منذ أن تقاعدت عن العمل، وقد كنت قاضيا في مجلس المحاسبة، وعدت إلى الديار بعد غيبة فاقت العشرين سنة لازمت بيتي. لم أغادره إلا لقضاء الحاجات الضرورية المفروضة أو لأداء عمل خيري. ترسخت هذه العادة في نفسي حتى أصبحت طبعا لا تطبعا، بحيث لا أحس في حياتي اليومية بالرتابة، ويرجع الفضل الأكبر في هذا إلى قراءة الكتب والانهماك في حفظ الأشعار والحكم واتقان الكتابة بخط النسخ. وقد ساعدتني هذه العادة في التعامل بصفة مثالية مع وباء "كورونا" الذي حل بديارنا دون سابق إنذار.
لذا، لم يغير الحجر الصحي، الذي فرض (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > خاطرة
خاطرة
المقالات
-
أيام من الأيام
1 حزيران (يونيو) 2020, ::::: يوسف بونيني -
أكتفي بالكتابة حلما
25 أيار (مايو) 2013, ::::: راضية عشيعلى هامش النهاية:
لقد كان ممتعا أن أكتُبني في نصوص بدت جميلة، بالنسبة لي على الأقل. جربتُ وصفي بكل ما أوتيت من رفضكَ لطموحي وربما ستراني سيئة رغم كل محاولاتي، لكن صدقني؛ ما عاد يعنيني أبداً أن تلتفت لتقرأ وتعجب بأوجاعي. أؤمن بوجود قصص كانت أشهى لو لم تحدث، وظلت أجمل قبل أن تُكتب... أما الطفلة الشقية بداخلي فترفض الاستسلام، لذلك فضَّلَتْ تشويه الذاكرة، علَّ النسيان يرافقها للمحطة.
أكتبُ لأن قطار السعادة تأخر كثيراً، وأنا بطبعي أكره الإنتظار.
***
أتعرف شعور أنثى تختارك بكل جوارحها؛ (…) -
القلب يخفق
1 آب (أغسطس) 2006, ::::: عيسى ريتاعاد القلب يخفق. لاشيء يضاهي الحب. ما الذي يدفع الناس للكتابة؟ هذا الغبار من حولي لا يتيح لي متنفسا للكتابة، ولا فسحة للحب. ولكن أجدني أكتب وأكتب وأحب، وأتنسم الغبار ولا أموت بنفس الوقت. وأقرأ الشعر بذاكرة خربة، فالأذن تعشق قبل العين أحيانا.
كان صوته يأتي عبر الأثير إلى قريتي النائية، فأحمل المذياع وأذهب بعيدا لأجلس على لحاف مفرود على مروج العشب لكيلا يفسد ضجيج أهل البيت متعة الاستماع. صار صوته مألوفا، وأذناي لا تخطئانه أبدا . ثم غاب صوته.
ذات يوم أتتني رسالة إلكترونية تخبرني بصدور عود (…) -
شال الحنان
1 آذار (مارس) 2018, ::::: رانيا حميدذات حنين استوحش القلب، تنهد وحدته والرعب، تاه في أرجاء النداء، حار بين صمته والهذيان، توقف به الزمان، فطفق عائدا إلى ما كان، إلى براءة أزهرت يوما في حديقة الحنان، داعبها نسيم الصباح، والندى قبلات لثمتها، شفاه من بريق المرجان، إلى دفء غارت منه ابتسامة الشمس، وعطف أهدى الحياة لنيسان، وضحكة جلجلت، اهتزت لها عروش الحزن، وأعلنت ولاءها، لعرش سنديانة النساء، وحوت بحر الأمهات، لؤلؤة البشر، سليلة نور القمر، وحامية القلوب من علة الكسر، إليك أمي.
عاد القلب باحثا عن جذور تركها في ارض الماضي وغاب، عن (…) -
عبير وعبرات
1 تشرين الأول (أكتوبر) 2006, ::::: ميسون حسينأما عبير فهي ابنة الخمسة عشر ربيعا التي اغتصبت وقتلت مع عائلتها في بلدة المحمودية في العراق من قبل جنود أميركيين. وعبير هي العراقية المغتصبة منذ بدء الاحتلال، ورمز الكرامة المداسة، والشاهدة على القهر والظلم، وشهيدة كل العراقيين، ككل العراقيين.
وعبير أيضا هي العربية المغتصبة منذ بدء زمن القوة والغطرسة، والشاهدة على انحطاط العصر، ورمز الانكسار، وشهيدة كل العرب، ككل العرب. عبير العراق أخت هدى فلسطين، أمهما جميلة بو حيرد الجزائرية، وجدتهما سمية، أم عمار بن ياسر.
