عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

منال الكندي - اليمن

ذات الرداء الأزرق


حلمت بها كثيرا، يا إلهي لم اصدق نفسي عندما زٌف لي الطبيب الخبر بأني حامل، سنوات طالت وأنا أنتظر أن تحمل أحشائي حياة طفل أعيش معه الوجه الآخر من جمال دنيتي. طفلة حلمت بها، تمنيت أن أرى وجهها المنير بندى الصباح بين يدي.

رزقت بها وكانت جميلة بالنسبة لي، جمال يفوق عالمي، فهي نعمة رزقني بها الله. لطالما كنت أناجيه بأن ينعم عليّ بخيره. كنت أحلم بأن أخيط لها رداء أزرق مطرزا، لأراها تلبسه وتطير كالفراشة وسط حديقة الحياة، تجري إلى أحضاني، أشم براءتها وشقاوتها، أسمع لنغمات حديثها كأنه حديث الطير للشجر، والندى لورده.

أحببت أحلامها، تقفز فرحا كل يوم تعيش بحلم.

اليوم أريد أن أصبح صحفية، أغوص بحار العالم لأنقل ما يحويهم من مشاعر وجمال.

لا سأصبح دكتورة أخفف معاناتهم وأرسم ضحكاتهم بألوان الصحة.

لا لا بل كابتن طيران أحلق في السماء خارج هذا العالم، أطير مع أسراب الطيور لأغرد تغاريد وألحان الحياة الجميلة.

أحبها تكبر، أشتاق لها وهي بجانبي، كبرت طفلتي وتعلمت الطيران ولكن ليس للسماء بل للحياة لتراقصها رقصاتها المعتادة فارضة عليها أن تتلون بألوانها وتلبس أقنعتها، تقتل كل يوم شيئا جميلا بداخلها.

تعاند، تقاوم لا تريد الانكسار. تهرب بعيدا لعالمها الخاص وأحلامها البريئة تبحث عن نفسها وسط الزحام.

أراقبها، أراقب ذات الرداء الأزرق بلون السماء الصافية كصفاء قلبها وندى روحها. تسأل بعيونها لماذا كبرت؟ لماذا كتب علينا قتل الجمال بداخلنا فقط لنصارع الحياة ونعايش الواقع بزيفه، بلونه الرمادي القاتم الفاقد لكل وضوح بدرجاته؟ تقول لم أفقد شجاعتي وقناعتي لحظة واحدة، فالحياة هي الحياة: ستظل هكذا أينما كانت، وتظل كلماتنا وبحثنا عن الحقيقة باختلاف الظروف هو المعنى الحقيقي للحياة.

تعارك، تعاند، تقاوم لتضيع ويضيع حلمها في أحضان مصحة الأمل للأمراض النفسية.

D 1 أيار (مايو) 2008     A منال الكندي     C 0 تعليقات