أمّي التي أحبّ
هل سبق وقلت لك إني أعشقُ إشراقة وجهك كلّ صباح؟ هل سبق وأخبرتكِ بأنكِ النّورُ الذي أهتدِي به؟ لا أذكرُ شيئاً أجمل من صوتكِ العذبِ حين تناديني يا طفلي الصغير.
أنا طفلكِ يا أمّي؛ كبرتُ دون أن أشعر بذلك، ها أنا ذا رجلٌ يضعُ روحه وكل سنواتِ عمره على كفّه ويمضِي إلى حيث لا يعرف، مذ غادرتُ بيتنا وأنا أحاول ألا أبكي كلّما تذكّرتكِ وتذكّرتُ والدي وشقيقي عليّ وسلوَى والقرية وكلّ ما فيها.
أنا رجلٌ والرجال في عُرفنا لا يبكون يا أمّي، لا يبكي أولئك الّذين يرتدون بزّات الشرف ويمضون (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > نصوص عامة
نصوص عامة
المقالات
-
طائرة الموت
25 شباط (فبراير) 2014, ::::: غانية الوناس -
دمـى خـشـبـيـة
25 أيلول (سبتمبر) 2012, ::::: هدى الدهان"ماردي الطيب": كلّما همست له بهذه العبارة رسم لها ابتسامة الرضا، رسماً تعجز عنه ريشة فنان. كانت تُشَبِّهه بمارد مصباح علاء الدين الذي يلبي لها كل ما تريد، وأحياناً حتى قبل أن تريد. إنه يعلم وهو مغمض العينين ما ستكون عليه رفة عينها بعد قليل لكثرة العيون التي مرت أمامه. يستطيع الآن أن يعرف بم ستتحدث وبأي نبرة لكثرة ما سمع النساء.
لا يلومه أحد على عِشقِّهنّ، وربما هو الرجل الوحيد الذي لا يؤذي امرأة في حياته عمداً. وقد صَدقَت حين أخبرته بأنه مارد، فهو يخرج من مصباحهنّ، ويرتفع عاليا في الهواء، (…) -
سيدوري في مملكة الحيوان
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: عدنان الظاهرمن غير سيدوري قادر على تفسير رؤياي؟ ركبت أول قطار متجه صوب العاصمة التشيكية براغ. استأجرت فور وصولي براغ ومعي حقيبتي سيارة تاكسي قاصدا مقهى وحانة الصديقة المخلصة سيدوري.
لاحظت تغييرات كثيرة طرأت على محلها، إذْ تقلصت مساحته وقل تعداد ما كان فيه من حجرات وصالات وغرف طعام واستقبال وزوايا قمار البوكر والروليه الأمريكي، فضلا عن اختفاء ذاك العدد الكبير من عمال وخدم المحل.
ما كانت سيدوري حزينة ولا مبتئسة ولا بالمتشائمة أبدا. وجدتها كما عهدتها دوما عالية الرأس شامخة الهامة والقامة. قالت: (…) -
صمت الذكريات
25 كانون الأول (ديسمبر) 2014, ::::: هدى الكنانيمنذ ذلك اليوم الذي تركتُ نظراتي المتعثرة، حائرة تجوس المكان شبرا شبرا بحثا عنك؛ متأبطة إحساسي، مرافقة حدسي، واثقة حتى السذاجة أنك ستأتي.
استجوب الأنفاس نفسا نفسا بحثا عن عطر أنفاسك، أُسكن نظراتي في كل مكان، علّها تظفر بظلك مركونا خلف بناية أو شجرة أو جدار وما ظفرت به، حينها أذعن القلب استسلاما وأيقن أنك لن تأتي.
خلعت ذكرياتنا وأودعتها أمكنة تنفست ضحكاتنا وغذَت أصواتنا خطوات زرعناها الأمل والأغاني. ولملمت شعث نظراتي المزروعة توها وتوقا لرؤياك. منذ ذلك اليوم، تصالحت مع خيباتي، تعايشت مع (…) -
انحناء النخل
1 تموز (يوليو) 2008, ::::: ربا الناصرجلست على المقعد الأمامي لحافلة قديمة، مستعدة لطريق العودة إلى العاصمة، كنت في خلالها أنظر إلى العلامات المدهونة على الطريق من خلال زجاج النافذة، فقد كانت العلامات تتقاطع مع بعضها تارة وتتوازى تارة أخرى، كان الأمر في الحقيقة مسليا لبضع دقائق اندثرت بمجرد شعوري بالملل، فقلبت صفحات التقرير الذي أعددته بعد زيارة إلى دار العجزة والتي كلفني مديري بها، فأنا موظفة في مؤسسة تعنى بالأعمال الاجتماعية.
