منال حاتم عبد الله - البحرين
وصايا لزهرة دافئة
وأرسم حول بتلات روحي المثخنة بجراح الزمن بعضا من بقايا أحلامي وأمنياتي. أحاول أن أتفنن في تلوينها بأحمريات الأمل المتدفق في أوردة كياني.
وذات حزن قررت أن أهب هذه الأمنيات جزءا من وقتي، وأستلهم من بتيلات هذه الزهرة الموشكة على الذبول وصايا، آمل أن تقوم بتنفيذها، وإن داعبتها أعاصير الحياة بقسوةٍ شديدة.
تلك كانت "الزهرة الدافئة،" التي ما برحت مسؤولة عن البوح الذي يستنزف دمعي المذبوح. أحاول جاهدة الإبقاء عليها حية رغم ما يصفعها من ألم الوقت. وأجعلها تقاوم نكسات الدهر لكي تحفر وصاياي في ذاكرة تويجها، ولكيلا يعتريني النسيان فجأة، فأخسر ما حفظته طوال الأيام المنصرمة من عمري.
وكل ما يهمني مما قمت به هو أن أطمئن نفسي بأن رحيق أبجدياتي سيصل إلى جذور الزمن.
وحتى لا تذروها الرياح بعيدة عمن نقشوا في قيعان شرايين قلبي الذي ما فتئ عن نبضه، وإن أثقلته مرارة الهموم منذ نعومة أظفاره
زهرتي الدافئة، احفظي هذه الجملة، وقولي للجميع:
"إن أجمل الأشياء هي التي يقترحها الجنون ويكتبها العقل. وإن كانت تلك مجرد تفاهاتٍ لا يعيها إلا من آنسته أحزانه، فأصبح لا يهتم بما يدور مع عقارب هذه الدنيا الفانية."
زهرتي الدافئة:
وقبل أن تصبحي مجرد رفاةٍ تقلبها نسمات الهواء الغاضبة، حاولي أن تبقي شامخة حتى يحين الانتقال إلى العالم الآخر. هناك حيث تخلدين، وحيث لا تدوسك عجلات الفراق، تعانقين خصلات الحور العين، تفيضين بالعطر الأبدي، ويبقى نداك المرتجف على عروق أوراقك كمصدر ارتواء العاشقين.
وفي الليل المتسربل بالسواد، وحيث تتسرب خيوط ضوء القمر بكل دفء، ولكنها واهنة لأن السحابات قد استضعفتها، كانت تحاول قدر المستطاع أن تهبك شيئا من بريقها لكي تحميك ممن يضمر في قلبه شيئا خبيثا. ولكيلا ينتزع منك ما تبقى من فيض عمرك، كوني ثابتة وإن أرهقتك تصدعات روحك. ثابري واصبري فما الأيام إلا كلمعة برق سرعان ما تمضي مخلفة وراءها كل ما حفرته الأيام في ذاكرة الزمن.
وذات حلم، ابعثيني إلى حيث ستذهبين، فأنت وأنا لسنا سوى عابرتي سبيل: أنت تنشرين عبقك بين أرجاء الحياة، وأنا أحتفظ بك بين دفاتر عمري.