إيمان بوعقيل - المغرب
طريق العودة
كم هو صعب الرحيل! صعب جدا أن تغادر وتترك ورائك أناسا كانوا أهم ما في حياتك، وأشياء كانت تعني لك الكثير، لكنك لا تملك حرية الاختيار، فأنت مجبر على ذلك.
لو كان الأمر بيدك لما غادرت، واستمررت في اختلاق الأعذار الواهية التي لا تصد عنك قدر الرحيل بل تؤخره فقط.
أنت لا تريد الذهاب، لا تريد الابتعاد، لأنك لا تنتمي إلا إلى هنا، فكيف يا ترى ستستطيع أن تعيش بل حتى أن تتنفس بعيدا عن الديار؟
كيف ستتمكن من ممارسة حياتك بصورة طبيعية في مكان أخر؟ لا. أنت لن تقدر على ذلك، لن تصبر على الفراق، ولن تتمكن من النسيان.
كيف تنسى حيك الشعبي الذي قضيت فيه معظم أوقاتك، الذي لو تكلمت حيطانه لسردت بدقة وتفصيل أحداث طفولتك الحافلة بحكايات وقصص غريبة أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة؟
كيف تنسى أصدقاءك الذين شاركوك أفراحك وأحزانك وساندوا معظم اختياراتك وقراراتك، ولم يملوا أبدا من الإصغاء إلى تذمرك الدائم وشكواك المستمرة، ولم يترددوا في مد يد العون لك عندما كنت في أمس الحاجة للمساعدة؟
كيف تنسى استيقاظك صباح كل يوم أحد على رائحة القهوة الزكية و"المسمن" الذي كانت تحرص أمك على تحضيره لك كل نهاية أسبوع، وعلى لفه ووضعه داخل الفرن ليظل ساخنا إلى حين استيقاظك من النوم؟
كيف تنسى إصرارك على أن تتوجه مع والدك مساء كل يوم إلى مكتبة الحي، فيخضع هو لرغبتك شريطة أن تحافظ على هدوئك وتلتزم بحسن السلوك، وعند وصولكم يشرع هو في تفحص الجرائد بينما تقتني أنت ما تشاء من القصص والمجلات المصورة؟
كيف تنسى الحديقة التي كنت تهرع إليها كلما اقترب موعد الامتحانات النهائية، التي كثيرا ما اجتمعت فيها بأصدقائك قصد المطالعة والمراجعة، فانتهى بكم الأمر تركضون في أرجائها أو تتسلقون إحدى أشجارها تاركين كتبكم وأقلامكم ملقاة على عشبها الأخضر.
كيف تترك وراءك كل هذه الذكريات وترحل بكل بساطة؟
إنه لأمر صعب، لكن وقت الرحيل قد حان، ووجب عليك مغادرة المكان نحو وجهة جديدة.
لكن لا تخف، فأنت لن تكون وحيدا، لأنك ستأخذ معك ذكريات جميلة راكمتها ذاكرتك على مدى سنوات، وسترسم حتما ابتسامة عريضة على شفتيك كلما خطرت ببالك.
لا تخف، لأنه مهما بعدت المسافات، سيجد قلبك طريق العودة إلى الديار.
2 مشاركة منتدى
طريق العودة, إبراهيم يوسف - لبنان | 3 آذار (مارس) 2015 - 12:38 1
إيمان بوعقيل - المغرب
طريق العودة
المكان جزء عزيز على نفوس البشر الأوفياء المخلصين.. وبعض الغرب ليس كذلك.
إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا .. أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ .. وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
(وراءك) ظرف مكان
طريق العودة, جليلة الخليع /المغرب | 24 آذار (مارس) 2015 - 21:58 2
ومن الرحيل رسمت طريقا للعودة، عبدته بالذكريات، لتظل المسافة مزهرة باللحظات المدفونة في النور.
جميل ما قرأت غاليتي إيمان بوعقيل، دام ألق حروفك .
محبتي وباقة ورد.