مكتبة وأرشيف

د عدلي الهواري

للمساهمة في التراكم المعرفي وتعزيز التفكير النقدي

ORCID iD icon https://orcid.org/0000-0003-4420-3590
 
أنت في : الغلاف » كتب الهواري بالعربية » تقييم الديمقراطية في الأردن » ف 6: أسباب عدم تجذر الديمقراطية

كتاب: تقييم الديمقـراطيـة في الأردن: 1990-2010

ف 6: أسباب عدم تجذر الديمقراطية

د. عدلي الهواري


من الواضح أن نظريات الاقتصاد الريعي لا تصلح كتفسير لعدم تجذر الديمقراطية في الأردن. الأسباب باختصار هي أن الدولة لم تتمكن من الحفاظ على مستوى من الأمن الاقتصادي يؤدي إلى تهدئة المواطنين (الفقر في الأردن منتشر كثيرا)؛ وأثارت الدولة استياء الكثير من الناس، بما في ذلك العشائر؛ ومن غير الممكن أن يفقد الاهتمام بالسياسة شعب أي دولة، وخاصة الشعب في الأردن.

عدلي الهواري مدير الأرشيفسوف أستعرض في هذا الفصل مجموعة من الأسباب التي تعتبر مسؤولة عن غياب الديمقراطية في الأردن حتى الآن، وأدقق مدى معقوليتها وجوانب قصورها في أن تكون السبب. بعد ذلك، سأحدد السبب الذي أرى أنه الأكثر ترجيحا.

وصف التغيير في الأردن

تقييم وضع الديمقراطية المنشور في الفصول السابقة بين أن الأردن ليس دولة ديمقراطية. ولكن تظل نقطة بحاجة إلى مناقشة: ما هو وصف العملية السياسية التي بدأت في 1989؟ الوصف الواقعي هو أن الأردن شهد عملية تحرير للوضع السياسي حسب تعريف هنتنغتون (1993) ومارتنز (1993).

يعرف هنتنغتون التحرير بأنه عملية تنطوي على «انفتاح جزئي في نظام سلطوي لا يبلغ حد اختيار القادة الحكوميين من خلال انتخابات حرة تنافسية» (ص 9). الدولة التي ترغب في تحرير نظامها قد «تفتح بعض القضايا للنقاش العام وتقلل من الرقابة». هذه الإجراءات وغيرها التي يصفها هنتنغتون حصلت بالفعل في الأردن.

وينطبق تعريف مارتنز (1993) للتحرير أيضا على ما حدث في الأردن، أي «اعتماد المؤسسات الرسمية للديمقراطية» دون وجود «توافق على قواعد اللعبة [الديمقراطية]، والمحاسبة السياسية للحكام، والحق في تمثيل سياسي وافر، وتداول السلطة» (ص 88).

لا تزال الحكومة الأردنية محكمة السيطرة على «قواعد اللعبة». قانون الانتخابات يتغير باستمرار دون أن يسفر عن نظام عادل لجميع الأطراف الفاعلة، ومجلس النواب يمكن أن يحل بسهولة. وتتولى الحكومة أيضا تنظيم الانتخابات وفرز الأصوات وإعلان النتائج.

محاسبة الشعب السياسية للحكومة محدودة في أحسن الأحوال. ويعتبر الملك فوق المحاسبة، وهو وحده الذي يحاسب الحكومة. والتمثيل السياسي مقيد حسب رغبات الحكومة. عدد النواب الإسلاميين في مجلس النواب، وعدد النواب الذين يمثلون المواطنين من أصل فلسطيني مسألة تقررها الحكومة. ولم يتم تبادل السلطة منذ انتخابات عام 1989. الحكومات تأتي وتذهب بقرار من الملك. لذلك، سوف أستعرض فيما يلي أسباب فشل تجذر الديمقراطية في الأردن حتى الآن.

1. الإسلام

يعتمد هذا السبب على الرأي الذي يرى عدم وجود توافق بين الديمقراطية والإسلام. وقد ناقشت هذا الرأي نقاشا موسعا في الجزء الأول من هذا الكتاب (هواري 2018). المنطق المستخدم في تفسير الفشل هو أن الأردن ذو أغلبية من المسلمين، ويحكمه شخص من سلالة النبي محمد. فإذا كان الإسلام والديمقراطية لا يتوافقان، فمن المحتم أن الديمقراطية سوف تفشل في الأردن.

هذا التفسير إشكالي، لأنه يتجاهل عناصر هامة أخرى: أولها أن الأردن أسس وفق النموذج البريطاني، أي مملكة، ولكن فيها برلمان وأحزاب سياسية ونظام حكم ديمقراطي. وخلال فترة 1990-2010، كانت هناك إشارات متكررة في الأردن إلى «عملية ديمقراطية».

