غادة المعايطة - الأردن
رمضانيات: هدأة في مد من الصخب
تتقطع الأوصال، تنفلت الأعضاء لاهثة خلف سراب لا بد زائل، تلهث كمخلوق كاسر يتأهب للانقضاض على فريسة، تتخبط الأطراف علها تدرك سر إكسير الحياة وحلم السعادة الأزلي، فيما العقل الضعيف القاصر ينسج مجلدات وملفات من معالم تيك الأحلام مستعينا بعلوم المنطق والكوانتم وخريطة الجينات وجميع نظريات الذكاء الاجتماعي ومسميات التطوير الذاتي والبشري مرورا بعلوم الميتافيزيقيا والأبراج الصينية، ينطلق في مد من الصخب تتقاذفه تارة أخبار بني الجلدة غربي النهر وقد استطالت رؤوس تاجرت بالقضية وباتت تجهض أجنتها، ورؤوس مابين النهرين على أسنة الرماح يجول بها غادر طائفي وشيطان غربي مسعور، وبلقيس تندب سبأ بعد أن اندثر (السعيد) وحناجر مزكومة تطالب بالتمزيق، وفي الأفق تكرارات (أفغانية) تنثر سمومها من مزارع الحشيش لمزيد من الكبوة والغفوة والتخاذل، وتخلف بشري يزاحم عبدة الديكة يطالب بحرمان الأنثى من (اقرأ) على اعتبار أنها سبب نكسة أصحاب الهلال (بأي ذنب قتلت)، وجيل ابتلعته العولمة وأخواتها متخبطا في شرك الانفلات وسحر الغرب ينادي بصراحة بدفن تاريخ مجيد ساد الدنيا في حقبة (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ).
يأتي رمضان، تلتئم مساحات البدن والعقل، تلوذ النفس بركن وادع برعاية إلهية علها تكون استراحة محارب أو بداية صحوة فاسق، تتسربل الروح بسكينة يغذيها كتابه العظيم وقيام لمرضاته وركعات في هدأة الليل طلبا للرحمة والمغفرة والعتق من النار، على شرفة مطلة على ربى من التين والزيتون تسبح الـُسلامى بأسمائه راجية تجارة لن تبور (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً).
تنزوي النفس الأمارة بالسوء خلف الجدران المتهالكة والجحور المظلمة ودهاليز العتمة، بغيضة، عدم، تأكلها نيران الآخرة (لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ).
رمضان، واحة استثنائية تحتضن أياما مباركة تذكر ابن آدم بمصطلحات الإيمان والصبر والإحسان (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)، فلتنثر عبيرك رمضان، وليصل شذاك الزكي إلى أولئك المحرومين الغارقين في دنس الحياة، وطوبى لمن شهد الشهر وأسلم وجهه لرب الكون.
◄ غادة المعايطة
▼ موضوعاتي