القصة الأولى: يوم خمسة يوليو
دفقة الحب المفاجئة دفعته إلى نصحها: "لا تقربي هذا المكان في اليوم الخامس من يوليو."
رمقته بود، وابتسمت قائلة: "صاحبة المكان قالت لي نفس الكلام، لكن كيف علمت بهذا الخبر؟"
"من أحدهم. جاءني بالأمس ليخيط سروالا قطنيا تحسبا للشتاء القادم. جلس قبالتي وأنا منهمك في العمل. لفتت يدي اليمنى انتباهه، فاستفسر عنها، فقلت: فقدت أصابعي دفاعا عن حبيبتي."
قال بتيقظ واهتمام كبير وبعينين بارزتين: "كيف؟"
أجبته: "هجمت علينا عصابة في خلوتنا، فأخذت رفيقة صاحبي دون مقاومة (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
قصتان: يوم خمسة يوليو ورحلة
1 شباط (فبراير) 2007, ::::: عبد القادر حميدة -
لـيـلـة زفـافـها
1 نيسان (أبريل) 2007, ::::: مازن الرفاعييوم خريفي ممطر. الشتاء في طريق عودته من رحلته الجنوبية. سيعود ثانية ليطرق الأبواب داخلا دون استئذان. الشارع يتحرك تحت مظلة من الغيوم الداكنة الممطرة. المارة يفرون هاربين من البلل.
تقف على الناصية تراقب المشهد. نظراتها تخترق جدار الزمن. تعرض في مخيلتها شريط من الذكريات الخاطفة. شريط الشتاء الماضي. في نفس المكان في منتصف هذا الشارع امسك بيدها واجبرها على الوقوف صارخا بها بحنان:
"ارفعي رأسك بشموخ، واستقبلي حبات المطر هذه. هي الرحمة، فلا تفري منها."
دمعة تنساب على الخد تتابع سيرها نحو (…) -
أوراق الزمن
1 أيار (مايو) 2008, ::::: هيام ضمرةيجمعن مع أمتعتهن أطراف ذكريات، وبعض عصارات نفس تذوب بالشوق على قصاصات ورق تحنو في بعضها، وتلقم أنفاس الروح في بعضها الآخر، خرجن في مساء موعود، تجمعن أربعتهن في صالة المسافرين، قبل موعد إقلاع الطائرة بساعتين بناء على ترتيبات مسبقة فيما بينهن، استعدادا للسفر إلى البلد الشقيق الذي سينعقد على أرضه المؤتمر الثقافي الذي دعين إليه، وخلف عربة واحدة حملت أمتعتهن جميعاً تحركن بين مواقع إنهاء المعاملات إلى صالة الانتظار الأخيرة.
تبادلن عبارات الحمد لسير الإجراءات، وسِرن بعد أن تخَفّفن من حِملهن عند (…) -
لغة النوارس
26 شباط (فبراير) 2015, ::::: طه بونينيكان هناك رجل قليل الكلام دائم الابتسامة، بسيط الصورة، رثّ الهندام، يعمل إسكافيا في مدينة من مدن الجزائر الساحلية، كثيرا ما يُرى حاملا كتابا يقرأه. وإذا أتاه زبون، وضع كتابه ورحّب به ثمّ انكبّ على العمل فإذا فرغ منه عاد إلى كتابه.
ذات يوم أتاه رجل غنيّ، تبدو التعاسة في سحنته الصفراء الشاحبة. قَدم إليه ليسأله وهو يرجو أن يفتَكَّ منه قسطا من الحكمة تعيد الابتسامة لثغره. وطرح عليه سؤالا قديما، ما فتئ الناس يسألونه إيّاه:
"ما سرّ سعادتك رغم ..."
وتردد الغنيّ في إكمال كلامه، فأكمل الإسكافي: (…) -
الـغـزو
1 آذار (مارس) 2008, ::::: رامي أبو شهابيبدو هذا الليل ثقيلا كجيفة باردة تنتظر أن تتحلل و تذوي، الفراش الرطب، أعقاب السجائر التي تحاذي الغطاء وقد فاضت عن منفضة السجائر كجثث ساقطة على أسورا طروادة، غير أنها هنا تستلقي على الأرض الإسمنتية الباردة ، كوب من الشاي لم يتبق منه سوى رشفة صغيرة غالبا ما أنذرها للريح المنسابة من نافذة تطل على زقاق مغلق فتتعفن بعد يومين من تركي لها كما أتعفن أنا هنا والمدينة هناك تصخب برذاذ البحر وهو يطأ أجساد النساء فينتعش البحر ويصخب .
