عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

منال الكندي - اليمن

صاحبة الجلالة


يا صاحبة الجلالة، كان ظهورك لابد منه. كنت بداية لنهضة، وتتويجا لكلمة الحق، وكنت نورا يهتدي به الشعب ليعبر عن حقه في أن يعيش ويصرخ في وجه الباطل. ألوانك كانت تنسجها أقلام الثوار. كنت أملا مزهوا. يفتخر من يكتب فيك شعرا، أو نثرا، أو غزلا. كتاب ذابوا عشقا فيك. تحملوا غربتهم، وسجنهم، لأجلك ولإظهار الحقيقة.

انظري لوجهك اليوم. اقلبي صفحات أيامك لتري حقيقتك. صرت بألف لون واسم وشكل. ألبسوك ثوبا اسمه التعبير عن الرأي والرأي الأخر، ولكن سطوره مسمومة بالأباطيل. صرت ألعوبة بين أيديهم. فقدت صدقك ونقاءك.

سلطتك أصبحت بوقا تنفخ فيه شرور العالم. أقلامك لم تعد كالمنارة العالية في السماء تلقي أشعتها لتضيء الطريق.

كان ظهورك يقلق الظالمين، يخيف الغاصبين. كلمتك قوة تزلزل الشعوب لتنتفض، وتصرخ مطالبة بالحرية والكرامة والخير.

وصار مبدأك الكذب، والناس يعيشون الآن في حياة ماتت فيها المعاني السامية القوية.

حولوك إلى وسيلة رخيصة، ومنبر لإظهار المخازي مكتوبة، كحوادث الفجور والقتل والعشق، وغيرها. وزعموا أن هذه أخبار تروى وتقص للحكاية والعبرة. والحقيقة أنها أخبار تدغدغ مشاعر القراء، بغية حصد المزيد من المال لتسمين حسابات المالكين.

لم يعد يثير اهتمامك التاريخ وما سيسطر عنك ويكشف قناعك. تنوعت الأقلام ونسجت على صفحاتك سموما لا تخدم سوى عدو أو ظالم.

لبست وشاح الديمقراطية، وأخفيت بين طياته أباطيل الأقلام. الناس منك بين مصدق، ومكذب، ومحتار يتقلب على نارك باحثا عن الحقيقة، أو بوق يردد صداك غير مدرك لمعانيك.

كل يوم يفقد الناس معك أجمل المعاني والإحساس بوضوح الحقيقة وانتصارها لحقه بالحياة.

يا صاحبة الجلالة، عفوك: لقد اختفت ملامحك ولم تعودي تلك الملكة التي تتربع على عرشها، بل صرت عادية غير مكترثة بالآخرين. أنت كل يوم في حضن رجل يملك المال والسلطة.

D 1 أيار (مايو) 2009     A منال الكندي     C 0 تعليقات