عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

آلاء محمد كامل - الأردن

يوم من الأيام


صبيحة كل يوم جمعة، تشرقُ عليهم شمس يوم جديد ككل يوم. تُرى ماذا يحمل لهم ذاك اليوم من خبايا؟ تساؤل تراه في أعينهم، تلك العيون البريئة. أطفال أيتام.

أيّ ظلم لقوه؟ وماذا نالوا غير البؤس والتعاسة؟ هكذا كنت أعتقد وكثيرون غيري: أنهم يعيشون أسوأ حياة على وجه هذهِ الأرض. ولكنهم في الواقع لم يسلموا أنفسهم لتلك التعاسة. ولن يفعلوا ذاك أبدا. لو نظرت في وجوههم ترى الفرحة بالرغم مما في قلوبهم من آلام كثيرة.

قد زرتهم، عشت معهم يومهم بالثانية، بالدقيقة، بالساعة، وحتى بالأنفاس التي يتنفسونها، بالهواء الذي يستنشقونه، بالطعام الذي يأكلونه، بالماء، بكل شيء عشت معهم ذاك اليوم.

تلك الأم التي تعتني بأفراد أسرتها التي تتكون من عشرةِ أولاد ذكورا وإناثا. تلك الغرفة الصغيرة التي تحتوي على ذاك العدد الهائل. هل سألتم أنفسكم يوما من أين يأكلون؟ أين يدرسون؟ كيف؟ ولماذا؟ إلى آخره من الأسئلة التي لا نهاية لها؟

لكن الجميل فيما أراه إيمانهم، صبرهم، صدقهم، محبتهم، أخوّتهم، الأخلاق الجميلة التي يتحلون بها. يا لروعتهم! لا ترى الحقد في نفوسهم. تمنيت العيش بينهم. عندما يحين وقت الآذان، ترى الجميع يترك ما في يده ويذهب راكضا يلاقي ربه، بأجمل رائحة، وأنظف ثياب.

وعندما يأتي وقت اللعب ترى الأطفال يتزاحمون على الكرة، يلعبون بها، يتضاحكون كالعصافير، يتناقلون من مكان لآخر. لا تفارق البسمة شفاههم البريئة. ضممتهم إلى صدري، ومسحت على رؤوسهم بيدي.

هم في عمر الورد. يعمل الصبية لإطعام الأسرة. والفتيات كالقمر. ترى ذاك النور في وجوههم. يفرحون لبعضهم البعض. يشاطرون بعضهم أحزانهم وأفراحهم وآلامهم.

أتعلمون كم هو جميلُ الشعور بما حدث؟ تغمر قلبك الفرحة. ولكن سقطت دمعتي من دون قصد، فاعذروني يا أطفالي على تلك الدمعة.

كم وددت فعلا أن أعيش معهم. أراهم على بعد أمتار، كل يوم جمعة، أصادفهم، أحادثهم، أحاول إخفاء دمعتي عنهم.

D 1 آذار (مارس) 2009     A آلاء محمد كامل     C 0 تعليقات