هناك مسألتان تنبغي الإشارة إليهما في هذا الصدد. الأولى هي افتراض أن الملك والشعب ملتزمان التزاما صارما بتعاليم الإسلام. لو كان الإسلام متعارضا مع الديمقراطية، لامتنع الملك حسين عن وصف العملية بأنها «ديمقراطية». وكذلك سيمتنع الشعب في الأردن عن المشاركة في هذه العملية لأنها تتعارض مع تعاليم الإسلام. ما حدث في الواقع هو أن العملية وصفت بأنها ديمقراطية وشارك فيها حزب سياسي إسلامي.

المسألة الثانية هي أن الالتزام الدقيق بتعاليم الإسلام ليس ممكنا دائما. هناك ممارسات يمكن الأخذ بها في مجتمع ذي أغلبية من المسلمين رغم الحجج المتعلقة بعدم توافقها مع الإسلام. من الأمثلة على ذلك البنوك، وخاصة التي تتعامل بالفائدة على القروض وحسابات التوفير. تعتبر الفائدة في الحالتين مخالفة لتعاليم الإسلام (ربا). ولكن البنوك التي تتعامل بالفائدة موجودة في الأردن منذ تأسيسه. لذلك، سبب وجودها بحاجة إلى توضيح. يبرر وجود بنوك تمارس أعمالها بأسلوب غير إسلامي بأن الاقتصاد لا يمكن أن يعمل دون بنوك. بعبارة أخرى، هناك حاجة ماسة تبرر تطبيق نظام يعتبر متعارضا مع الإسلام.

حديث الملك حسين عن «عملية ديمقراطية» يعني ضمنا أنه لم ير عدم توافق بين الإسلام والديمقراطية، وإلا لكان استخدم مصطلحا مختلفا، مثل «عملية الشورى» أو لكان بحاجة لأن يبرر ضرورة بدء عملية ديمقراطية مع أنها تعتبر غير متوافقة مع الإسلام. بناء على ما سبق، اعتبار الإسلام السبب في عدم تجذر الديمقراطية في الأردن غير سليم.

2. الإسلام السياسي

السبب الثاني الذي يذكر لتفسير فشل تجذر الديمقراطية هو الإسلام السياسي. لا يعتقد كثيرون أن الإسلاميين السياسيين ملتزمون بالديمقراطية. وهناك مخاوف من قيامهم بتغيير طبيعة النظام الديمقراطي إذا وصلوا إلى السلطة. لكن هذا التفسير يتجاهل ثلاث حقائق.

الأولى أن الجماعة/الجبهة لم تتمكنا من الحصول على الأغلبية في البرلمان. ولذلك لم تبلغا قط وضعا يمكنهما من تغيير النظام السياسي أو طبيعته الديمقراطية (غير الموجودة). استمر انخفاض تمثيل الجماعة/الجبهة، وبالتالي ضعفت المقدرة على إحداث تغيير.

الحقيقة الثانية هي أن الجماعة/الجبهة التزمتا بقواعد اللعبة الديمقراطية، أي قبلتا بنتائج الانتخابات، ولم تكررا تجربة الجزائر. أقصى أعمال الاحتجاج كان مقاطعة الانتخابات في عامي 1997 و2010 لإقناع الحكومة بإدخال تغييرات تدعم العملية الديمقراطية، لا أن تعرقلها.

الحقيقة الثالثة، بوسع المرء أن يختلف أيديولوجيا مع الجماعة/الجبهة، ولكن من غير الممكن إنكار أنهما تديران شؤونهما على أساس ديمقراطي. يقول براون (2006) إن الجبهة «قد تكون الحزب الأكثر ديمقراطية في المنطقة من ناحية الإجراءات الداخلية» (ص 3). ويشير أيضا إلى أنها «أقامت مجموعة رائعة من الهياكل الداخلية الديمقراطية، فقادة الحزب ينتخبهم الأعضاء، وهناك تغيير منتظم في المناصب العليا» (ص 6). لذا، لو كانت الديمقراطية ممارسة غير مناسبة للأردن، فهي لن تكون كذلك للجماعة/الجبهة. هذه الأسباب تقوض الاستنتاج أن الإسلام السياسي في الأردن ربما يكون سبب عدم ترسخ الديمقراطية.

3. الأردن أسس لأداء دور (كيان وظيفي)

من الأسباب الأخرى التي تذكر لتفسير عدم تجذر الديمقراطية أن بريطانيا أسست دولة الأردن لأداء دور. الباحثون الذين درسوا الأردن لديهم ثلاثة تفسيرات عامة لسبب تأسيس دولة الأردن.

أولا، تم تشكيلها من قبل بريطانيا لوقف التوسع الفرنسي في المنطقة (ويلسون 1988، ص 44).

