د. حسن طاهر أبو الرُّب - فلسطين
البناء النفسي ودوره في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها
مخلص البحث
لا غرو في أنّ الهدف الأساس من تعليم اللغة العربية، إكساب المتعلم، وبخاصة الطفل، مهارات اتصال متعددة، تعينه على تحقيق حاجاته بكل يسر وسهولة. وإذا كان التعليم في عصرنا هذا أصبح شاقاً على المعلم والمتعلم، فهو على المتعلم غير الناطق بالعربية أشدّ.
ومن هنا تأتي هذه الورقة لتوضح أنّ البناء النفسي لغاية التعليم ضروري جداً، وبخاصة للناطقين بغير العربية؛ إذ أنهم في الأغلب عاشوا في بيئات بعيدة عن بيئات العرب، ولهم عادات وتقاليد وثقافة تختلف عما نعرفه نحن العرب؛ وأغلب المناهج في البلاد العربية لا تهتم بالجانب النفسي، وقد غلب عليها الطابع العلماني، والعلوم التجريبية، وصار التعليم الأجنبي في الصدارة، وأصبح في معظم عواصم العالم العربي جامعات أجنبية كاليابانية والروسية والألمانية وغيرها، تلك التي تخرج الطلبة من غير تهيئة وبناء نفسي يسهم ليس في تعليم العربية فقط، بل في الاطلاع على ثقافة العرب وآدابهم وعقيدتهم.
ومن هنا تكمن أهمية هذه الورقة في تناولها موضوعاً مهماً، وهو البناء النفسي ودوره في عملية التعليم، وبخاصة للناطقين بغير العربية. وكشفها عن الآثار الإيجابية لذلك؛ لأن إهمال الجانب النفسي للمتعلم يجعله مستمعاً فقط، وليس مستمعاً يعي ما يتعلمه، ويستشعر بقيمته ودوره في الحياة والتواصل والنجاح.
وسيتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي، وهو الأنسب في وصف ما يعانيه تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وبخاصة من فئة الأطفال، من مصاعب وإهمال للجانب النفسي. وتقديم مقترحات وتوصيات مهمة في هذا الموضوع.
الكلمات المفتاحية: تعليم؛ اللغة الأجنبية؛ الناطقين بغير العربية؛ البناء النفسي.
تمهيد
سيتناول الباحث في هذا التمهيد، طرق تعليم العربية للناطقين بغيرها، كعتبة للوصول إلى موضوع البحث؛ إذ لا بد من تعرّف الطرق العامة المتبعة في العالم العربي، والإلمام بها؛ لأنها توضح لنا مكانة هذا البحث مما هو متبّع في عالمنا العربي.
كانت البيئة العربية، على الأغلب، في كل مناحيها منذ العصر الجاهلي حتى أوائل العصر العباسي، بيئة لغوية، يمارسها العربي في حلّه وترحاله، يتلقفها الطفل منذ النشأة، وتزدان بها المجالس، بحديث الشعر والنثر، حتى إذا جاء الإسلام عزّزَ هذه الأهمية في نفوس العرب، فنزل كلام الحقّ سبحانه وتعالى بهذه اللغة، وصار تعلّم الدين الجديد ضرورة تستوجبُ على المسلم أن يتعلّم اللغة على أصولها، فلا لغة دون عقيدة قرآنية، ولا فهم دقيق لهذه العقيدة إلا بتعلم اللغة. وقد أشار إلى ما كانت عليه اللغة عند العرب أبو بكر الزبيدي، حين قال:
"ولم تزل العرب على سجيتها في صدر إسلامها، وماضي جاهليتها، حتى أظهر الله الإسلام على سائر الأديان، فدخل الناس فيه أفواجاً، وأقبلوا إليه أرسالا، واجتمعت الألسنة المتفرقة، ففشا الفساد في اللغة العربية"[1].
وإلى هذا المعنى أشار ابن خلدون في مقدمته حين قال: "فلما جاء الإسلام، وفارقوا الحجاز، وخالطوا العجم، وتغيرت الملكة، مما ألقى إليها السمع من المخالفات التي للمستعربين من العجم"[2].
على أننا في هذا الحكم ننطلق من التغليب لا التعميم؛ أي، أنّ شيوع اللحن شيوعاً ظاهراً لم يُر إلا في العصر العباسي، وإن كانت أصوله موجودة من قبل، لكن بدرجة أخف كثيرا مما غدت عليه في العصر العباسي، وهذا ما يفسر قول النبي صلى الله عليه وسلم حين لَحَنَ رجلٌ بحضرته فقال :"أرشدوا أخاكم، فإنّه قد ضل"[3].
ولعلّ الأمة الفارسية التي دخلت في الإسلام هي التي أفشت اللحن فأصبح شائعاً في اللسان[4]، وذلك ما جعل العلماء يتجهون نحو تقعيد اللغة، في معاجم وقواعد واضحة المعالم، على الرغم من أن فريقاً من هؤلاء الأعاجم قد دخلوا الإسلام وتعلموا العربية وقدّموا خدمة جليلة للغة وللإسلام بما وضعوه من مؤلفات ونظرات.
وهكذا، نجد أنّ اللحن هو السبب الأساس في وضع القواعد والأصول اللغوية، ينضاف إليه سببٌ آخر وهو العناية بالقرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة.
ومع تقدم الأمم، وما شهدته البشرية من تطور في أساليب الحياة، صار التعليم ركناً أساسياً من أركان الحياة، وبخاصة تعلّم اللغة القومية، وتعليمها، من أجل إعلاء مكانتها بين اللغات، ونشر ثقافة تلك الأمة. وقد مرّت عملية تعليم اللغات بمراحل متعددة، وأزمنة مختلفة، وكان لكل زمنٍ وسائله وطرقه الخاصة، من التقليد والمحاكاة والتلقين والسماع والحفظ إلى ما نشهده اليوم من وسائل وطرق متقدمة، كتلك التي تقوم على المواد التعليمية كالوسائل السمعية والبصرية، كالصور والخرائط والسبورات التعليمية والشفافيات والشرائح والأفلام وغير ذلك من وسائل، تستخدم في التعليم اليوم بكل أغراضه ومضامينه.