تبدو هذه الليلة أطول من مثيلاتها، وأنا غير قادر على استحضار النوم من (…) -
مرافىء السفـــــــر
26 تشرين الأول (أكتوبر) 2011, ::::: محمد عبد الوارثيصر أحمد ساتي على مناداتي بأستاذ محمد عبده، رغم علمه الأكيد بأن اسمي هو محمد عبدالواحد. وأين أنا من محمد عبده؟ أحمد ساتي النوبي سائق المشروع الذي تقوم شركتي بتنفيذه قرب مدينة أبو سمبل علاقته بالجميع طيبة، إلا أنه ومنذ وصولي من الإسكندرية شابا طامحا، يؤثرني بخصوصية في المعاملة، خاصة أننا كنا نسير في العقد الثالث، هو يسبقني أو أنا أسبقه لا فرق. ولي لون أسمر يتلاقى مع سمرته التي كانت أكثر دكنة، ورغم ملاحته وطيبته تلك الطيبة التي لا أحسب أن هناك أحد ما يكره أن يوصف بالطيبة.
أحمد ساتي في (…) -
رغبة ميتة
1 تموز (يوليو) 2007, ::::: خليل الجيزاويتجلس أمامي، تتعلق العينان بها، تتبادل العيون لغة آسرة، تنادي عيناها، تستغيث، تمد يديها، نصارع معا شيئا ما، نجاهد حتى لا نغرق في بحر العيون، تلتمع العيون، نتمسك بالتواصل ولا نستطيع أن نفر من ندائهم الآسر.
تحكي عن الذي تساعده، تقف بجانبه، تذاكر له دروسه، يحصل على الشهادة العالية، بعدما فقد الأمل، وأنها كانت تسهر الليل بجانبه، تقرأ له، تبيّض المحاضرات، ثم يدخل الجيش فتساعده وتسانده، وتدعمه لانصراف إخوته عنه لخلافات قديمة على الميراث. فهل يتنكر لها بعد كل هذا ويسافر للخليج، ولا يبعث لها جنيها (…) -
مسرحية
1 آذار (مارس) 2020, ::::: زكي شيرخانعلى الكرسي الهزاز وأمام الموقد جلس مسترخيا يراقب ألسنة اللهب تتصاعد من الخشب المحترق متمتعا بألوانها الصفراء والبرتقالية والحمراء. بين الفينة والأخرى يطعمها بقطعة أو اثنتين كلما خبت النار بعد أن يقلّب الجمر بسيخ طويل نافضا الرماد. يتناول الدفتر والقلم إلى جانبه على منضدة يسجل بعض الجمل التي ستكون عونا في كتابة ما يدور برأسه المتخم بأفكار تظل تتعبه إلى أن تصبح موضوعا متكاملا.
الجلوس على الكرسي الهزاز مراقبا تحول الخشب للهب ورماد عادةٌ يمارسها منذ سنين لا يعرف كم عددها. هي أقرب ما تكون لطقس (…) -
كلمات على كلس الجدار: أمّـي. يَـمّــة. آيـّي
1 نيسان (أبريل) 2007, ::::: ياسمينة صالحكلما مررت من هنا تتبعثر أشيائي الصغيرة، ويختلط الفرح بالحزن. تختلط الكلمات التي نقولها كل يوم بالكلمات التي نجهزها للمناسبات الخاصة والحميمة. فأجدني أتقمص هدب الذكرى. أرنو إليك طفلة تطلق ضحكتها الأولى في حضور وجهك الأبدي. كم بعثرني العمر العبثي يا يمة. كلما اعتقدت أنني اهتديت إلى شيء، أكتشف أنني أضعت ألف شيء.
أمي. يـمّة. آيــي.
لم أصدق يوما أن المدن باقية على حالها، لكني صدقت أنك مدينتي الوحيدة، وأنك النظام الوحيد الذي أمسك زمامي جيدا، ولم يبع قضيتي في السوق الموازية للعواطف الجاهزة (…) -
مات أبو الهول
1 آذار (مارس) 2020, ::::: لطفي بنصرمات أبو الهول، الشيخ التسعيني صاحب الملامح المحنطة والنظرة القاسية.
منذ عرفت عم "أبو الهول" لم أر ابتسامة تزين محياه ولا سمعت ضحكة تبدد جفاف السنين الذي استوطن وجهه الأسمر الخشن.
رحمه الله وجمعه بابنه الوحيد الذي ودعه منذ عشرات السنين وداعا "تراجيديا" قاسيا. سر تجهم الشيخ كامن هناك، حيث توقف التاريخ وتجمدت الحياة: ذلك اليوم الشتوي الحزين نهاية الستينيات من القرن الماضي.
كان لعم عمر أو "أبو الهول" كما يعرفه الناس هنا ولد وحيد كتب الله له النجاة في وقت كانت وفيات الرضع في أعلى مستوياتها (…)