ثانيا، «كان البريطانيون تواقين لإقامة منطقة عازلة بين فلسطين التي يديرها البريطانيون بشكل مباشر وبين توسع سلطة ابن سعود في الجنوب والانتداب الفرنسي في سورية في الشمال. هاتان الرغبتان تحققتا في إنشاء كيان جديد في شرق الأردن» (لوكاس 2005، ص 14).

ثالثا، أنشئ شرق الأردن كجائزة للأمير عبد الله للخدمات التي قدمها هو وأخوته وأبوهم الحسين بن علي للمساعي البريطانية لإسقاط الإمبراطورية العثمانية (فيكتورفيتش، ص 50-51).

اثنان من الأدوار الثلاثة غير صالحين الآن، فالاستعماران البريطاني والفرنسي غادرا المنطقة منذ عقود. لكن من الممكن التمسك بهذا التفسير بالقول إن الدور يتغير مع مرور الزمن.

أحد الأدوار محاربة الشيوعية، وهذا أمر ذكره الملك حسين في قراره إقالة حكومة سليمان النابلسي عام 1957. دور آخر هو أن يسود السلام بين الأردن وإسرائيل، أو أن يشارك الأردن في الحرب على الإرهاب. بعبارة أخرى، يعتمد الدور على التطورات الدولية التي تحتاج الدول الغربية فيها إلى دعم حلفائها.

فهد الريماوي (2008) يؤيد هذا التفسير[1]. ورأى أن دور الأردن في الوقت الراهن توفير الحماية لإسرائيل، والعمل كوسيط بينها والدول العربية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل[2]. وطالما الأردن دولة لها دور، لا يمكنها أن تصبح دولة ديمقراطية.

تبدو نظرية «الدولة الوظيفية» تفسيرا ممكنا بالنظر إلى أن الأردن يؤدي دورا عندما يطلب الغرب منه ذلك. في حالات نادرة امتنع الأردن عن التعاون مع الدول الغربية، كما في حالة الغزو العراقي للكويت (1990-1991). عدم تعاون الأردن أضر بعلاقاته مع الدول الغربية والخليجية.

لكن هذا التفسير يظل قاصرا عن حل المسألة حلا مرضيا، فالدول يمكن أن تكون ديمقراطية وفي الوقت نفسه تخدم دورا معينا. الدول الأوروبية الغربية مارست الديمقراطية أثناء قيامها بأدوار أثناء الحرب الباردة. ميزت هذه الدول نفسها عن الدول التي حكمتها الأحزاب الشيوعية بممارستها الديمقراطية. ولذا الدولة التي تقوم بدور ما ليس ضروريا أن تكون دولة غير ديمقراطية.

والسبب الثالث لإقامة دولة الأردن، أي كمكافأة للملك عبد الله الأول، صحيح إلى حد ما، ولكن المسألة تحتاج إلى توضيح. صحيح تاريخيا أن رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشيرتشل، قرر تأسيس الأردن. لكن لا تشيرتشل شخصيا ولا بريطانيا كدولة كان مالك المنطقة، وبالتالي لا حق لأي منهما في إعطاء جزء منها مكافأة لأحد. وفكرة أن ملكا أو ملكة يملك الأرض والموارد والناس ضمن المنطقة التي يحكمها فكرة بالية. حتى لو كان لدى ملك أوهام في هذا الشأن، هذا النوع من الملوك اضطر للتخلي عن كل أو بعض سلطاته. لذلك، التفسير المعتمد على حجة المكافأة غير مرض.

4. الإقطاع السياسي

من التفسيرات الأخرى لعدم تجذر الديمقراطية أن الأردن يسيطر عليه «الإقطاع السياسي». في 12 كانون الثاني 2010، انتقد بيان وقعه أكثر من سبعين شخصية من مختلف التيارات السياسية مشاركة الأردن في الحرب في أفغانستان (عفرا نيوز، 2010). وجاء في البيان:

«نؤكد على ضرورة احترام إرادة المواطنين، والتوقف عن مصادرة حرياتهم، وبناء مناخ سياسي يؤسس لإصلاح سياسي حقيقي وتحول ديمقراطي، ويرفع وصاية الإقطاع السياسي والأمنقراط3 الرسمي عن الشعب الأردني، صاحب الحق الطبيعي باتخاذ قراراته، وبناء دولة المؤسسات والقوانين، حيث لا يعقل أن تصل حالة حقوق المواطن الأردني إلى درجة لا تمكنه من فتح بيت لتقبل العزاء بابنه».

تفسير «الإقطاع السياسي» لا يخلو من الوجاهة. الملك يعين الحكومة ويقيلها. الملك عبد الله الثاني حل البرلمان دون إبداء الأسباب. على سبيل المثال، في عام 2007، النص الكامل للمرسوم الملكي كان: «يحل مجلس النواب اعتبارا من يوم الاثنين 20 آب 2007».

