كتاب: تقييم الديمقـراطيـة في الأردن: 1990-2010
ف 3: المجتمع المدني والمشاركة الشعبية
د. عدلي الهواري
ورغم أن وسائل الإعلام تساهم في البيئة الديمقراطية، يمكنها أيضا أن تقوم بدور ضار. في رواندا، على سبيل المثال، كان لوسائل الإعلام دور في التحريض على الإبادة الجماعية. بعض المواقع الإخبارية تساهم في الإساءة للمواطنين من أصل فلسطيني من خلال نشر مقالات وتعليقات استفزازية. لكي تسهم وسائل الإعلام في البيئة الديمقراطية، هناك قضايا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، بما في ذلك ملكيتها واستقلالها.
هذا الباب هو الثالث في نموذج تقييم الديمقراطية المعتمد من المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، وهو يعنى بثلاثة مجالات: (3.1) وسائل الإعلام في المجتمع الديمقراطي؛ (3.2) المشاركة السياسية؛ (3.3) اللامركزية.
القسم 3.1: وسائل الإعلام
السؤال العام (س11ق؛ س72ط): «هل تعمل وسائل الإعلام بطريقة تحافظ على القيم الديمقراطية؟» العلامة الأدنى 0 (صفر) والأعلى 10. المعدل 5.1 وهو قريب من العلامة الأكثر تكرارا. تعكس العلامات مستوى عاليا نسبيا من عدم الرضا عن وسائل الإعلام. لذا، من الضروري إلقاء نظرة عن قرب على المشهد الإعلامي في الأردن من أجل تحديد الأسباب المحتملة.
الصحف والمجلات أقدم نوع من وسائل الإعلام في الأردن. البث الإذاعي يعود إلى عام 1948. كان يهيمن على نشرات الأخبار أنباء رسمية تذاع وفق علو المنصب: الملك أولا، ثم رئيس الوزراء، وهكذا. وتكون الأنباء عن زيارات أو افتتاح مشاريع وأنباء أخرى لا يعتبرها المحررون المحترفون أخبارا هامة. تحسنت البرامج الإخبارية في السنوات الأخيرة، من خلال تغيير النماذج وبث تقارير لمراسلين، ولكن الخط الرسمي لا يزال مهيمنا.
أسس الأردن أول محطة تلفزيونية في عام 1966. موعد نشرة الأخبار الرئيسية الثامنة مساء. وكانت الأخبار الرسمية تهيمن عليها. ولكن تم إحداث تغييرات، مثل مواجز الأخبار، ونشرات أخبار قصيرة كل ساعة. أما النشرة الرئيسية فلا تزال في الثامنة مساء. أيضا هناك برامج حوار سياسي يشارك فيها مسؤولون سابقون في كثير من الأحيان. وعند مناقشة قضية خارجية، مثل قضية فلسطين، يشهد البرنامج إشادة بحكمة الملك في التعامل مع شؤون هذه القضية.
الإذاعة والتلفزيون في الأردن تملكهما الدولة. وجرت محاولات لجعل الأردن جذابا للمؤسسات الإعلامية ولكنها كانت محدودة النجاح. لم تحقق «قرية إعلامية» خصصت لهذا الغرض نجاحا مماثلا لما حققته دبي، التي أصبحت مركزا جاذبا لوسائل الإعلام العربية. غير أن المشهد الإعلامي في الأردن تغير إلى حد ما. في عام 2002، أسست الحكومة هيئة الإعلام المرئي والمسموع (هيئة الإعلام حاليا) لتكون مسؤولة عن منح الترخيص لمحطات الإذاعة والتلفزيون، شريطة موافقة الحكومة عليه. وهناك الآن محطات اف ام محلية خاصة تبث الأغاني والموسيقى، أو تجري مسابقات تعتمد على الاتصال الهاتفي بالمحطة. للجيش والشرطة أذاعتا اف ام. الحصول على ترخيص لإقامة محطة ترفيهية أسهل بكثير من تلك التي ترغب في بث الأخبار، كما يتبين من الشروط التي تذكرها الهيئة.
