عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

إبراهيم قاسم يوسف - لبنان

السلاح زينة الرجال


حينما كانتْ حقوقُ المرأةِ مصانةً في العملِ مع الرجل جنباً إلى جنب في الحقلِ وعلى البيدر، أو في تدبيرِ شؤونِ المنزل من غسيلٍ لم يكنْ ماؤُه متوفراً في الصنابيرِ، وطبخٍ لم تكنْ نارُه على غازٍ أو كهرباء، وتربيةٍ للأطفال بقليلٍ من التَّفَرُّغِ والعناية، وكثيرٍ من المحبَّةِ والتضحيةِوالإيثار.

في تلكَ الأيام المُقيمة في الفكرِ والوجدان، كانَ سكَّانُ الأريافِ في الجبال وجلُّهم من الفلاحين الكادحين، يواجهون شظفَ العيش وقسوةَ الطقس وصعوبةَ العملِ في الأرض، بالشجاعةِ والهمَّةِ وحسنِ التدبير. يغتسلونَمرَّةً في الأسبوع على الأكثر في مياهِ الأنهارِ والينابيع، يَتَوَسّلون الدوابَ في أسفارِهم وتسْهيلِ شؤونهم في نَقْلِ المحاصيل، ويتحضَّرون جيداً للشتاء فيُعِدَّون له ما يكفي ويَزيد من الحطبِ ومختلفِ المؤن، يدَّخرونَها ضمانةً لحياتِهم حينما الحاجةُ لا تهون والبردُ لا يرحم.

يعيشونَ على البَرَكَة؛ يَحْمِلون قلوبَهم بين أيدِيهم بعيداً عن النوايا المُبَيَّتة والخداع، ومَطبَّاتِ الوثائق المكتوبة؛ والمؤسسات المصرفِيَّة والصكوك. الوعدُ بالشرف التزاماً بعهدٍ وقول؛ ووضعُ اليدِ على الشاربين أو تَحْييدِ "الجَنْبِيَّة" (1) من حسم النزاع، والتَّخَلي طوْعاً عن اللجوءِ إليها؛ كانَ كافياً للوفاء بالوعد والثبات على الموقف. ليَخْبو هذا البَريق بمرور الزمن والوهَةِ المال، فيتقزَّم ويخْتَفي من مَدَنِيَّةِ اليومِ وثقافة الحاضر معنى هذه العاداتِ البَدَوِيَّةِ النبيلة.

النَّخْوَةُ تعْصفُ في رؤوسِ الرجال عندما تدعو الحاجة من أجلِ المساعفةِ والانقاذ، والشِّئْمَةُ كانتْ ظاهرة وثيقة العلاقةِ بالمحافظةِ على المرأة وصيانةِ كرامتِها. بعضُ البيوتِ الطِّينِيَّةِ المنخفضة تطمرُها الثلوج، فتستنفرُ للنجدةِ أهلَ الحَمِيَّةِ والهِمَم من أبناءِ البلدةِ نساءً ورجالاً، أو يقضي البردُ على الناسِ ممَّن تخلَّفوا على طرقِ الجبال، وفي البالِ أمثلةٌ حيَّة عمَّنْ اُنْجِدوا أو ماتوا؛ ضحايا أو مُنْقِذِين.

لم يكنْ قد مضى على زواجِهما شهرانِ ولا يزيد، عندما رافقتْهُ زوجتُه "استكمالاً لشهرِ العسل"، في "نزهةٍ" قاما بها إلى أعالي "الجُرودِ" (2) المحيطةِ بالبلدة، سعياً وراءَ الحطب من جُذوعِ الملُّولِ والسنديان؛ فالشتاءُ قريبٌ والبردُ غزا الأوصالَ وتجاوزَ الكِسْوَةَ والأبواب. والزوجةُ انْتَهَتْ من إعدادِ مختَلَفِ المؤونةِ من الغذاء، وحاجتها من قشورِ الذرةِ والصبغةِ والصوف وقشٍ ينمو على ضفافِ الأنهار، تمهيداً لإعدادِ الصَّواني المُزَخْرَفة والمفارش والكِسْوَة الشّتَوِيَّة الدافئة، فلا تَهْدرُ وقتَها عَبَثاً في فصلِ الشتاء.

