عقارب الساعة تقارب الواحدة ظهرا حين دعاها للخروج في جولة على كورنيش البحر، فكانت سرعتها في تجهيز نفسها بقدر عشقها لتلك الأماكن. وفي دقائق كانت أمام الباب. ولما استقبلهما الشارع انتبهت إلى السماء الغائمة وهمت بالرجوع للإتيان بمظلة تحسبا لنزول المطر، لكنه رأى في المظلة حملا زائدا، فالمواصلات متوفرة على المسار تُـنْجِدُهما إن أمطرت.
وبعد خطوات قليلة، ولما مازحته قائلة إنه استبق فصل الربيع حين غير معطفه الشتوي بجاكيت خفيفة وقد يبرد، انتبه إلى أنه نسي نقوده في جيب المعطف وهم بالرجوع. لكنها (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
مذكرة يوم عادي
1 آذار (مارس) 2017, ::::: زهرة يبرم -
العلم البرتقالي
1 أيلول (سبتمبر) 2021, ::::: قمر النجاريحدثُ أن يصبّحكمُ المغتربُ بمنشورِ شوقٍ، ويُمسّيكمْ بمنشورٍ مغايرٍ تماماً. الحكاية بدأت ما قبلِ الرّحيل، حيث لم يكنْ راضياً عن كلّ شيءٍ على أرضِ الوطن، فقد كان يشتمُ واقعهُ في اليوم ألفَ مرّة، ويُمنّي نفسه بأنّه سيهاجرُ كاسراً من خلفهِ ألفَ جرّة.
يمقتُ وبِشدّة، مُردّدي عبارة: "الوطنُ ليس فندقاً نغادرهُ عندما تسوءُ الخدمةُ فيه". ويردّ عليهم بعبارةٍ أشدّ مقتاً: "والوطن ليس بقبرٍ، يُلزمنا بالخلود فيه. حتّى في فلسفةِ الفنادقِ يمكن للقبورِ أن تُزاح، تُبعثر، أو تُردم".
قُبيلَ قرارِ (…) -
عاشقة
25 شباط (فبراير) 2013, ::::: أشواق مليباريوقف خلف سيارة النقل. ناوله زميله العامل صندوقاً حمله على كتفه. سند الصندوق بيده، ودخل إلى فناء البيت عبر بوابة مزخرفة بالحديد المشغول. صبي صغير مشى أمامه، يشير إلى غرفة في الفناء قائلاً: "هنا يا عم".
ابتسم للصبي وأنزل الصندوق برفق، وعاد إلى السيارة ليحمل آخر.
الشمس في كبد السماء، تصلي الأرض ناراً، وترفع حرارة الجو إلى "العظمى" في هذه البلاد التي تختزن صحاريها الذهب الأسود، لكنها لا تعرف الغيمة الرحيمة. مذ جاءها وهو يشعر أنه في نهاية الكوكب. تحول من مهندس في بلاده إلى حمال هنا؛ من سترة (…) -
المحمية
1 نيسان (أبريل) 2009, ::::: منجي العيساويكان مارّا من أحد أسواق المدينة العتيقة تدفعه جموع المارّة يمنة ويسرة، وكان العرق النّاز يثير لديه رغبة التقيؤ لولا فسحة الطّيب التي تنبعث من مجامير الباعة. رماه التدافع أمام دكّان أحدهم. رآه يقنع جمعا من السّياح بشراء بضاعته. دفعه الفضول والطمع في أن يراود أحد الشقراوات، فقد تشفق عليه أو تحبّه فتأخذه معها إلى بلادها، إلى الالتصاق بهم أكثر .ولكن ما استرعى انتباهه هو تدافعهم إلى العقارب المحنّطة بين دفّتي أغلفة الشرائط الموسيقيّة وإقبالهم على شرائها إقبالا فاق توقّع حتى صاحب المحلّ.
عندما (…) -
ريـحـــانة الـــوادي
1 تموز (يوليو) 2010, ::::: ظلال عدنانها هي تتلاشى. بدأتْ بالانسحاب. سئمتْ هذه الحياة؛ لا ثبات، ولا استقرار نفسيا. هي لا تعلم من تكون، وماذا تريد أن تكون. لا تثق بنفسها. هي فاشلة في كل شيء. لم تكن تريد الحياة، لكن الحياة تريدها؛ لتسقيها سما زعافا.
فاشلة، فاشلة، فاشلة. لا تستحقُّ أي نفـس تـتـنـفسه، لا تستحقُّ أن تكون أما.
أنت مهملة، غبية، بلهاء، خرقاء. ليتك لم تولدي. ليتك مُتّ لحظة ولادتك.
