بدا وكأنه لم يُفاجأ عندما أخبرته أن الأستاذ نعمان جابر قرر الاعتزال، أو التقاعد، أو التوقف. لا أدري ما الذي أستطيع وصف قرار حرماننا من عطاءئه.
كل ما فعله هو أنه أدار وجهه قليلا، ووجه ناظريه نحو الكتب المرصوصة على الرفوف التي تقابله. هذه عادة أعرفها عنه منذ أن كنت أحد طلابه في الجامعة. خيّل لي أنه ركّز نظره على التمثال العاجي القابع بين الكتب.
بعد أن طال تمعنه، ولكسر الصمت، أكملتُ: "مساء أمس زرته لإكمال ما نُعده في ذكرى ميلاده السبعين".
وكأنه لم يكن يستمع، نهض متجها نحو الكتب. سحب (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
اعتزال
1 آذار (مارس) 2017, ::::: زكي شيرخان -
يومياتْ مُبتَدئة في النِسيانْ
25 شباط (فبراير) 2013, ::::: راضية عشيهيَ بدايةُ يوميات تُشبه غَيرها كثيراً، وتحاولُ أن تكونَ مميزَة قليلاً، ليسَ لشيءٍ إنما فقط أحاولُ أن أجعلها تُشبهني.
قرأتُ مؤخراً كتاباً للروائي واسيني الأعرج وأذكُر نصه: "نحنُ لا ننسى عندما نريد، لكننا ننسى عندما نشتهي الذاكرة والذاكرة عندما تُشرع نوافذها للتخلص من ثِقل الجراحاتِ لا تستأذنُ أحداً."
أخذتُ بعدها ورقة بيضاء وغطستها في سائل الحِبر الأسود، أريد أن أنسى وأريد أن أجعل الأمر مُميزاً جداً لأتذكَره لاحقاً. لا أبأس، أخذتُ ورقتي السوداءْ، حبراً أبيضاً وريشةً، يبدوُ أنني أحاول (…) -
أنــا وأنــت
1 حزيران (يونيو) 2007, ::::: هدى الدهانجاءني بأقلام رصاص خشبية بعد أن ألححت في طلبها ولسان حاله يترنم بالأغنية العراقية "ماذا أقول لطفلة تلعب." ثم طالبته بممحاة ومبراة. جاء بهما محذرا ألا القي محتواها على الأرض. حاولت أن أقلده حين يكتب. لبست نظارتي وجلست خلف منضدته الخشبية القاتمة، وجئت بكوب الشاي المصنوع من الأكياس الجاهزة. وضعت إحدى أسطوانات موسيقاه، واستعرت أحد أقلامه (حرصا على كنزي)، وورقة بيضاء صقيلة كملابس طبيب معقمة. وبدأت اكتب. كتبت. ولكن ماذا كتبت؟ كتبت عن حب يكبر بين عاشقين في براري خضراء لبلد بعيد ينعم بالسلام، وغيرة (…)
-
رجل لا يحسن التعبير
25 كانون الثاني (يناير) 2015, ::::: مهند فودهاليوم تقدمت لطلب يدك، وحظيت بموافقتك أخيرا بعد رفضك لي مرتين سابقتين. لم استطع أن اخفي مدى سعادتي بقبولك هذه المرة، ورغم هذا قلت لك حينما سمحوا لنا بالتحدث منفردين لأول مرة، أنني لن أقبل مطلقا أن تتزوجيني وقلبك لغيري، أو أن أكون مجرد دواء لمداواة ما تركه خطيبك السابق من جروح بداخلك رغم مضي عام ونصف عام على انفصالكما كما اخبرني والدك.
ولكنك نفيت ظنوني بشدة مؤكدة لي أنه ماض وانتهى، وأنك فكرت جيدا واخترتني بعقلك، ثم سكت.
تجنبت في حديثك القصير هذا الإشارة لحال (قلبك) وآماله، لأكمل أنا: (…) -
أمام كل امرأة عظيمة رجل
1 آذار (مارس) 2011, ::::: ظلال عدناندخلت غرفة الجلوس تحمل بيدها اليمنى صينية خشبية بُنية وقف بها فنجانان متغايران في اللون، أحدهما أصفر رُسم عليه وجه باسم تتناثر حوله قلوب صغيرة، والآخر لونه فسفوري عليه وجه ذو كشرة لم تفارقه منذ أن اشترياه قبل عشرة أعوام، كانت تحاول جاهدة ألا تنسكب القهوة السوداء من بين شفاه الفنجانين، فتلوث الصينية وتُعكّر مزاجها؛ فهي تكره شرب القهوة بعد انسكابها رغم كل الاعتقادات السائدة المبشرة بخير عند انسكاب القهوة.