بارودةحملَ فأسَهُ وتَقَلَّدَ بندقيتَهُ تحسُّباً لصيدٍ يصادفُه. بارودَةٌ تُرْكِيَّةٌ من الطرازِ القديم مزدوجة الأستون، طويلة كالمدفع، تُذَخَّرُ حَشْواً باليدين، معيارٌ مُحدَّدٌ من البارُود يمكنُ تخطِّيه قليلاً لتأتيَ العبوةُ أكبر، والطلقةُ أقوى تقْذفُ "بالخُرْدُق" (3) إلى مسافةٍ أبعد، فيَنتشرُ في مساحةٍ واسعة ويحملُ معه حظاً أوفر في إصابة الهدف.

تُمَوَّنُ البندقيةُ بطلقتينِ اثنتين. الزّنادُ الامامي للأستونِ الأيمن والخلفي للأستونِ الأيسر، ولا تعملُ مَجْموعَةُ التّحَكّمِ بالقادِح عندَ الضَّغطِ على أحدِ الزنادين، ما لم يُرفعِ "الديكُ" (4) ويُفْصَلْ جهازُ الأمان. هذهالتفاصيلُ تُنْعِشُ خيالَ الصيادين، وتحْمِلُهم على المغالاةِ في الحديث عن عجائبِ أخبارِهم في الصيدِ والقنص.

حَصَلَ ما تَوَقّعَه الرجل؛ عندما انْطَلَقَ طائراً بسرعةِ البرق حجلٌ يصفِّقُ بجناحيه، عاجلَهُ بالطلقةِ الاُولى. هكذا تشهدُ زوجتُهُ فتقول: غَرَّدَ قلبي وتَوَلّتني الدَّهشة واعتزازٌ جارف ومَيْلٌ إلى الرقص حين أصابَهُ وبدأ في لمحِ البصر يتهاوى من علٍ كخرقةٍ تحمِلُها الرِّيح، ليقعً وسطَ صخورٍ شَعِثةٍ مسنَّنَة حادَّة الإنحدار صَعْبَة المسلكِ والبُلوغ.

كانَ يتوجَّهُ لالتقاطِه عبرَ الصُّخور عندما طارَ حجلٌ آخر، لعلَّه الشريكُ الثاني، فسدَّدَ ورماهُ كالقدر وأصابَه بالطّلقةِ الأخرى. للوهلةِ الاُولى احتارَ وارتبك أين يتوجَّهُ أولاً؟ لكنَّه سرعانَ ما قرَّرَ المتابعة لالتقاطِ الطريدةِ الاُولى، بعدما عاينَ بدقَّة موقعَ الحجلِ الآخر.

طائر الحجلفَشِلَتْ زوجتُه في المساعدةِ والوصولِ إلى أحدِ الحجلينِ لوعورةِ المكان، لكنَّ العريس تمكَّن في النهاية من العثورِ عليهما معاً، بعدما زَلَّت به قدمُهُ وشجَّ ركبتَه بصخرة تَعَثّرَ بها، وهو منهمكٌ في التفتيشِ عنِ الصَّيد. كانَ عليهما أن ينتظرا بعضَ الوقت والعروس تُضَمِّدُ جرحَه بقطعةِ قماشٍ مَزَّقَتْها من شّالِها حتّى تَجَمَّدَ الدَّمُ وتَوقّفَ النزيف، فاستأنفا جمعَ الحطبِ من جديد.

كذلك كانَتِ الحالُ مع "پانيول" في روايتِه الشهيرة "مُجْدُ أبي" (5)، عندما اصطادَ أبوهُ حجلين ملكِيَّيْنِ مُدهِشَيْن. مَنَعَ أوڠستين زوجتُهُ من العبثِ بهما وإعدادِهما للطعام قبلَ أن يختالَ مزهواً بهما، ليتفرَّجَ عليهِما مَنْ كانَ في البلدةِ والجوار.

هكذا عادَ العروسانِ عندَ العصر بحملينِ من الحطب وحجلينِ وجُرْحٍ وشالٍ شامِيٍّ مُمزّق. كلاهُما شَعَرَ بالاعتزازِ في عيونِ الآخر، هو اعتزَّ برجولتِه ومهارتِه في الصيد، فالسِّلاحُ زينةُ الرِّجالِ وعنوانُها الحقّ. سدَّد ورمى فأصاب والنشوةُ لا زالتْ تعصفُ في رأسِه وتُسْكِرُه وهي اعتزَّتْ بمن تزوَّجَت.