كانت تدور في دوائر مفرغة، وحلقات متصلة، لا تعلم لها بداية، وتخشى أي نهاية. روحها تبحث عن السلام، وأنّى لها ذلك؟ بحثت حولها عن مخرج. أين (…) -
على حافة الحلم
24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013, ::::: زهرة يبرمأقصى ما كان يتمنى وهو يرسل خامس طلب له إلى شركة البتروكيمياء المعتصمة على إحدى شواطئ مدينته، هو أن يحصل على عمل ضمن برنامج وطني لتشغيل الشباب براتب زهيد لا يتعدى خمسة عشر ألف دينار جزائري (*) في الشهر. لكن المفاجأة كانت كبيرة، وكأن أبواب السماء قد انفتحت له فجأة على مصراعيها في ليلة القدر، فكانت المكافأة بحجم الصبر وطول الانتظار. أجابته الشركة بالإيجاب، وفوق ذلك عينته موظفا في القاعدة النفطية الرئيسية لها، "تيقنتورين"، المتواجدة بالجنوب الشرقي على خارطة البلاد، وقلوب الشباب متعلقة بالصحراء، (…)
-
بـعـثـرة ورق
1 كانون الثاني (يناير) 2008, ::::: ربا الناصريسقط نور الشمس على ذلك البيت، يضيء جميع أركانه، موقظا جميع من فيه، ابتداء بالقطة الصغيرة وانتهاء بالأستاذ سامي، معلم اللغة العربية في المدرسة الثانوية للبنين. استيقظ سامي من نومه بتثاقل يشوبه النعاس ووقف أمام المرآة يتفرس ملامح وجهه التي بدت شاحبة بعض الشيء. توجه بعدها نحو المطبخ ليعد كوبا من الشاي ووضع وعاء الحليب لقطته الصغيرة، متأملا إياها وهي تلعق الحليب بلسانها الصغير كالأب الحاني على أولاده، لكنه مع تمام الساعة السادسة كان على عتبة الباب، يخلف من ورائه قصص وتجارب من الحياة دفينة بين (…)
-
مدن العناكب
1 حزيران (يونيو) 2016, ::::: فنار عبد الغنيتغيب عن بيتي بضعة أيام. أجبرتني ظروف عملي الطارئ أن أغادر وشقشقة الصبح، وأن أعود مع الأصيل. الطريق حسب علم الهندسة لم يكن طويلا نسبيا، لكن حسب الفينومينولوجية فإنه بدا أبعد من مجرة.
ما كان يجري في عقلي جعل المسافة تبدو لي أطول من المعتاد. يرفض عقلي أن يتقبل الحوادث الشنيعة التي كانت تصادفه خلال الطريق. يرفض أن يتابع يومه بعد تلقيه ذلك الكم من الصدمات، وكأن شيئا لم يكن.
مع انفلاش رقعة الضوء، تتوضح المعالم الجميلة للطبيعة من حولي وأنا في الباص: الجبال عن يميني، والبحر عن شمالي. لكن قباحة (…) -
كلمات على جبين البؤس
25 نيسان (أبريل) 2015, ::::: طه بونينيبالقرب من ميناء يرصّع ساحلا جزائريا كجوهرة في جيد غادة، يقف شابّ يهوى البحر، يتأمّل وهو يرنو إلى العيش خارج إفريقيا. في جبهته يقدح الحماس، يتطاير الشرر، تشتعل نفسه بالحياة، ويبدو من عينيه المتوقّدتين أنّه لن يستسلم حتّى ينال ما يريد.
على جنبات شارع طويل فوضوي الملامح في مدينة جزائرية، ترتسم المحلّات والمقاهي والمديريات. على الرصيف طفلة، تحمل في يدها دمية، وبيدها الأخرى تشدّ يد أبيها الذي يمشي الهوينا بدون هدف. علّمها أبوها الحروف فصارت تقرأ اللّافتات وهي في سنّ الحضانة. وقد أصبحت تحسن (…) -
وبالأمس عادتني
25 كانون الأول (ديسمبر) 2013, ::::: مهند فودهوبالأمس عادتني، ابتسمت في وجهي كما كنت أتمنى من شفتيها دوماً أن تخصني بها ذات يوم ولم تمنحني. دون أن تطرق الباب، فاجأتني باقتحامها وحدتي، ودون أن تنبس ببنت شفة، أخذت تقترب مني حتى وقفت حدي، ثم ارتكزت على طاولة مكتبي المزدحمة بكتبي وأوراقي.
لا أدري لما تجمد لساني ولم اسألها عن سبب مجيئها لي في ذاك الوقت من الليل؟ وكيف دلفت إلى منزلي واقتحمت خلوتي دون أذن؟ شيء ما أرغمني على قتل أسئلتي ومشاركتها ذات الصمت الذي ترتديه منذ عبورها باب غرفتي. فقط أشارت تلومني بعينيها صوب مطفأة سجائري الممتلئة بي (…)