لم تكن الثورات تعنيه لأنها لم تغير من حاله قيد أنملة، فهو كما هو. يخرج كل صباح من كوخه المرقع بحجارة متشكلة الألوان والأحجام، المسقوف بقطع من خرد السيارات والأغطية القديمة.
كان قد وضع عليه نتيجة انهمار المطر الكثيف قطعا من البلاستيك، تزلّف كثيرا لصاحب ورشة طلاء ومعدات كي يعطف على حاله ويعطيه الزائد مما فاض عن حاجته.
أخذته قدماه حيث شارع حارة قديم، مهترئ يشبه ثوبه المليء بالرقع والخيوط الناتئة خارج ثقوبه. رأى صبية صغارا يتقاذفون كرة رقعت جلدتها أيضا، وبان الخيط الأسود الذي اشتغل بتصميم (…)
الغلاف > المفاتيح > نصوص > قصة قصيرة
قصة قصيرة
المقالات
-
صاحب الثوب المرقع
27 حزيران (يونيو) 2015, ::::: سعاد الورفلي -
قــرع
24 شباط (فبراير) 2016, ::::: نازك ضمرةأتوق لفنونها وفهمها للحياة والحب، لكنني سأكون أمينا في نقل ما سمعته منها قدر استطاعتي، خاطبتني في إعياء:
"أثق بك يا فتاي، أراك إنسانا مختلفا كثيرا عمن التصقت، وأجد نفسي عاجزة عن فهم هذا الالتصاق، فأنت آخرهم، لذا أريدك أن تكتب سيرتي مطولة إن استطعت"، وناولتني ورقة.
"سيدتي تهمني أموري وأفكاري، ومسئوليات أسرتي، والأرض، وأنت ممن يعيشون على هذه الأرض".
"ألا تعدني أن تفعل ما طلبت؟"
"سأحاول"؛ وانطفأ مصباحها وطال الغياب.
بقيت بعدها أحن إلى لمساتها، وإلى كفاءتها في العزف على أوتار أعصابي، (…) -
الخلاص
1 كانون الأول (ديسمبر) 2016, ::::: زكي شيرخاننفض رماد سيجارته بقوة، ناظرا إلى المنفضة، يحسب الأعقاب. هذه هي السيجارة الخامسة خلال أقل من ساعتين دون أن يهدأ، أو حتى يبعد عن ذهنه ما يُصدّع رأسه الذي يحمل من الهموم ما يهد من هو أشد منه صلابة وأكثر شكيمة. يحاول منذ أكثر من ساعتين وسط دخان السجاير جمع شتات أفكاره علّه يستطيع حلا لمعضلته التي باتت تلازمه منذ أشهر لم يعد يعرف عددها.
للمرة العاشرة حدث نفسه. "لنبدأ من جديد، ولنبدأ بحل المشكلة على طريقة الرياضيات: (المفروض)، (المطلوب إثباته)، (البرهان). ماذا تهلوس يا هذا؟ أنت أمام معضلة (…) -
شمس
1 كانون الأول (ديسمبر) 2016, ::::: محسن الغالبيقلت له: إن الصداع يفتك برأسي، يكاد يحيله إلى قنبلة فوضوية التوقيت.
قال لي: منذ متى تعاني هذا؟
قلت: من ألف عام، مذ عرفتها.
قال: من؟
قلت إنها الشمس، الشمس التي لم تشرق بعد، فإن أشرقت، أحرقت.
عبس وتولى، ثم استدار وناولني علبة بألف حبة من أجل ألف عام. قال تناول حبة في كل يوم.
أخذت العلبة وأفرغتها في جوفي دفعة واحدة. فغر فاه وجحظت عيناه، وقال: ماذا فعلت؟
قلت: لا وقت لدي للمرض.
قال: لكنه الموت يا هذا.
قلت: فليكن. إذن حان حينه.
أدرت له ظهري وخرجت مرددا:
بروحي من أتلفت روحي (…) -
فتنة الضوء
24 شباط (فبراير) 2016, ::::: هدى أبو غنيمةانقطع التيار الكهربائي. هرعت إلى الشرفة أستطلع حقيقة الأمر في الشارع والعمارات المجاورة، لعله عطل في داري أو في الحي كله. بدا الظلام ملاءة سوداء تلفنا جميعا، رفعت رأسي إلى السماء أتتبع ضوء نجومها. لم تكن السماء صافية؛ لا قمر ولا نجوم سوى وميض بعيد يظهر تارة ويختفي تارة أخرى، بعيد بعد نفسي القلقة عن هدأة السكينة في عالم تفتنه الأضواء، وتسلبه إنسانيته، ليبدو مثل من يتباهى بما يملك، وهو معدم إنسانيا.
