سماح جهاد العارضة - الأردن
منطق الحياة ونصوص أخرى
تمايل حيث شئت
أقرع منذ بداياتك باكورات أحزاني، كنت أعلم أن الشمس في أطرافها غياب، وأن الوداع هو عمامة سأرتديها عنوة فوق قلبي. كُنتَ كوقعِ المطر دافئاً، وجميلا. كانت ذيولك البيضاء تحملني على وسائد مرصعة بندى صاف.
علمتني دوماً كيف تنضج السعادة في القلوب، وكيف نبني قصوراً واسعة من الأحلام. غرستَ في نبضي غاباتٍ عشقية بسلاسة في أكوام ماضٍ، وحين سلمت لي مفاتيحي المتوجة بوترية أحبك، أهدتني الحياة في ليلي قيثارة دموع تعزف على شطآن ذاكرتي "ارحلي". كيف لوقع المطر أن ينطفئ، ولزهور نضجت بين يديك أن تسقط أوراقها؟
هل لي بدفاتر بيضاء أخرى أحفرها بحروف ذاتي وحدي؟ هل لي بمدائن أخرى أسطو عليها من دون حرمان؟
كفكف دموعك، ودع حبي جانبا، وتمايل حيث شئت، فتلك الأغصان استقت عطرها من هنا، حيث أنتَ في قلبي غائباً حاضراً آنذاك.
حبر "ثم" المتقطع
سقف عالٍ من الأحلام، وموائد مفتوحة من التهيؤات، ننضدها في حياتنا منذ الصفر وحتى آخر لحظة تظللنا. نلتجئ لأقرب سلم، دون أن نعلم إلى أين سيؤدي.
في مخيلاتنا قصاصات مبعثرة لحروف أصغرها حفر في القلب ليعبرنا في وسادة، وأكبرها تلاشى قبل أن يكون بداية لندفنه في كفن كلمات. فقط نحمل في دفاترنا بقايا وصولات أهداها الزمن لنا تذكرة، عربونا لقدر، لنتوج في كل وقت غرائبنا على ورق بحبر "ثمّ" المتقطع.
في البداية نعتقد أن جديدنا سيختبئ خلف ستارة "لبيك"، وأن أغصان البان ستنتفض من جذورها لتحملنا وأحلامنا، وأن كل ما نحويه سيدار في لحظة. وحين يستثيرنا ضوء خلف نوافذنا المغلقة نستسيغ الكذبة بطعم الأمل لنتعلم معنى السعادة، لنخرج في النهاية نحو عالمنا المشحون بألف "كيف" منتظرة وراء الأبواب، وبثنائية المجهول، وبعين الظروف نُغتال قبل أن ننبض لندرك في لحظة أننا لم نحسن العزف إلا على وتر أحادي امتداده امتداد أحلام، وعلوه فرشاة رسم وقلم وورقه، لنسقط أبعادا ونحذف سطورا بلغة أخرى: لغة الإحباط.
النفس ومحاكمة الذات
أحياناً نظن أننا قد ابتعدنا عن ذاتنا الحقيقية، وأنه بات في الأمر مسافة فاصلة بين الشعور بالأشياء ومكنوناتنا المضمرة، وأننا لم نعد نملك مفاتيح داخلية تعكس ما بداخلنا بشفافية. قد نظن أننا قد تغيرنا وأننا أشخاص آخرون.
قد نخطئ أحياناً في تقدير أنفسنا. نبتعد ونقترب من الصواب. لكن دائماً مهما ابتعدت المسافة بين الوعي واللاوعي، لا بد أن نعود إلى نفس النقطة التي تمثلنا ونحن بعيدين عن كل المؤثرات الخارجية.
حبال النفس هي اقوى من أن تقطع، ولو فهم كل شخص فينا هذا الواقع لأعيدت الصياغة لكثير من الأمور في حياتنا، ولتجاوزنا هفواتنا بطريقة أسلم مما نحن عليه الآن.
جميل أن نسعى لمحاكمة الذات دون تجريم النفس بحد ذاتها من حين إلى حين. يلزمنا ذلك لقتل نقاط الضعف في شخصياتنا، وفهم أعمق للحياة وما يربطنا بها من أشياء وأشخاص حتى لا نفقد احترامنا لما نملك.
لا يوجد إنسان كامل. كلنا نخطئ، لكن تعاملنا مع ما نفعل يميزنا عن غيرنا. وهنا يكمن سر وجود العقل.
منطق الحياة
لا تحتكم لقصاصات غادرت موطنها، ولا تعاتب قلوباً هاجرت لا تعلم من أين بدأت حكايتها، وعلى أي شاطئ قد رست الآن. كل منا له حلم تائه في مساءات مظلمة. كل منا ترك جزءاً منها يغادر بلا أدنى فكره عما سيحصل في دروب محطمة من الأوهام والسراب.
الحياة دوماً تعلمنا كيف نغزل من أحزاننا حكاية نجاح، ليس من أجلنا فقط بل من أجل سيمفونية عزفت في مكان ما على الأرض تدفعنا لإكمالها. قد نمتطي صهوة أيام ليست لنا ونحارب ببضع كلمات عن أشياء لا نعلم ما الأصل فيها.
مبادئ من زمن المستحيل زرعت فينا بكمّ من دماء أهالينا، لا نعلم إلى متى ستبقى في روحنا بقايا روح وسط عالم مشبع ببحور ظلم ممدودة على مد البصر، فيها الأنانية واللامبالاة تبني القصور على مرأى من الجميع.
2 مشاركة منتدى
منطق الحياة ونصوص أخرى, يونس كفرعيني | 25 حزيران (يونيو) 2012 - 03:02 1
قلتها مرارا وسابقى اكررها .. يا لعجبني من قلم يكتب على القلب قبل الورق .. الادب ولمسة الشعر وروح الخاطرة
منطق الحياة ونصوص أخرى, فتحي العكرمي- تونس | 26 حزيران (يونيو) 2012 - 10:25 2
تحيّة تليق بهذا الجهد الابداعي . نصوص تمضي عميقا في السّجون التي تحاصر ضلوعنا قبل أجسادنا تُلقينا الى حياة تدرّبت على الرِّدّة وعلى نوع من البشر تسعدهم هزائم الاخرين ويتنفّسون جهلا لا يفرّق بين الطّيبة والكراهيّة ولا يعرف التمييز بين الافكار والاشياء والناس ، والكتابة هي حفر في هذا المجهول لمعرفته وسبر تفاصيله التي صُنِع منها وجودنا لذلك كان الفن في صيغه المتعددة قدرة على القول والوصف والتوغّل في ثنايا المشاعر والافكار والمواقف والعلاقات .نصوصك قالت الكثير من المتخفّي داخلنا . دام ابداعك