ولكن تفسير «الإقطاع السياسي» يغفل الاعتراف بأن الملك حسين اضطر لتقديم تنازلات في ثلاث مناسبات: في عام 1956 عندما خاضت الأحزاب الانتخابات النيابية وتشكلت الحكومة على ضوء هذه النتائج. والثانية بعد حرب 1967 عندما تقبل وجود منظمات المقاومة الفلسطينية ثلاث سنوات قبل أن يقرر القضاء على وجودها. الحالة الثالثة كانت في عام 1989 عندما حدثت «هبة نيسان» وقرر على أثرها «استئناف الحياة الديمقراطية».

5. قوى معينة تعمل ضد التغيير

يذكر مرارا سبب آخر لعدم تجذر الديمقراطية في الأردن، وهو وجود قوى لا مصلحة لها في الديمقراطية. نتيجة لذلك، الملك مضطر للتقدم بحذر لتحقيق التوازن بين مختلف المصالح. لا يرد في هذا التفسير تحديد لهذه القوى، ولكن من العبارات الشائعة في هذا السياق «قوى الشد العكسي». في غياب تحديد هذه القوى، لا يبقى سوى التكهن، لذا تضم هذه القوى المستفيدين من نظام حكم غير ديمقراطي، مثل الذين يعينون رؤساء حكومة ووزراء والذين يحصلون على مناصب عليا أو صفة مستشار.

المستفيدون من نظام التعيين لن يكون لديهم اهتمام بوجود نظام ديمقراطي يضطرون فيه إلى التنافس من أجل الوصول إلى المركز، ويتعرضون أيضا للمحاسبة من الناخبين. في ظل نظام غير ديمقراطي، ما عليهم إلا التعهد بالولاء وتلبية ما يطلب منهم، سواء أكان ذلك القيام بحملة قمع، أم خصخصة الصناعات، أم توقيع معاهدة سلام.

القوى الأخرى التي قد يبدو أنها لا تريد نظاما ديمقراطيا المخابرات، والعشائر، ورجال وسيدات الأعمال. دور دائرة المخابرات واسع النطاق. ورغم حصول تحسن خلال سنوات التقييم العشرين، استمر احتجاز النشطاء أثناء فترة الاحتجاجات التي جرت في الأردن في فترة 2011-2012. بعض الحالات أحيلت إلى محاكم أمن الدولة. بالنسبة إلى القبائل، واصلت الحكومة تشجيع العشائرية، واعتمدت على أبناء العشائر لمعارضة تنظيم مهرجانات واحتجاجات في مناطقهم.

وفيما يتعلق برجال الأعمال، قد يمكن القول إنه بدون المحاسبة التي ترافق النظام الديمقراطي، تكون لديهم حرية عقد صفقات وإدارة شؤونهم على أساس صلاتهم الشخصية مع الأشخاص الموجودين في السلطة.

لتفسير القوى غير الديمقراطية حدود. الأطراف التي تسعى للحصول على مزايا ليست قوية ما فيه الكفاية لمنع إقامة نظام ديمقراطي، وظاهرة السعي إلى الحصول على مزايا موجودة في النظم الديمقراطية أيضا. وعلى افتراض أن هذه الفئات الثلاث عملت معا للحفاظ على الوضع القائم، فإنه من الممكن بسهولة تحييد تأثيرها إذا قرر الملك تغيير الوضع القائم.

قد تنصح دائرة المخابرات الملك بعدم تبني نظام ديمقراطي بالكامل، أو أن يتقدم نحو ذلك بحذر. يستطيع الملك رفض هذه المشورة. في هذه الحالة، لا تستطيع دائرة المخابرات تحدي إرادة الملك والشعب في وقت واحد. وفيما يتعلق بالقبائل، رغم أن الحكومة تشجع العشائرية، إلا أن المطالب بالتغيير تأتي من جميع فئات الشعب.

الشخصيات المعارضة تدعى إلى مهرجانات تنظمها العشائر. لا يوجد موقف واحد يمثل كل القبائل أو جميع أفراد قبيلة واحدة. وفيما يتعلق بقطاع الأعمال، بعض رجاله قد يفضلون ممارسة أعمالهم من خلال الصلات مع مسؤولين في السلطة. ولكن عددا أكبر من هؤلاء يفضلون التنافس العادل من أجل النجاح في أعمالهم.