أما العبرات، فكثيرة هي (…) -
ثلاث خواطر
1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006, ::::: منال الكنديصرت بعيدا
أرادت أن تكون بعيداً تنسج عالماً آخر غير العالم. أن توقف الزمن للحظة لترجع للوراء عندما كان حبيبها. حينها كانت تسارع الخطوات لتلقاه. تخطف من الساعات ثوانيها لتسمعه، لتقول له إن الحياة ولدت له ولها فهو آدم وهي حواء. إنها نصفه، أحبته كما أحبها. معه لم تنس شيئاً من الذكريات: اللحظات الجميلة والحزينة، بعيداً عنه حياتها ذكريات تعيشها لتصارع ألم فراقه. كان صباحه من نور، ومساؤه نسمات من الحب الصافي.
سعادة
سألوها: "هل أنت سعيدة؟" لم ترد. وقفت أمامهم حائرة، فظنوا أن السعادة أكبر من أن (…) -
تلك الشعلة
25 أيار (مايو) 2015, ::::: هدى أبو غنيمةتتوهج الشعلة، ثم تكاد تخبو. أخالها ومضة برق والسماء تزمجر غاضبة، وهي تبعث طوفانا من المطر، علها تطهر الأرض من سبخات دماء الأحقاد والثارات الطائفية والعرقية.
أخشى أن تخبو تلك الشعلة المتوهجة في وجداننا، منذ تعلمنا أن نتهجى وحدة الوطن.
تدثرت بعلم بلادي، ورحت أتجول في رحاب الوجدان بحثا عن ملاذ آمن، وينابيع محبة تغذي إنسانيتي وتحمي تربة روحي من الجفاف والتردي في مهاوي اليأس.
أتلمس طريقي في أنفاق معتمة، مهتدية ببصيص ضوء يومئ لي من مكان بعيد، وكلما اجتزت نفقا واجهني آخر، فأغذ السير متمتمة: (…) -
انتظار لا يشبه الأحذية الضيقة
1 آذار (مارس) 2007, ::::: عبد الله مكيشجرة الوقت كأنها تلون حلبة الحياة بنزق الغياب، وتشرق أطفال الوحدة المشاكسين، ودون قصد تدغدغ جذوعها اليابسة وتقشر ضحكاتها التي تشبه الصمت لان الفرح في أيامها مختون كالأمل. ولا تشي بشيء سوي بالونات الانتظار. انتظار، انتظار واسع متورد الوجنات وسيم الطلعة مبهج لدن لين مسكون بالحنو وإشراقات الصباحات الدافئة.
أثمة انتظار لا يشبه الأحذية الضيقة، لا يتسكع في الأزقة وحيدا آخر الليل، لا يدفع عواطفه للشقلبة كشمبانزي حصيف؟ أثمة انتظار هناك يدفع عجلة الرتابة والركون نحو جاذبية الحلم ورقة الكيمياء دون (…) -
ثلاث مساحات للهوى
1 كانون الثاني (يناير) 2007, ::::: هبة محمد الأغاالمساحة الأولى
يا رمدة الحر، رغم البرد زرتنا. يا قسوة الليل رغم الصبح تأتيتا. يا وجع الفؤاد المتيم بعشقك يا هذه الأرض، هلاّ من رحيقك العذب تعطينا؟ يا موطن الأجداد عدنا، نحمل العبق المسافر في حقائبنا المزركشة بألوان العلم، في مساحات عشقنا المتلون بالدم، في أرجوحة الصبا، وبقايا الألم، في كل شيء يمت للشموخ بصلة، نعيش مع الشمس حكايتها، ومع القمر مناجاته. نشتاق إليكِ أيتها الأرض الطيبة مع كلِ فجر جديد، ومع كل شمس توزع ضوئها على هذه البسيطة.
المساحة الثانية
يا أيها المشرد في المنافي، يا (…) -
وردتـان لأمـي
1 آذار (مارس) 2008, ::::: داليا الحاجلم يكن يعني لي عيد الأم شيئا قبل أن أجد أختي ذات يوم تـنسحب لغرفة أخي، وتطلب منه أن يصطحبها للسوق حتى تتمكن من شراء هدية لأمي دون أن تعلم.
كطفلة أعجبتُ بعدم معرفة أمي بالمفاجئة، وكطفلة أكثر نضجا مني أعلمتني أختي بأن هنالك يوما مميزا سيحل علينا خلال أيام وهو عيد الأم، سألتها حينها: "أتقصدين عيد ميلادها؟" فأجابت: "بل هو عيد لكل الأمهات."
اكتفيت بأنهم سوف يعتبروني مساهمة بهدية أمي لمجرد ذهابي للسوق معهم فلم أكثر من الأسئلة. كنت سعيدة حيث عقدت صفقة رابحة، وأعترف بأنني لو علمت حينها أنهم (…)