لدى الأردن وكالة أنباء رسمية تعرف اختصارا بـ «بترا» وليس بالحروف الأولى من اسمها بالعربية أو الإنجليزية. تزود الوكالة الصحف المحلية بالأنباء الرسمية، وتنشرها الصحف كما هي. لسنوات عديدة لم يكن في الأردن سوى صحيفتين يوميتين هما الرأي والدستور. وكان ذلك نتيجة دمج الحكومة صحفا عدة كانت تصدر في الضفتين الشرقية والغربية.
بعد الانتخابات النيابية التي جرت عام 1989، صدر العديد من الصحف الأسبوعية. ولكن بعد معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994، غيرت حكومة عبد السلام المجالي قانون الصحافة لفرض زيادة في رأس المال اللازم للصحف لمواصلة النشر. لم تتمكن صحف عديدة من تلبية الشرط الجديد وتوقفت عن الصدور. إحدى الصحف الأسبوعية التي تمكنت من البقاء صحيفة «المجد»، ولكنها تعرضت للرقابة وإجراءات قانونية بضع مرات. في عام 2008، حصلت مجلة «السبيل» الإسلامية على ترخيص، وبدأت الصدور فعليا في شباط 2009.
ظهور شبكة الإنترنت أتاح فرصا لتأسيس مواقع إخبارية دون الحاجة إلى امتلاك مطابع أو توظيف العديد من الأشخاص. يوجد مواقع إخبارية أردنية عدة. وسائل الإعلام الجديد تفوقت في أدائها على الوسائل التقليدية، فهي أسرع من الصحف في نقل الأخبار، وتنشر صورا لا تنشرها الصحف اليومية خشية إغضاب الحكومة.
تأثير وسائل الإعلام الجديد على الصحف دفع الثانية لتغيير موقفها تجاه الاعتماد على مواقعها الإلكترونية، بعد أن قاومت استخدام الإنترنت اعتقادا منها أن ذلك يؤثر على المبيعات. لكن الصحف اليومية بدأت تحديث مواقعها الإلكترونية، ولكن ليس بالقدر الذي تفعله المواقع الإخبارية. في عام 2010، أرادت حكومة سمير الرفاعي التحكم فيما يمكن أن ينشر في المواقع الإخبارية. عارض أصحاب المواقع محاولة الرفاعي واضطر في النهاية للتخلي عن المحاولة. ونسب الفضل في ذلك إلى تدخل الملك عبد الله الثاني.
لاحظت أثناء متابعتي للمواقع الإخبارية الأردنية أنها تمارس مديح الملك والهاشميين، وتعيد نشر موضوعات منشورة في صحف أردنية وعربية ودولية، ويكون واضحا أحيانا أين نشر الموضوع في الأصل. وأحيانا لا توجد إشارة إلى مصدر النشر الأصلي.
إن الذين دخلوا ميدان الإعلام الجديد لم يفعلوا ذلك فقط من أجل المساهمة في البيئة الديمقراطية. الإنترنت وتطور التكنولوجيا الرقمية جعلا من الممكن الدخول إلى المجال الإعلامي بقليل من رأس المال لجني المال من الإعلان والرعاية. خلال حملة الانتخابات النيابية عام 2010 امتلأت المواقع الإخبارية بصور المرشحين.
تعدد وسائل الإعلام لا يعني تنوعا في الآراء. دون النص على الحريات والحقوق الأساسية في الدستور وممارستها دون خوف، ستضطر وسائل الإعلام للاحتفاظ بحضور يمكنها من الحصول على دخل معين، وستكون بالتالي منضبطة في تغطيتها.
ورغم أن وسائل الإعلام تساهم في البيئة الديمقراطية، يمكنها أيضا أن تقوم بدور ضار. في رواندا، على سبيل المثال، كان لوسائل الإعلام دور في التحريض على الإبادة الجماعية. بعض المواقع الإخبارية تساهم في الإساءة للمواطنين من أصل فلسطيني من خلال نشر مقالات وتعليقات استفزازية. لكي تسهم وسائل الإعلام في البيئة الديمقراطية، هناك قضايا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، بما في ذلك ملكيتها واستقلالها.