6. الاقتصاد الريعي

من الأسباب الأخرى التي تذكر لتفسير عدم تجذر الديمقراطية في الأردن نظرية «الاقتصاد الريعي». يدرج روبنسون (1998) الأردن ضمن تصنيف «الدولة الريعية»، أي الدولة التي تعتمد على «نسبة كبيرة من عائدات الحكومة على الريوع الدولية بدلا من الضرائب المباشرة» (ص 389). ووفقا لهذا التفسير، سكان الدولة الريعية عادة لا يبدون الاهتمام بالسياسة. ويشرح برينين (1992) سبب عدم الاهتمام بأن السكان «يتوقعون من الدولة أن تقدم لهم مستوى معينا من الأمن الاقتصادي، ومقابل ذلك يمنح المجتمع قادة الدولة استقلالا سياسيا كبيرا» (ص 75).

لهذا التفسير حدود ضيقة، حتى عندما يستخدم في سياق الحديث عن دول الخليج الثرية التي لا توجد فيها ضرائب. يقول شامباياتي (1994) إن الاقتصاد الريعي لم يؤد إلى فقدان اهتمام الشعب بالسياسة في إيران، وإن شاه إيران فقد عرشه لأنه استعدى البازاريين لأسباب أيديولوجية. فقد اعتبرهم «طماعين، ومتخلفين ورجعيين، وغير مستعدين للمساهمة في تطور البلد. وليس لهم مكان في إيران الحديثة» (ص 323). لأن البازاريين لم يكونوا معتمدين على الدولة، مثلما كانت فئات أخرى من المجتمع، كان لديهم «الاستقلال المالي والتنظيمي لتحدي الدولة» عندما بدأت الثورة (ص 320).

عندما يطبق تفسير الاقتصاد الريعي على حالة الأردن، تتقلص صلاحيته كتفسير. أولا لأن الأردن ليس غنيا مثل الدول المنتجة للنفط في الخليج أو إيران. ولهذا يصف برينين الأردن بأنه دولة «شبه ريعية». ولكنها قدمت «مستوى معينا من الأمن الاقتصادي». ويضيف (1992): «على الصعيد الجماهيري، أصبحت الدولة الأردنية المزود الرئيسي للخدمات الاجتماعية والعمل. وتم تطوير برامج صحة وتعليم واسعة النطاق» (ص 81).

رغم ذلك، ومثلما حدث في إيران، لم تستفد كل قطاعات المجتمع. على سبيل المثال، انتشار ادعاءات الفساد في الأردن تشير إلى مستوى الشعور بالاستياء في مختلف أنحاء البلاد. كذلك، أسس الأردن نظاما لتحصيل الضرائب في الثمانينيات. ورغم ادعاء الحكومة أن غالبية السكان معفاة من دفع الضرائب، فإن هذا القول صحيح جزئيا في أفضل الحالات، لأن الجميع يدفع ضرائب غير مباشرة على العديد من الأشياء، والذين لا يدفعون ضرائب أناس لا يكسبون دخلا كافيا يضعهم في فئة من يلزمهم القانون بدفع ضريبة. ولأن المواطن الأردني أصبح يدفع ضريبة، توفر الأساس الذي يجعله يطالب بأن يمثل.

بناء على ما سبق، من الواضح أن نظريات الاقتصاد الريعي لا تصلح كتفسير لعدم تجذر الديمقراطية في الأردن. الأسباب باختصار هي أن الدولة لم تتمكن من الحفاظ على مستوى من الأمن الاقتصادي يؤدي إلى تهدئة المواطنين (الفقر في الأردن منتشر كثيرا)؛ وأثارت الدولة استياء الكثير من الناس، بما في ذلك العشائر؛ ومن غير الممكن أن يفقد الاهتمام بالسياسة شعب أي دولة، وخاصة الشعب في الأردن.

7. الصراع العربي-الإسرائيلي

استخدم الحكام العرب الصراع العربي الإسرائيلي لتبرير الطبيعة غير الديمقراطية للنظم. في حالة الأردن، كانت الحجة عدم المقدرة على إجراء انتخابات في الضفتين الشرقية والغربية لأن الثانية احتلتها إسرائيل عام 1967.

ولكن الانتخابات عنصر من عناصر عديدة ضرورية للديمقراطية. ولم يعد إجراء انتخابات في الضفة الغربية مسألة ذات صلة بعد قرار الأردن في عام 1988 فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية. ومن المفارقات أنه بعد توقيع معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل في عام 1994، كانت مسيرة الإصلاح التي بدأت في عام 1989 من أول ضحايا توقيع المعاهدة. أشار إلى ذلك روبنسون (1998، ص 388) قائلا: «نهاية الصراع العربي- الإسرائيلي قد يؤذن ببداية مرحلة جديدة من الاستبداد في الأردن».

لو كان هناك التزام بإقامة نظام حكم ديمقراطي، لما منع إقامته الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، أو معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1994. لذا هذا التفسير لعدم تجذر الديمقراطية في الأردن غير صالح.