آثرت البقاء في الشرفة لبرهة، وقد وخزتني عينا طفل دق بابي ظهيرة ذلك اليوم القائظ، وهو يحمل كيس (…) -
وحل الوطن
21 آذار (مارس) 2016, ::::: محسن الغالبي= انظري؛ الثلوج تغطي الشوارع حتى يكاد يصعب المشي فيها.
التقطت صورة وأرسلتها على الفايبر. كنت أود أن أقول إن الحياة ليست بالصفاء الذي يتخيله سجناء الوطن.
قالت: "لا علم لي، أنا خبيرة بوحل الوطن لا أكثر. لا خبرة لي بالغرب". وأحجمت عن إضافة تاء التأنيث إلى الكلمة الأخيرة رفقا بي. أحسست بذلك رغم المسافات الشاسعة بيننا.
قلت: برغم كل السنين هنا ما زالت الغربة تحول بيني وبيني.
= تحاشيت مفردة الغربة أنا، فلم تعيد أنت ذكرها؟
= من أدمن الغربة يدمن ذكرها، ثم تداركت: إن في الوطن غربة أخرى. ألم (…) -
حكايات غافية + بوح الياسمين
1 آذار (مارس) 2017, ::::: هدى أبو غنيمةحكايات غافية
إلى حفيداتي تالة ولينا ونور وفرح ولميس وحلا
لم أنتبه إلى تلك العلب المنسية في أحد أدراج خزانتي، وما فيها من حكايات غافية، ومباهج صغيرة، حتى فتحت حفيدتي الصبية تلك العلب هاتفة بفرح: "لماذا أهملت هذه الأشياء الجميلة؟"
علب بورسلين مرصعة بأحجار الكريستال، ما زال الملبس فيها مغلفا بالسوليفان تحكي ذكريات أفراح مضت، وقصص حب صدحت بأغانيها وأهازيجها وزغاريدها، يوم كان الناس يبدعون الفرح بنبض القلوب العامرة بصدق المحبة والود، أكثر مما يحفلون بتصنعه.
أقراط وأساور وعقود، بعضها هدايا (…) -
الغازي غازي
1 آذار (مارس) 2017, ::::: نازك ضمرةسحب الغطاء. نظر إليه. قربه من وجهه. لحظ عليه شيئا ما انحرف للجانب الآخر. ظل ضاغطا عليه بأصابعه. قال لنفسه: "أريد أن أحلم قبل أن أرى الحقيقة".
ابتعد عن المكان ويده قابضة عليه. احسّ بالأمان قليلا. تـناوله بيده الأخرى. رفع يده القابضة على الغطاء مرة ثانية أمام عينيه. تأمل الجملة المطبوعة: "ثلاثة أيام وتذكرة لبيروت".
"أصحيح ما أرى؟" العبارة واضحة جدا. قربه من عينيه ثانية؟ أعاد القراءة: "ثلاثة أيام وتذكرة لبيروت".
رحلة مجانية لبيروت؟ لا أصدق ما أرى. كيف طرق الحظ بابنا؟ أم هل أراد أن يغير (…) -
الشروق آت
1 أيلول (سبتمبر) 2017, ::::: طه بونينيوصلتني رسالة في البريد الإلكتروني من طرف أخي عبد الله، يدعوني فيها للانضمام إليه في تلك القرية السويسرية التي يدعوها "الجنّة". لكنّي لستُ أدري ما أُجيب.
تركتُ الرسالة جانبا ورُحتُ أكتُب في مُدوّنتي على الإنترنت. إنّها نافذتي الوحيدة على العالم. أنا هنا حرّ طليق، أفعل ما أشاء. أمّا الواقع فسجن كبير.
أخي الأكبر، ياسر، يدرس في إيطاليا. منذ خمس سنوات لم تُشاهدهُ أمي المسكينة إلّا من وراء شاشة الكمبيوتر. وأختي، رقيّة، تزوّجها كريم، شابّ أردني من الكرك. أنا سعيد لأجلهما. أمّا أخي، عبد الله، (…) -
من تكون؟ + صغيرتي والقمر
1 كانون الأول (ديسمبر) 2016, ::::: فنار عبد الغنيمن تكون؟
في عزلة ضيقة اختارها لها سيّدها لتكون كل عالمها، كانت تقضي أيامها تحتبس دموعها حائرة، تدور في رأسها الصغير أسئلة لا تحصى، أسئلة لا تجد لها أجوبة، لما سجنوها داخل هذا المكان القميء بينما الجميع يتنقلون بحرية؟ لماذا تعيش في هذا القفص الموصد بابه بإحكام.
لا ترى العالم الا من خلال القضبان. لا تملك إلا جناحين صغيرين لا تعرف الغاية منهما، وقدمين صغيرتين بالكاد تستطيع تحريكهما، وصوت رقيق يحلو ويعذب كلما تعمق شعورها بالألم والوحدة.
لا أحد يفهم أنينها، ولو فهموه ما استبقوها سجينة (…)