فواصلْ
في الحياةِ التي نعرفْ لحظاتٌ قد يُصادفُ أنْ يمرُّ بها بعضنا. وفي الحياةِ الّتي لا نعرفْ، أشياءٌ سنقرأ عنها ذات يومْ.
مشروعُ رجلْ
أتشعرُ أنّك مرهقٌ جداً يا فتى؟ متعبٌ من كلّ شيءٍ، وساخطٌ على كلّ شيءْ، تبدُو لِي كذلك، وعيناكَ الضيّقتانِ، تزيدانِ من حدّتكْ، كلّما اكتملتْ تلكَ العقدةُ الّتي تعلُو وجهكْ.
اهدأ، فأنا أستطيعُ أنْ أتفهّم غضبكْ ونقمتكَ على الحياةِ كلّها، وأنتَ تجلسُ كلّ صّباحٍ في هذهِ الزاويةِ المعتمةِ منْ هذا الكوكبِ المقفرِ، تنتظرُ منْ يمرُّ من هُنا راغباً في مسحِ (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
نصوص قصيرة
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012, ::::: غانية الوناس -
أفراح قصيرة
1 آذار (مارس), ::::: تسنيم حسنأنا رهف من شمال غزة، اليوم علينا المغادرة نحو الجنوب؛ بالأمس تم تدمير منزلنا إثر سقوط صاروخ عليه.
بتنا ليلتنا بين الأبنية المدمرة والدخان وصوت البكاء والقذائف المنهمرة من كل مكان. في الصباح بدأت رحلتنا نحو الجنوب احتضنني أبي وقبلني وأوصى أمي بي وبجدي وجدتي.
كان الجميع يبكي بحرقة وألم وكنت خائفة فتعلقت برقبة أبي ولم أرد النزول من بين ذراعيه، أخبرني أنه عليّ الذهاب مع أمي؛ قلت: احملني لا أريد المشي،
أجابني أنه لا يمكنه الذهاب معنا، "على الرجال أن تموت مرفوعة الرأس".
لم أفهم ماذا قال (…) -
الثقب الأسود
25 آذار (مارس) 2013, ::::: مهند النابلسي"أفضل وسيلة لتحقيق أحلامك هي أن تستيقظ" (الشاعر الفرنسي بول فاليري)
فكر في "فتاة الحاسوب". كان فيها شيئا من الجاذبية الساحقة كالثقب الأسود. أشعرته برغبة في أن يحيا في مجالها. أحس وكأنها تسربت خلسة إلى مشاعر ، فأنهكته وجعلته يبحث عن مكان سري في أعماقه يختلي فيه، ليبحث عن وجوده الحقيقي، فقد شعر أنه في وضع زائف. أوقعته تلك الحسناء في حالة فريدة من " فقدان الجاذبية"، فأصبح كرواد الفضاء داخل سجن مركبتهم، يتطايرون هنا وهناك، وأصابه الرعب من فكرة أن تتدلى حياته إلى لا حياة على الإطلاق تقريبا. (…) -
شيء من حتى (*)
1 أيار (مايو) 2009, ::::: عدلي الهواري: بحوث ومقالات وقصصدخلت شابة مبنى دائرة جوازات السفر، واتجهت إلى إحدى نوافذ استقبال مقدمي الطلبات، وفتحت شنطة وأخرجت منها أوراقا، أرفق مع بعضها صور ملونة. قدمت الأوراق إلى الموظف، فبدأ يقلبها ليتأكد أنها كاملة، ثم بدأ يراجع المعلومات الواردة في الطلب ليتأكد من وضوحها واكتمالها. رفع الموظف رأسه وسأل:
"عفوا، هل الاسم الكريم مـنـى أم جـنـى؟"
"لا هذا ولا ذاك"، ردت الشابة، "إنه حـتّى."
"حتى كما في الأغنية التي تقول "حتى فساتيني التي أهملتها؟" سأل الموظف وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة.
"نعم، ومثل حتى أنت (…) -
ريحانة الخريف
1 حزيران (يونيو) 2006, ::::: عود الند: مختاراتتترك الأغنام بداية الطريق المؤدي إلى الوادي وتعود إلى منزل الشيخ نوري البصير لتستمع إلى درس في اللغة العربية والتجويد. تجلس في آخر صف والخوف يتملكها. تتابع قليلاً حركات فم الشيخ نوري البصير في الشدة والفتحة والضمة وتتذكر أغنامها التي تركتها ترعى لوحدها. وتردد مع الصغار بعض الآيات والعبارات. وبحاسته السادسة يتساءل الشيخ نوري البصير هل جاءت ريحانة الخريف؟ يقصد رمانة. فتقول نعم جئت يا شيخ لأسمع الدرس وأفهم، فيتلو عليها بعض الأحوال في فنون التجويد. تتذكر رمانة الأغنام، فتترك دفترها مع محمود، ذاك (…)
-
الثوب الأبيض
1 أيلول (سبتمبر) 2022, ::::: فنار عبد الغنيكانت تتقن فنونا كثيرة منها فن خياطة الأثواب، وخاصة أثواب السهرات المميزة. وأشهر الأثواب التي تتقنها: أثواب الزفاف البيضاء. كانت خياطة مألوفة ومشهورة بإتقانها لمهنتها وإنسانة محبوبة وكريمة جداً. بصمتها مميزة في خياطة الأثواب الأنيقة وفي ترتيب الأشياء وفي طهوها للطعام وفي كلامها مع الآخرين وأمنياتها لهم.