في المساء؛ أشعلا ناراً وجلسا يصطليان ويأكلانِ مما أعدَّتْه الزوجةُ مِنَ الحجلين، " كبَّةً شهيَّة " مشبعَةً بزيتِ الزيتون والرَّيحان. لم يبالِ بركبتِهِ المُصابة قريبةً من نارِ الموقد، وخيالُه يَشْتَعِلُ بالرَّغبةِ الغلاّبة ورائحة الأنثى بجانبه تفوحُ من جسدها البَضّ، ولونُ الوردِ يضجُّ خَجِلاً في وَجْنَتيها الجميلتين، وسعادة تفيضُ على وجهها المشرق، وتلوحُ في عينيها الدَّعْجاوين النّاعستين.

"هكذا، وبعد عُمْرٍ موغلٍ في الزمن؛ كانتِ العروسُ الجَدَّة التي احتفظتْ بعكَّازه وسلاحه حتَّى وافَتْها المنبّية، تَتَذَكَّرُ وتروي لأحفادِها حولَ الموقدِ إيَّاه، الشاهدِ على سعادتها، حِكايَةَ الجَد والحَجَلين والشال الشاميِّ الممزق".

تَوَرَّمَتْ ركبتُه في صباح اليوم التالي وأصابَها التهابٌ أهملَه أياماً وأسابيع، ولَجأ إلى التداوي بالأعشاب وكَمَّاداتٍ من ورق الجَوْز. ثمَّ عانى من مضاعفاتِ ما أصابه وَقْتاً طويلاً، وحين أعياه الشفاء بالوَصَفاتِ البلدِيَّةِ والأعشاب، لجأ إلى أوَّلِ الأطباءِ الوافدين إلى الإقليم، فأشرفَ على علاجِه طيلةَ عامٍ وبعض العام ولم يُشْفَ تماماً، فأصابَ رجلهُ عَرَجٌ ملحوظ أعاقَ نشاطه في حياته وعَرْقَلَ عليه كثيراً من مساعيه.

والدته، أُمُّ حْسَيْنْ، أعياها عمرُها "والإماتة" (6) التي فرضَتْها على نفسِها. ترمَّلتْ وتجاوَزَتْ عقْدَها السادس فكادت تبلغُ السبعين وقامتُها لم تنْحَنِ بعد. قاسية الملامح، خشنةَ الأصابعِ واليدين والطباع، حنطيَّةَ اللون، مرفوعةَ الجبين، أنفُها أقنى وعيناها العسليتان صغيرتان وحادَّتان كعيونِ الطّيورِ الجارحة، فيهِما تَصْميمٌ وعنفٌ وحِرْصٌ وتركيز وَتَحَفُّزٌ دائمٌ للدفاعِ عمَّا لها. يُزَيِّنُ وَجْهَها وشمٌ قديمٌ على الذّقن لِنَحْلَةٍ زَرْقاءَ بلونِ النِّيل.

ماتَ زوجُها وعمرُها لم يتعدَ العقودَ الأربعة. شيءٌ ما في داخلِها كان يفصلُها عمَّا زَيَّنَتْهُ لها الدُّنيا. بدا الأمر مهيناً لها. قَهَرَتْ رَغَباتِها وأقفلتْ في داخلِها على خسارةٍ دامية مسكونةٍ بالموتِ والغيبَة والحرمان.

قضى عليه البَرْدُ على طريقِ الجبال. أعادُوه إلى بيتِه في اليومِ التالي جثة تجمَّدَتْ بكاملِها، فحفروا له ودفنوه في ذات النهار. في تلك الليلة قالتْ في نفسِها: "قُضِيَ الأمر".

لكنَّ غريزةَ البقاء كانتِ الأقوى، فالأمرُ لم ينقضِ كما تَوَهَّمَتْ وحقُّها في العيش لم يَضِعْ، بلِ انتزعتْهُ عنوةً زمَنَ المجاعات، فاستثمرتْ تِرْكَتَهُ في الحقلِ والأتان، وشاركتِ القريةَ أعمالَ الحقولِ الأخرى في مواسمِ الرَّيّ والحصاد. وتعهدتِ ابنَها بالرعايةِ منذ الطفولة، وحين كَبُرَ عَمَّرَتْ له بيتاً وزَوَّجَتْهُ وفقَ قناعتِها؛ ثمَّ خَلَعَتْ ثوبِ الحداد.

