في لحظات معدودة تبدل كل شيء، تلاشت الوعود واختفت من الوجود، ذهب الأمان وحل الخوف من المجهول، صار وعده لها بمشاركتها طول العمر أملا غير مضمون، ذهب الدفء وحل برد الشتاء وأصاب أطرافها بالتجمد ولسانها بالجمود، ودت لو أشارت للنادل بحاجتها لبطانية، فدفء الجسد بالحب في برد ديسمبر بدا لها في تلك اللحظة خادعا وغير مأمون.
لم تعُد تصغي لمزيد من مبرراته المغلفة بالأعذار واللامعة بالأكاذيب، أخذت تتابع هطول الأمطار من خلف النافذة التي يجلس أمامها، جُل تفكيرها كيفية العودة للبيت دون مظلة تحميها من المطر (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
قلوب لم يدفئها الحب
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013, ::::: مهند فوده -
تأتيني طيوري بهجة فأحيلها شجنا
1 نيسان (أبريل) 2011, ::::: هيام ضمرةلم يكن ضوء النهار قد شقّ ستائر العتمة بالكامل حين قلّبني خمول الوسن على جانبي الآخر ويدي تسحب أغطيتي على كتفي مخزّنة الدفء المنعش في أوصالي، خرجت على الفور من غفوتي وأهدابي تنشّق متنبهة، وقد ران صوت عزف صادح جميل كان اختفى منذ زمن غير قليل، لطالما أصخت السمع على مدى الشهر الماضي باحثة عن معزوفاته. فتحت عيني على وسعهما وأنا متيقنة أنّ ما أسمعه ليس أذيالا من حلم ما زالت ظلاله عالقة في المخيّلة.
نعم هي ذاتها طيوري، ذات المعزوفة التي تعودت أن تتغناها لتنقلني إلى يقظتي. إذن لقد عادت طيوري من (…) -
موتى بلا عذاب
1 آذار (مارس) 2007, ::::: رحاب الصائغجلس الرجل على الكرسي الذي يكاد أن يفقد لمفاصله التراخي والانسحاق، وبجلوسه عليه غيّر الكرسي رأيه وحاول الصمود ريثما يقوم من فوقه. لكنّ الرجل وجد أن الجلوس مريح في هذا المكان. فعقد حاجبيه وصوبّ نظره على الزهرية المنفوخة البطن وحلقها الرفيع تعلوه بعض الزهور الذابلة رؤوسها. ظلّ يحدق تارة في بطن الزهرية، وتارة في زهورها إلى أن فقد الكرسي كلّ طاقته في التحمل وتهاوى فلم يكن أمام الرجل إلاّ محاولة الإمساك بشيء لكي يستند عليه فلم يجد غير الزهرية فهوى الاثنان معا وشهد التحطم.
الاثنان كانا قرب حافة (…) -
المسافات تغادر مواقعها لاحقا
25 آذار (مارس) 2013, ::::: حاتم الشبليبألق وتوهج استلقت علي الكرسي المجاور. كان الجو في الغرفة حارا، والمكتب البني تفرقت علي سطحه أوراق مبعثره وجهاز كمبيوتر شخصي تنبعث منه أغنية رقيقة لأمال النور. ابتسمت، وحالا انطلقت نظراتي الليزرية تتأمل في مواضع منتخبه في جسد اللوحة. تذكرت صديقي الذي يمازحني دائما: نظراتك مسمة. اشتبكت الكلمات مع بعضها وانشغلت عنها بمعاينة اللوحة، اعيين نفسي علي ذلك ببعض الكليمات النازحة، كلمه يتيمة أخرجتني من خشوعي. قالت: "زوربا".
"نعم، زوربا". قالت: "أكيد في قصة ورا الحاجة دي".
بكل تأكيد، فهو قد روى (…) -
على شرفة الوحدة
25 كانون الثاني (يناير) 2013, ::::: زهرة يبرمظلت ترقبه حتى غاب في المنعطف بين البنايات في آخر الطريق. جميعهم مروا من هناك على نفس الدرب. كانت في كل مرة تقف على الشرفة تشرف على المنعطف وهو يبتلع ابنا من أبنائها الأربعة. ابتلعهم أربعتهم واستقروا في جوفه الواحد تلو الآخر، واليوم ازدرد آخرهم وأصغرهم. مساحة الظل الأخيرة التي كانت تتفيأ تحتها قد غزاها الهجير.
أمطرت عيناها فاختلطت دموعها بماء المطر المنهمر على وجهها، لينزل الخليط فيسقي محابس النعناع والحبق المعلقة على الشرفة المتكئة عليها. نباتات عطرية زرعتها وإياه يدا بيد في يوم تميز بقليل (…) -
المشاء
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: المهدي كروميعشت مشاء منذ نعومة أظفاري، في مدينتي من الجنوب الشرقي، كانت لي جولات وجولات في حارتنا القديمة، وفي الغابة التي تجاورها، وتحت عند منحدر الوادي المحاذي لقصرنا.