كانت إنسانة رقيقة القلب، دائمة العطاء كشجرة خضراء مثمرة طيلة العام. ضحت بشبابها من أجل عائلتها. لم تكن الابنة الكبرى لأسرتها الكبيرة العدد، لكنها كانت الابنة التي ضحت بعمرها ومالها من أجل (…) -
نداء صلاح الدّين
26 كانون الأول (ديسمبر) 2015, ::::: طه بونينيتَقَوَّيتُ بابني، سمّيتُه صلاح الدّين. أردتُ اسماً يرتبط بالوطن، حتّى أوشكتُ أن أسمّيه فلسطين.
تسلّحتُ باسمه، حَمَلتُه معي رضيعا إلى كلّ مكانٍ أقصده، شعارا للسلام والنصر معا، وكأنّه غصن زيتون.
لا أراه الآن إلّا من خلال ذاكرتي التي تبعث الحياة في هذه الغيبوبة السرمدية التي أُسِرتُ فيها. لستُ أعي، لستُ أدرك، أنا أحسّ فقط. وما دَريتُ بأنّي في غيبوبة لولا الضيفُ الذي يزورني بين الحين والحين.
ليس ضيفا في الحقيقة بل طيف، "طيفُ المقابر" هكذا عرّف بنفسه. ما فَتِــئَ يهتفُ باسمي في همس بادئ (…) -
العالـم لا يسمعني
27 تشرين الأول (أكتوبر) 2014, ::::: غانية الوناسكنت أريد أن أقول الكثير اليوم، لكنّ حاسة من حواسي خذلتني.
وقفت أمامهم ولم أجهز شيئا أقوله، أقصد أعبر به، كان شيئا جديدا ومختلفا على فتاة مثلي، بدوت كالغبية، تائهة، ضائعة، مشوشة الأفكار، ربّما كان العرق الذي يتصبّب من جبهتي واضحا جدا لكل من كان يراني ويرقبني بعين المنتظر.
اسمي كوفان. لست كردية لكن اسمي ارتبط بتلك الأرض البعيدة جدا، والتي لا أعرف عنها الكثير، لكنها ربّما تعرفني بشكل أفضل. حين ولدت لم يكن هناك من شخص يسجلني. احتاج الأمر معجزة وهكذا تطوعت ممرضة في ذلك المستشفى الرثّ تماما (…) -
فراشة الصنوبر
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: منجي العيساويعبرت سلمى غابات الصنوبر الخضراء ورائحة الإكليل والزعتر تملأ رئتيها. حثت الخطى مزهوة بدفتر الأعداد منتشية بتفوقها. سارت في المسارب الضيقة بين الأشجار والصخور الملساء. اغتسلت من ماء العين المنحدر من أعلى الجبل. رفعت رأسها إلى أعلى. نظرت إلى قمة شجرة الصنوبر المقابلة. رأت سرب الفراش في الموعد. نطت البنت فوق حجر الطريق الأملس الذي خبرته منذ سنين فتبعها محلقا فوق رأسها الصغير كما ألف منذ زمن.
أطلت بوجهها الغض وقد تصبب عرقا على أفراد أسرتها تزفهم بشرى نجاحها الباهر والأمل الحالم يغمرها ممنية (…) -
في غرفة الإنعاش
25 كانون الأول (ديسمبر) 2014, ::::: زهرة يبرمبعض من ضياء قرص الشمس الهاربة لتوها إلى مخدعها الليلي ما زال يبسط نفوذه على تلك المدينة الصغيرة التائهة في عمق الوطن، وعلى الجبال المترامية حولها. والدنيا تعيش لحظة فارقة بين الليل والنهار. وسيارة إسعاف عسكرية تقوض السكون بصفير إنذارها وهي تشق طريقا جبليا ترابيا ضيقا متجهة نحو المركز الطبي الكائن على أعلى مرتفع من المدينة.
تأوه وهو يستعيد وعيه عندما ارتطمت عجلات سيارة الإسعاف بعثرة على الطريق. ألم شديد يمزق كتفه الأيسر، أطلق صرخة وضغط بيده على موضع الألم، ثم تفحصها عندما أحس بلزوجة الدم (…)