8. الغرب هو المسؤول

من التفسيرات الأخرى أن غياب الديمقراطية في العالم العربي والدول النامية، سببه عوامل خارجية. هذا الغياب يفضله الغرب عامة، والولايات المتحدة خاصة. من أصحاب هذا الرأي أسعد أبو خليل (2011):

لكنّ موانع الديمقراطية في البلدان النامية هي خارجية. كيف يمكن مثلا أن تختطّ الديمقراطية صراطا مستقلّا في عصر تسيطر فيه الولايات المتحدة على مقدّرات العالم والمؤسّسات الدولية. فالأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات النقدية والمصرفية العالمية تخضع بصورة غير مسبوقة إلى سيطرة الولايات المتحدة الكاملة. فالشعوب في تلك الدول لا يحق لها أن تقرّر مصائرها بأنفسها، ولا تستطيع أن تختار ممثّليها بحريّة. فالفاقة والعوز يُستغلّان، ليس فقط من قبل أثرياء الداخل (المرتبطين دوما بمصالح الولايات المتحدة).

هذه الحجة صحيحة إلى حد ما. يعززها مثلا الموقف الغربي تجاه فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية التي جرت في عام 2006. ولكن الرد على هذا الرأي لا يختلف عن الرد على التفسير السابق بشأن الدولة الوظيفية، أي أن وجود علاقة ودية بين الدول الغربية ونظام حكم ديمقراطي في الأردن ليسا خيارين يقصي أحدهما الأخر.

9. المتطلبات المسبقة مع التحديث

ذكرت حتى الآن ثمانية أسباب يقال إنها المسؤولة عن عدم تجذر الديمقراطية في الأردن. وثمة سبب آخر. يحدد راستو (1967) أربعة متطلبات يعتبرها متطلبات مسبقة لنشوء نظام ديمقراطي في دولة ما، وهي:

أولا: تاريخ من التحديث الإداري والتعليمي مدته الزمنية 40-130 سنة.

ثانيا: سياق جغرافي مستقر للنظام السياسي طوال الفترة نفسها.

ثالثا: تقليد، يعود على الأقل إلى جيل أو اثنين أو ثلاثة من الأحزاب التي تقدم صلة عضوية بين الحاكمين والمواطنين، وتمكنت تدريجيا من إشراك عدد أكبر في العملية السياسية.

رابعا: نزاعات عنيدة ومريرة بين جماعات اجتماعية وسياسية كبرى حول قضايا تحظى باهتمام عميق لديها (ص 228-229).

هل تنطبق هذه المتطلبات المسبقة على وضع الأردن؟ إذا توفرت هذه المتطلبات في حالة الأردن، يكون راستو مخطئا لاعتباره أن توفرها يؤدي إلى نشوء نظام ديمقراطي. أما إذا لم تتوفر هذه المتطلبات المسبقة في وضع الأردن، يكون تشخيصه صحيحا، وبالتالي يقدم هذا التشخيص تفسيرا أفضل لعدم تجذر الديمقراطية في الأردن. سوف أشير إلى جوانب القصور في نظرية راستو، فأنا لا أتبناها دون تعامل نقدي معها.

بالنسبة إلى المتطلب الأول، يمتد تاريخ الأردن أكثر من أربعين سنة. هذا العدد يمثل الحد الأدنى من الفترة الزمنية للتحديث الإداري والتعليمي التي يذكرها راستو، أي 40-130 سنة. سيحتاج الأردن إلى 60 سنة للوصول إلى الحد الأعلى. تأسست أول جامعة في الأردن في الستينيات. وتم تأسيس المزيد من الجامعات الحكومية بعد ذلك، وهناك حاليا العديد من الجامعات الخاصة.

يمكن القول إن الأردن استوفي هذا المتطلب المسبق لأن الدولة موجودة منذ أكثر من 70 عاما. ويمكن أيضا القول إن الفارق شاسع في الفترة الزمنية التي يذكرها راستو، وهذا يعني خللا في تحديد هذا المتطلب. هناك ردان على هذا. ظروف انتقال الدول إلى نظام ديمقراطي لا يمكن أن تكون متطابقة. لذلك ليس مستغربا أن يتم الانتقال بسرعات مختلفة.

الرد الآخر هو أنه لا يفترض أن الانتقال يحدث تلقائيا فور بلوغ دولة ما الحد الأدنى من السنوات الذي يذكره راستو. إضافة إلى ذلك، هذا المتطلب وحده ليس كافيا، ولا بد أن تتوفر معه ثلاثة متطلبات أخرى. والأهم من ذلك، يجب أن يدقق المرء النظر فيما حدث خلال تلك السنوات ذات العلاقة.