تَعَوَّدَتْ في لباسِها بعدَ سَنَواتِ الحِداد الطويلة جلباباً فضفاضاً، من نمطٍ معيَّن ونسيجٍ واحدٍ لا يتغيَّر. داكناً بالِيَ اللون "وشَمْلَةً" (7) سوداء "تَعْصُبُ" بها رأسَها. تدَّخرُ مالَها في "كَمَرٍ" (8) من الجلدِ تَضَعُه في الليل تحت وِسادتِها، وفي النهار "تتزنَّرُ" به. تدقُّ بكفِّها عليه"لتُخَشْخِشَ" فيهِ النقودُ ويَسْمَعَها الطبيب، تحثُّه ليتقنَ عملَهُ قائلةً له بصيغةِ الأمر إنَّهُ لا يتَّسعُ لمزيدٍ مِنَ"المَجيدِيَّات" (9) التي ستكونُ بكاملِها من نصيبِه، إن هو تمكَّن أن يشفي ولدَها ويمشي على رجلِيه من جديد.

= = = = =

حواشي:

1= الجنبيَّة: اسمٌ يطلق على الخنجر في اليمن وعُـمـان وبعض بلاد الشام.

2= جرود: مفردها جُرْد، أعالي الجبال (عامية).

3= الخُرْدُقْ: قطعٌ كروية صغيرة من الرصاص (تركيَّة).

4= الدِّيك: الأداة المُعَدَّة لصدم الكبسولة على القادح في البندقيَّة، ولها شكل الديك.

5= هو الكاتب الفرنسي الشهير مرسيل پانيول (MarcelPagnol). عنوان الرواية بالفرنسية (La gloire de mon père).

6= الإماتة: من الطقوس المسيحية، في قهرِ النفسِ وإذلالها.

7= شَمْلَة: كِساءٌ واسع، تعصبُ به المرأةُ رأسَها، في الغالب لونُه أسود.

8= الكَمَرْ: حزامٌ جلديٌ عريض تُحْفَظُ فيه النقود (فارسيَّة).

9= المَجِيدِيَّات: نقودٌ فضِّيَّة، نسبةً إلى السلطان عبد المجيد، أحد سلاطينِ آل عثمان.

D 25 كانون الثاني (يناير) 2013     A إبراهيم يوسف     C 12 تعليقات

11 مشاركة منتدى

  • إبراهيم يوسف علامة فارقة في الحياة الأدبية والثقافية التي تعرفت إليها من خلال عود الند. صانع في أمور كثيرة وكتب عنها بامتياز. يحسن التصوير بالكلمات ويصوغ منها لوحة رائعة معبرة.

    هذا الكاتب الفلاح لم يتأثر كثيراً بمباهج المدنية. يعتز بأرضه وتراثه. أحببت أسلوبه وطبيعة بلاده وأحببت فيه الإنسان في مملكة الجراح، وأحببت حبه لفلسطين، ولو أمكنني لقلت فيه الكثير مما لم تقله امرأة في رجل وإنسان.


  • وبعدا من بعيد بتموج ...بتموج بغيم وتلوج
    يا قناطر يا حلم الخاطر... وسطوح وكرم ومروج

    صورة جميلة للبنان الأخضر الحلو، هذه المرة يكسوه بياض القلوب النقية

    لا أعرف كثيرا عن بنادق الصيد، ولكنني رأيت بعض البنادق القديمة، منها بندقية أجهل نوعها، تعبّأ بالبارود، يحشى بواسطة (سيخ طويل) يستخرج من مكان ما في مقدمتها، وهناك مكان لوضع فتيل، بصراحة لا أجرؤ على تفحصها لأنني لا أعتقد أن استخدامها تلك الأيام انحصر في صيد الحيوانات!
    الفلم الرائع "مجد أبي" شاهدته مترجم للإنجليزية بعد أن قرأت الرواية مترجمة للعربية
    (وعلق أبي الطائرين في حزامه، ثم تناول بندقيته ووضعها على حمالته
    ومضينا في سعادة شديدة، أنا أحمل الأكياس وهو يسير أمامي...وصادفتنا بعض أسراب من عصافير الدوري، لكن صائد الحجل ازدرى هذه الطيور الصغيرة...)

    "المجيدي" وأجزاؤه كان متداولا في مكة والحجاز عموما، أمي تذكره، والبدويات يثقبنه ويعلقنه على الحلي الفضية وأطراف البراقع.

