث الجهد والتصميم عندما رأى صورة فندق عظيم في تلك الفترة كان اسمه "الوالدورف (Waldorf)" فقرر امتلاكه. وكان اسم مشروعه الذي كتبه في ذهنه "أعظمهم على الإطلاق". ثماني عشرة كانت كافية لأن يستطيع هيلتون امتلاك سلسلة كبيرة من الفنادق. وحقق بعد ذلك حلمه القديم بامتلاك فندق "الوالدورف (Waldorf)". هيلتون نجح لأنه وثق بنفسه وبقدراته الكبيرة، ثم بسبب وجود هدف واضح لديه يريد تحقيقه.

خلاصة هؤلاء العظماء أقدمها لكم حسب فهمي الشخصي لقصصهم.

= الإنسان العظيم شخص له هدف واضح وطموح كبير.

= الإنسان العظيم شخص يثق بنفسه وقدراته.

= الإنسان العظيم شخص ينتمي لمجتمعه ووطنه.

= الإنسان العظيم شخص أخلاقي يحترم عهده لنفسه وللآخرين.

= الإنسان العظيم يعترف بالواقع لكنه يرفض الخضوع له.

= الإنسان العظيم ليس محكوما للمال، لكنه محكوم لطموحه وغاياته.

كم أتمنى أنا وغيري من أبناء هذه الأمة العربية خروج عظماء جدد بمعنى الكلمة ليكونوا نقطة تحول التاريخ، لنحقق أبياتا قالها أجدادنا في الماضي ولم نعمل بها نحن الأحفاد:

ونحن أناس لا توسط عندنــا = = لنا الصدر دون العالمين أو القبر

تهون علينا في المعالي نفوسنا = = ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر

= = =

JPEG - 18.9 كيليبايت
غلاف: كيف أصبحوا عظماء
D 1 أيار (مايو) 2009     A محمد عواد     C 0 تعليقات