إنّ موضوع هذه الورقة الذي يتصل بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، يتطلب منا، وفي هذا التمهيد تحديداً، أن نلقي نظرة عامة على طرق تعليم العربية للناطقين بغيرها، تلك المتبعة في المراكز والمعاهد المتخصصة بذلك، لتعرّف مكانة محور الدراسة الرئيس من تلك الطرق والأساليب والدراسات التي وضعت في الموضوع.
لعلّ من أول هذه الطرق التي تُدرّس في تعليم العربية للناطقين بغيرها طريقة القواعد والترجمة، وهي أقدم الطرق، وربما تعود جذورها إلى تعليم اللغة اللاتينية واليونانية، وعلى الرغم من قِدَمِها غير أنها ما تزال شائعة في بعض أماكن تعليم اللغات. هذه الطريقة تقوم على القراءة والقواعد على حساب مهارتي الكلام والاستماع[5]، وهذا أهمّ عيوبها.
ومن الطرق أيضاً، الطريقة المباشرة أو الطبيعية، تلك التي ظهرت رداً على الطريقة القديمة السابقة، التي لم تكنْ تلجأ أو تعتمد على أساس علمي أو منهجي واضح. هذه الطريقة أطلق عليها بعض الباحثين بالطريقة الطبيعية؛ لأنّ جذورها ترجع إلى المبادئ الطبيعية لتعليم اللغة، وهي ترى أنّ اللغة الأجنبية يمكنُ أنْ تُعلّمَ بأسلوبٍ طبيعيّ، كما يتعلمُ الطفلُ لغتَهُ الأمّ، وذلك لا يكون عبر الترجمة والقواعد، بل من خلال معاني الكلمات والتمثيل والحركة والصور[6].
وهناك الطريقةُ السمعية الشفهية؛ تلك التي تعتمدُ على الوسائل السمعية والبصرية، وتستخدمُ أساليب أخرى أحياناً كالمحاكاة والترديد والاستظهار والقياس، مع التقليل من الشرح والتحليل، ويُركَّزُ فيها على تدريب الطلاب على أنماط اللغة وتراكيبها بأشكال مختلفة، لكنّها مع كلّ هذه الأساليب تُهمِلُ القراءة والكتابة وتُلحّ على الكلام والسّماع[7]. وهناك الطريقة التواصلية، وهذه الطريقة تجعل من المتعلم هو الأساس في عملية التعليم، وذلك من خلال الاتصال، لذا تعتمد على خلق مواقف واقعية تستخدم فيها اللغة استخداماً تواصلياً وذلك عبر توجيه الأسئلة وتبادل المعلومات؛ لذا لا تنظر إلى اللغة أنها مجموعة قوالب وتراكيب مقصودة لذاتها وإنما تعدّها وسيلة للتعبير[8].
وهناك الطريقة الانتقائية، التي ظهرت ردّاً على الطرق السابقة، وتقوم هذه الطريقة على أن يستفيد المعلمون من أحسن ما في الطرق السابقة، وينتقون منها ما يناسب الموقف التعليمي عندهم، دون الاعتماد على طريقة بعينها، لأنّ لكل طريقة محاسنها وعيوبها، لذا عليهم أن يأخذوا المحاسن، إذ لا يوجد هناك طريقة مثالية في التعليم[9].
وهكذا، نجد أن الطرق التي تستخدم في تعليم العربية لغير الناطقين بها، إمّا أن تُركّز على المعلم، ووسائله وأساليبه، وإما على المتعلم، أو طريقة التعليم، وقد حققت بعض هذه التجارب نجاحات في بعض المناطق، غير أنّ الحكم بالنجاح ودرجة تحققه لا بدّ وأن يحتكم لعدة أمور منها: مستوى الطلاب وخبرتهم السابقة، ومعدل أعمارهم، والفترة التي قضوها، والطرق التي مورست في أثناء عملية التعليم، وذلك كي نصل إلى نتائج واضحة وصحيحة.
ولا بدّ من الإشارة في هذا المقام إلى أنّ الدكتورة نبيلة يون أون كيونغ في كوريا، قد حددت عدة مستويات للغة التي يجري استخدامها في مراكز تعليم العربية في أميريكا، كاللغة الفصيحة التراثية، وهذه تسهم في تحسين مستوى الكتابة والقراءة، واللغة الفصيحة المستمدة من العصر الحديث، وهي تسهم في خفض متاعب الطلبة من تعلم لغة التراث، بالتخفيف من حدة الازدواجية بين الفصيح والعامي، واللغة المستمدة من اللهجات العامية، وتركز على جذب انتباه الدارسين لتعرّف العاميات، رغم أنها لا تحلّ المشكلة كثيراً، ثم اللغة الوسطى المستمدة من الفصحى والعامية، وهي تستمد من الفصيح القواعد والنحو ومن العامية الألفاظ[10].
المبحث الأول: أهمية البناء النفسي وعلاقته بتعليم العربية للناطقين بغيرها
ليس الهدفُ من التعليم حشوَ عقل التلميذ بمعلومات يحفظها لفترة ما، ثم تُنسى مع الأيام، ولا إظهاراً لعبقرية المعلّم في تناول الوسائل وتطبيق الأساليب فحسب؛ إنما الهدف الأسمى يقاس ببقاء أثره، وتمثله في الحياة اليومية التي يعايشها الطالب، لذا تتأتى من هذا الجانب أهمية البناء النفسي في التعليم بعامة، وتعليم العربية للناطقين بغيرها بخاصة.
إنّ شعور علماء النفس بقيمة العقل، دفعتهم إلى الشعور بعظمة التعلم، فنحن نعيش لنتعلمَ، ولا تبنى الحضارات، وترتقي الأمم إلا بالتعلم. لقد كشفت الدراسات والأبحاث التربوية والنفسية، الترابط بين علم النفس والتربية؛ فمنذ وُجِدَ علمُ النفس العام، وَجَدتْ التربية نفسها منساقة وراء الدراسات السيكولوجية في مختلف الأنشطة المدرسية، ثمّ أخذت النظريات التربوية تستعين على الحقائق السيكولوجية، وتعتمدُ عليها، فاتخذت مع الزمن صبغة سيكولوجية[11].