في الاستبيان الطويل، أجاب عن السؤال نفسه ثلاثة من الخبراء الستة. العلامات هي 2؛ 3؛ 6. المعدل 3.7، وهو أقل من معدل علامات الاستبيان القصير. من المرجح أن الامتناع عن منح علامات يعكس شعورا بعدم الرضا. ومن المحتمل أن العلامة 6 التي منحها أحد الخبراء تعكس حقيقة أن المشهد الإعلامي تغير كثيرا في الأردن. ولكن في المجمل، لا يزال هناك درب طويل قبل أن يصبح بوسع المرء أن يقول إن وسائل الإعلام «تديم/تعزز القيم الديمقراطية» في الأردن. وهذا ينطبق أيضا على وسائل الإعلام الجديد.
القسم 3.2: المشاركة في الحياة العامة
السؤال العام (س12ق؛ س77ط): «هل توجد مشاركة كاملة للمواطنين في الحياة العامة؟» توقعت أن يكون السؤال غير واضح في الاستبيان القصير بالنسبة للمقصود بالمشاركة الكاملة، بخلاف الاستبيان الطويل الذي تضم أسئلته الإضافية ما يدل على المقصود. ولذا أضفت للاستبيان القصير شرحا مفاده أن «المشاركة الكاملة» تعني تنوع منظمات المجتمع المدني، ومشاركة النساء وقدرتهن على تولي مناصب مسؤولية؛ وقدرة الناس من جميع الفئات الاجتماعية على تولي المناصب العامة.
يؤكد المنظرون على أهمية جوانب متنوعة من الديمقراطية لكي تعمل بطريقة مرضية. على سبيل المثال، شابيرو (2003) وبنحبيب (1996) يؤكدان على الحاجة إلى النقاش والتشاور (التداول)، ولذلك هناك مقاربة تسمى «الديمقراطية التداولية». منظرون آخرون يؤكدون على أهمية المشاركة. ماكفيرسون (1977، ص 94) يقول إن «تدني المشاركة والمساواة الاجتماعية مرتبطان معا، بحيث أن المجتمع الإنساني الأكثر عدلا يتطلب نظاما سياسيا متسما بقدر أكبر من المشاركة».
الحوراني (2010، ص 5-8) يشير إلى تحسن ملحوظ في قدرة منظمات المجتمع المدني على العمل في الأردن. بعد عام 1989، تأسس العديد من الجمعيات، مثل منظمات حقوق الإنسان ومراكز الأبحاث. ويشير إلى أنه عندما تم تنفيذ برنامج الخصخصة في الأردن في التسعينيات، الذي أسفر عن إلغاء الإعانات، تحركت منظمات المجتمع المدني من أجل التخفيف من حدة الفقر.
ساهمت منظمات المجتمع المدني في تمكين النساء وتنمية المجتمعات المحلية وتدريب الشباب. ويشير الحوراني إلى وجود 3200 منظمة مجتمع مدني لديها أكثر من مليون عضو. رغم أن الأرقام التي يذكرها الحوراني تشير إلى وجود تنوع ونسبة عالية من المشاركة، إلا أن القانون الذي يحكم منظمات المجتمع المدني يمنع المنظمات الخيرية من ممارسة نشاطات سياسية.
تشير جمال (2007) إلى أن منظمات المجتمع المدني في الأردن «مقسمة حسب الوصول السياسي والزبائنية وتوفر المال والعلاقة مع النظام» (ص 115). ملاحظة جمال صحيحة. الوصول السياسي يدل عليه حضور وزراء أو أفراد من العائلة الملكية النشاطات التي تقوم بها هذه المنظمات. ويلاحظ توفر الأموال لدى منظمات أردنية تعد فروعا لمنظمات أوروبية أو أميركية، أو بينهما اتفاقيات تعاون. علاقة كهذه توفر أيضا حدا من الحماية للمنظمات الأردنية عندما لا تتفق مع وجهة نظر الحكومة بشأن بعض القضايا.
