عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

مكارم المختار - العراق

شيخوخة الصبا


مكارم المختارلماذا يسمون ذكرى يوم الميلاد أو الزواج عيدا؟ لم احتفل يوما بذكرى ميلادي. البعض يجد متعة في الاحتفال بــ"عيد الميلاد"، وبعض آخر لا يحب أن يتذكر أن اليوم هو تاريخ ميلاده. ولعل السبب وراء تفادي التذكير بالمناسبة أن العمر يجري وأن سنوات منه تمضي، ويتعدى الصبا ويزول الشباب ويتقدم العمر، وتأتي الشيخوخة.

تتهم المرأة بأنها لا تحبذ الإفصاح عن عمرها، وحين تسأل عن سنها، تراوغ وتتجنب ذكر عدد السنين التي مضت من حياتها. وتلام المرأة أيضا حين تتقدم بالعمر، وحين تتغير أعراضها البيولوجية وسماتها الأنثوية، وقد تلام وتعاتب على خوفها الشيخوخة، وتتهم بأنها تخشى على جاذبيتها وشبابها.

والحقيقة أن الرجل أيضا يقلق حين يرى تقدمه بالعمر ويزعجه أن السنين تجري رغم إرادته، ويحب أن يقال له إنك ما زلت شابا أو لا يبدو عليك الكبر ولم يؤثر ظهور الشيب في تقدير عمرك. ولو وجد الرجل في مكان ما وأولاد له في عمر تعدى الطفولة وقيل له إنك تبدو أخاهم لانتعش خيلاء وفرحا. ويزيده تباه إن كان قوامه رشيقا، أو كانت له طلة بهية، فهو يسارع إلى الاهتمام بهندامه وأناقته.

الشباب استمتاع بطعم الحياة، وسنوات عز وعطاء. وبعده يدخل هاجس الخوف، حيث يغزو الأفكار شبح التقدم بالسن، وتلفح رياح الشيخوخة التفكير.
الشيخوخة، لا محالة آتية، ولا يمكن أن يدوم الشباب وإن حرصنا، وتمنينا بقاءه، أو حاولنا تأخيره من خلال اللجوء إلى برامج وضوابط نضعها لأنفسنا في حياتنا.

ويبدو إن للزواج أثرا في الإحساس بالكبر والشعور بتقدم العمر والوصول إلى الشيخوخة عند الرجال، حتى لو كانوا في مقتبل العمر وما زالوا في ريعانه ولم يتجاوزوا الثلاثين، فالخوف من الكبر يشغل تفكيرهم.

وما دام الحديث عن المتزوجين، فيبدو أن الزوجة هي الربان، وعليها أن تجعل زوجها يعيش الحياة مرتين، ويحيا الشباب ما أوتي من سبل، دون الالتفات إلى ذاته، وخاصة الزوج المهمل لأناقته وهندامه ونظافته حتى. ويخيل إليه أن الزوجة هي من يجب أن تهتم بهذه الأمور، أما هو فلا، وينسى أو يتناسى أن عليه أن تراه الزوجة أنيقا وسيما مهما كان عمره، مثلما له أن يرى زوجته جميلة فاتنة.

والاهتمام بالأناقة والهندام يجب ألا يتأثر بالتقدم بالعمر. لا ضرر في أن يرتدي الإنسان في كل مراحل عمره ألوانا زاهية وملابس تظهره شابا أنيقا أو صبية حسناء، فالشائع أن النساء تحديدا وبمجرد تقدم العمر بهن، يبدأن بارتداء الألوان الغامقة ويبتعدن عن الجذاب من الملابس. ومن الزوجات من تشجع زوجها على ارتداء ملابس معينة، بدلا من تشجيعه على عدم الالتفات لوصفها بأنها لا تليق بعمره.

المهم هنا هو ألا يضاف إلى الحياة وتيرة رمادية تفاقم الإحساس بأن السنين تهرول وتسحب العمر إلى التقدم. وما على الإنسان إلا أن يطردها كيلا يترسخ الميل إلى الامتناع عن العيش والحياة.

D 25 آذار (مارس) 2013     A مكارم المختار     C 8 تعليقات

4 مشاركة منتدى

  • تحية الى مكارم المختار. لا احد لا ينتابه القلق من التقدم في العمر وهو هاجس لايختلف فيه الرجل عن المرأة ولكن الاختلاف في طريقة التعامل وفي طريقة الاظهار. ولكن اتسائل اليس هناك تناقض في التعامل مع الموضوع، فانت تدعين الى نبذ تلك الوتيرة الرمادية للحياة في آخر النص، ولكنك تدعين الى نبذ بعض وسائل الترفيه والتغيير مثل الاحتفال بالميلاد وغيره؟ الا تساهم مناسبات كهذه في كسر تلك الوتيرة الرمادية؟ تحياتي. محسن الغالبي.