إنّ الناظر في عملية التعليم في البلاد العربية، يجدها تقوم على شعار [التربية والتعليم]، والتربية في الأصل، داخلة في البناء النفسي الوجداني؛ فكيف نستطيع أن نعلّمَ ونجني ثمار التعليم دون أن يكون الطالب مقتنعاً بما يتعلم، أو لا يُحفّز الرغبة لديه في التعليم؟ نحن، على الأغلب، نتعامل مع الطالب كآلة، نريد برمجتها على نحوٍ معين، ثم بعد مدة نريدها أنْ تستجيب لأوامرنا. لذا، نلحظ أنّ ما يجري في مجتمعاتنا العربية في أغلبه، هو تعليم نظري، دون بناء نفسي، يقود إلى تربية. لذا يكثر التسرب من المدارس، ويتدنى مستوى التحصيل، ويتطاول الطالب على المعلم، إلى غير ذلك من ألوان مؤسفة محزنة، نراها كلّ يومٍ ونسمع بها، ونغضّ الطرف عنها، ولا نجد تفسيراً من المتخصصين غير قولهم، إنّ غياب القانون هو السبب.
إنّ غياب الخطاب النفسي العلمي التربوي السليم الذي لا بد منه لبناء نفسية الطفل قد أدى إلى خلل في تكوين البعد النفسي الوجداني لديه، ما جعله ينمو إنسانا بالغا مفتقدا لدافع البعد الوجداني الفعال اللازم لتحريك الطاقة، وبذل الجهد، وتوفير الأداء الإيجابي[12].
والأمر نفسُهُ ينسحبُ على من يتعلم العربية وهو ناطقٌ بغيرها، وربما كان الأمر هنا أكثر إلحاحاً في التركيز على الجانب النفسي؛ إذ إن الطالب العربي، يعيش في مجتمع عربيّ، كفيل أن يتلقى منه ثقافته مع الزمن، حتى لو تأخر به الوقت، ويغرس في نفسه الانتماء والعطاء، بينما الطالب الذي لم يعشْ البيئة العربية، ولا يعرف العربيّة، ويرغبُ في تعلّمها، فلا بدّ من مدّه بعوامل التعلم، وتحفيزه على الإقبال عليها، بقلبٍ راغبٍ وعقلٍ واعٍ لما يتعلمه.
وهذا ما أشارت إليه الأبحاث النفسية، وما سُمِّيَ بالدوافع أو الحوافز، وهي من أهمّ العوامل المؤثرة في التعلم؛ فإذا كان التعلم هو العملية التي يتحسن فيها السلوك بوساطة تنظيم ناجح يُسهّل علينا أداء الأعمال المعقدة، فإنّه يحتاج إلى دوافع ومعرفة بالخبرات السابقة. فالدافع يحرر الطاقة الانفعالية الكامنة في الكائن الحيّ التي تثير نشاطاً معيناً، وهو يملي على الفرد أن يستجيب لموقف معين[13]، ويهمل المواقف الأخرى، وبناءً على ذلك، فإنّ غياب الدافعية تعدّ أبرز مشاكل التعليم بعامة.
إذا كانت الأسرة تلعب دوراً مهماً في التهيئة الوجدانية النفسية للطفل، وتنمية عوامل التعلم لديه؛ وهي أسرة عربية، فإن الناطق بغير العربية قد فقد هذا العامل الأساسي الأول؛ لأنه عاش في أسرة وبيئة غير عربية، وهو بانتظار دور المدرسة أو المركز أو المعهد الذي يعلّم العربية لغير الناطقين بها، وعلى هذه المؤسسة أن تتحمل عبئاً إضافياً في تعويض هذا الطالب ما فاته في بيئته تلك، من تهيئته نفسياً ووجدانياً، لتعلّم العربية، وقد يفرض هذا على تلك المؤسسة أن تمارس في بعض أدوارها دور المؤسسات الاجتماعية لإعداد المتعلّم إعداداً نفسياً ووجدانياً قبل تعليمه العربية، وفي أثناء تعليمه أيضاً، فحين يلمس المتعلم اهتماماً وجدانياً من المؤسسة التي يتعلم فيها، ستظهر عليه علامات الاستجابة، من خلال إقباله على التعليم وازدياد خبراته ومهاراته التعليمية.
إنّ لدى المتعلم وبخاصة الطفل قدرة كامنة تساعده في التغلب على الصعوبات، وعلى بناء استراتيجيات التأقلم، وهو من أجل تجاوز تلك المصاعب، بحاجة إلى دعم نفسي ومجتمعي مناسب وكاف للمحافظة على هذه المهارات وتقويتها[14].
إن علاقة البناء النفسي في التعليم بعامة، وبتعليم العربية للناطقين بغيرها بخاصة، علاقة وطيدة، تتأتى من خلال الهدف الأساس من عملية التعليم. فإذا كان الهدفُ هو أن يصبح المتعلم قادراً على التواصل مع مجتمع غير مجتمعه، ولديه القدرة على فهم لغة هذا المجتمع، فمن الواجب البحث في الوسائل والمحفزات التي تجعله ناجحاً في هذا التواصل. صحيحٌ أنّ الأهداف لدى الراغبين في تعلّم العربية وهم ناطقون بغيرها، متعددة ومختلفة، وصحيح أن مستوياتهم متباينة أيضاً، وبيئاتهم مختلفة، لكنّ ذلك كله، لا يمنع المراكز المتخصصة في تعليم العربية من أنّ تنظّمَ ذلك، من خلال وضع الخطط والبرنامج المناسبة، وفق حالات الطلبة الراغبين في التعلّم؛ فالتنظيم والتخطيط هو عماد النجاح الأول لعملية التعليم، إذ إنّ معايير النجاح تقاس بمدى تحقق مستويات الإنجاز المرغوب فيها كمّاً ونوعاً في تحقيق أهداف التعلم[15].