يدها اليسرى تُحيط طفلتها الباكية جوعا، تمتد قدمها اليمنى تسحب الطاولة إلى منتصف الغرفة، (…) -
ورد وعـنـبــر
1 آذار (مارس) 2011, ::::: بهاء بن نوار"لن أنساكِ آلهتي المتوّجة."
"تكذب."
"حتى إن مرّت خمسون عاما. سأنتظركِ."
"تكذب."
"ستجدين كلَّ صباح وردةً حمراءَ على أعتاب بيتك، و..."
"كاذب."
"وبضعَ قطرات من دمعي ودمي، أعتصرها كلَّ ليلة لأجلك."
"كــذاب."
* * *
شروق الشمس، ودقات السّاعة تعلن أيّ عجوز متهدّم صرت. لا أزال رغم كلّ تلك السنوات أستيقظ عند الفجر كلّ يوم، أشذب بعضا ممّا أفسده الزمن من هيئتي، وأرشو المرآة ببسمة مستجدية أو بسمتيْن. أنفض الغبار عن سترتي، وأقطف وردةً حمراء متوهّجةً أو نصف ذابلة من حديقتي.
أستقبل هذا (…) -
جعله الحب مجرما
25 شباط (فبراير) 2014, ::::: مهند فودهوقعت عيناه عليها في حفل استقبال أقامته شركة سياحية كبرى بمناسبة افتتاح الموسم السياحي الشتوي ودعت إليه كل العاملين بمجال السياحة. إنها فتاة جميلة، أنيقة، تتألق بين الحضور كما النجمات، ورغم أن المكان كله يعج بالحضور، إلا أنه منذ أن وقعت عيناه عليها حتى تعلقتا بها أينما حلقت بين طاولات الحفل وأينما حطت بجناحيها. وكأن الحفل كله خلا من سواها وقد غادره الكل، فبقيت أمام نظره وحدها تضحك وتتسامر وتتحرك كفراشة ضلت طريق الحقول مساء لقاعة حفل.
وعندما لاحظ احد أصدقائه متابعته لها، همس في أذنه ساخرا (…) -
كيوي (*)
1 شباط (فبراير) 2009, ::::: إبراهيم يوسفمن بعيد كان يترصّدها، كنسر يتربّص بطريدته. يراقبها، ويخالسها النّظر، كأنّه يدعوها إلى الرّقص، وترشيه بلحظها السّكران، كأنها تحرّضه على الدّعوة، "وحين تعطّلت لغة الكلام" جرع كأسه مرّة واحدة، حزم أمره، تخلّص من خشيته، استرد شجاعته ودنا منها بخطى ملكيّة، فاستأذنها، وسمحت، "وأرقّ الحسن ما سمح."
بعض الإضاءة الخافتة، لا تخفي تضاريس الجسد، بل تكاد تعرّيه عند الصّدر والوركين، وأنفاسها الحرّى على عنقه تستفزّ عواطفه وتشعلها. كلّما لامس نهدها النّافر، ينقبض وينفرج بمرونة المطّاط الحي، أحسّ بدمائه (…) -
خرابيشُ خطّ
1 آذار (مارس) 2024, ::::: زكي شيرخانلا أستطيع ضمان بقاء ذاكرتي على قوتها، التي أُحسد عليها، مع تقدم العمر فيما لو طال، ولو عندي شك بأنه لن يطول. لذا قررت أن أكتب. ما سيلي، ولست متأكدا كم سيكون، ليست مذكرات بالمعنى الدقيق للمفردة. هي خرابيش، سأتعمد أن تكون بطريقة سيّئة غير منسّقة أو منظّمة أو محدّدة الشَّكل، وغير نهائيّة، خوفا على رأسي من أن ينفصل عن جسدي. أدرك، جيدا، خطورة ما أنا مقدم عليه، لكن، وأتمنى، ألّا تكون مما يدينني، ربما لأنها لن تكون مفهومة. زيادة في التمويه، لن أدون تأريخ الأحداث. سأرقم هذه الأحداث تبعا لتسلسل (…)
-
يتيم الحي
25 تموز (يوليو) 2014, ::::: زهرة يبرمها أنا اليوم أيضا واقفة كعادتي أمام نافذة مطبخي أنتظره على الغداء، لكن انتظاري كان يائسا، إذ لم يأت آدم.
لقد اعتاد الصبي آدم، يتيم الحي، أن يتناول الغداء مع أطفالي كل يوم، لكنه اختفى فجأة منذ عدة أيام وسبب لي القلق والتوتر. هل يمكن أن يكون مكروه قد أصابه؟ هل أبعد عن الحي؟ ألا يكون قد أوذي؟
أسئلة عابثة اجتاحت رأسي وأرقتني، وانهمر الهذيان على نفسي. صرت أحصي الأيام وفق تقويم القلق. لا الانتظار يضع أوزاره ولا الاطمئنان يحل ضيفا على قلبي. وأرجع إلى نفسي أسألها عن سر تعلقها بهذا اليتيم إلى هذا (…)