عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

ياسمينة صالح - الجزائر

ليل الجهات


ليل. وماذا باستطاعة شخص أن يفعل قبالة الليل؟ قال، وكنت أمشي هوينا باتجاه المطر. هل يمكنني قتل الوقت بالمشي؟ بالتفاصيل الصغيرة التي عبثا اعتقدنا أننا تجاوزناها بالنسيان والإهمال؟ لكن الوقت لا يتغير والساعة التي تدق منتصف الليل توحي لي بأني تأخرت عن موعدي، كأميرة فقيرة تتحقق أحلامها في ليلة خرافية الدهشة، كأميرة تراقص أميرا حقيقيا في باحة الحلم. أدس يدي في جيب عواطفي، وأرتعش في صمت.

* * *

ليل. وماذا باستطاعة ليل أن يفعل قبالة الوقت؟ لا شيء. سيجلس على مقعده الأزلي ويقرأ كتابه اليومي، ويتأمل الحروف على الصفحات البيضاء، ورقة تلو الورقة، وبياضا خلف البياض، ولا شيء غير الهباء الصامت، وضجر الكلمات التي نقولها عن ضجر. سينعس الليل قليلا، لكنه لا ينام، كي لا يتمرد الوقت في خطوته التالية، لأن النهار الذي يأتي، يطبع على وجوهنا قبلة التجلي ويعيد إلى صخب الجهات ضجيج الأصوات، والكلام الذي لا يعنينا سماعه أو قوله، والتحايا التي فقدت منديلها منذ ودّعنا الفرح، وأجهش بالبكاء.

* * *

ليل يقول في عتمة التمني: سيكون لي ما هو لك. خيط شمس تسميه ذهبا، وتفاحة يقضمها جوع الجهات، وتفاصيل أشجار تهوي وتهوي، وتورق في الأرض رمانا وقلبا. سيكون لك ما كان لي، هذا الشتات الجميل، وأفق يحتوينا في باحة الأسماء وعناوين الأشخاص الذين نعرفهم عن بعد، وأرقام هواتف لم نعد نتصل بأصحابها منذ تسرب الوقت من ثقوب القلب وخلص كيس الرمال من كيانه.

سيكون لك ما كان لي، كتاب التاريخ المكدس بالغبار، وقصائد كثيرة كنت أحفظها عن ظهر قلب، وجوال قديم فيروزي الرنة، يصدح كلما جاء اتصال بالخطأ:

نحنا والقمر جيران

بيته خلف تلالنا

يطلع من قبالنا

يسمع الألحان

عارف مواعيدنا

وتارك بقرميدنا

أجمل الألوان

وياما سهرنا معه

بليل الهنا

مع النهدات،

وياما على مطلعه

شرحنا الهوى

غوى حكايات،

نحنا والقمر جيران

لما طل وزارنا

عا قناطر دارنا

رشرش المرجان.

D 1 كانون الأول (ديسمبر) 2008     A ياسمينة صالح     C 0 تعليقات