عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 3: 25-36 » العدد 35: 2009/04 » كلمة العدد 35: الأعمال الأدبية والمحرمات

عدلي الهواري

كلمة العدد 35: الأعمال الأدبية والمحرمات


عدلي الهواريكثيرا ما نقرأ إشادات بأعمال أدبية تشير إلى تناول هذا العمل أو ذاك أحد المواضيع التي يقال لنا إن الحديث عنها مصنف في باب المحرمات أو الممنوعات، وتظهر كثيرا كلمتا تابو وتابوهات بدل محرم ومحرمات.

الدين، والجنس، وإلى حد أقل بعض جوانب السياسة، في زعم الكثيرين، على رأس قائمة المحرمات. وهناك وصفة ربما مضمونة النتيجة لمن يريد أن يزيد فرص اشتهار روايته أو شعره أو فيلمه، وهي الخوض في أحد هذه المحرمات، وخاصة الدين.

وكنا نلاحظ هذه الإشادات عند التعريف بأعمال مترجمة من العربية إلى الإنجليزية، فيجيء في معرض التعريف بالرواية المترجمة أن فلانا تحدث في تابو الدين، وأن عـلّانة تحدثت عن تابو الجنس. ولكن العدوى انتقلت إلى الناشرين والنقاد العرب عند الحديث عن رواية جديدة.

نحن مع حرية الرأي وحرية التعبير وكل الأشكال الأخرى من الحرية. ولكن هذا لا يمنع القول إن الأعمال الإبداعية، روايات وغيرها، المتعلقة بالأديان تحديدا، لن تغير من الواقع شيئا، فالأمر متعلق بمعتقدات لن يغيرها من اعتنقها نتيجة لرواية محبوكة جيدا أو رديئة، سواء تعلق الأمر بالإسلام أم بدين غيره.

إضافة إلى ذلك، الهروب إلى الأعمال الإبداعية التي يفترض أنها من نسج الخيال ليس الطريقة الصحيحة لمحاولة كتابة تاريخ جديد، أو دحض رواية تاريخية مركزية في دين ما، وليس من الجرأة الأدبية في شيء أن تكون الغاية ذلك، ثم بعد ضجة ما يزعم المؤلف أو المؤلفة أن العمل من وحي الخيال.

إن الترويج للأعمال الأدبية على أساس خوضها في المحرمات صار يجعلنا نشك في جودة العمل الأدبي، ولا نعتبر مؤلفي ومؤلفات هذه الأعمال ممن يتحلون بقدر أكبر من الشجاعة من غيرهم من الناس، فالحديث عن المحرمات المزعومة شائع بين الناس على مر العصور. الناس يتناقشون دائما في أمور دينية وجنسية وسياسية "محرمة"، وبالتالي يفتقر إلى الكثير من الدقة الحديث عن ريادة وجرأة في الخوض في المحرمات وغير ذلك من مزاعم غايتها الترويج أكثر من أن تكون وصفا صادقا للواقع.

ونخشى أن يكون من نتائج كثرة الترويج لمواضيع مرتبطة بالمحرمات المزعومة تضييق الخناق على المبدعين الذين يكتبون في موضوعات أخرى، وأن يبخس حق هؤلاء. ويعلم المهتمون بالثقافة أن تعدد الأصوات والأذواق في غاية الأهمية، حتى لا يصبح صوت أو خطاب ثقافي ما أحاديا أو مهيمنا، ولذا نرجوكم أن تبحثوا لنا عن معايير أخرى للإشادة بالأعمال الأدبية غير معيار الخوض في المحرمات.

مع أطيب التحيات

عدلي الهواري

D 1 نيسان (أبريل) 2009     A عدلي الهواري     C 0 تعليقات