فتيحة المتشو - المغرب
الـحـافـة
لقد تثاقل في مرآته.
سألته: "لماذا أتيت خلسة ورائي من الندى؟"
أجاب: "لست أنا من أتيت ولكنه آخري الذي أتى من جداره وغادرك."
كان مبهما في كلامه، ملتفتا إلي في غيابي، مغرورا إلى حد كبير بوجوده الحقير تحت الأشـــــيـــاء.
لم أفهم كثيرا تقاطيع الكرسي بينه وبين المائدة المقابلة للسؤال الأول.
سألته أنا التي لم ترتب بعد فتات الجسد المقلوب فوق ينابيع ضارية، ولا اهتدت بعد ليلة موجعة إلى صليب محتمل كما يفعل الحالمون حين يغتسلون بماء الله، سألته وأنا واثقة تماما من أن ســــؤالـــي سينام تماما بعد الحديقة، وفراش الآلهة. سألته وأنا نصف امرأة تهتدي إلى البياض في كامل مشيتها، نصف دائرة إلى القــلــب، وثــمـانـــي خطوات نحوه، وبعدها فلتقم قيامة الكلام في الرحيل الأول إلى الشرفة المواتية. سألته:
"أين شراب هديك في مذكراتك الليلية بعد عاصفة المواجهة التي أودت بأسمائك التالية إلــى نافذة غيرك؟"
أجابني بتهكم مبالغ فيه: "ليس لي إلا عشب واحد كي أرتمي داخله وأسحق كل المارين إلى الـرخام."
وبسوريالية مبتكرة التوى تحت صوته وصفع أسئلتي بذات الرخام. وبدأ في الصراخ نحوه دون أن يلتقط بقاياي من المرآة. للمرة الأولى يفعل ذلــك. كــان كـلـما هــم لانتظار الوقت يعرج على مصابيح الغرفة ينتعل أسبابها ويهدئ ذاكرة المكان من السفر. بدأ ينظر إليّ من الأشياء، وفجأة سألني دون مقدمات:
"لماذا أنت هنا؟ ماذا تفعلين في لغتي؟ وما الذي أتى بك إلى وجعي؟ ألم يكفك الأمس حين أضعت مذكرات الشاعر وتركت المنصة سـكينا يرتعش من البداية؟ هه، ألم يكفك ذلك؟"
فوجئت تماما بصحوه، وغادرته فجأة منه إلى معترك مؤجل بين النوافذ والنهار. انـتـشـيـت للحـظة ومددت إليه سيجارة مؤقتة لكي يقترب أكثر من الكلمات.
اقترب فجأة مني وامتصني فيه، ثم رماني في زاوية الـــرداء مذعورة تماما مـنه، ومـن أســئـلــتـي المتقدمة في الصورة، أمسك ثانية بحجم الماء وبدأ يئن فيه إلى أن عادت إليه الأشياء ثـانية وبـشـكل أبهى من ترتيب المطر فوق حافة الريح. ثــم غــادر دون الأشــيــاء.