وتأسيساً على ما تقدم، يرى الباحثُ أنّ عملية البناء النفسي ضرورة لازمة في عملية التعليم والتعلم، فلا يكفي أن يكون المعلمُ عارفاً بتخصصهِ فحسب ومتمكناً منه؛ إذ إن عناصر عملية التعليم لا تقتصرُ على المعلم فقط، فهناك المتعلمُ أيضاً، وهناك المادة العلمية، وبيئة التعليم وطرائقه، وهذه عناصرُ في غاية الأهمية تؤخذ بالحسبان عند تقييم عملية التعليم.
وقد أشار بعض العلماء إلى هذه المسألة بقوله: لا يكفي لمعلم الحساب أن يكون عارفاً وعالماً بأصول هذا العلم؛ فَفِعْلُ التَّعَلِّمِ ينصب مفعولين، فإذا قلنا: أعلّمُ محمداً الحسابَ، ففعل التعليم هنا نصب مفعولين؛ الأول وهو محمدٌ، والثاني هو الحسابُ، فحتى ينجح المعلّمُ في تعليم محمد الحساب، يجب أن يكون ملماً بكلٍّ من الحساب ومحمد، وواقفاً على طريقة إيصال الحساب إلى ذهن محمد[16].
وهكذا، نجدُ أن عملية التعليم بعامة، وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بخاصة، لا يمكن أن تحقق أهدافها وغاياتها، على نحوٍ مؤثر وظاهر الأثر إذا أهملت الجانب النفسي للمتعلم والمعلم، وهذا يُبنى عليه أمران؛ الأول التهيئة النفسية من حيث الشعور بالراحة والرضا والانسجام، ثم الشعور بالثقة بالنفس والقدرة على التعلم، والأمران مشتركان بين المعلم والمتعلم. وقد نشأ الاهتمام بالصحة النفسية في التربية والتعليم، نتيجة سوء التكيف والانحراف النفسي في بيئة التعليم، لذا عملت التربية الحديثة على الاهتمام بالنمو الانفعالي والاجتماعي أولاً، في حين كانت التربية القديمة تركّز على التنمية العقلية والتدريب العقلي لملكات الطفل أكثر من الجانب النفسي[17].
المبحث الثاني: طرق البناء النفسي وأساليبه في إنجاح عملية تعليم العربية للناطقين بغيرها
في هذا المبحث، سيتناول الباحث طرق البناء النفسي التي من شأنها أن تسهم في نجاح عملية تعليم العربية للناطقين بغيرها، وذلك بعد الاطلاع على أهمية الناحية النفسية وارتباطها بعملية التعليم.
إن إيجاد البيئة التعليمية المناسبة للمعلم والمتعلم، هو أساس نجاح عملية التعليم، وعدم توفرها يؤثر تأثيرا سلبيا فيها، والمتأمل في حال المؤسسات التعليمية في الوطن الواحد، يلحظ التفاوت الظاهر بين تلك البيئات، وكأن كل مؤسسة موجودة في قطر ما، يختلف عن الآخر؛ فهناك المؤسسات الحديثة التي تراعي الشروط المطلوبة لأحداث عملية التعلم، وهناك المؤسسات التي تحاول جاهدة توفير أبسط المتطلبات للاستمرار في عملية التعلم، وهناك مؤسسات أقل ما يقال عنها إنها غير صالحة للاستخدام البشري، وكلُّ ذلك نتائجه تعود على الطفل، وعلى العملية التعليمية ومدى الحكم على جودتها وصالحيتها [18].وهذا يجعلنا نقف ُعند طرق البناء النفسي التي تسهم في نجاح عملية تعليم العربية للناطقين بغيرها، إذ إنّ وجود البيئة وحدها، بعناصرها المعتادة من مؤسسة ومعلمين ومتعلمين، لا يفي بالغرض، ولا يحقق ما نصبو إليه من عملية التعليم، فهذه العناصر موجودة في كلّ المؤسسات والمراكز التي تؤدي رسالة التعليم، ولو كانت هذه العناصر كافية وحدها، لما وجدنا قصوراً في النتائج، وعوائق ما تزال تجثم في طريق عملية التعليم.
ولا بدّ قبل الحديث عن هذه الطرق أن نتعرف أبرز مشكلات المتعلمين للناطقين بغير العربية. وعند النظر في هذه المشكلات سنجدُ أن كثيراً من الباحثين قد عرض لها في دراسته، كتلك التي تتصل بالمعلم؛ إذ إنّ بعض هؤلاء المعلمين غير مؤهلين ولا متخصصين بتعليم الأجانب اللغة العربية، ولا يملكون الوسائل والأساليب الصحيحة والمفيدة في التعليم. أو كتلك التي تتصل بالمتعلم، وتكمن في اختلاف البيئة عليه، فبعض هؤلاء المتعلمين ينتمون إلى بيئات اجتماعية وثقافية متعددة ومختلفة، ومن المشكلات ما يتصل بصعوبة تعلم الأصوات العربية، وتعدد دلالات الألفاظ، وصعوبة النحو العربي، ومنهم من يواجه صعوبة في مهارة قراءة الاستماع أو القراءة الجهرية، بين الكتابة باليد والكتابة المطبوعة، وغير ذلك من مشكلات[19].