    تستهويني هذه النصوص،وصفك فيها رائع، صورة " الجرد" وصخوره، النار ومن حولها، و(أم حسين) بعيونها وجلبابها وشملتها..
    نص ممتع
    شكرا جزيلا لك
    تحيتي وتقديري


  • أشواق مليباري
    إنْتِ وأنا عَمْ يِسْألونَا كِيْفْ ؟
    مِنْضَلْ شُوْ بْيِحْلالْنَا نْغَنِّي
    مَا بْيِلْتَقَى مَرَّاتْ عِنَّا رْغِيْفْ
    وْمِنْعِيْشْ بِأطْيَبْ مِنِ الْجَنِّي
    أنت الرائعة يا عزيزتي فيما تفعلين وتقولين، ولا يمكنني إلاَ أن أنحاز إليكِ.. وسعادتي تتعدى سعادتك وأنت تتلقفين عنوان الكتاب ثم تفتشين عنه في حشرية أدبية أحببتها فيك. أتمنى أن تتابعي الفيلم مع سائر أفراد الأسرة، بجزئيه "مجد أبي" " وقصر أمي" وأنتم تأكلون الذرة المتفتقة " البوشار".
    أما البندقية الحديثة إلى جانب النص فقد تم اختيارها من قبل أسرة التحرير مشكورة على ذلك، لكن البندقية المشار إليها في النص فمختلفة كثيراً وتطابق ما جاء في وصفك إلى حدٍ بعيد.
    والعملة المجيدية كانت تستخدم في تقليد تتميز به مداخل بيوت الميسورين بتثبيتها على الأبواب وفق أشكال هندسية منتظمة، أو يستخدمونها حلى وأساور في أيدي النساء. مرحب فيك عندنا يا عزيزتي حينما ترغبين.


  • مريم - فلسطين

    الشكر لك يا سيدتي على الإطراء.. والشكر الأكبر للدار التي ساهمت بالتعارف والمحبة والتقة القائمة بيننا؛ كما بين سائر الكتاب والأخوة القراء، والشكر أيضاً على الإشارة أنني بلديٌّ وفلاح، وأنني أعتز بأرضي وجذوري ولا تعنيني المدنية بكل التفاصيل، وواثق يا سيدتي أنك لا تقولين إلاَّ ما يليق.


  • عندما أشتاق إلى لبنان الّذي احبّ، ابحث عنه في جبران ونعيمة والرّيحاني. وها إنّك اليوم أستاذي الفاضل وبهذا السّرد الجميل، تجملني إلى تلك الجبال المفعمة بالمحبة وتلامس قلبي بطيب تلك الحياة البسيطة والبعيدة عن الضّجيج والازدحام .

    تقبّل مروري المتواضع أستاذ ابراهيم
    محبتي وتقديري


  • مادونا عسكر

    "إدوار عسكر"؛ كان موظفاً في شركة طيران الشرق الأوسط، وكنت أدنى رتبة منه في الشركة. جمعنا العمل فيها إبان الحرب الأهلية، وجمعتنا صداقة فيها الكثير من المودة والتجرد والاحترام المتبادل، وحينما "تعرفتُ" إليكِ..؟ تراءى لي أنك ابنته أو هكذا تمنيت في سري.. وأعرف؛ ولو كان الرجل يعنيكِ فكلُّ فتاةٍ بأبيها معجبة.

    خالص محبتي ومودتي وتقديري


  • نحن أمام عمل قصصي متميز غني بالأفكار و جميل الصور و هذا ما يميز كتابات الأستاذ إبراهيم يوسف، حيث ينتقل بنا في كل فقرة إلى فكرة مختلفة تعبر عن قيمة أو موقف أو سلوك مختلف. لو أردنا تلخيصا للنص أو حوصلة لكل أفكاره في جمل قليلة لما استطعنا لتشعبه. أسلوبه ممتع له طعمه الخاص، حيث يمكن تمييز نصه بين مجموعة نصوص غير موقعة.

    قديما قيل السلاح زينة الرجال وقيل الشيء نفسه عن اللحية والعقل. أما اليوم فتبدلت القيم و المفاهيم. فالسلاح أصبح تهمة الرجال بالإرهاب لابد من نزعه لتفادي مطبات كثيرة، و اللحية غدت شبهة تصنفهم ضمن الاصوليين و تعطيهم شتى النعوت، و العقل صودرت إرادته الحرة وصار عبءا على الإنسان العربي.

    على ذكر" مارسل بانيول" و"مجد أبي" حرضتني على قراءة بعض مما كتب باللغة الاصلية:" في هذه الذكريات لن أقول عن نفسي شرا ولا خيرا، ليس عن نفسي أتكلم، لكن عن الطفل الذي لم أعده. إنه شخص صغير عرفته وتبخر في الهواء مع الزمن، على طريقة عصافير الدوري التي تختفي دون أن تترك هياكل".