ولكي يتحسن وضع منظمة ما، تحاول الحصول على رعاية من أحد أفراد العائلة الملكية. على سبيل المثال، جمعية ما تعنى بشؤون المرأة تسعى للحصول على رعاية من الأميرة بسمة. وتوضيحا لهذه النقطة، يمكن ذكر منظمتين: الأولى هي اتحاد المرأة الأردنية، والثانية مركز الإعلاميات العربيات. الأميرة بسمة هي الرئيسة الفخرية لهاتين المنظمتين.
وتلاحظ جمال (2007) أنه رغم الزيادة في منظمات المجتمع المدني، إلا أن المنظمات «ينتهي بها الأمر إلى التحول إلى مؤيدة للقصر أو [...] مهمشة في الحيز المدني الذي تعمل فيه» وذلك بسبب «نظام من المكافآت والعقوبات يقوم على دعم الحكومة» (ص 119). ولذلك، فإن التنوع الظاهري ليس مؤشرا موثوقا على مشاركة سياسية حيوية، بل ينبغي النظر إلى مؤشرات أخرى، مثل القوانين التي تنظم قطاع المجتمع المدني.
فيما يتعلق بمشاركة النساء وقدرتهن على تولي مناصب مسؤولية، أكرر ما سبق ذكره في قسم آخر، وهو أن بعض النساء تولين مناصب رفيعة عبر مسار التعيين. أما في الانتخابات التنافسية، فقد أخفقن في الفوز، باستثناء حالات قليلة. حالة الفوز الأولى كانت في عام 1993، في دائرة انتخابية اقتصر التنافس فيها على المرشحين الشركس في الأردن. فازت في هذا الدائرة المرشحة توجان فيصل. الحالة الثانية فلك جمعاني. وكانت طبيبة برتبة لواء في الخدمات الطبية التابعة للجيش. وقد فازت في انتخابات عام 2007 في مادبا القريبة من عمان. الحالة الثالثة ريم بدران التي خاضت الانتخابات النيابية في عام 2010 في إحدى دوائر عمان.
عدم تمكن النساء من الفوز في الانتخابات التنافسية أدى إلى تخصيص ستة مقاعد لهن في عام 2003 في مجلس النواب. وارتفع هذا العدد إلى اثني عشر مقعدا في عام 2010. عبر هذا الطريق، دخلت النساء مجلس النواب وفقا لصيغة تعتمد على النسبة المئوية للأصوات التي حصلن عليها، تحسب على أساس مجموع الأصوات في المحافظة، وليس على أساس عدد الأصوات. نتج عن ذلك دخول نساء البرلمان رغم حصولهن على عدد أقل من أصوات مرشحات أخريات.
بالنسبة إلى قدرة المنتمين إلى فئات اجتماعية مختلفة على تولي منصب ذي مسؤولية، سوف أركز على منصب رئيس الوزراء والوزير. بالنظر إلى أن الحكومة تشكل عن طريق التعيين، وليس الانتخاب، هناك ميل نحو إرضاء مختلف مناطق الأردن والعشائر والقصر. إذا تم اختيار وزير من شمال الأردن، يتم اختيار آخر من الجنوب. في عام 2007، حاول عدنان بدران تشكيل حكومة دون هذه الاعتبارات. دامت حكومته بضعة شهور فقط. ويحدث مرارا تولي أحد أفراد بعض العائلات منصبا وزاريا. على سبيل المثال عائلات طوقان والمجالي والرفاعي.
المشاركة السياسية بالمعنى الموضح أعلاه محدودة. سأتطرق الآن إلى المشاركة بالمعنى الإجرائي، أي عدد الناخبين المسجلين، ونسبة المشاركة في التصويت. جرت انتخابات عام 1989 دون وجود أحزاب معترف بها رسميا. بلغ عدد الناخبين المسجلين 1,020,444. عدد الذين أدلوا بأصواتهم كان 541,426 أي ما يعادل 53 في المئة [1]. في عام 1993، أجريت الانتخابات بعد سن قانون الأحزاب السياسية، ولكن بموجب قانون انتخابات جديد منع تصويت الناخب لأكثر من مرشح في دائرة متعددة المقاعد. بلغ عدد الناخبين المسجلين 1,501,279. عدد الذين أدلوا بأصواتهم كان 822,294، أي ما يعادل 55 في المئة.