إنّ عدم التفات كثير من المؤسسات إلى أهمية الجانب النفسي، مبعثه التركيز على الشكل أكثر من المضمون؛ ونقصد بذلك أن تلك المؤسسات تضع في أولوياتها أموراً قد تكون بعيدة عن راحة المتعلم ووضعه النفسي، كاهتمامها بالمكان وبراعة المعلم وعدد المتعلمين، والربح المادي والوسائل الحديثة وغير ذلك من أمور. ويمكنُ بيانُ طرقِ البناء النفسي ودورها في تعليم العربية لناطقين بغيرها على النحو الآتي:
= توفير الأمان والثقة بالنفس
إنّ تلك الدراسات المتصلة بتعليم العربية للأجانب، على أهميتها، أغفلت الجانب النفسي، وإن أشار بعضها إلى الدافعية والثقة في النفس لدى المتعلم، في أثناء حديثه عن مشكلات تعليم العربية للناطقين بغيرها. إنّ الخطوة الأولى التي تستحق أن تتبوأ مكانة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، تكمن في توفير الأمان النفسي للمتعلم؛ فهو الأساس الغائب في عميلة التعليم؛ فلا يمكن أن يستعدّ المتعلم ذهنياً ويتفاعل من غير أن يشعر بالأمان النفسي والرضا والقناعة بما هو مقبلٌ عليه، ويمكنُ أن يحصل ذلك، بأنْ تكون الأيام الأولى تهيئة نفسية، لا تُقدّمُ فيها مادة علمية، بل يستغلّها المُعلّمُ الحاذقُ في الترويح عن النفس، وطرح قضايا عامة، مزاوجاً بين اللغة العربية المقصودة بالتعلم ولغة المتعلمين، في جوٍّ من المرح، فهذا من شأنه أن يُشعر المُتَعلّم بالأمان والثقة، حين يتعرّفُ من سيعلِّمُهُ عن قرب، ويتعرّفَ المؤسسة التي سجّلَ فيها، ويمكن أن يستعرضَ المُعلّمُ بعض المسؤولين أمام الطلبة، فيقدّمهم إليهم، ويتخلل ذلك تناول بعض المشروبات أو المأكولات، كلّ ذلك من شأنه خلق جوٍّ نفسي هادئٍ ومُهيأٍ للتعلم.
ولعلّ مردّ ذلك هو أن كثيراً من المتعلمين الأجانب ممن يرغبُ بتعلم العربية، في البلاد العربية، قد يشعر بالخوف أحياناً جراء ما يسمعه من وسائل الإعلام عن بلاد العرب، من معلومات خاطئة ومبالغ فيها، من اضطرابات سياسية، وتعصب ديني، وكُرْهٍ للأجنبي وبخاصة الغربيّ. لذا تكون فترة التهيئة هذه في غاية الأهمية، لبيان الحقيقة، وإعادة رسم صورة العربيّ سليمة صحيحة، بعيدة عن الكذب والتضليل، كما تلقاها في بيئته الأولى، وهذا من شأنه أنْ يُشعره بالأمن ويرفع درجة الثقة بالنفس لديه، بأن اختياره كان صواباً، فقد أثبتت الدراساتُ أن الأشخاص الواثقين بأنفسهم سريعو الاندماج ولديهم الكفاءة والشعور بقيمتهم الذاتية[20].
= تعرّف الدوافع لدى المتعلمين
بعد انقضاء الأيام الأولى، من التهيئة النفسية، وإشعار المُتعلم بالأمان والثقة بالنفس، لا بد وأنْ تقوم المؤسسة المسؤولة بمعرفة الدوافع التي جعلتْ هذا المتعلم يقبل على تعلّم اللغة العربية، فهناك من الأجانب من يتعلمها من أجل العمل في بلد عربي، وهناك من يتعلمها لرغبته في قضاء فترة سياحة مؤقتة، وهناك من يتعلمها لحاجته إلى القيام بدراسة ما واطلاع على بعض المعلومات.
إنّ معرفة كلّ ذلك، يساعد المركز أو المؤسسة ثم المعلم في التعامل الواعي والدقيق مع المتعلم، ومعرفة ما يحتاجه، وحلّ ما يواجهه كي يكون تعلمه العربية أمراً سهلاً مُجدياً. لأنّ ما يُدرَّسُ لطالب السياحة، لا يُدرّسُ لطالب العمل، وإن وُجِدتْ أمور مشتركة في المحتوى. فإذا ما حددنا الدوافع وراء طلب تعلّمِ العربية، لا بدّ من تقسيم الطلبة وفق دوافعهم، ثم الانتقال إلى خطوة أخرى، وهي جمع المتعلمين وفقاً للعمر، فهناك مراكز تجمعُ بين المتعلمين على اختلاف سني العمر، وهذا يؤثر نفسياً في المتعلم، ويفقده الدافعية والرغبة.
= تعرّف بيئات المتعلمين ورغباتهم
إنّ فترة التهيئة النفسية في الأيام الأولى، من شأنها أنْ تُكسِبَ المعلّمَ وإدارة المؤسسة، اطلاعاً مفيداً على بيئات المتعلمين التي عاشوا فيها، وهي دون شكّ بيئات مختلفة على الأغلب، ومن شأنها أيضاً أن تعرّفَهم برغبات هؤلاء المتعلمين، ومقدار المهارات التي يمتلكونها، ووفق نتائج ذلك، ستوضع الخطط التنفيذية المناسبة لبيئاتهم ورغباتهم، وتضع في حساباتها وخططها خلقَ بيئة تعليمية جامعة تراعي اختلاف البيئات والرغبات، وإذا أحسنت المؤسسة خطّتها في التعامل مع المعطيات التي تخصّ اختلاف البيئة والرغبة، فسوف تصبح قادرة على التأثير الإيجابي والمأمول من جديد في المتعلمين. إنّ كثيراً من علماء النفس التربويين، يؤكدون أثر البيئة الخارجية في الإنسان، فهي قادرة على التحكّم في قدراته واستعداداته، وإثارة القوى الكامنة في نفسه إنْ كانت ملائمة له.