  • السلاح زينة الرجال... نص ناطق مرئي كأنه مشاهد سينمائية متتالية، لحياة ريفية جميلة، كانت فيما مضى هي الحياة ولا حياة غيرها، أحياها لنا بقلمه الفاتن إبراهيم يوسف الذي لا تتوقف إبداعاته ومفاجآته.
    كان السلاح زينة الرجال.. ولكنه الآن زينة الأنذال الذين يستققون به على عباد الله.
    كل المودة لقلم جميل وصاحبه الأجمل.


  • زهرة يبرم
    وأنا أمام سيدة ثرية بفكرها، صلبة في تصميها، مصرة على مساعيها. تتوسل فيما تقول مفردة دقيقة وعبارة طليقة وطلاوة في التعبير، تغنيها عن نظم الشعر ومطباته. "فالشعراء يتبعهم الغاوون، ألم ترَ أنهم في كل وادٍ يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون".. وأنت غالية عندي لا أرتضي لك هذا المركب الخشن.
    قيل الكثير عن زينة الرجال وشهامتهم،. أما ما قيل عن شهامة المرأة فقليل ونادر، وكأن السجايا النبيلة وقف على الرجال دون النساء..! أنا أعرف وأشهد أن كثيراً من الرجال ممن كانت الشهامة من سجاياهم..؟ إنما "هواهم" كان في أمور أبعد.. وأن من النساء "الآدميات" من لا يصلح الكثير من الرجال خدماً لنعالهن.. أنا ملتزم ومؤمن بما أعتقد ولستُ ممن يطلقون كلاماً فارغاً في الهواء.
    "وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ
    ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ"
    كان المتنبي شاعراً ملهما ولو لم يبدِ بالمرأة الاهتمام الذي تستحق.. أنكره بعض العرب ولم يقتفِ أثره الغاوون، ولا أخاف عليه من عذاب النار، فالله يضن بعذاب النار على عباده المبدعين.


  • زهرة يبرم
    من روائع "پانيول" أيضاً Jean de Florette رواية تحمل إلى النفس الكثير، من الرقة والقسوة جنبا إلى جنب، ومن الابتسام في بعض المواضع.. وأما الطفولة يا سيدتي؛ فَلِمَ لا نتطلع إليها بعين الوداعة لا بعين الحسرة والألم.. ما دامت قدرتنا مستحيلة في رد الزمن إلوراء.


  • كما هو ابراهيم يوسف يمارس توقيقاته بمداد الإبداع، زاخر الحرف قوي اللغة شيق الصياغة، يأخذك في نصه درجة فدرجة حتى نهاية المطاف، ويتركك تتنقل بين مقاطع النص مسحوراً ببلاغته في لغة ساحرة ومزج راقي.. تحمل ذاكرته الكثير من أصالة الماضي وحكايا الزمن البعيد

    جميل ذلك الوقت الذي كان الناس فيه يمارسون بساطة العيش ونقاء النفوس وبهجة التملك وفرحة التواصل، حين كان فيه الرجال أصحاب معادن رجولية أصيلة، تتحرك فيهم دماء الشهامة والأصالة والنخوة، كان حينها المجتمع هو مجتمع التكامل والتعاضد والدعم وتبادل العون، قلوب تتلاقى على الرحمة والعطف والحنان بعيداً عن الأنانية والنرجسية، ما في حجرك لك ولغيرك فيه نصيب، وما في حجرهم لهم ولك منه نصيب.. والسلاح زينة الرجال مصطلع تعارف عليه لأن القوامة تمنح الرجل دور الحامي الذي عليه أن يصون حرمة النساء ويحمي حماهن، فبالسلاح يحمي الأرض والعرض، وبالسلاح يصيد صيده ويطعم أهله، وبالسلاح يعبر عن منتهى الفرح، ويحمي ماله وأطيانه، ويصيد صيده ويطعم أهله، فكيف لا يكون له الزينة والسند، وكيف لا تفتخر به الزوجة والولد.. سلمت يمينك التي تخط هذا الابداع


في العدد نفسه

عن مبدعة الغلاف

كلمة العدد 80: العدالة الاجتماعية ونهاية التاريخ

دعوات توحيد الفصحى والعامية

قراءة في قصّتين

إبراهيم يوسف: مبادرة تكريم