في عام 1997 قاطعت الجماعة/الجبهة الانتخابات. بلغ عدد الناخبين المسجلين 1,489,000. عدد الذين أدلوا بأصواتهم كان 702,260 أي ما يعادل 47.45 في المئة. في عام 2003، شاركت الأحزاب جميعها في الانتخابات. بلغ عدد الناخبين المسجلين 2,325,496 مليون. عدد الذين أدلوا بأصواتهم كان 1,342,999 أي ما يعادل 57.75 في المئة.
انتخابات 2007 سبقها خلافات بين حكومة معروف البخيت والجماعة/الجبهة. كان احتمال مقاطعتها قويا. ولكن المقاطعة لم تحدث، وفازت الجماعة/الجبهة بستة مقاعد. بلغ عدد الناخبين المسجلين 2,455,686. عدد الذين أدلوا بأصواتهم كان 1,326,070 أي ما يعادل 54 في المئة.
انتخابات عام 2007 تميزت باستخدام «المال السياسي». ظهر هذا المصطلح في الأردن بعد أن كان يستخدم في لبنان في إشارة إلى ظاهرة الحريري التي أتت برفيق الحريري وابنه سعد إلى القيادة السياسية من خلال استخدام المال، سواء على شكل مساعدات للفقراء، أو فرص عمل في مؤسسات يملكها الحريري أو في مشاريع تنفذها شركته، سوليدير.
في عام 2010، شددت حكومة سمير الرفاعي العقوبة على استخدام الأموال لأغراض سياسية، ولكن هناك طرق لاستخدام المال بشكل غير مباشر. كان هناك الكثير من الاتهامات باستخدام المال السياسي في هذه الجولة من الانتخابات، لكن الحكومة قالت إنها تعاملت مع كل حالة أبلغت بها.
قاطعت الجماعة/الجبهة انتخابات عام 2010. تأثير المقاطعة كان أوضح ما يكون في نسبة التصويت المتدنية في عمان، وكانت أقل من 40 في المئة. ولكن الحكومة حسبت معدل المشاركة على أساس مجموع الأصوات في كل الأردن، وكان 53 في المئة واعتبرته مرضيا. هذه النسبة حسبت على أساس تصويت 2,370,000 ناخب/ة.
التلاعب بالعملية الانتخابية يؤدي إلى فقدان الناخبين الاهتمام بها. يحاول المرشحون حفز المشاركة عن طريق العلاقات العشائرية. آخرون يستخدمون المال ويعطون الناخب الذي يدلي بصوته مبلغا من المال مقابل صوته، أو بتسهيل الذهاب إلى مركز الاقتراع والعودة منه. استخدام الأموال غير مسموح به من الناحية القانونية، ولكن المرشحين يقدمون حوافز بطرق مختلفة. على سبيل المثال، يقدمون مأكولات، أو يدفعون مصاريف السفر إلى السعودية لأداء العمرة مثلا. نجاح هذه الممارسات محدود، لأنه في غياب التغيير في المناخ السياسي وعملية اتخاذ القرارات، يمتنع المواطنون عن التسجيل كناخبين والتصويت.
في الاستبيان الطويل، أجاب عن السؤال نفسه كل الخبراء الستة. العلامات هي 0؛ 2؛ 3؛ 3؛ 5؛ 7. المعدل 3.3. ونظرا إلى أن الخبراء كان لديهم أسئلة أكثر من المقيمين، وليس السؤال العام فقط، في رأيي أن تقييم الخبراء يعزز عدم الرضا عن المشاركة السياسية. أعلى العلامات التي منحها أحد الخبراء، 7، من المرجح أنها تعود لكون الخبير/ة من المشاركين في مجال منظمات المجتمع المدني، فهذه العلامة المرتفعة نسبيا غير متشابهة مع علامات بقية الخبراء.
القسم 3.3: اللامركزية
السؤال العام (س13ق؛ س81ط): «هل تؤخذ القرارات على المستوى الحكومي الأنسب للمتأثرين بالقرار؟» أجاب عن السؤال كل المقيمين. العلامة الأدنى 2؛ الأعلى 10. المعدل 5.1 وهو قريب من العلامة الأكثر تكرارا.