    • تحية طيبة محسن الغالبي: ليس من اختيار الانسان تقدمه بالعمر، ولانها سنة الحياة فلا قلق من تقدم السن، لكن الهاجس يكون بما يراود الفكر من هواجس. اما عن ملاحظتك الطيبة بخصوص التناقض، فأسمح لي ان ابين انه لم يكن هناك دعوة "لنبذ الترفيه والاحتفالات ..." على العكس أنا ادعو الى دوام التغيير، لاننا لسنا بحاجة الى مناسبة لنحتفل، بل نحن بأمس حاجة لنجعل جلساتنا العائلية وغيرها مناسبة احتفالية اكثر ترفيها من مناسبات اعياد الميلاد واكثر متعة وتسلية. مكارم المختار

  • عدد الشموع على قالب الحلوى يبدو جميلا في السنوات الأولى من أعمارنا، أما حين يبدأ العدد في التزايد فيكون من الأفضل إلغاء فكرة عيد الميلاد..
    أما مقولة (الشباب في القلب) فهي أكيدة حين يصاحبها أيضا الإهتمام بالمظهر والصحة، وممارسة الأنشطة، والتفاعل الإيجابي مع الآخرين.
    نص جميل
    شكرا لك عزيزتي مكارم


  • كل مرحلة من عمر الإنسان لها رونقها الخاص، وكل لحظات العمر محسوبة علينا، والعمر واحد.

    أجمل العمر هو اللحظة، إذا عرفنا كيف نستغلها ونستمتع بها.

    كل إنسان يمر بمرحلة عمرية قد تكون الأجمل بين مراحل حياته.

    على الإنسان ألا يتوقف عن ممارسة الحياة في مرحلة معينة من عمره، كأن تبرز التجاعيد على وجهه أو يكسو بريق الألماس شعره.

    الإنسان الذي يواصل ممارسة نشاط فكري أو يدوي وجسمي لا ينهزم بسرعة أمام عوامل الكبر، بل يحافظ على لياقته لمدة أطول.

    وقيمة الإنسان تكمن فيما يقدمه في حياته عبر كل مراحل العمر.

    مع تحياتي
    زهرة


    • ToOud Nad Comments
      BCCzohrayabram@yahoo.fr

      زهرة بيرم / الجزائر الشقيق

      تحية من دعوات وسلام يليق

      امتناني مرورك الكريم وطيب حضورك

      هناك اختزال بين العمر الجسدي / البايولوجي وبين العمر الزمني للانسان

      وايا هو البين والفرق

      ف

      كل منها يختزل سني العمر ويأكل مداها

      الامر هو عن ل م ، لماذا يسمى يوم المولد او ذكرى يوم الزواج " عيد ميلاد " " عيد زواج ؟" وهناك من الزيجات التعيسة ومن الولادات الخائبة بما قدر

      ليس في عرض " شيخوخة الصبا " اعتراض على حكم الزمن ولا هروب من تجاعيد الدهر ورسم تضاريسه ،

      كل المعنى ان هو تاريخ يوم وذكرى ، لكن يبدو ان الامر يسحب فيسمى بـ " عيد " تأثرا بحلول الاعياد المتعارف عليها الدينية وغيرها ، رغم ان منها قد يحمل غير السعادة ويخبي بعض التعس او النحس لا سامح الله ... المهم وكما تفضلتي ان لكل مرحلة رونق ، فجمال الطفولة لا يضاهى وجميل الشباب لا يقارن

      ممتنة مرورك زهيرة بيرم / الجزائر لك جل اعتباري

      تحياتي

      مكارم المختار

      الرافدين / بغداد

  • كلما تقدم العمر، زاد تشيث المرء بالحياة، ومن ثم زاد رعبه من الحياة والموت. الرعب من الحياة والموت مصدره التشبث العنيد بالحياة. وهذا هو أيضا مصدر الهوس الديني والتوتر السلوكي ...وانا اجد ان طريقة تعامل الغرب مع كبر السن او الشيخوخة أكثر ملائمة وحضارية بالرغم من مظاهر القسوة والجفاء المتمثلة بدور العجزة التي بدات ايضا تغزو حياتنا الاجتماعية ، فهم صريحون واكثر واقعية وفهما لسيكلوجية المسنين اللذين يستطيعون الاستمرار بممارسة حياتهم العادية حتى النهاية ، بلا مراعاةزائدة لمتطلبات المجتمع الذي يصر على تصنيف البشر حادا من حريتهم كما هو الحال بمجتماعاتنا العربية الباطنية...فطالما ان المرء يتمتع بصحة جيدة ودخل مالي كافي ، اذن يحق له ان يعيش حياته بلا عقد ومنغصات !


    • مسامبارك وتحايا عاطرة مهند النابلسي وعود الند

      مع الحياة والتشبث بها صراع نقيضين،! صرع ان الانسان يدعي ان ليس له ان يأخذ مع عمره عمر غيره " وكما يقال، وبين ان يقول " لم نرى بعد من الدنيا شيء ، ولم نشبع منها ، خاصة من يرى ان غيره صال وجال فيها على كيفه وبهواه وعلى غير ذلك ....

      اتوافق معك مهند النابلسي وأويدك بقوة ان كثير من دول العالم غرب او شرق وحتى بعض العربية، تراعي كبار السن وتهتم بشؤونهم وحياتهم بشكل واخر ، من باب حق الحياة وحقوق الانسان

      ممتنة مرورك الكريم وحضورك مع تمنياتي لك مهند النابلسي

      تحياتي للجميع

      مكارم المختار

في العدد نفسه

عن مبدعة الغلاف

كلمة العدد 82: هل الأدب العربي (لا يزال) محظور(ا)؟

زهرة زيراوي: تكريم في المغرب

فاتن الليل: مساءلة الوعي الوجودي

تحديد النسب بالبصمة الوراثية