التوسع في التعليم على جميع المستويات لم يقابله مثلا ضعف في التقاليد العشائرية. الجامعات تحولت في العديد من المرات إلى ساحات قتال بين أفراد العشائر المختلفة. ورغم وجود جامعات عديدة، إلا أنها تفتقر إلى الحريات التي يتمتع بها الطلبة في الدول الديمقراطية. في عام 1986، على سبيل المثال، نظم طلاب جامعة اليرموك احتجاجات على زيادة الرسوم الدراسية. الشرطة تعاملت معهم بالقوة، وقتل ثلاثة من الطلبة. في المقابل، يحتج طلبة الجامعات البريطانية على زيادة الرسوم بتنظيم مظاهرات ليس في الحرم الجامعي فقط، بل في شوارع المدن أيضا.

لذلك، جوهر هذا المتطلب ليس عدد سنوات التحديث التعليمي، بل إلى أي مدى أسهم التعليم في نقل الدولة والمجتمع خطوة إضافية نحو الحداثة.

أكرر هنا أن هناك أربعة متطلبات. لذا سأنتقل إلى المتطلب المسبق الثاني، وهو «سياقات جغرافية مستقرة». السياق الجغرافي للنظام السياسي في الأردن لم يبق ثابتا منذ إنشائه. فهو توسع في عام 1950 بعد دمج الضفة الغربية بإمارة شرق الأردن. نتيجة لذلك أصبح عدد سكان الدولة ضعف ما كان عليه قبل الدمج.

وفي عام 1967، تقلص السياق الجغرافي بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. وتقلص سياسيا في عام 1988 عندما قرر الأردن فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية (ما يعادل عمليا انفصالا). وبعد هذا القرار، حدث تشويش في مفهوم الجنسية/المواطنة الأردنية. إذن المتطلب المسبق الثاني غير متحقق في حالة الأردن.

المتطلب الثالث يتعلق بالأحزاب السياسية. يمكن للمرء أن يقول إن هناك الآن جيلا واحدا من الأحزاب السياسية، ولكن ذلك لا يلبي المتطلب الثالث، فراستو يتحدث عن جيلين أو ثلاثة. حصل انقطاع في وجود الأحزاب السياسية في الأردن منذ 1957 وحتى 1991. ومع أن الأحزاب تعمل بشكل قانوني الآن، إلا أن حرية عملها مقيدة. ولو بقي وضع الأحزاب على ما هو عليه الآن لجيلين أو أكثر، فلن يترتب عليه أي تغيير. هذا المتطلب بين الأربعة التي حددها راستو يشير إلى قصور. ولكن لا بد أنه افترض أن الأحزاب السياسية ستمارس دورها بحرية، وليس ضمن بيئة سياسية مقيدة.

المتطلب الرابع وهو «نزاعات عنيدة ومريرة بين جماعات اجتماعية وسياسية كبرى حول قضايا تحظى باهتمام عميق لديها» غير متحقق أيضا. النزاع الذي حدث في أيلول 1970 كان قصيرا، ولم يكن في سياق المطالبة بإقامة نظام ديمقراطي في الأردن. هبة نيسان 1988 في جنوب الأردن أدت إلى حدوث تغييرات هامة، ولكن الهبة لم تدم طويلا ولم تكن لها قيادة.

بدأ ظهور مؤشرات على نزاع عنيد عندما حدثت مظاهرات جماهيرية في الدول العربية في نهاية عام 2010. وتلاحظ هذه المؤشرات أيضا في الاحتجاجات العمالية الهادفة إلى التأكيد على الحقوق وتحسين ظروف العمل، كما حدث في العقبة في آب 2009. عمال آخرون يشتغلون دون عقود احتجوا أمام وزارة الزراعة في عام 2010. كذلك لم تنجح الحكومة في وقف حملة المعلمين من أجل تشكيل نقابة لهم.

يمكن اعتبار هذه مؤشرات على عملية تغيير من القاعدة إلى القمة، وقد تؤدي ذات يوم إلى انتقال نحو نظام سياسي ديمقراطي في الأردن. ترى جمال (2007، ص 137) أن «مقاربة الديمقراطية على أساس التغيير من القاعدة إلى القمة فيها خلل كبير». سياق هذا الاستنتاج هو افتراض المانحين الأجانب أن تطوير المجتمع المدني ضروري فبدونه «لا يمكن أن يكون هناك ديمقراطية».

رأيها صحيح في سياق النظر إلى المسألة من وجهة نظر المانحين الأجانب. ولكن عملية التغيير من القاعدة إلى القمة التي بدأت تحدث في الأردن ذات طبيعة مختلفة تماما، فهي عملية بدأها المعلمون والعمال وآخرون ممن قرروا الدفاع عن حقوقهم دون مساعدة من المانحين الدوليين.