السؤال قائم على افتراض أن اللامركزية أمر جيد، بصرف النظر عن حجم البلد. ولكن الافتراض الضمني للسؤال فيه خلل. على سبيل المثال، القرارات المتعلقة بتوفير الخدمات تعتمد على الموازنات. عندما تكون الأموال محدودة، توقف المجالس البلدية الخدمات التي تقدمها أو تقللها. من الأمثلة على ذلك جمع النفايات في المملكة المتحدة، فقد كان يتم أسبوعيا. ولكن المجالس غيرت ذلك وأصبح جمع القمامة يتم مرة كل أسبوعين، الأمر الذي أثار مخاوف من تأثير ذلك على مستوى النظافة.
أيضا، جودة الخدمات التي تقدمها السلطات المحلية قد لا تكون بجودة التي تقدمها سلطة مركزية. بالنسبة للأردن، هناك مجالس بلدية، ولكن قد لا يكون بوسعها اتخاذ قرارات لها تأثير على المناطق التي تشرف عليها. هذه المجالس تكون معينة أحيانا، ومنتخبة أحيانا أخرى. لذلك، لا يوجد نمط متسق في هذا الصدد.
يفترض السؤال أيضا أن اللامركزية تحظى بالترحيب في كل مكان في العالم. هناك حجج وجيهة بشأن تطبيق اللامركزية، لكن خطة لممارسة اللامركزية في الأردن لقيت معارضة شديدة. الخطة طرحها في عام 2009 رئيس الوزراء، نادر الذهبي. وكانت تعتمد على تقسيم الأردن إلى ثلاث مناطق: الشمالية والوسطى والجنوبية. لكن الخطة جوبهت بمعارضة من كل الاتجاهات، بما في ذلك الجماعة/الجبهة، لأنها اعتبرت جزءا من خطة أكبر لحل القضية الفلسطينية. بعد إدراك مدى قوة المعارضة للخطة، أشار الملك عبد الله الثاني إلى أنها ستطبق على مستوى المحافظات.
في الاستبيان الطويل، أجاب عن السؤال نفسه كل الخبراء الستة. العلامات 1؛ 2؛ 2؛ 4؛ 5؛ 6. المعدل 3.3، وهو أقل بكثير من معدل علامات السؤال نفسه في الاستبيان القصير. فريقا التقييم متفقان على أن القرارات لا تتخذ على المستوى الحكومي الأنسب.
هناك ميل في الأردن نحو اتخاذ السلطات المركزية القرارات، وتوقع التطبيق على المستوى المحلي. كذلك تدخلت الحكومة في أعمال المجالس المحلية عن طريق التعيينات. وفي عام 2001، أجبرت الحكومة مجالس بلدية على الاندماج. وفي عام 2011، قامت حكومة البخيت بإعادة بعض المجالس التي دمجت في الماضي، مما أدى إلى وقوع احتجاجات في بعض البلديات للمطالبة بالعمل بصورة مستقلة. سعى رئيس الوزراء عون الخصاونة، الذي خلف البخيت، إلى تهدئة الوضع من خلال تحديد موعد نهائي لتقديم طلبات فك الاندماج.
= = =
الهوامش
[1] الأرقام من المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات.
توثيق المقتطفات من الكتاب في الهوامش (أسلوب شيكاغو):
النسخة الورقية:
1. عدلي الهواري، تقييم الديمقـراطيـة في الأردن: 1990-2010 (لندن: عود الند، 2018)، ص - -.
توثيق النقل من الموقع:
يحذف من التفاصيل أعلاه رقم الصفحة، ويضاف إليها رابط الصفحة المنقول منها.
توثيق الكتاب في قائمة المراجع:
الهواري، عدلي. تقييم الديمقـراطيـة في الأردن: 1990-2010. لندن: عود الند، 2018.
عنوان الكتاب يكتب بخط مائل أو يوضع تحته خط.
- تقييم الديمقراطية في الأردن
- غلاف كتاب تقييم الديمقراطية في الأردن. المؤلف: د. عدلي الهواري