فاذا عمل الإنسان على تهيئة ظروف بيئية مناسبة، فسيساعد في توفير جوٍّ جيد لحدوث عملية التعلم القادر على إعداد الإنسان الجيد الفاعل الذي يستطيع تحمل مسؤولياته وأداء واجباته، لأنّ الإنسان كما يرى أصحاب النظرية السلوكية يخضع في سلوكه لتأثير العوامل البيئية المختلفة.[21]
= إثارة الرغبة والتحفير
إن مراعاة الدوافع والرغبات والبيئات لمتعلّم العربية، ومراعاة الفروق العمرية يخلق الميل لدى المتعلم ويصبح مستعداً وراغباً في التعليم، وهذا يجعلنا ننتقل إلى طريقة أخرى في عملية البناء النفسي؛ ألا وهي الإثارة والتحفيز، فالمواقف التعليمية تحتاج إلى عدد من المثيرات القوية والمحفزات، التي تخالج النفس، كأنّ يبدأ المعلّمُ حديثاً عن فضل العربية، وفضائل تعلّمها، وأنها لغة دين المسلمين وتاريخهم وتراثهم، وآدابهم، ويأتي بشواهد وأمثلة كثيرة على هذه الفضائل، فهذا من شأنه أن يكشف الغطاء عن سرّ العربية وسحرها، في الشعر والنثر، فيخلق قبولاً ورغبة لدى المتعلمين بتعرّف هذه اللغة وتعلّمها أيضاً، وهذا الأساس لا بدّ وأن يتوفر له معلّم حاذق باللغتين؛ العربية والأجنبية، ولا ضير إذا حدثهم عن العربية وفضائلها بلغتهم التي يفهمونها، قبل الانتقال إلى تعليمهم العربية؛ فذاك يعدّ تشويقاً وحافزاً للرغبة والإقبال على تعلّم العربية.
إنّ المتعلم حينما يشعر بحاجته للتعلم ويجدُ المثيرات التي تساعده في الوصول إلى هدفه، فإنه يستطيع أن يتعلم تعلّما جيداً، إذ إنّ المثيرات خليط من القوى والطاقات التي تحثّ وتدفع السلوك الإنساني وتحرّكه[22]، فقد أثبتت الدراسات أن الفرد يحقق ذاته عادة في إظهار الطاقات الإبداعية، وذلك في البيئات التي يتفاعل معها[23] بشكل جيد، حين يشعر بالرغبة ووجود الحوافز. فكثير من المتعلمين تركوا تعليم العربية، لغياب الحوافز، إضافة لعوامل أخرى. علما أن الإثارة والتحفيز تخلق دافعية لدى المتعلم، وهي الإقبال على الشيء برغبة وهمّة وعزيمة، وثبت أنه كلما كانت دافعية المتعلم نحو مجتمع اللغة الأجنبية قوية، زادت في إثراء الحصيلة اللغوية لدى المتعلم؛ لأنها تقود المتعلم إلى تقمص الشخصية الناطقة باللغة، وعملية استعمال اللغة هي من أفضل الوسائل لتعلمها والمحافظة عليها على الرغم من أن فرص استعمال اللغة تتفاوت بين المتعلمين حسب بيئاتهم، وثقافاتهم، وطبيعة حياتهم[24].
= إثراء المنهاج والأساليب بالجانب النفسي
وينضاف إلى كلّ الطرق السابقة، أساسٌ مهم؛ ألا وهو المحتوى أو المنهاج المقرر لتدريس العربية، والأساليب المستخدمة في عرض هذا المنهاج. إذ إنّ المناهج التعليمية التي تحرص على الجودة والتميز، تسعى إلى فهم طبيعة المتعلم وأبعاده النفسية والسلوكية، ومشكلاته ومعرفة حاجاته اللغوية[25]، وتقيم منهاجها في التعليم على هذه الأبعاد، وذلك بأخذ الجانب النفسي بعين الاعتبار عند وضع المنهاج، من حيث اختيار المفردات والعبارات، التي من شأنها أن تزرع رضىً وقبولا في نفس المتعلم، ويسهم في ذلك الأساليب التي تقعُ على عاتق المُعلّم، فيكون بشوشاً لطيفاً واسع الصدر، طويل الأناة، لديه المهارة في ترغيب المتعلمين باللغة والإقبال على تعلمها، من خلال لغة الجسد التي يستخدمها وحالته النفسية التي تنعكس في المتعلم أولاً قبل أي شيء آخر.
وهكذا، فلا بدّ عند بناء المناهج، أن نأخذ بعين التنبه الأسئلة الآتية: من يتعلم؟ وما الذي ينبغي أن يتعلمه؟ وما الذي يستطيع أن يتعلمه فعلاً؟ وكيف يمكن أن يتعلمه؟ ومتى يجب أن يتعلمه؟ وأين يتعلمه؟ في بيئة لغوية عفوية أم مصطنعة؟ وهذه التساؤلات وغيرها سنلمس الإجابات عنها واضحة جليّة في نظريات علوم اللغة والتربية وعلم النفس وعلم الاجتماع بما في ذلك نظريات التعلُّم، والتعليم، والدافعية، والنمو، والإدراك المعرفي، والتخزين.[26]
إنّ الأسس النفسية لبناء المنهج تتصلُ بمجموعة من المفاهيم والحقائق والمبادئ المستقاة من نتائج دراسات علم النفس فيما يتصل بتعلم اللغة وتعليمها، مثل: العلاقة بين اكتساب اللغة الأولى وتعلم اللغة الثانية، والدوافع، والاتجاهات، والعوامل الشخصية ودورها في تعلم اللعة الثانية.
هذه أهمّ الطريق المعينة في البناء النفسي، غير أنّ بوسع المعلم أن يستخدم الأساليب التي تُسهم في رفد هذه الطرق وتعزيز أهدافها، كأن يتّبع الأسلوب القصصي المثير، والتقليد والمحاكاة والتكرار والتمثيل، مراعياً الفوارق العمرية، وحريصاً على عدم تقديم المادة التعليمية إلاّ إذ تأكد من توفّر الجو النفسي الملائم، مع الحرص على التنويع في الأساليب وإشراك المتعلمين في ذلك عبر تفاعلهم في النقاش والحوار والبيئة الصفية.
الخاتمة
وهكذا، يخلص الباحث إلى عدد من الملحوظات المهمة، يوضحها على النحو الآتي:
= يقوم علمُ النفس التربوي بدور كبيرٍ ويُسهم بقوة، في العملية التعليمية؛ إذ يساعد في إعداد المعلم مهنياً، فيزوّده بالمبادئ النفسية الصحيحة والضرورية في التعليم وكيفية التعامل مع المتعلم. ويهتم بدراسة السلوك الإنساني، أثناء عملية التعلم، لتحقيق عدد من الأهداف كتنمية المتعلم من جميع النواحي العقلية والانفعالية والاجتماعية، ومساعدة المعلم على تنمية مهاراته وقدراته على فهم سلوك المتعلم وضبطه والتنبؤ به.