لا تنفصل المتطلبات التي حددها راستو عن افتراض أنها تتم في إطار انتهاج الحداثة، وخاصة الجوانب الفكرية. راستو (1967) يشير إلى أن التحديث يؤدي إلى «تحوّل الإنسان والمجتمع، ولكن إلى تحوّل عقل الإنسان أكثر من أي شيء آخر»، و«ينطوي على ثورة فكرية وتقنية واجتماعية» (ص 3).

لن يؤدي التعليم والسياق الجغرافي والأحزاب والنزاع العنيد إلى الديمقراطية إذا لم تكن الحداثة متأصلة في النظام السياسي. قال راستو إن الطوائف الدينية في لبنان كانت بديلا للأحزاب السياسية. هنا أخطأ راستو، وأظهرت هذا الخطأ الحرب الأهلية التي جرت في لبنان. وعلى عكس ما قال، فإن الطوائف الدينية في لبنان تمنع إقامة نظام ديمقراطي يعتمد على المساواة بين المواطنين.

على نحو مماثل، لا يمكن أن تكون العشائر بديلا عن الأحزاب السياسية. عندما غيرت الحكومة قانون الانتخابات ليزيد عدد النواب من أبناء العشائر، تحقق هذا الهدف. ولكن أدى ذلك أيضا إلى انقسامات داخل القبائل. وأسفر تشجيع العشائرية عن وضع يشهد قتالا بين قبيلة وأخرى، ومرارا مع الشرطة.

رغم جوانب القصور في نظرية راستو، فإن المتطلبات الأربعة تقدم تفسيرا أفضل لعدم تجذر الديمقراطية في الأردن. وخلافا للتفسيرات الثقافية والجوهرانية، لا تفترض نظرية التحديث لراستو أن الأردن سيظل دائما غير ديمقراطي بسبب الإسلام أو الإسلام السياسي.

إن منهجية تقييم الديمقراطية المستخدمة في هذا الكتاب أدت إلى التعرف على الجوانب غير المرضية. ولكنها أدت أيضا إلى التعرف على الجوانب الإيجابية، التي ظهرت في المعدلات التي زادت عن سبع علامات من عشر. كذلك وفرت نظرية راستو المعايير التي تقوض أسس نظريات عدم التوافق بين الديمقراطية والإسلام.

تحديث

هل جـدّ بعد ثماني سنوات سبب جديد يمكن إضافته إلى الأسباب التي ناقشتها أعلاه، أو يجعلني أعدل رأيي السابق؟ الإجابة المختصرة عن ذلك هي لا. الأزمة في سورية سهلت على الدولة تبرير السير بحذر شديد على طريق تغيير أسلوب الحكم في الأردن، وإعطاء الأولوية لمسألة الأمن.

النزاع المسلح في سورية انحسر كثيرا، وقبل أيام من إرسال الكتاب إلى المطبعة فتح معبر نصيب-جابر الحدودي بضع ساعات يوميا. ولذا من المحتمل أن تبدأ في المستقبل القريب عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. وفي حال عدم تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد، لن يكون مستبعدا العودة إلى أشكال مختلفة من العمل الجماهيري للمطالبة بالإصلاح كما حدث في عام 2011. ولذا تظل المتطلبات المسبقة الأربعة هي التفسير الأفضل لعدم تجذر الديمقراطية في الأردن.

= = =

الهوامش

[1] مقابلة شخصية. عمان، 14 نيسان 2008.

[2] تحديث: تغير المشهد السياسي في المنطقة العربية كثيرا في السنوات القليلة الأخيرة، ولم تعد الدول العربية تخشى إقامة صلات مباشرة مع إسرائيل. على سبيل المثال، «صفقة القرن» لحل القضية الفلسطينية ذكر أن للسعودية دورا فيها. كذلك، تبرر العلاقات مع إسرائيل بمواجهة الخطر الإيراني.

[3] أمن+قراط على غرار تقنوقراط وبيروقراط.


توثيق المقتطفات من الكتاب في الهوامش (أسلوب شيكاغو):

النسخة الورقية:

1. عدلي الهواري، تقييم الديمقـراطيـة في الأردن: 1990-2010 (لندن: عود الند، 2018)، ص - -.

توثيق النقل من الموقع:

يحذف من التفاصيل أعلاه رقم الصفحة، ويضاف إليها رابط الصفحة المنقول منها.

توثيق الكتاب في قائمة المراجع:

الهواري، عدلي. تقييم الديمقـراطيـة في الأردن: 1990-2010. لندن: عود الند، 2018.

عنوان الكتاب يكتب بخط مائل أو يوضع تحته خط.

JPEG - 22.5 كيليبايت
تقييم الديمقراطية في الأردن
غلاف كتاب تقييم الديمقراطية في الأردن. المؤلف: د. عدلي الهواري