عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

سلمى الناشف - الأردن

حياتنا والبحث العلمي


يلعب البحث العلمي دورا كبير الأهميّة في حياتنا، فهو محور التطوّر فيها، والارتقاء. ولمّا كان للبحث العلمي مثل هذه الأهمية، فإنّه من المفيد التعرّف على مفهومه، وأهدافه، ومضمونه، ومجالاته.

مفهوم البحث العلمي

يعرّف ذوقان عبيدات وزملاؤه البحث العلمي بأنّه "مجموعة الجهود المنظّمة التي يقوم بها الإنسان باستخدام الأسلوب العلمي في التفكير للتعرّف على الظواهر المختلفة فــي البيئة واكتشافها وتحديد العلاقــة بينها، ومحاولة السيطرة عليها" (1). ويعرّفه أنور البطيخي بأنّه "عمليّة فكريّة منظّمة يقوم بها شخص معيّن هو الباحث، من أجل تقصّي حقائق في شأن مسألة علميّة أو مشكلة تسمّى موضوع البحث، باتباع طريقة علميّة تسمّى منهج البحث بغية الوصول إلى حلول ملائمة لمشكلات أو نتائج صالحة للتعميم على مشكلات مماثلة وتسمّى نتائج البحث" (2). وأعرّفه أنا بأنّه الإجراءات العمليّة والفكريّة المنظّمة التي تستخدم الطريقة العلميّة في التفكير للوصول إلى حلول للمشكلات المختلفة والأمور، أو إلى تطويرها، أو الحصول على معارف جديدة.

ومن تعريفي السابق، أستطيع أن أخلص إلى أهداف البحث العلمي والتي يمكن إجمالها بالآتي:

1. الحصول على معرفة جديدة.

2. تطوير معرفة قائمة.

3. حل مشكلة معيّنة.

وأمّا مضمون البحث العلمي فهو:

1. الموضوع الذي يشمل المعرفة المكوّنة من الحقائق والمفاهيم والقوانين والنظريات المختلفة.

2. الطريقة العلميّة المستخدمة للوصول إلى هذه المعرفة، وهي ما تسمّى بالأسلوب العلمي في التفكير، وهذا هو الأهم والأخطر في نظري، والذي يحدث التطوير أو يكبحه، ولأهميّته فإنّني سأتناوله بشيءٍ من التفصيل هنا، تتكوّن الطريقة العلميّة في التفكير من الخطوات الآتية:

أ‌. الشعور بالمشكلة، وهي الإحساس أن هناك أمرا غير طبيعي قد حدث، وأنّه يستلزم اتخاذ الإجراءات بإعادته إلى حالته الطبيعيّة.

ب‌. تحديد المشكلة، ويتم ذلك من خلال طرح سؤال يتعلّق بالمشكلة في محاولةٍ للإجابة عنه.

ت‌. وضع الفرضيات المختلفة لمحاولة الإجابة عن السؤال، والفرضيّة هي جواب محتمل عن السؤال، واحتمال صحتها أو خطأها تساوي 50%، تؤكّدها أو تنفيها وسائل جمع المعلومات المختلفة.

ث‌. جمع المعلومات والبيانات، ووسائل جمعها متعدّدة ومختلفة منها الكتاب، والاستبانة، والإنترنيت، والملاحظة، والمقابلة، وغيرها.

ج‌. المناقشة والتوصّل إلى حل، باستبعاد غالبية الفرضيات وقبول أحدها أو أكثر.

ح‌. التعميم، وهو نقل الحل إلى مواقف مشابهة. ويلاحظ أن الترتيب في هذه الخطوات ليس مطلقا، بل يمكن تغيير الترتيب وفقا للحاجة إلى ذلك.

مجالات البحث العلمي

إن مجالات البحث العلمي متعدّدة وشامله لكل مناحي الحياة، فلا نعني بالباحث فقط العالم، فقد يكون طالب المدرسة باحثا، وقد يكون الأب باحثا، أو الأم، أو العامل، وأي شخص يمكن أن يكون باحثا، وبأي عمرٍ كان، وبعبارةٍ أكثر دقّة أن يكون مستخدما للأسلوب العلمي في التفكير، وأن أهم ما يميّز هذا الأسلوب الذي يجب أن نستخدمه في جميع أمورنا المعيشيّة هو عدم التحيّز، أي الموضوعيّة، والأمانة العلميّة، والصدق، والتأنّي، واحترام الرأي الآخر الذي ينبع من احترام الذات، وغيرها من الخصائص.

يستخدم التفكير العلمي في حل المشكلات المختلفة التي تواجهنا، فلا نحكم مباشرة على النتائج بل نتأنى، ونجمع المعلومات، ونضع الفرضيات، ونختبرها، ثم نصدر حكمنا الذي غالبا ما يكون صحيحا إذا ما اتبعنا هذه الخطوات، وبعكس ذلك فإنه يكون غالبا خاطئا إذا أصدرنا حكما متسرّعا غائبة عنه مثل هذه الخطوات.

تمتد مجالات البحث العلمي لتشمل الطب، والزراعة، والصناعة، والتربية، والاقتصاد، والعلوم المختلفة، وغيرها، فالتطوّر الهائل الحاصل في مجال الطب مثلا لم يكن لتقوم له قائمة دون البحث العلمي، وكذلك فيما يتعلّق بالتطوّر في مجال الزراعة والأسمدة وإنتاج النباتات المحسّنة وعلاج الأمراض ومقاومتها، وكذلك في المجالات الأخرى المذكورة.

وقد أشار وجيه عويس، رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية في محاضرةٍ نوعيّةٍ متميّزةٍ له، إلى أن 71.3% من خريجي الثانويّة العرب يتوجّهون إلى الإنسانيات، و 28.7% إلى تخصّص العلوم (3)، فما السبب يا ترى؟ وعلى من تقع مسؤوليّة هذا التوجّه؟ نداء أوجهه بشكل رئيس إلى الآباء، وبعدها إلى المدرسة، لأنني أعتقد أنهما المسؤولان الأساسيان عن غرس هذه الاتجاهات.

= = =

الهوامش

(1) ذوقان عبيدات وزملاؤه، البحث العلمي، دار الفكر، 1998، ص 46.

(2) أنور البطيخي، محاضرة علميّة، شباط، 2008.

(3) وجيه عويس، محاضرة بعنوان "البحث العلمي في الوطن العربي"، 1-4-2008.

D 1 أيار (مايو) 2008     A سلمى الناشف     C 0 تعليقات