= إن طريق تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها كطريقة القواعد والترجمة والطريقة المباشرة أو الطبيعية أو السمعية وغير ذلك من طرق، لم ترتكز على البناء النفسي في عملية التعليم، لذا لم تكن نتائجها مميزة، مبهرة، بل عانت من عثرات كثيرة ومشكلات، كتبت فيها أبحاث ودراسات متعددة.
= إنّ عدم اهتمام مؤسسات تعليم العربية للناطقين بغيرها بأهمية الجانب النفسي، مبعثه التركيز على الشكل أكثر من المضمون؛ ونقصد بذلك أن تلك المؤسسات تضع في أولوياتها أموراً قد تكون بعيدة عن راحة المتعلم ووضعه النفسي، كاهتمامها بالمكان وبراعة المعلم وعدد المتعلمين، والربح المادي والوسائل الحديثة وغير ذلك من أمور.
= لا يمكن فصل عملية البناء النفسي للمعلم والمتعلم، عن العملية التعليمية بعامة، وهي في تعليم اللغة العربية للأجانب أوجب، إذ لا بدّ من توفير بيئة نفسية واجتماعية مناسبة للمتعلم وللمعلم قبل البدء بتدريس المنهاج. والحرص على دعمها طوال فترة التعليم.
= من أبرز الطرق لعملية البناء النفسي للمتعلم والمعلم هي توفير الأمان، وتعزيز الثقة بالنفس، وتعرف الدوافع وتعرّف بيئات المتعلمين، وإثارة الرغبة في التعليم ثم إثراء المنهاج بما من شأنه أن يُشّعرَ بالثقة وبالرغبة والتحفيز، ويعزز الإقبال والنشاط لدى المتعلم.
وهكذا، يتبين لنا أهمية الاستعانة بعلم النفس التربوي في العملية التعليمية، إذ يسهم بشكل كبير في نجاحها، من خلال مواكبته لحال المتعلم وحرصه على تهيئة الجو التعليمي الفاعل، وابتعاده عن أسلوب المحاولة والخطأ الذي يتسم بالعشوائية وعدم التخطيط. فعلم النفسي التربوي يولي اهتماماً كبيرا بالمتعلم ويحرص على إعداده نفسياً للإقبال على التعليم، وشحنه بالثقة والرغبة والحوافز لكون ذلك طريقاً نحو نجاحه في اكتساب المهارات.
= = =
الهوامش
[1] الزبيدي، أبو بكر: طبقات النحويين واللغويين، دار المعارف، 1984م، ص5
[2] ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد: المقدمة، الجزء الثالث، مصر، دار النهضة، 2006م، ص 1129
[3] ابن جني، أبو الفتح: الخصائص، مطبعة دار الكتب المصرية، 1955م، ج2، ص8
[4] سليم، عبد الفتاح: اللحن في اللغة، دار المعارف، 1989م، ص12
[5] عبد الموجود، محمد عزت، وآخرون: طرق تدريس اللغة العربية، القاهرة، دار الثقافة، 1981م، ص396
[6] الفوزان، عبد الرحمن: الإضاءات لمعلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها، الرياض، ط1، 2011م، ص79
[7] الخوالي، محمد علي: أساليب تدريس اللغة العربية، السعودية، الرياض، 1986م، ص25
[8] صكر، عزيزين، والهاشمي عبد الرحمن: طرائق التدريس التي يستخدمها أعضاء هيئة تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، مجلة جامعة النجاح
الوطنية (العلوم الإنسانية)، مج 32، 2018، ص152
[9] المرجع السابق، ص151
[10] يون أون كيونغ، نبيلة، أفضل منهج لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من وجهة نظر علم اللغة الاجتماعي، مجلة الأستاذ، هانكوتك، 2012م،
ص 96،97
[11] صالح أحمد زكي، علم النفس التربوي، مكتبة النهضة المصرية، 1951م، ط2، ص428
[12] أبو سليمان، عبد الحميد: أزمة الإرادة والوجدان، دار الفكر، دمشق، 2007، ص18
[13] صالح، أحمد زكي، علم النفس التربوي، ص422-424، مرجع سابق.
[14] مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في بيروت: مدخل الدعم النفسي والاجتماعي في الظروف الصعبة، مكتب اليونسكو، بيروت، 2018م، ص18
[15] الغتم، نورة: معايير النجاح، وزارة التربية والتعليم، البحرين، 2014م، ص10
[16] القوصي، عبد العزيز، علم النفس أسسه وتطبيقاته التربوية، النهضة المصرية، القاهرة، 1954 ص30
[17] الشرقاوي، مصطفى خليل، علم الصحة النفسية، دار النهضة العربية، بيروت، ،1983م، ص3
[18] عبد الحميد، حسن نور الدين، وأسامة العزابي: الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية، مجلة التكامل، جامعة عنابة، الجزائر، عدد: 13، 2022،
ص28
[19] هحيرة، عدلانة: من مشكلات تعليم العربية لغير الناطقين بها، مجلة تنوير، العدد 3، 2017، ص2و3، وينظر: السمان، جميل محمد: برنامج مقترح قائم على نظرية الذكاءات المتعددة لتعليم القواعد لدى الطلاب الناطقين بغير العربية، رسالة ماجستير، جامعة المنصورة، كلية التربية، 2000م، ص103-122
[20] علي، أحمد رمضان: الثقة بالنفس وعلاقتها بالأداء المهني وفق عدة أساليب تقييم...، كلية التربية، المجلة العلمية، جامعة الوادي الجديد، مج38، ع11،2022م، ص100
[21] القذافي، رمضان محمد: علم النفس التربوي، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع، ط1، دار الكتب الوطنية، بنغازي، 1990م، ص82
[22] إسماعيل، نبيه إبراهيم: الأسس النفسية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها مكتبة الأنجلو المصرية، د.ت ص12
[23] الخوالدة محمد علي وآخرون: دافعية تعلم اللغة العربية لدى الناطقين بغيرها في الأردن وعلاقتها ببعض المتغيرات، المجلة الأردنية في العلوم التربوية، مج 10، عدد2، 2014م، ص192
[24] الخوالدة، محمد علي، المرجع السابق نفسه، ص192
[25] الصاري، محمد: الأسس العلمية واللغوية لبناء مناهج النحو لغير الناطقين بالعربية، سجل المؤتمر العالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، جامعة الملك سعود، الرياض،2009م، ص20
[26] اللقاني، أحمد حسن: المناهج بين النظرية والتطبيق، علم الكتب، القاهرة، 1995م، ص139 وما بعدها
= = =
المصادر والمراجع
إسماعيل، نبيه إبراهيم: الأسس النفسية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها مكتبة الأنجلو المصرية، د.ت
ابن جني، أبو الفتح: الخصائص، مطبعة دار الكتب المصرية، 1955م.
ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد: المقدمة، الجزء الثالث، مصر، دار النهضة،2006م.
الخوالي، محمد علي: أساليب تدريس اللغة العربية، السعودية، الرياض، 1986م
الخوالدة محمد علي وآخرون: دافعية تعلم اللغة العربية لدى الناطقين بغيرها في الأردن وعلاقتها ببعض المتغيرات، المجلة الأردنية في العلوم التربوية، مج 10، عدد2، 2014م.
الزبيدي، أبو بكر: طبقات النحويين واللغويين، دار المعارف، 1984م.
سليم، عبد الفتاح: اللحن في اللغة، دار المعارف، 1989م.
أبو سليمان، عبد الحميد: أزمة الإرادة والوجدان، دار الفكر، دمشق، 2007.
الشرقاوي، مصطفى خليل، علم الصحة النفسية، دار النهضة العربية، بيروت، ،1983م
الصاري، محمد: الأسس العلمية واللغوية لبناء مناهج النحو لغير الناطقين بالعربية، سجل المؤتمر العالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، جامعة الملك سعود، الرياض،2009م.
صالح أحمد زكي، علم النفس التربوي، مكتبة النهضة المصرية، 1951م، ط2.
صكر، عزيزين، والهاشمي عبد الرحمن: طرائق التدريس التي يستخدمها أعضاء هيئة تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، مجلة جامعة النجاح الوطنية (العلوم الإنسانية)، مج 32، 2018.
عبد الحميد، حسن نور الدين، وأسامة العزابي: الصحة النفسية ودورها في العملية التعليمية، مجلة التكامل، جامعة عنابة -الجزائر، عدد:13، 2022.
عبد الموجود، محمد عزت، وآخرون: طرق تدريس اللغة العربية، القاهرة، دار الثقافة، 1981م.
علي، أحمد رمضان: الثقة بالنفس وعلاقتها بالأداء المهني وفق عدة أساليب تقييم...، كلية التربية، المجلة العلمية، جامعة الوادي الجديد، مج38، ع11، 2022م.
الغتم، نورة: معايير النجاح، وزارة التربية والتعليم، البحرين، 2014م.
الفوزان، عبد الرحمن: الإضاءات لمعلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها، الرياض، ط1، 2011م.
القذافي، رمضان محمد: علم النفس التربوي، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع، ط1، دار الكتب الوطنية، بنغازي، 1990م.
القوصي، عبد العزيز، علم النفس أسسه وتطبيقاته التربوية، النهضة المصرية، القاهرة، 1954.
اللقاني، أحمد حسن: المناهج بين النظرية والتطبيق، علم الكتب، القاهرة، 1995م، ص139 وما بعدها
مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في بيروت: مدخل الدعم النفسي والاجتماعي في الظروف الصعبة، مكتب اليونسكو، بيروت، 2018م.
هحيرة، عدلانة: من مشكلات تعليم العربية لغير الناطقين بها، مجلة تنوير، العدد 3، 2017، ص2و3، وينظر: السمان، جميل محمد: برنامج مقترح قائم على نظرية الذكاءات المتعددة لتعليم القواعد لدى الطلاب الناطقين بغير العربية، رسالة ماجستير، جامعة المنصورة، كلية التربية، 2000م.
يون أون كيونغ، نبيلة، أفضل منهج لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من وجهة نظر علم اللغة الاجتماعي، مجلة الأستاذ، هانكوتك، 2012م.
تم بحمد الله.
= = =
ملخص البحث بالإنجليزية
Abstract
Psychological development and its role in teaching the Arabic language to non-native speakers
Researcher: Dr. Hassan Taher Abu Al-Rub
Major: Linguistics and Semantics
Open University of Jerusalem, Palestine
There is no doubt that the primary goal of teaching Arabic is to equip the learner, especially children, with multiple communication skills that enable them to fulfill their needs easily and smoothly. If education in our era has become challenging for both the teacher and the learner, it is even more so for non-Arabic speakers. Hence, this paper aims to clarify that psychological development is crucial for education, especially for non-Arabic speakers because they have mostly lived in environments far from Arab surroundings, with different customs, traditions, and cultures than what we, as Arabs, are familiar with.
Most curricula in Arab countries do not focus on the psychological aspect, as a secular and experimental approach dominates and foreign education has taken the lead. Most of the capitals in the Arab world now host foreign universities, such as Japanese, Russian, German, and others which graduate students without psychological preparation and development that contributes not only to the teaching of Arabic language but also to understanding Arab culture, customs, and belief.
Therefore, this paper is important as it addresses a crucial topic: psychological development and its role in the education process, particularly for non-Arabic speakers and reveals the positive effects of this process because neglecting the psychological aspect of the learner makes him merely a listener, not someone who comprehends what he is learning or recognizes its value and role in life, communication, and success.
The researcher will follow the descriptive-analytical approach, which is the most suitable for describing the challenges faced by teaching Arabic to non-native speakers, especially children, including the neglect of the psychological aspect. The researcher will provide important suggestions and recommendations on this topic.
Keywords: Education, Foreign Language, Non-Arabic Speakers, Psychological Development.