وانطلاقا من هذا المنظور، تراني لا أقول عشت عمرا، ولكن يمكن القول مشيت عمرا، فعلا كان ذلك بالتمام والكمال، إذا ما اكتشفت أنني أربعينيا، أو يزيد.
أضف هذا إلى عمر المدرسة، التي قضيت فيها ما قضيت، على عمر الإعدادي والثانوي، ثم الجامعي والتعليم العالي، وتخرجت وبدأت أشتغل، وكان محل توظيفي هو مدينتنا، التي لا تبعد عن القرية التي كنا نسكنها (…) -
شيء من العذاب
1 آذار (مارس) 2017, ::::: محسن الغالبي"وحدهم الفقراء يستيقظون مبكرين قبل الجميع، حتى لا يسبقهم إلى العذاب أحد"
ربما كان الأمر كذلك كما قال محمد الماغوط، لكنني لست فقيرة، مع ذلك أشاركهم هذا العذاب في كل يوم.
الأمر ببساطة ، أنني طالبة جامعة. أهجر سريري في الخامسة فجرا وقد ألتقيه في الثانية صباحا .نوع من العذاب.
وأحمل معي فطوري لألتهمه في مطعم الجامعة أو على أحد المصاطب فيها ملفوفا بكيس من الورق أو النايلون، لا يهم، باردا على الأغلب، مع قدح من الشاي من أحد الأكشاك المهملة. هناك أتجرعه مجبرة. نوع آخر من العذاب.
أتصدقون أني (…) -
ذاكرة الصّد
1 أيلول (سبتمبر) 2010, ::::: هيام ضمرةمِنْ قاع ذاكرة البدايات، حينَ بدأتْ معالم النضوج تختبر وجودها على قارعة الخلجات، كان ذلك في زمن غارق في القدم، صار مجرد ذاكرة تترنح على حافة منحدر، حملت برودة الزمن في أعطافها، تطوف اليوم ذاكرتها أمام ناظريّ دونما سبب وجيه، فهل تراكَ تذكُرُ ما أذكر؟ أتذكر معي تلك اللمحات؟ أم تراك أنتَ الآخر ألقيتها بعيدا إلى أنْ اعتلاها الموج وسحبها إلى القيعان البعيدة فصارت نسيا منسيا؟ أحقا يمكنك أنْ تنسى حكاية صدود أثارت حفيظتك، وملأتك مع الحزن مهانة أمام نفسك دون قصد من الطرف الآخر؟
كنا يومها نخترق جدار (…) -
عندما ينزل القمر
25 تموز (يوليو) 2015, ::::: طه بونينيسمع صوتا قادما من الشّمس يهمس له: "لا تفعل، أنا أمّك، أنا أكبر منك، اسمع كلامي".
أوّل مرّة يسمع فيها القمر حديثا مباشرا من الشّمس، ولقد بدت غاضبة، تصدر منها ألسنة النيران وعواصف اللهب. لم يسمع أحد صوت الشمس ولا القمر إلّا أنّه مؤخرا قد أسهب الحديث يخاطب نفسه وبصوت عالٍ.
ولقد أمهَلَت الشّمسُ القمرَ وتركته علّه يتوانى ويتراجع عن مراده، لكنّها ما فتئت تسمعه يردّد نفس الحديث. وأخيرا خرجت عن صمتها وخصّته بكلمات خالدة سيتردّد صداها في أرجاء الكون إلى الأبد.
وقد كان القمر مشغولا أثناء ذلك (…) -
ضاعَتْ بينَ الرُّكامْ
25 أيار (مايو) 2012, ::::: إبراهيم يوسفلا أدري واللهِ أهوَ "كابوسٌ" راودَني ذاتَ ليل، أمْ مُشاهدةٌ اختزَنتْها ذاكرتي من عهدِ الطفولة، أمْ هو من أحلامِ اليقَظَة حينَما هَجَرْتني امرأتي، وخانتني سلطتي على نفسي
كانَ موظفاً في مصرفٍ يستقطبُ زبائنَه من الأثرياءْ، يَتَمتعُ بمُرونةٍ مالية، وشهرةٍ واسعةِ الانتشارْ، وكان مُقَصِّراً في إداءِ عملِه، مهملاً لواجباتِه المنزلية، مهزوماً أمامَ زوجتِه، يتلقى منها لوماً وتهكُّماً وكلاماً لاذِعاً لا يرحمْ، وإنذاراتٍ متكرِّرَةً وتأنيباً من رئيسِه، لانشغالِه الدائم وهوسِه بالمطالعة، على حسابِ (…)