قلبت صفحات التقرير بهدوء مسترجعة وإياه تلك اللحظات السريعة التواتر، العميقة الأثر، ففي تمام الساعة (…) -
فلسطين
1 آذار (مارس) 2024, ::::: فراس ميهوبفلسطين ليست مكانا، ولا حلما، ولا أرضا وطلل.
فلسطين، ليست حقَّا مسلوبا، ولا مبعث أنبياء ورسل، ولا قبلة مصلِّين، ولا كنيسة.
فلسطين ليست هاتفا في سحر، ولا قمرا للسهر.
فلسطين ليست ليلَ العاشقين، ولا نهار الصابرين.
فلسطين ليست زيتونة ولا نهرا، ولا سنبلة ولا برتقال.
فلسطين ليست صيف الحصاد، ولا عين العواصف، ولا صحوا ومطر.
فلسطين ليست كوفية ولا بندقية ولا حجر.
فلسطين ليست شهيدا ولا جريحا ولا مفقودا.
فلسطين ليست مفتاحا ولا منزلا ولا معتقلا ولا خيمة.
فلسطين ليست ثائرا، ولا متعاطفا (…) -
طعم الخوخ
1 كانون الثاني (يناير) 2009, ::::: رامي أبو شهابشجرة الخوخ تظللني من شمس تموز اللاهبة، لا أحد كان هناك سواي، وكنت خاليا من كل شيء إلا من صوت الريح التي تصفر حين تداعب أغصان الشجرة الباسقة كأنثى شديدة الهياج. الفتنة تتحرش بها وتتركها على أعتاب نشوة، شجرة الخوخ تترك أوراقها وثمارها منفلتة بلا حياء أو خجل، ساقها أشبه ما تكون بفخذ امرأة عريقة التكوين، تحت هذه الأنثى تمكث أرضٌ تضع كل قداستها وعنفوانها في حضرة هذه السيدة الفاتنة، لتغسل قدميها بالماء المقدس، وكلما تجمع ماء شربته سيدة الحياة، والأرض شديدة الحبور كونها تختص بهذا الشرف العظيم. (…)
-
امرأة الطين ورجل النار
1 كانون الأول (ديسمبر) 2008, ::::: فوزية العلويلا أحد يعلم ما الذي جعل مرجانة تسدُ نوافذ البيت. سدّتها جميعها إلا فوهة الباب، وكوّة صغيرة في السقف، تعدُ عبر ضوئها الشحيح طعامها وترتبُ أشياءها وترتقُ أثوابها. وما كانت لتستعين بأحد في ذلك، بل خلطت بنفسها الطين والقش والماء وقطع الزجاج والصفيح، ورصّفت الحجر في النوافذ، ثم طلته بحرص شديد، ووقفت ترقبُ أن يجف البناء، وهشت الصبيان لئلا يعبثوا بجهدها.
لم تكن مرجانة كثيرة الكلام، ولا كانت تستسيغ هذر الآخرين. لذلك لم تر موجبا لشرح ما أقدمت عليه، ولكن زوجة ابنها التي كانت تسكنُ غير بعيد عنها ذكرت (…) -
أمـام الـنــهايـــة
1 شباط (فبراير) 2008, ::::: ياسمينة صالحهل تعلم أن أجمل العشاق لم يحبوا غير ذواتهم في شخص حبيبة كانوا يعتقدون أنها قريبة من سراب الكون إلى الحقيقة؟ لم يكن الحب ندا لندخل جبهاته واثقين من الانتصار. لهذا لم يكن غريبا أن نخسر الحب والحرب معا. وبينهما خسرنا بعضنا.
* * *
لا تعتقد أنني كنت عاشقة سيئة. لم أكن سوى ما علمتني الحياة المتجذرة في تراب الجهات. كنت أعي أنني أرتكب شيئا عظيما في حبك، وأن النهاية لن تكون أجمل من هذا الحريق الذي يشعل مدننا المتوجة بالخسائر التاريخية. لم أكن سيئة حتى وأنا أتنازل عن حقي في الدفاع عنك كما كان على (…) -
العرس
1 آذار (مارس) 2009, ::::: منجي العيساويانطلقت خيول الاستعراض في تلك العشية من أيام "أوسّو" الحارقة من أمام بيت العروس والهودج المتبختر في سيره إلى منتهاه في مشهد مهيب قلّما عاشت القرية مثيلا له. يسايره علي جنبتاه شبّان القرية وشابّاتها وتتبعه من ثقلت حركته من المسنّين والصّبية. اختلط الغبار المتصاعد بالعرق المتصبّب من الوجوه المنتشية بزغاريد النّسوة وغنائهم ودقّ الطّبول المنغّم علي وقع خطي الفرسان في سباقهم وألعابهم البهلوانية المضمرة مع جيادهم.
سار الموكب الهوينى والعروس تترنّح متمايلة مع وقع خطي الناقة. عند منتصف الطريق توقّف (…)